في العيد العاشر: أنامل ناعمة تنسج مجد ثورة 21 سبتمبر المجيدة
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
الثورة /خاص
تحل اليوم السبت الذكرى العاشرة لثورة الـ21 من سبتمبر الشعبية المباركة، وذلك بعد أيام قليلة من الاحتفال التاريخي بذكرى المولد النبوي الشريف، والتي كانت للنساء اليمنيات مشاركة وحضور لافت في نجاحها وزخمها الكبير كما كان لحرائر اليمن الدور الواضح في انتصار الثورة الشعبية وتحقيق العديد من أهدافها النبيلة .
لقد أحدثت ثورةُ الـ21 من سبتمبر تغييراً واضحاً في كُـلّ مناحي ومجالات الحياة على مستوى اليمن وعلى المستوى الإقليمي والعالمي، ولم تكن المرأة اليمنية في دور المتفرج في هذه الملحمة البطولية، خلال السنوات الماضية، بدءاً من تحَرّكها الثوري إلى جانب أخيها الرجل، ثم مشاركتها صمود الشعب، وكفاحه، ونضاله، في مواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم. ولاحقا الهجوم العدواني الأمريكي البريطاني الصهيوني على خلفية الموقف اليمني لنصرة الشعب الفلسطيني.
تؤكد عدد من الناشطات والحقوقيات اليمنيات في احاديثهن لـ” الأسرة” أن ثورة 21 سبتمبر المجيدة كان لها الأثر العظيم والكبير في نقل الوضع اليمني من الانحطاط والذلة إلى الرفعة والعزة بفضل التضحيات ودماء الشهداء، حيث كان الظلم والفساد والارتهان للاجنبي قبل يوم الـ21سبتمبر 2014 قد تفشى وانتشر في ربوع اليمن فكانت لهذه الثورة نتائج ملموسة في رفع الظلم والقضاء على الفساد ومراكز النفوذ وتحرير القرار السيادي اليمني من عباءة وإرادة وتحكم العدو وأدواته المحليين من الخونة والعملاء
كانت المرأة اليمنية- كما تقول الصحفية أسماء حيدر- شريكة رئيسية لأخيها الرجل في كل مراحل الثورة الشعبية .
وسجلت بصماتها بحروف من ذهب في نجاح الثورة وفي صناعة الثورة منذ لحظاتها الأولى .
وتضيف حيدر: ثورة الـ21 من سبتمبر كانت ثمرة عطاءات وتضحيات كل أم وبنت وأخت وزوجة وهي تعد الأبطال الميامين الذين سطروا اعظم الانتصارات في مواجهة طواغيت الفساد والظلم والتكبر في الداخل والخارج وها هي اليوم صواريخ وطائرات اليمن المصنوعة بأياد وعقول يمنية تدك “تل أبيب” وتنكل بالعدو المتغطرس في البر والبحر.
وتابعت: حرائر اليمن أبين إلا أن يكن ذات بصمات قويةً في نجاح وانتصار هذه الثورة الشعبية، فكانت ومازالت الثائرة والصابرة والمجاهدة والسياسية وفي كل المجالات لتسجل دورا لا يختلف إطلاقا عن دور شقيقها الرجل في نسج هذا الاستحقاق الوطني العظيم الذي أعاد للشعب سيادته واستقلاله واقتلع معظم منابع الإرهاب وكشف زيف الأعداء والمتربصين بالوطن. بل أن دورها يزداد أهمية يوما بعد يوم ومرحلة اثر أخرى انطلاقا من وعيها بأهمية واجباتها ومسئولياتها الدينية والوطنية والأخلاقية في إعداد كتائب المجاهدين وتقديم كل ما يمكن لدعم وإسناد المعركة المصيرية التي فرضها الأعداء على اليمن وشعبه.
من جانبها تؤكد الناشطة سماح غالب أن المرأة اليمنية أثبتت قولا وفعلا أنها هي من كانت إلى جانب الرجل سواء كان أخوها أو أبوها أو ابنها أو زوجها في الصمود والثبات في كل تفاصيل ومسارات الثورة الشعبية منذ العام 2014 وحتى اليوم وأثبتت للقاصي والداني طبيعة مساهمتها في نسج هذا الانتصار اليمني المتواصل على كل الأعداء ومخططاتهم ومؤامراتهم التي لم تقف عند المجال العسكري بل أشكال متنوعة من وسائل الحرب الاقتصادية والفكرية والإعلامية بهدف ضرب اليمن من الداخل ، وهو ما فشل أمام وعي المجتمع وفي مقدمته المرأة.
الثورة والمشروع القرآني
كانت المرأة ولا تزال مرتكزا أساسيا في المجتمع منذ أن خلق الله حواء لتكتمل بها مقومات الحياة وبناء الأسرة، وحين جاء الإسلام أعطى للمرأة حقا مساويا للرجل بالنظر إليها إنسانا متكاملا فكرا وعملا، وزادت تلك الأحقية ببزوغ شمس المسيرة وظهور المشروع القرآني التي كانت نساء اليمن في طليعته المباركة ممتثلات بكل قيمه ومبادئه السامية.
وتوضح المحامية سمية الشعوبي أن دور المرأة دائما ما يكون أساسيا ومحوريا في الأعمال العظيمة وقد أثبتت المرأة اليمنية – خلال سنواتا ما بعد الثورة الشعبية وتحديدا خلال العدوان المتواصل منذ عشر سنوات – أنها قادرة على استبدال رفاهية العيش بالجهاد والفداء، فصمدت أمام قطع الماء وانعدام الكهرباء والمشتقات النفطية واستعانت بخبرة النساء الأوائل وعادت لتنور الحطب وأواني الماء واستفادت من العمارة اليمنية القديمة في تخزين الطعام واللحم وتبريد الماء والشراب بطرق تقليدية واستطاعت رغم كل التحديات والمصاعب الناجمة عن العدوان والحصار أن تواصل كتابة سفر انتصار ثورة الشعب اليمني بأناملها الرقيقة.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الثورة الشعبیة المرأة الیمنیة
إقرأ أيضاً:
السلام طريق إنقاذ الوطن وبنائه على أسس جديدة
السلام طريق إنقاذ الوطن وبنائه على أسس جديدة
عمر الدقير
لم يكن شعار ثورة ديسمبر الأثير: “حرية، سلام وعدالة”، مجرد هتاف تصدح به الحناجر في الشوارع، بل كان تعبيراً عن شروط الوجود الكريم – منذ أول احتكار للقوة وحتى آخر احتقار للإنسان الأعزل – مثلما كان إعلاناً لقطيعة مع ثلاثة عقود من ثنائية الاستبداد والفساد، وتبشيراً بتأسيس وطنٍ جديد معافى من خيبات الماضي.
إن بلداً يمتاز بهذا القدر من التنوع والتعدد، ويحمل إرثاً من الأزمات – التي تفاقمت بفعل سياسات النظام البائد – كان من الطبيعي أن تتعرض فيه مسيرة الانتقال بعد انتصار الثورة لصعوبات وعثرات، خاصة وأن النظام القديم لم يغادر المشهد بعد سقوط سلطته السياسية، بل ظل منذ اليوم الأول للانتقال يمارس عملية الشد العكسي لعرقلة التغيير.
ومع ذلك، لا بد من الاعتراف بأن قوى الثورة نفسها لم تكن بمنأى عن الأخطاء، إذ تفرقت صفوفها وابتعدت عن خندقها الموحد على خلفية قضايا صغيرة تتقاصر عن غايات الثورة السامية. هذا التذرُّر أفسح المجال أمام قوى الشد العكسي لتنظيم صفوفها واستدعاء ممكناتها في المجالات كافة، حتى تمكنت من استهداف مسيرة الثورة بشكلٍ مباشر في مرتين: الأولى بانقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ والذي أجهضته جماهير الثورة عبر مقاومة باسلة وتضحيات جسام، والثانية باشعال فتيل الحرب في ١٥ أبريل ٢٠٢٣
لقد كان الهدف الأساسي لقوى الشد العكسي، ولا يزال، هو القضاء على ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظامهم ورفعت راية الحلم بحياة كريمة. لكن غاب عنهم أن أحلام الشعوب في الحرية والكرامة لا تموت مهما أمعنوا في إطلاق النار عليها .. ومهما تمادوا في التآمر عليها فإن غايات ثورة ديسمبر تظل عصية على النسيان والتخلي، ويظل الزحف نحوها مستمراً مهما بلغت التحديات.
