لقد امتد نشاط الخليفتين الأولين: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، إلى بلاد الهلال الخصيب، وبلاد الرافدين، وفارس، ومصر، وبرقة، ثم كان التقدم الآخر زمن الوليد بن عبدالملك حيث اتسعت ديار الإسلام فى شمال أفريقيا كله، وأسبانيا وأقسام من فرنسا غربا، وبلاد السند، وما وراء النهر وحدود الهند والصين شرقا. فى تلك البلاد المفتوحة تفتّحتْ فى سوريا، وبلاد الرافدين، ومصر ثمار الثقافات: اليونانية المصطبغة بالصبغة الشرقية، ثم السريانية، والفارسية، والقبطية، وكانت السريانية هى التى نقلت الفلسفة اليونانية.
وهكذا شاهد المسلمون الأول كتب الفرس ومكتباتهم واهتموا بها، ونقدم نموذجا لذلك كتاب: الخراج وصناعة الكتابة لقدامة بن جعفر، ويرجّح دى غوية أن قدامة ألّفه بعد سنة 316هـ، ويعرض قدامة فى هذا
الكتاب إلى دواوين: الجيش، والنفقات، وبيت المال، والرسائل، والتوقيع، والدار، والخاتم، والفقه، والنقود، والأوزان، والمظالم، والشرطة، والبريد، والسكك، ويعرض لقضايا أخرى عديدة، وقد نوه عنه صاحب الفهرست، والجاحظ فى الحيوان (جـ5 ص95، ت عبدالسلام هارون)، وابن الجوزى فى (المنتظم جـ 6 ص28)، والمطرزى فى (الإيضاح الورقة 40)، والملك الأفضل فى (العطايا السنية الورقة 208)، والعينى فى (عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان الورقة 68) والحموى فى (معجم الأدباء جـ17 ص12. وبين أيدينا من الكتاب المنازل الأربعة الأخيرة، وضاع الباقى، ونذكر منه ما يلى من حديثه: فى ديوان الرسائل «قال ابو الفرج: قد ذكرنا فى المنزلة الثالثة، من أمر البلاغة ووجْه تعلّمها وتعريف الوجوه المحمودة فيها، والوجوه المذمومة منها، ما إذا وُعى كان الكاتب واقفا به على ما
يحتاج إليه، وبيّنا فى المنزلة الرابعة عند ذكر مجلس الإنشاء وجوها من المكاتبات فى الأمور الخارجية، ينتفع بها ويكون فيها تبصير لمن يروم المكاتبة فى معناها. وقد وجب الآن أن نذكر من المكاتبات فى الأمور التى تخص ديوان الرسائل، ما يكون به مجزيا لمن أراد الكتاب فى معناه، وفيه تطويق لمن قصد الكتاب فى سواء مما يجرى مجراه. وإذا وصفنا ذلك وأتينا به كنا مع ما تقدم فى المنزلتين الثالثة، والرابعة قد استوعبنا أكثر ما يحتاج إليه فى أمر الترسل الذى به قوام هذا الديوان، لأنه ليس يجرى فيه شيء من الحسبانات، ولا من سائر الأعمال خلال المكاتبات وما يتصل بها ويحتاج المتولى له إلى أن يكون متصرفا فى جميع فنون المكاتبات، واضعا لما ينشئه فى موضعه، إذ كان للوزير أن يأمر بالمكاتبة فى كل فن من الفنون المعروفة والغريبة الواردة. ومما يحتاج إلى ذكره فى هذا الموضوع، لينتفع بمروره مسامع من يؤْثر التمهر فى هذه الصناعة، ما حكى عن أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح كاتب المأمون، وكان يتولى له ديوان الرسائل أنه، قال: أمرنى (المأمون) أمير المؤمنين، أن أكتب بالزيادة فى قناديل المساجد الجامعة فى جميع الأمصار، فى ليالى شهر رمضان، قال: ولم يكن سبق إلى هذا المعنى أحد، فأخذه واستعين ببعض ما قا له، فأرقْت مفكرا فى معنى أركبه، ثم نمْت فرأيت فى المنام كأن آتيا أتانى، فقال: قل فإن فيها أنسا للسابلة، وإضاءة للمتهجدة، ونشاطا للمتعبدين، ونفيا لمكامن الرّيب، وتنزيها لبيوت الله عن وحشة الظلم. فهذا، وما جرى مجراه من الأمور الغريبة، إنما يحتاج الكاتب فيها إلى أن يكون متمهرا فى أصل الترسل عارفا (بوجوه المعانى، فإنه يتفرع له فيه ما يرفعه، بل هاهنا وجوه قد كتب فى أمثالها، ولها مذاهب يحتاج إلى معرفتها، والوقوف علي رسومها)، ولا غنى بالكاتب عن الوقوف عليها، ونحن نأتى فى هذا الموضع، من ذكر ما يكتب به فى الأعلام فى المكاتبات، وما له رسم معروف، ومذهب مألوف، فيكون مثالا لمن لم يعرفه، وطريقا إلى الخبرة به فأوّل ذلك عهود القضاة».انتهى كلام قدامة مما يضاف إلى إسهام غيره، ومما يلقى الضوء على صناعة الكتاب، وأثر ذلك، من ثمّ، فى إنشاء المكتبات الإسلامية العامرة بالمخطوطات، وتأثّر المسلمون فى حضارتهم وثقافتهم واتجاههم لجمع الكتب بالثقافة اليونانية فى مراكزها الكبرى فى سورية ومصر، بما فى ذلك ما قامت به مدرسة الإسكندرية وما تم عن طريقها من اتصال المسلمين بالفكر الإغريقى.
