بوابة الوفد:
2025-03-18@18:14:00 GMT

علومنا القديمة مشروع نهضة

تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT


 

 

أثبت التاريخ أن اتصال الحضارة.. وانتقال علومها من جيل إلى جيل.. أهم بكثير من القمة التى وصلت لها تلك الحضارة.. وربما هذا ما دفع الرئيس الصينى شى جين بينغ للتفاخر بحضارة بلاده.. عندما داعبه الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.. بأن الحضارة المصرية أعرق من حضارة بلاده.. فكان رده القاطع لكن حضارتنا الوحيدة المتصلة عبر التاريخ ليومنا هذا.


نعم اتصال الحضارة هو الأهم.. ورغم آلاف السنين من انقطاع الحبل السرى بين مصريى اليوم وحضارة أجدادهم.. إلا أن الكارثة الحقيقية التى واجهت استمرار حضارتهم.. كانت فى جهل وسذاجة الأبناء.. واعتقادهم أن ارثهم الثمين.. مجرد كنوز ذهبية فى المقابر أو منحوتات بارعة.. جاهلين أن كنزهم الحقيقى كان فى البرديات التى أتلفوها.. أو منحوها للصوص الغرب دون مقابل باعتبارها أوراق لا قيمة لها.. فرحنا وتغنينا كثيرا بعظمة الآثار المصرية.. وأتلفنا البرديات التى حملت لنا أسرار بناء هذه الحضارة.. فوقفنا فى مؤخرة الركب نتسول التقنية.. بعدما كنا أسيادها يوما ما.
فبجانب أهمية البرديات المصرية القديمة فى كشف فصول تاريخنا.. كانت العلوم المتقدمة أهم ما حملته تلك البرديات.. أضعناها واحتفى بها العالم لتملأ جامعاتهم ومتاحفهم بل ومراكزهم العلمية والبحثية.. ومن يظن أن علوم قدماء المصريين كانت مجرد أسس.. أو لا تصلح للبناء عليها جاهل.. أقل من أن يسمح له بمجرد الكلام أو إبداء رأى.. فتقنيات البناء الخضراء الحديثة، وعلوم الفلك والفضاء، ومواد البناء الحديثة، والبرمجيات والخوارزميات، والأدوية والعلاجات الحديثة، وتقنيات الطاقة المتجددة.. كلها مجالات يمكننا تطوير صناعات متقدمة فيها.. تتفوق بمراحل على ما وصلت إليه الحضارة الغربية اليوم.. بل إن الكيمياء المصرية القديمة يمكن استخدامها اليوم فى تخليق مواد جديدة قادرة على استعادة مجد الماضى..هذا فقط إن أردنا.. أو استطعنا قراءة ما لدينا من علوم نجهلها، ولفائف مكدسة فى مخازننا(فى انتظار أقرب كارثة ماسورة مجارى تغرقها كغيرها).
خلال رحلة بحثى عن كنوز مصر الحقيقية.. هالنى حجم البرديات المنهوبة من حضارتنا.. فما يتواجد منها بشكل معلن فى يد الغرب يتخطى 200 ألف بردية أكثرها فى علوم.. الرياضيات كبردية رايند التى تتضمن 87 مشكلة رياضية وحلولها.. وبرديتى موسكو وبرلين.. وفى الفلك برديات كارلسبرج وبروكلين وهاريس.. وفى الطب بردية إدوين سميث التى تحتوى على معلومات عن جراحة الدماغ وعلاج الجروح، وبرديات إبرس ولندن.
وهذا ما يدفعنى للتساؤل بكاء على اللبن المسكوب.. لماذا لا تدشن الدولة المصرية مشروعا قوميا تحت عنوان «كشف كنوز الفراعنة».. يقوم بالأساس على حركة ترجمة نشطة.. يتم فيها إخراج كل ما لدينا من لفائف وبرديات فى شتى العلوم ومجالات الأدب والفنون والاجتماع.. وترجمتها للغة العربية.. العربية فقط.. على أن يوجه نتاج تلك الترجمات لكل جهة فى مجال تخصصها.. لتكون تحت أعين باحثين حقيقيين.. وفتح المجال أمامهم للبناء عليها.. ولماذا لا يقرر بعضها على طلاب المدارس أيضا.. فأقل ما يمكن أن يحققه هذا المشروع.. هو تسجيل حقوق مصر العلمية والأدبية فى علوم اليوم.. وربط الأبناء بالأجداد من جديد.. ولتكون أقل اعتذارًا يمكن تقديمه للأجداد العظماء عن بيع أجسادهم للأغيار.. فكل نهضة تبدأ بالترجمة.. وكل حضارة تبدأ بالعمل الجاد والإخلاص للوطن. نعم علومهم القديمة قادرة على الدفع بنا لمقدمة ركب الحضارة.. فقط إن أخلصنا النوايا.. وعدنا لجذورنا.. ومن ابتعد عن أصله سهل اجتثاثه.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لوجه الله الرئيس الأمريكي السابق

