كيف يتسبب البحث عن السعادة في شقائك؟
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
نشرت جمعية علم النفس الأميركية مطلع أغسطس/آب الماضي نتائج دراسة جديدة استهدفت فهم تأثير تقييمنا الشخصي لمستوى سعادتنا ورفاهيتنا مقارنة بالآخرين. شملت الدراسة 3 تجارب وشارك فيها أكثر من 1800 شخص، قاموا بتدوين مذكراتهم اليومية بين عامي 2009 و2020. تضمنت العينة تنوعا كبيرا من حيث النوع والعمر والموقع الجغرافي.
انطلقت الدراسة من الفرضية القائلة بأن الضغوط المجتمعية تدفع الأفراد إلى اعتبار السعادة هدفا رئيسيا ومقارنة نجاحاتهم الاجتماعية والمادية بنجاح الآخرين. وقد أظهرت النتائج أن هذه المقارنات قد تؤدي إلى مشاعر مؤقتة بالراحة أو إحباط مستمر نتيجة عدم تلبية معايير السعادة المجتمعية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2طلاب غزة يتغيبون عن مقاعدهم الدراسية للعام الثاني على التواليlist 2 of 2بعد تعرض مقتنياته للنهب والتدمير.. ماذا بقى من متحف بيت الخليفة بمدينة أم درمان؟end of listبخلاف بعض الدراسات السابقة، كشفت نتائج هذه الدراسة عن أن السعي وراء السعادة لا يؤثر بالضرورة سلبا على الفرد، شريطة أن يتقبل مشاعره الإيجابية والسلبية على حد سواء، ويتعامل مع الأزمات بمرونة عاطفية وتسامح مع الذات. التقبل والتفهم يمثلان أدوات هامة لتحقيق السعادة والرفاهية.
ومع ذلك، وجد الباحثون أن الحكم المستمر على مدى سعادتنا يمكن أن يكون ضارا إذا كان مرتبطا بمخاوف أو مقارنات بالماضي أو بالآخرين. هذه المشاعر قد تؤدي إلى الإحساس بالدونية، وخيبة الأمل، والقلق، والغضب، والاكتئاب، مما يولد شعورا عاما بالسخط وقد يمنع الفرد من الاستمتاع بنجاحاته.
اللطف الذاتي مفتاح السعادةكشف تقرير باحثي جامعة كارولينا الشمالية عن أن سعي الشخص نحو السعادة قد يسبب له الشقاء إذا كان يمارس "الحكم الذاتي" بدلا من "اللطف الذاتي". يشير التقرير إلى أن الأفراد غالبا ما يكونون قساة على أنفسهم، يلومون أنفسهم على الإخفاقات ويقارنون أنفسهم بالآخرين، مما يسبب لهم معاناة.
في المقابل، يعرّف كتاب "علم الأعصاب: التعاطف والرحمة واللطف الذاتي" اللطف الذاتي بأنه شعور بالرحمة والاعتناء بالنفس كما لو كان الشخص يعتني بآخر يعاني. يتضمن ذلك قبول الأخطاء والتسامح مع الذات، دون مقارنة بالأخرين أو الشعور بالظلم.
التحلي باللطف الذاتي يساعد في تقليل مشاعر القلق والاكتئاب الناتجة عن الحكم القاسي على الذات، ويعزز الصحة النفسية عبر تقدير الذات والتعامل معها برحمة وتفهم.
كيف تسلك طريقك نحو الرضا؟ اسع نحو هدفك، وليس نحو السعادة المطلقة، فهناك طريقتان لتقييم حياتك، إما بالسعي أو بالخوف؛ يركز الفرد في الطريقة الأولى على الجهد الذي يبذله لتحقيق هدفه، ويخطط وفق إمكانياته، ليقدر الأحداث الإيجابية في حياته بعقلانية، أما في الطريقة الثانية، فينشغل الفرد بالمستقبل، ويركز على مخاوفه من التعاسة، وخشيته الفشل، ويعد سعادته المستقبلية مشروطة بوقوع حدث، مثل الثراء أو الزواج أو الإنجاب. لا تدع طموحك نحو السعادة يؤثر على سعيك نحو هدفك، فتشكل صورة طموحة في وقت مبكر جدا من عملية التخطيط لأهدافك، وتكون عادة صورة غير واقعية، ثم تضعها نصب عينيك لتكون معيارا لتقييم نتائج سعيك. لا تقاوم شعورك بخيبة الأمل إذا فشلت في تحقيق هدف، بل استغل هذا الشعور للتكيف مع الواقع، فإذا كان هدفك التعلم، وفشلت في اختبار دراسي، تذكر أن ذلك الفشل لا يتعارض مع هدفك العام، بل قد يكون ضيقك من النتيجة حافزا قويا نحو الهدف، بدلا من أن يثنيك عن هدفك.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اجتماعي
إقرأ أيضاً:
الحُكم الذاتي لكُرد سوريا بانت ملامحه: السياسة والضغوط الأمريكية ستفرض نفسها في النهاية
بغداد اليوم - كردستان
رغم عدم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سياسة واضحة تجاه الأكراد في العراق وسوريا، إلا أن المعطيات الإقليمية والدولية تكشف عن توجهات غير مباشرة تُشكِّل مواقف واشنطن. في هذا السياق، يرى الباحث في الشأن السياسي، علي باخ، أن السياسة الأمريكية تتأرجح بين الحفاظ على المصالح الاستراتيجية والضغوط الإقليمية، مما يجعل الموقف الأمريكي تجاه الأكراد غير مستقر لكنه محكوم باعتبارات أوسع.
