عمّان - العمانية : منذ البداية، تضع مسرحية «يا طالعين الجبل» للمخرج عبد السلام قبيلات، المشاهدين في أجواء طقس غنائي يهيئ للأحداث التي ستتلاحق عبر مشاهد العرض المتنوعة، حيث تعلو الترويدة الشعبية التي تجسّد المأساة الفلسطينية منذ مستهل العرض:

«يا ولاد حارتنا يويا..

نصبوا طارتنا يويا

طارتنا تطير يويا

طير العصافير يويا».

تعيد هذه الترويدة إلى الأذهان ثنائية الاحتلال والمقاومة؛ الاحتلال الذي هَجّرَ أصحاب الأرض من بيوتهم قسرا، والمقاومة التي ظلت متمسكة بالعودة واسترداد الحق. وحين يعرض الممثلون ما يبدو أنه توابيت للشهداء، تتجلى إحدى مقولات العرض الرمزية التي تؤكد على أن الحق سيُسترد وإن كانت الأرواح هي الثمن.

واتخذت المسرحية -المأخوذة عن رواية «عد إلى البيت يا خليل» للكاتبة كفى الزعبي- بناءً تجريبيّا على صعيد الحكاية، من تقديم وتأخير في زمن الأحداث ومكانها، لتروي ضمن لوحات أدائية غنائية وموسيقية قصة «ثريا» (أدت الدور حياة جابر)، وللاسم هنا دلالته التي تشير إلى السمو والعلو؛ فثريا تفقد زوجها، وهي إذ تدرك أنه مات ولن يعود للحياة، تحاول أن تستعيد جثته ولا تتركها في العراء، وفي المعنى المباشر يمكن عدّ ما فعلته البطلة نوعا من الوفاء، أما في المعنى الرمزي العميق فهو رسالة ترى أن المُقَاوِم كطائر الفينيق؛ ينتفض من تحت الركام ويعود متوهجا من جديد.

يعتمد قبيلات في العرض الذي استُوحي اسمه من أغنية «يا طالعين الجبل» التي قدمتها ريم البنا، على التأثير الوجداني في المشاهدين، مستفيدا من جميع فضاءات المسرح التي أُثِّثت ضمن تشكيلات مدروسة، سواء في حركة الممثلين وتنقلاتهم على الخشبة، أو في ترك مساحة للعازفين الذين هم جزء أساسي من العرض، أو في اعتماده على الديكورات البسيطة والموحية، والإضاءة التي حضرت بطلا أساسيّا في العرض.

حافظت المسرحية التي قُدمت على مسرح شمس على الانسجام بين مكوناتها، وعلى إيقاع واحد يروي أجزاء من مأساة لا تزال مستمرة، واستطاع فريق العرض أن يوصل رسالته للمشاهدين بطرق فنية إبداعية وتصوير جمالي للأحداث، كالأداء الجسدي المتمكن، والموسيقى، والغناء، والصور، وأحدث تأثيرا في مشاعر المشاهدين من خوف وتعاطف وأمل أيضا.

وأسهمت تلك العناصر مجتمعةً في التأثير على المشاهدين للعرض، وخاصة مع وجود الترويدات الفلسطينية الحاضرة في الذاكرة الجمعية للناس، والتي ردّدتها شقيقة ثريا (أدت الدور الفنانة هيا قمحية) بصوت مليء بالحنين والشجن، وبمرافقة موسيقية حية على آلات العود والرق والناي والإيقاع، كما قدم «يان» دور حكواتي مساند لقصة ثريا.

تنتهي المسرحية بالسؤال الذي رافق تلك المأساة منذ بزوغها، إذ تقول ثريا وهي تتأمل أطفالها المسجَّين أمامها كأنهم نيام: «متى سينحسر الليل».

انطوت المسرحية على العديد من الرموز التي تسربت من داخل الحكاية، ومررها قبيلات وفريقه مثل برقيات سريعة قوية ومتوهجة، وتدور تلك الرسائل حول قوة الحياة واستمراريتها رغم ظلام الاحتلال، وعلى رسالة الفن في إبقاء جذوة الأمل في النفوس وفي فعل التنوير الإنساني والدعوة إلى المحبة والسلام، وتمجيد بطولات الشعب المقاوم وصموده.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

اللجنة العليا المنظمة لـ «أيام الشارقة المسرحية 34» تعقد اجتماعها الثالث

الشارقة (الاتحاد)