إقرأ أيضاً:

الإيمان في الدراسات الحديثة

 

 

 

أ. د. حيدر بن أحمد اللواتي **

 

 

من الكتب التي نُشرت هذا العام كتاب بعنوان "Why We Believe: Finding Meaning in Uncertain Times" (لماذا نؤمن: إيجاد المعنى في أزمنة لا يقينية" للكاتب أليستر ماك-جراث (Alister McGrath)؛ وهو عالِم مُتخصِّص في البحوث المُتعلِّقة بالعلوم والأديان في جامعة أوكسفورد.

يتناول هذا الكتاب بعض ما توصلت إليه الدراسات العلمية حول مسألة الإيمان، وفي هذه العُجالة نُسلِّط الضوء على بعض ما ورد في هذا الكتاب المُمتِع، ولا بُد من التأكيد في البداية أن الإيمان أو الاعتقاد لا يقتصر على الأفكار الدينية؛ بل يشمل مختلف الأفكار سواء الدينية أو غيرها. وحسبما ورد في هذا الكتاب، فإنَّ الوسط العلمي يكاد يتفق على أهمية الإيمان بأفكار معينة ترتبط بإعطاء أهمية وقيمة لحياة الإنسان؛ بل لا يمكن للإنسان أن يحيا سعيدًا مهما توفرت له من ملذَّات مادية إذا لم يرافق ذلك إيمانه بأهميته وقيمة حياته؛ حيث إن فقدان هذا الشعور يُوَلِّد احباطًا كبيرًا؛ بل ربما يؤدي الى الانتحار؛ فالشعور بالعبثية شعور قاتل، حتى لو توفَّرت للإنسان جميع أسباب الرفاه والعيش الرغيد. وكما يقول بعضهم إن الشعور بالعبثية مخالف لطبيعتنا البيولوجية؛ فالشعور بقيمة وأهمية وجودنا مغروس في فطرتنا ومحفور في جيناتنا بصورة لا يُمكن لنا التخلُّص منه، ولا يمكن لنا أن نعيش بدونه. ومن هنا؛ فالعلم لم يعد بديلًا عن الإيمان؛ لأنَّ العلم وحده لا يُوَفِّر لنا هذا الشعور، ولا يُوضِّح لنا قيمة حياتنا، ولا يستطيع أن يرسم أهدافًا واضحة لسبب وجودنا في هذا الكون.

ومن هنا نُلاحِظ أن الفكر الإلحادي أدرك استحالة قبول الإنسان لحالة العبثية في حياته، فلا يُمكن أن يقال للإنسان إن حياتك عبث لا هدف من ورائها؛ لأن ذلك سيجعله يعيش حالة من الإحباط يصعب تجاوزها. ولذا تبنّى الفكر الإلحادي ما يُعرف بـ"القيم الإنسانية"، وهو السعي نحو الرفاه للبشرية وتطبيق العدالة الاجتماعية كأهداف عامة يسعى اليها المُلحِد؛ لأن السعي نحو هذه الأهداف تجعله يشعر بقيمة وهدف لحياته، وهذا له أهمية بالغة للشعور بالرضا؛ بل قد يصل الأمر بهذا المُلحِد أن يُضحِّي من أجل تلك الأهداف إذا بلغ إيمانه واعتقاده بأهمية هذه الأهداف مبلغًا كبيرًا.

وتوصَّلت الدراسات العلمية إلى أن لهذه الأفكار والمعتقدات أهمية كبيرة، وتأثيرًا بالغًا على سلوكيات الفرد؛ فهي المُوَجِّه للإنسان ولسلوكياته، ولهذا فلا يجب الاستهانة بها أو التقليل من شأنها؛ فجميع السلوكيات التي يتحلى بها الإنسان هو نتاج مباشر للأفكار التي يؤمن بها، فمن يؤمن بأن هناك فوارق طبقية بين البشر، فإن ذلك سينعكس على سلوكه، وإذا اعتقد أحدهم أن الرجل الأبيض مُتفَوِّق على أصحاب البشرة السوداء، فإن ذلك سينعكس على طريقة تعامله مع أصحاب البشرة البيضاء والسوداء؛ لأن سلوكه نتاج فِكرِه ومعتقداته، ولا يمكن الفصل بينهما.

