حسين خوجلي: لا تقرأ هذه الحكاية
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
لا يختلف اثنان مهما تواضعت معرفتهما بأصول الحياة بأن الحضر السوداني والمدن ومواقع التأثير السيادي والحضاري والاقتصادي، الموزع بين غرب السودان وشماله وجنوبه وشرقه كانت تمتاز بعبقرية مفتوحة من الغباء والسذاجة والخضوع الرتيب للحياة اليومية دون تدبر أو برنامج أو استشراف.
وهذا ما دفع اعداءهم أن يقتحموا عليهم الديار ويحرقوا كل تجربتهم في التنمية والتعليم والصحة والمؤسسات العامة والخاصة التي شيدوها بعرقهم ودموعهم وكفاحهم عبر عشرات السنوات.
لم يجدوا في مرابضهم مجرد عصا دعك من بندقية لترد الغزاة واللصوص والأوباش وسارقي الحياة، فكان حلهم الوحيد أن يهرب أغلبهم بملابسه الداخلية وأعراضه ويتجه صوب الخلاء والمجهول. بحيث أصبحت لكل اسرة سودانية مأساة تُحكى ومصيبة تُروى.
وقد ذكرتني حالتنا هذه ونحن في منافي بلادنا ومنافي الاخرين حكاية سودانية فهي رغم طرافتها تدعو للتدبر والحزن والمماثلة بين الحالين:
قال الشاهد أن الشيخ العالم مجذوب جلال الدين عليه الرحمة والد أشعر شعراء العرب المعاصرين محمد المهدي المجذوب، وهو ايضا كان شاعرا وكان بحرا في علوم الفقه والتفسير والأدب والنحو وعموم علوم اللغة. كان يمتاز بالسخرية والمُلح والطرائف التي يسير بخبرها الركبان رغم جديته وحزمه ورصانته العلمية. وكانت له حصة محضورة بالمعهد العلمي بأمدرمان وكان حينما يأتي لتدريسها يلحظ أن هنالك طالباً صفيقاً ومتنمرا يخرج من وسط الفصل دون استئذان ويقف امام زملائه ويلقي خطبة، ويكررها بين كل حصة وأخرى وبالرغم من فجاجتها فإنه لا يجد تنبيها من أحد أو تحذير.
وفي إحدى الأيام صدمت كلماته أذن الشيخ المرهفة المضادة للجهل والأخطاء فوقف متسمراً في نافذة الفصل وسمع الخطبة كاملة وعندما دخل عليه الرحمة أمر الطالب بالوقوف وقال معلقا: (خطاءٌ لحّان جاهل ومتعدي على الدين واللغة وخطيبُ دهماء، بيد أنك وجدت الفصل غابةً من الرياحين) ضج الفصل بفاصل من الضحك المتوالي الذي انتصر لصمتهم وجبنهم الذي دام طويلاً، فالتصقت جملة الهجاء بالطالب حتى تخرجه والتصقت بالفصل مفردة غابة الرياحين القاسية. وهي لعمري حكاية تصلح أن نطلقها على أنفسنا وعلى اعداءنا الغزاة مع إضافة مفردة لصٌ وتدميري وعميل وخائنٌ وناكرُ احسانٍ ومجرم. وما كان لهذه النكبة أن تحدث لولا أنهم وجدوا نيالا والخرطوم ومدني وسنجة غابة من الرياحين.
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
فيلم «Mary» يثير الجدل.. مقاطعة وتحريف ديني واختيار ممثلين إسرائيليين| ما الحكاية؟
أثار الإعلان عن فيلم "Mary" الذي يعرض حياة السيدة مريم العذراء ويوسف النجار على منصة "نتفليكس" موجة غضب واسعة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع العديد منهم إلى دعوة لمقاطعة الفيلم.
فيلم Maryفقد اعتبر الكثيرون أن الفيلم يروج لتحريف وتغيير في القصة الدينية التي تحمل قدسية في قلوب المؤمنين من مختلف الأديان.
موجة غضب ودعوات لمقاطعة فيلم "Mary" بسبب تحريف القصة واختيار ممثلين إسرائيليين
السبب الأول الذي أثار هذا الغضب كان محتوى الفيلم نفسه، فقد اعتبر البعض أن الترويج للقصة في الإعلان الترويجي يتضمن تعديلات على أحداث حياة السيدة مريم ومعجزة إنجاب السيد المسيح، الأمر الذي يراه البعض تهجمًا على سرد ديني يُعتبر محوريًا في التراث المسيحي. هذا النوع من التحريف لا يقتصر فقط على تقديم قصة دينية بل يتعدى إلى تهديد المفاهيم التقليدية التي ترتبط بها الأديان.
أما السبب الثاني، فقد كان مرتبطًا باختيار طاقم الممثلين، الذي ضم العديد من الممثلين الإسرائيليين، فالسيدة مريم العذراء في الفيلم يُجسد شخصيتها الممثلة نواه كوهين، بينما يؤدي آيدو تاكو شخصية يوسف النجار.
كما يشارك في الفيلم الممثل الأمريكي الشهير أنتوني هوبكينز في دور الملك هيرودس، وقد أُثيرت تساؤلات عديدة حول اختيار ممثلين إسرائيليين لهذه الأدوار الدينية الحساسة، خاصة في ظل الوضع السياسي والتاريخي المتوتر بين إسرائيل والفلسطينيين، من هنا، تساءل كثير من رواد السوشيال ميديا عن كيفية قبول أن يتم تجسيد شخصيات دينية بهذا المستوى من القداسة بواسطة ممثلين إسرائيليين في وقت تتزايد فيه الانتهاكات ضد الفلسطينيين من قبل الاحتلال.
فيلم Maryالانتقادات لم تقتصر فقط على اختيار الممثلين بل تجاوزت ذلك إلى ما وصفه البعض بـ "التسويق الثقافي" الذي قد يُستخدم للتأثير على رواية دينية تحت غطاء الفن. وفي ظل الأوضاع السياسية الراهنة، يرى البعض أن هذا الفيلم قد يُعتبر مسيئًا أو مستفزًا لكثير من المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
حازم إيهاب يكشف لـ«الوفد» تحديات تجسيد شخصيته من "چان السينما إلي سائق التاكسي"