تتواصل التحضيرات للدورة الرابعة والثلاثين من أيام الشارقة المسرحية التي تنظم تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وفي هذا الإطار عقدت اللجنة العليا للتظاهرة المسرحية التي أسست 1984 وتقيمها دائرة الثقافة بالشارقة، اجتماعها الثالث بقصر الثقافة، أمس، برئاسة أحمد بورحيمة، مدير «الأيام»، وحضور الأعضاء إسماعيل عبدالله، ومحمد جمال، وعبدالله راشد.
واستعرض الاجتماع تقرير لجنة «المشاهدة والتصنيف» التي ضمت خليفة التخلوفة (الإمارات)، وغنام غنام (الأردن)، وخالد رسلان (مصر)، كما اعتمد مواقيت العروض وفضاءات تقديمها.

أخبار ذات صلة شباب الأهلي.. «صدارة عن جدارة»! تفاؤل في الشارقة رغم غياب شاهين!


وناقش المجتمعون تجهيزات حفل الافتتاح الذي يقام بقصر الثقافة في الشارقة مساء يوم الأربعاء 19 فبراير الجاري، ويشهد تقديم العرض التونسي «البخارة» لفرقة مسرح أوبرا تونس، من تأليف إلياس رابحي وصادق الطرابلسي، وإخراج الأخير، وهو العرض الفائز بـ«جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي» في نسختها الثانية عشرة، ونظمت في إطار الدورة الـ15 من مهرجان المسرح العربي الذي أقامته الهيئة العربية للمسرح يناير الماضي في العاصمة العمانية مسقط.

وتقدم للمشاركة في هذه الدورة الـ14عرضاً، ووقع الاختيار على ستة عروض لتقدم في المسابقة الرسمية لـ «الأيام»، وهي: «علكة صالح» تأليف علي جمال، وإخراج حسن رجب، لفرقة المسرح الحديث بالشارقة، و«صرخات في الهاوية» تأليف عبدالله إسماعيل، وإخراج عبدالرحمن الملا، لجمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح، و«عرائس النار» تأليف باسمة يونس، وإخراج إلهام محمد، لمسرح خورفكان للفنون، و«كعب ونصف حذاء» من تأليف وإخراج محمد صالح، لمسرح ياس، و«جر محراثك» إعداد وإخراج مهند كريم، لجمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح، و«بابا» تأليف وإخراج محمد العامري، لفرقة مسرح الشارقة الوطني. واستبعد عرضان، على أن تقدم العروض الستة التالية على الهامش: «في انتظار العائلة» تأليف أسامة زايد، وإخراج سعيد الهرش، لمسرح الفجيرة، و«اليوم التالي للحب» تأليف أحمد الماجد، وإخراج مروان الصلعاوي، لجمعية دبا للثقافة والفنون والمسرح، و«يانصيب» إعداد مهند كريم، وإخراج نصر الدين عبيدي، لمسرح العين الشعبي، و«عرج السواحل» تأليف سالم الحتاوي، وإخراج عيسى كايد، لمسرح أم القيوين الوطني، و«دق خشوم» تأليف وإخراج عبدالله المهيري، لمسرح دبي الوطني، و«فئران القطن» تأليف وإخراج علي جمال، لمسرح دبي الأهلي.

 كما يشهد برنامج العروض تقديم عملين من الدورة الحادية عشرة من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، وهما: العرض الحائز جائزة أفضل عرض، وهو «أغنية الوداع» للمخرج طلال البلوشي، والعمل الحائز جائزة أفضل سينوغرافيا، وهو «الملاذ» للمخرج جاسم غريب. وتختتم الدورة الرابعة والثلاثون من أيام الشارقة المسرحية في السادس والعشرين من الشهر الجاري.

مقالات مشابهة

  • «حلم بكره».. عرض مسرحي لـ3 أطفال بقصر ثقافة الأنفوشي في الإسكندرية
  • أيام الشارقة المسرحية تنطلق 19 فبراير
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها
  • من الروصيرص .. ما قدمه الشعب السوداني من تضحيات أذهل العالم
  • ثريا التي أحبت الأبدية.. تفاصيل فيلم افتتاح مهرجان الإسماعيلية
  • اللجنة العليا المنظمة لـ «أيام الشارقة المسرحية 34» تعقد اجتماعها الثالث
  • دروس طوفان الأقصى
  • "وحيد في المنزل".. سامح حسين بعرض مسرحي مميز في دبي
  • سكان جباليا لا يجدون شيئا في بيوتهم التي دمرها الاحتلال
  • «ثريا» يضىء افتتاح الدورة الـ26