وكان من الكتب: مخطوطات فضائل بيت المقدس، دراسة وببليوجرافية، عمّان، مجمع اللغة العربية 1981 فى 142 صفحة، وتضم الببليوجرافية تسعة وأربعين كتابا ورسالة ألّفتْ منذ القرن الثالث الهجرى حتى القرن الرابع عشر، منها ما هو بنص كامل، ومنها ما ضاع وفقد وعددها ستة عشر كتابا، ومن الممكن الرجوع إلى تاب (القدس عبْر عصورها التاريخية) لخير الله طلفاح، دار احرية، بغداد، 1401هـ/1981 فى 68 صفحة.
وتعددتْ الفهارس عن مصنّفات السيوطى، ومنها لأحمد خليل اللبودى (ت 885 هـ)، مخطوط بمكتبة جامعة لايدن (كود 2488)، وآخر بمصنفات السيوطى لأحمد الحمصى الأنصارى الذى أجازه السيوطى برواية هذا الثّبت (مكتبة جستربيتى، بدبلن أيرلاندة («2» 3425)، وثبت ثالث مخطوط فى مكتبة جامعة كمبردج بانجلترا (Q G 8 (1) : 746)، وكتب عبدالقادر الشاذلى (بهجة العابدين بترجمة جلال الدين)، وهو مخطوط، وكتب محمد بن على بن الحمد الداوودى المالكى (ترجمة السيوطى)، وهو مخطوط، أيضا، كما ذكر مصنفاته كل من: كارل بروكلمان، وحاجى خليفة، وغيرهما، ومن ذلك ما كتبه على الخطيب بعنوان (تراثنا المخطوط)، وصنع محمود الطناحى فهرس الشعر من ديوان المعانى لأبى هلال العسكرى، ج1، وج2 مجلة معهد المخطوطات، القاهرة، مج 37، ج1، 2، يناير يوليو 1993، ص 57ـ 151، ومج 38، يناير يوليو 1994، ص 7ـ83، وصنع عبدالفتاح السيد سليم الفهارس الفنية للفروق اللغوية: الآيات والأحاديث وغيرهما، مجلة معهد المخطوطات، القاهرة مج 37، ج1، و2، يناير يوليو ص 9ـ55، والمواد اللغوية، نفسه مج 36، ص 43ـ79، وصنع أحمد إبراهيم محمد فهارس أعلام شذرات الذهب فى أخبار من ذهب لابن العماد، دار الكتب العلمية، بيروت 1990.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية:
لغتنا العربية جذور هويتنا
د يوسف نوفل
مدرسة الإسكندرية
مجمع اللغة العربية
دار الكتب العلمية
ما یحتاج
إقرأ أيضاً:
إلهام شاهين: أسامة أنور عكاشة واحد من أعظم الكتاب في مصر
أكدت الفنانة إلهام شاهين، أنه أفتقد أسامة أنور عكاشة، وأعتبره من أعظم الكتاب في مصر، مشيرة إلى أنه كنت محظوظة للمشاركة في مسلسل “ليالي الحلمية” من تأليفه"

إلهام شاهين: لا يمكن أن أكون منافقة أو أكذب عشان أرضي أي شخص

اللى مش عاجبه تصريح الصلاة ميعملش بيه.. تصريحات نارية لـ إلهام شاهين
وقالت خلال حوارها ببرنامج “سابع سما” المذاع عبر فضائية “النهار”، أنه لدي عشق للموسيقار بليغ حمدي، ولا يوجد مطرب في هذا العصر، إلا وكان يتمنى أن يلحن له الموسيقار بليغ حمدي، وأنا ندمت للمشاركة في فيلم كان يهاجمه.
وتابعت الفنانة إلهام شاهين، أن الفنانة نبيلة عبيد تهتم بالجميع ودائما ما تسأل عن زملائها في الوسط الفني، مؤكدة أنه أعتبرها من الفنانات الجميلة في الوسط الفني.
وأشارت إلى أنه كنت بشتغل كتير زمان وكنت بحب شغلي أوي وعايزة يكون لي كيان وتواجد قوي، وكنت حاسة إني فى سباق، ولم يكن هناك وقت أني أفكر فى حياتي الشخصية”.