الملف الكردي في العراق: استقرار نسبي وتحديات مستمرة
يؤكد باخ في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن الوضع الكردي في العراق يتمتع باستقرار نسبي بفضل التسوية الدستورية لعام 2005، التي منحت إقليم كردستان حكمًا ذاتيًا، إلا أن التوترات لم تختفِ، خاصة في ما يتعلق بالمادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها مثل كركوك، إضافة إلى الخلافات حول توزيع الموارد ورواتب الموظفين والعلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم.
ويشير إلى أن الولايات المتحدة، رغم علاقتها القوية مع القيادة الكردية في أربيل، لا تتدخل مباشرة لحسم هذه الخلافات، بل تفضل لعب دور الوسيط عند الضرورة للحفاظ على التوازن بين بغداد وأربيل، دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير جذري في المشهد السياسي.
الموقف الأمريكي من الأكراد في سوريا: حسابات معقدة
أما في سوريا، فيرى باخ أن واشنطن تتعامل بحذر مع الملف الكردي، حيث تسعى لتحقيق توازن بين دعم "قوات سوريا الديمقراطية" التي كانت شريكًا رئيسيًا في محاربة تنظيم داعش، وبين تجنب استفزاز تركيا، التي تعتبر أي كيان كردي تهديدًا لأمنها القومي.
ويضيف أن تركيا تسعى إلى فرض واقع جديد في سوريا يخدم أهدافها الاستراتيجية، وأهمها:
1. تحجيم الدور الكردي ومنع أي كيان سياسي كردي مستقل.
2. منع توسع النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة.
3. تعزيز وجودها العسكري عبر ترسيم الحدود البحرية وإضفاء الشرعية على تدخلها في الشمال السوري.
ويؤكد أن إدارة ترامب، كالإدارات السابقة، لا ترغب في منح تركيا نفوذًا كبيرًا في سوريا، لكنها في الوقت نفسه لا تقدم دعمًا كافيًا للأكراد لتأسيس حكم ذاتي معترف به دوليًا.
التحالفات الإقليمية وتأثيرها على الملف الكردي
يشير باخ إلى أن هناك تحولًا في الموقف الإقليمي تجاه الأكراد، حيث بدأت دول مثل إسرائيل، الأردن، ومصر ترى في وجود كيان كردي في سوريا عامل توازن ضد النفوذ التركي وانتشار الجماعات الجهادية. وحتى إيران، التي كانت تعارض سابقًا أي مشروع كردي مستقل، بدأت تتبنى مقاربة مختلفة، حيث قد يخدم هذا الكيان بعض مصالحها في مواجهة النفوذ التركي المتزايد.
التحولات الكردية: من التحالفات إلى الواقعية السياسية
سابقا ونتيجة لتغير موازين القوى، اضطرت القوات الكردية في سوريا إلى التعاون مع روسيا والنظام السوري، خاصة مع الحديث عن انسحاب أمريكي محتمل أو تخفيض الدعم الغربي. ويرى باخ أن التغيير السياسي في دمشق، مع تولي أحمد الشرع الرئاسة، دفع الأكراد إلى إعادة تقييم خياراتهم، رغم استمرار التعقيدات المرتبطة بالتفاوض حول الحكم الذاتي ورفض دمشق منحهم صلاحيات واسعة.
نحو استنساخ النموذج العراقي في سوريا
يرى باخ أن هناك احتمالًا لتكرار تجربة الحكم الذاتي في العراق داخل سوريا، بحيث يتم منح الأكراد حكمًا ذاتيًا محدودًا ضمن إطار دستوري يضمن وحدة البلاد دون تقسيم. وقد تلقى الأكراد السوريون نصائح من أربيل بضرورة تبني خطاب وطني بعيد عن ارتباطات حزب العمال الكردستاني لضمان قبول إقليمي ودولي.
لكن باخ يحذر من أن تركيا ترفض أي كيان كردي مستقل، مما قد يؤدي إلى تصعيد مشابه لـ "عملية نبع السلام" عام 2019 إذا لم تتم إدارة المفاوضات بحذر.
معادلة واشنطن
رغم عدم وضوح السياسة الأمريكية المعلنة تجاه الأكراد، يبدو أن واشنطن تراهن على إبقاء التوازن بين دعم الأكراد لمكافحة الإرهاب، وطمأنة حلفائها الإقليميين، خاصة تركيا. في ظل هذه المعادلة، لا يُتوقع تغيير جذري في موقف الإدارة الأمريكية، إلا إذا فرضت التطورات الميدانية واقعًا جديدًا يستدعي إعادة تقييم الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات