حوار حصري مع عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر
حوار: أميرة الجعلي
أجرت (المحرر) مقابلة شاملة مع عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام للقوات المسلحة الفريق مهندس بحري مستشار إبراهيم جابر الذي تحدث عن الراهن السياسي والاقتصادي وعدد من الملفات المهمة.

وقال جابر إن تأسيس الجيش الواحد يمضي بخطى ثابته ، وأكد جميع القوات التي اتت مع توقيع اتفاق سلام جوبا تأتمر بأمر القائد العام للجيش وكثير منها اكمل اندماجه في القوات المسلحة، فإلى مضابط الحوار:

ظل المواطن السوداني يعاني من ويلات الحرب وينتظر لحظة الانتصار، حيث صرخت امرأة القرير وقالت (يا برهان تعبنا من الحرب) هل لديكم ما تزفونه للشعب السوداني بشان الانتصار في معركة الكرامة؟

الانتصار القائم والشاهد الان في هذا المثال هو ان الدولة ما زالت باقية بقيمها كافة بما في ذلك ان يكون لهذه المرأة ان تعبر عن رأيها بالطريقة التي تريد دون ان تخشى على نفسها ، ويكتمل الانتصار عندما تكون ذات القيم متوفرة لنساء الفاشر وسنار قريبا انشاء الله .

تلاحظ ان القوات المسلحة احرزت تقدم في عدد من الجبهات خاصة صد الهجوم على الفاشر لكن معركة تحرير المدن ماتزال تراوح مكانها خاصة الخرطوم ومدني وجنوب كردفان ودارفور ؟
لا احبذ كلمة تحرير ، اسمه تطهير من جيوب وتجمعات المتمردين في المدن وهو الوصف الوطني والعسكري المتبع والصحيح، لكن عموما تعمل القوات المسلحة وفق خطة متكاملة في مسرح عمليات شاسع الاركان وفيه مراعاة كبيرة لحياة وممتلكات المواطنين لأننا نعمل وفق قوانين الجيوش في الحرب ، ونحن راضين عن تنقيذ الخطة العامة وقريبا سيشهد الجميع الانتصار بوحدة الامة وسلامة المواطنين وتحقيق العدالة في كافة اراضي السودان .

رغم ضراوة الحرب الا انكم نجحتم في منع الانهيار الاقتصادي وتجنب الافلاس العام الى اي مدى سيصمد الاقتصاد السوداني وما هي ابرز الدول الداعمة لكم ؟

الاقتصاد السوداني يتعافى من الصدمة التي اوقعتها الحرب في قطاعات انتاجية مختلفة مثلا لزراعة والتعدين والقطاع المصرفي تعافى تماما ونعمل على تطوير القطاعات الخدمية والصناعية وغيرها، لكننا بالتأكيد لا ننسى وقفة الاشقاء في السعودية ومصر وقطر والصين وقبلهم رجال الاعمال الوطنيين.

بشرت الشعب السوداني بإنتاج زراعي وفير بينما تعاني عدد من الولايات من شح المواد وغلاء الاسعار كيف سيتم السيطرة على الأسواق ؟

هناك غلاء مرتبط بتوقف الانتاج المحلي واصبحنا نستورد معظم حاجياتنا وهناك غلاء متعلق بالندرة نسبة لان مدن كبيرة محاصرة مثل الفاشر وغرب كردفان ومدني لكننا نعمل توفير الحاجيات الاساسية لتقليل حجم الضغط على المواطنين.

البعض يقول ان ترددكم في اعلان حكومة مدنية منذ قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر ٢٠٢٢ ساهمت في تعقيد الوضع حتى اندلاع الحرب؟

الحكومة موجودة وهي مدنية بالكامل ،صحيح انها مكلفة لكنها حكومة السودان حاليا ، اذا كنتي تفصدين تعيين رئيس وزراء واعادة تكليف او تكليف وزراء هذا سيحدث قريبا بعد استيفاء بعض العوامل لذاتها .