وإذا كان الإيمان والاعتقاد بأفكار معينة لإضفاء معنى للحياة البشرية، أمرًا لا يُمكن تجاوزه أو إهماله، فإن لهذا الإيمان والاعتقاد وجهًا سلبيًا له أثر سيء على المجتمعات الأفراد، ويتمثل ذلك في حالة الاختلاف بين المجتمعات والأفراد في الأفكار التي يؤمنون بها؛ إذ يُوَلِّد هذا الاختلاف تعصبًا قد يصل الى الصدام، نتيجة لإيمانهم بأفكار مختلفة، فمثلًا عندما يؤمن بعض الأفراد بأن للحيوانات حق الحياة، بينما يؤمن آخرون بأن الحيوانات انما وجدت لتكون مصدرًا للغذاء، فإن هذا الاختلاف بين الأفكار يُوَلِّد اضطرابًا في المجتمع وأحيانًا يصل الى مستوى التصادم؛ فكلا الطرفان يشعر أن عقيدته وأفكاره هي الصحيحة، وأن على الطرف الآخر أن يخضع ويتنازل له، وقد يصل الخلاف الى الاستخفاف بأفكار الآخرين والنيل منهم بغية تهميشهم وإبعاد أفكارهم عن المجتمع.

لذا حاول البحث العلمي أن يطرح حلولًا للحد من الآثار السيئة الناتجة من الاختلاف في وجهات النظر هذه، وأحد الأفكار التي يتبناها بعض الباحثين في هذا الصدد هو محاولة غرس فكرة في أذهان أفراد المجتمع مفادها أن الأفكار التي يؤمن بها أحدنا هي أفضل ما أمكنه التوصل له، وليس أصح الأفكار؛ فالإيمان بأن الأفكار التي توصلتُ اليها هي أفضل ما يمكنُني الوصول اليه بناءً على ما لديّ من معطيات، يعني أنني لم أصل الى نهاية رحلة البحث عن الحقائق؛ مما يجعلني مهيأً للاستماع الى الأفكار الأخرى، فلربما تكون أفضل من تلك التي أؤمن بها، وربما تُحسِّن من أفكاري التي أؤمنُ بها فتزيدها قدرة على تفسير الحقائق، وتضفي عليها بُعدًا كان خافيًا عني، وكل ذلك سيُخفِّف من حالة التشنج والتعصب والقلق الذي يعيشه البعض عندما يستمع لأفكار تخالف ما تسالم وتربَّى عليه وآمن به.

علينا أن ندرك أن الواقع الذي نعيشه ليس بالواقع السهل؛ بل هو في غاية التعقيد وهذا التعقيد سيزداد يومًا بعد يوم، فكلما تطورت المعرفة البشرية صاحبها توسع واختلاف في الفهم، ولذا لا بُد أن نخرج برؤى وأفكار مختلفة، فغاياتنا وتجاربنا وخبراتنا مختلفة، ولا بُد من البحث عن الأسباب التي تجعل الآخرين يؤمنون بالأفكار التي يعتنقونها، وما الذي يدفعهم لذلك، وما الفرق الذي يحدثه في حياتهم؛ فمعرفة هذا الأمر يخفف كثيرًا من سوء الظن الذي يتبادر الى الذهن البشري، ويسهل علينا فهم مشاعر الآخرين وأسباب ايمانهم بتلك الأفكار.

وختامًا.. علينا أن نُدرِك أن الحكمة والتواضع يفرضان علينا أن ندرك أن وجهة نظرنا ليست الوحيدة، وأن علينا التعاطي مع وجهات النظر المتعارضة لنتوصل الى أفكار أكثر نضجًا تجعلنا نفهم هذا العالم بصورة أفضل.

** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الإيمان في الدراسات الحديثة
  • عاهات مستديمة وموت.. الألعاب النارية تنشر الذعر فى الشهر الكريم.. القانون يتصدى لها بعقوبات تصل إلى المؤبد.. وخبير: الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لمكافحة جرائمها
  • استهلال إيجابي للبورصة المصرية في تعاملات اليوم الإثنين
  • إيلون ماسك يثير الجدل بقصة شعره القديمة.. صورة
  • مشروع «ذاكرة الصحافة المصرية» يكشف عن رواية لعلي مبارك تعيد التأريخ للرواية العربية
  • الريف المصري: مشروع 1.5 مليون فدان يعكس رؤية الدولة المصرية في تنمية المناطق الريفية
  • دعوى قضائية بحظر صفحات معلمة ومنعها من التدريس لتطاولها على الحضارة الفرعونية
  • «تطاولت على الحضارة».. دعوى لحظر صفحات فدوى مواهب ومنعها من التدريس
  • اليوم.. انعقاد مؤتمر الإعلان عن مشروع “ذاكرة الصحافة المصرية” بـ"الصحفيين"
  • أستاذ علوم سياسية: تراجع ترامب عن خطة إعمار غزة ناتج عن الجهود المصرية الدبلوماسية|فيديو