تخطّت الحرب شهرها العشرين، ونجحت في تحويل السودان إلى أكبر حالة كارثة إنسانية يشهدها العالم اليوم. حصدت أرواح الآلاف، وشرّدت الملايين من ديارهم، وجعلت الحصول على الغذاء، والدواء، والتعليم، وكافة الخدمات الأساسية أمراً بالغ الصعوبة لغالبية السودانيين. وفي ظل هذه المآسي، أصبحت أمنية السودانيين الأولى وهاجسهم الدائم هو إيقاف الحرب لإنهاء معاناتهم المستمرة.
وغنيٌّ عن القول أن إيقاف الحرب في السودان يستلزم وجود تيار سياسي واجتماعي واسع يعبر عن إرادة السودانيين الغالبة، ويعمل برؤية مشتركة وجهود موحدة لإسكات البنادق والإمساك الجماعي بخشبة الخلاص لعبور مستنقع الأزمة.
تشكيل هذا التيار هو مسؤولية الجميع – وعلى القوى السياسية والمدنية بشكل خاص أن تتحمل نصيبها من المسؤولية التاريخية – وشروط تحقيقه ليست مستحيلة، بل تتطلب وعياً نزيهاً ومشحوناً بالاستقامة، وترفعاً عن الحسابات الضيقة، مع تقديم الأولويات الجوهرية على القضايا الثانوية، والتنازلات المتبادلة خدمةً للهدف المنشود.
السلام لم يعد خياراً يقبل التأجيل، بل ضرورة وطنية ووجودية لمواجهة الكارثة الإنسانية وإبعاد شبح التقسيم عن فضاء الوطن، لكن تحقيق السلام لن يتم بالأماني ولا بالتصريحات المتواترة بينما الفعل ممنوع من الصرف، ولن يأتي من خارج الحدود، بل يتطلب توحيد الإرادة الوطنية من خلال اجتماع القوى السياسية والمدنية على مبدأ الحل السياسي السلمي، وبلورة مبادرة وطنية بمبادئ عامة ورؤية مشتركة تتصدى بها لدعوات استمرار الحرب وخطاب الكراهية الذي يذكي نارها، وتفتح بها حواراً مع قيادتي الطرفين المتحاربين لبحث القضايا ذات الصلة المباشرة بالحرب وفي مقدمتها إنهاء حالة تعدد الجيوش لصالح الجيش القومي المهني الواحد والعدالة وعموم ترتيبات ما بعد الحرب بقيادة سلطة انتقالية مدنية متوافق عليها، بما يُمكِّن من الوصول إلى اتفاق إيقاف العدائيات لمعالجة الكارثة الإنسانية وتهيئة المناخ لعملية سياسية تناقش جذور الأزمة وتطرح حلولاً توافقية تحافظ على وحدة السودان وسلمه الأهلي وتفضي لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية.
في ظاهر الأمر، يبدو التاريخ كأنه سردية طويلة لمعاناة الإنسان وآلامه، لكن الحقيقة الكبرى أن الإنسان كان على الدوام ينتصر بفضل إرادته التواقة للحرية والسلام والعدالة .. وإذ يشهد التاريخ أن المعاناة، مقرونة بإرادة الحياة والوعي بشروطها الكريمة، تفرز مضادات الاستبداد وتستنهض مقاومته، فإنها كذلك تفرز المناعة اللازمة لمواجهة جرثومة الحرب الخبيثة واجتثاثها. ولولا هذه الجدلية التي تربط بين المعاناة والوعي والمقاومة، لظل التاريخ يسير على مجرىً راعِف ولأفضى إلى استدامة الاستبداد والدمار.
لن نكفّ عن التأكيد على أن الواجب الوطني يُحتم على القوى السياسية والمدنية الارتقاء إلى مستوى التحديات المصيرية التي تهدد الوطن. إن المرحلة تستوجب تجاوز الخلافات البينية وتقديم المصلحة العامة على الحسابات الذاتية، ورفع راية الانحياز للوطن ومطلب شعبه المُلحّ بإيقاف الحرب فوراً .. ولنتذكّر دائماً أن كلمة السرّ في انتصار ثورة ديسمبر، وما سبقها من المآثر الوطنية الكبرى في تاريخنا، كانت تكمن في وحدة الهدف والإرادة.
التحية لذكرى ثورة ديسمبر المجيدة، الرحمة لشهدائها، والسلام والمحبة لشعبنا العظيم.
الوسومالسودان ثورة ديسمبر حرب 15 أبريل