هل ما زلتم تخشون الضغوط الخارجية في تشكيل الحكومة المدنية التي كثرت الوعود بتشكيها وهل نتوقع ان تعلن قريبا ومتى؟
نحن نخشى الشعب السوداني ونخشى عليه ايضا من الانقسامات التي يمكن ان يحدثها هذا الامر

، لأنه متى ما كان موحدا ستكون الحكومة قوية به ويخشاها الجميع بما في ذلك الخارج .
يتهمكم البعض بالقول ان سيطرتكم على السلطة المطلقة دون مرجعيات في الحكم هو سبب ترددكم بعدم تعيين رئيس وزراء يختص بالسلطات التنفيذية والسياسية هل هذا الاتهام صحيح؟

غير صحيح ، نحن لا نريد السلطة لكن نريد ان نكسب الحرب لصالح الشعب ، وهذين امرين المساومة بينهما معدومة والموازنة بينهما هو ما نفعله الان لنوفر الظروف الموضوعية بتحقيق الانتصار والاستقرار ليختار الشعب حكومته ورئيس وزرائه عبر الانتخابات لأنه المرجعية الاولى والاخيرة هي الشعب .

لماذا ترفض الحكومة مزاعم الامم المتحدة بوجود مجاعة في بعض اجزاء السودان وهل تعتقد انها مزاعم سياسية ؟

لأنه ليس هناك مجاعة ، هناك تجويع ممنهج يقوم به التمرد في انحاء واسعة من السودان ومتى ما خرج من المناطق المأهولة بالسكان ستنتهي المجاعة ومنظمة الفاو تعرف حجم انتاج الزراعة في السودان العام الماضي وهذا العام الانتاج سيكون فوق توقعات الجميع .
هل ندمتم على فتح معبر ادري اذ يتهم الجيش مؤخرا استغلال المعبر لإدخال المساعدات العسكرية للتمرد وهل ستتخذون خطوه اتجاهه ؟

نحن دولة وجيش مسؤول عن اي مواطن سوداني والمنظمات ستعرف الفرق بين الجيش والمليشيا ونحن موجودين وكل من يسئ او يهرب ستدور الدائرة عليه بأسرع مما يتصورون.
اشتدت الحملة الدبلوماسية علي الامارات في مجلس الامن والامم المتحدة وهناك ضغوط دولية آخرها الغاء حفل مغني الراب الشهير في دبي هل ستستمر المواجهة الدبلوماسية على الامارات، وهل هناك اي تطورات بعد محادثة بن زايد والبرهان ؟

هناك خطا وقع على الشعب السوداني ما في ذلك شك لكن استرداد او معالجة هذا ليس مكانها الاعلام بالتأكيد .

ما هي اخر معلوماتكم عن تدفق السلاح الاماراتي وهل صارت الكنغو ويوغندا وجنوب السودان ضمن حزام الامداد للتمرد؟

هناك تقارير كثيرة تتحدث عن خط لتسليح التمرد يمر عبر ليبيا واخر عبر افريقيا الوسطى وهذا يشمل تهريب الذهب ايضا عبر منطقة سنقو ونحن قادرون على التعامل مع تدفق الاسلحة ان كان عبر القوات العسكرية او عبر التواصل المستمر والمباشر مع الدول المعنية لوقف تدفق الاسلحة.

بحكم رئاستكم للجنة التعاون مع الامم المتحدة كيف ستتعاملون مع توصيات لجنة تقصي الحقائق في مجلس حقوق الانسان ؟

سنعمل على استنهاض القوى المجتمعية السودانية واصدقاء السودان في المحافل الاقليمية والدولية والعمل جار على مستويات عدة ان كان في مجلس حقوق الانسان او في الامم المتحدة والدبلوماسية السودانية لديها الخبرة والتجارب الكافية للتعامل مع مثل هذه التقارير غير الواقعية والمسيسة وحتما سيكون النصر حليف السودان لان الحق والحقيقة معنا .
الولايات المتحدة تعد لجولة جديدة للتفاوض غير المباشر هل ستشاركون في الجولات القادمة ؟
نرحب باي حوار يقود لتنفيذ مقررات جدة ان كان في ما يتعلق خروج التمرد من المناطق الحضرية والمأهولة بالسكان والمرافق العامة وبيوت المواطنين.

تأخرت اجراءات تطوير العلاقة مع روسيا الى علاقة استراتيجية هل هذا خوف من الضغوط الغربية ام لديكم حساباتكم الخاصة في هذا الامر؟

هناك موازنات وترجيحات نعمل عليها لتحقيق المصلحة العليا لشعب السودان والتي متى ما تحققت لن نتردد لحظة اذا كان ذلك يتعلق بروسيا التي هي صديق قديم او اي من دول العالم شرقا او غربا اذا ما احترمت سيادة السودان ستجد انها مرحب بها .
تطورات الحرب في اثيوبيا وصلت حدود السودان هل لديكم اي جهود وساطة لاستقرار الاوضاع كما فعلت اثيوبيا مع السودان؟
اثيوبيا دولة جارة مهمة ونحن نثمن زيارة رئيس الوزراء ابي احمد والتواصل بيننا مستمر لتامين الحدود وسلامة شعبي البلدين ومتى ما طلبنا الحكومة او الشعب الاثيوبي سيجدوننا لأننا أيضا نعاني من تمرد غير مسبوق.

هل أنت مطمئن لمستقبل السودان وما هي خططكم المستقبلية لتأسيس جيش وطني واحد وبناء نظام حكم يحفظ السلام والاستقرار للأجيال القادمة؟

تأسيس الجيش الواحد يمضي بخطى ثابته الان جميع القوات التي اتت مع توقيع اتفاق سلام جوبا تأتمر بأمر القائد العام للجيش وكثير منها اكمل اندماجه في القوات المسلحة والحرب رغم انها بشعة في انتهاكاتها لكنها ايضا ساعدت على تطوير المعدات وكشف الثغرات الامنية
والاستر اتيجية من خلال الدروس المستفادة من الحرب الذي سيكون له اثر كبير في حفظ الامن للأجيال القادمة.

سؤال اخير هل تخشي من حكم التاريخ عليكم؟
نحن نخشى الله كثيرا ثم الشعب السوداني ونريد ان يكون مستقبله مطمئن وتاريخه مشرف مثل ما كان وسيظل ابد الدهر انشاء الله.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوات المسلحة الشعب السودانی

إقرأ أيضاً:

“السودان والإسراف في الإحسان”

○ كتب: بروفيسور Siddig Hussein
“السودان والإسراف في الإحسان”.
بدأ الإعلام الإقليمي والدولي المناوئ للسودان منذ الشهر الأول لاندلاع الحرب يلّوح ويهدد بتصعيد الحرب الدائرة في الخرطوم وديمومتها. هذا إلى درجة أن مصدرا من إحدى دول المنطقة كأنما كان يزف انجاز مهمة ما لصحيفة إسرائيلية صرح لها أن الحرب قد بدأت الآن في السودان ولا يملك السودانيون وقفها.

وقد جرت صناعة الحروب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تضمين خيار التفكيك والفوضى ولا سلم ولا حرب كغاية في حد ذاتها حال فشل الغزو أو اقتلاع النظام الحاكم.
وقد كان متاحا للسودان أن يسلك واحدا أو أكثر من طرق متعددة لإدارة الحرب المفروضة عليه من الخارج. فقد كان بإمكان الجيش السوداني أن يتولى زمام الأمر فيعلن إلغاء المادة (2) من قانون الطوارئ والسلامة العامة 1997 ويتولى إدارة البلاد المدنية والعسكرية بموجب قانون الدفاع عن السودان لسنة 1939. لكن الجيش آثر الإبقاء على القوانين الموروثة والمجلس السيادي ومجلس وزراء تصريف أعمال و بنية الحكم المحلي، وترك للولاة ورؤساء الإدارات المدنية ولجانهم الأمنية إعلان وتطبيق حالات الطوارئ المدنية. هذا على الرغم من أنه لا توجد مجالس تشريعية ولائية ولا قيادة عسكرية مهيمنة على السلطات المدنية.

ثم على المستوى الإقليمي آثر السودان التعامل الناعم والحميم وسبق الشكوى أمام الكيانات الإقليمية والدولية مع دول يقول السودان نفسه أنها ضالعة أو مشاركة في العدوان عليه .وقد كان بالإمكان أن يبادر السودان برد العدوان دفاعا عن النفس أو منعا للإبادة الجماعية، كما فعلت دول أخرى في حالات مماثلة . والمبادرة برد العدوان دفاعا عن النفس أو وقف الإبادة الجماعية طريقة مجربة وفعّالة لإجبار مجلس الأمن للتدخل لتسوية النزاع بسبب أن العدوان ورد الدولة المعتدى عليها يستوفي معايير التهديد للأمن والسلم الدوليين. وأما إذا كانت الدولة المعتدية سادرة في العدوان والتبجح بأن السودانيين لا يملكون وقف الحرب بل تملكها هي وغيرها ويرد السودان المعتدى عليه بالشكوى والجوديّة واللوم والعتاب فلن يتدخل مجلس الأمن وإن تفاقمت الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وقديما قيل:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضرّ ….كوضع السيف في موضع الندى.

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته…وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا.
ولم يحمد العدو ولا أحد غيره للسودان تعامله مع العدو وكأنه ولي حميم، كما لم يجن السودان فائدة من سعيه للاحتفاظ بمؤسسات الحكم المدني التي اعشوشبت خلال 2019 – 2023. بل جرّ عليه التغاضي عن لؤم الأعداء تماديهم ، كما جر عليه الإبقاء على مؤسسات الحكم المدني الموروثة حروبا اعلامية ممن تسنّموها وسمّموها لتفرّقهم واختلافهم شذر مذر قبيل الحرب وبعدها.

والحكمة الموروثة تقتضي إذا شمّرت الحرب عليك عن ساقها فلابد أن تشتد ولابد مما ليس منه بد. وإذا جنح أعداؤك للسلم فاجنح لها وإذا اختاروا الحرب فلتكن الحرب بكل ترسانتها وفي كل الجبهات الحربية والدبلوماسية والقانونية والاقتصادية . ولا أنوى الحديث عن الجانب الحربي لأن جيش السودان والمرابطين معه يقومون بالدور الحربي على أكمل وجه مع احتفاظ الجيش بالاعتدال في تعامله مع الأصدقاء والأعداء والشامتين والمرجفين في المدينة وخارجها. . وأما الجبهات الأخرى فعاطلة أو معطلة بسبب وقوعها حتف أنفها فيما تبقى من
أحابيل الفوضى التشريعية التي سادت البلاد في الفترة 2019- 2023 .
كلامي سيكون محصورا في الجانب القانوني ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

ما الذي كان ينبغي فعله ولم يفعله السودان ربما لاعتبارات تعرفها السلطات العسكرية والمدنية القابضة على جمر المواجهة و أجهلها أنا وغيري من مواطنين ؟
حال رسوخ القناعة لدى الجيش أن السودان يواجه عدوانا كما تعرّفه الفقرة السابعة من قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 3314/ 1974 ونظام المحكمة الجنائية الدولية (تعديل) كمبالا- يوغندا 2010 كان بوسع القائد العام للجيش السوداني إصدار قرار يلغي بموجبه المادة (2) من قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة 1997 الموروث من حكم الإنقاذ . إلغاء هذه المادة كان سيعيد تلقائيا صلاحيات القائد العام في الطوارئ الحربية بموجب قانون الدفاع عن السودان لسنة 1939. بعد ذلك الإلغاء يصدر القائد العام ما يراه من قرارات وأوامر قومية تتطلبها المرحلة يتولى تنفيذها رجال الجيش والقوات النظامية تحت لوائه والمرابطون في مناطق نفوذهم.

الكثير من مواطني الداخل تفاقمت معاناتهم لغياب سلطة مدنية مركزية مهيمنة على مستوى الولايات بسبب العوز والكساح القانوني والدستوري الذي جثم على صدر البلاد.
فكلنا نعلم أن الكيانات والهيئات المناط بها تنفيذ قانون الطوارئ والسلامة العامة لسنة 1997 لا وجود لها فلا رئيس الجمهورية المدني الذي يعنيه القانون المذكور ولا الوالي ولا المجلس الوطني ولا مجالس الولايات التي يعّرفها القانون المذكور قائمة. إذن لم يكن من مناص لتولّى القائد العام للجيش زمام الأمر بموجب قانون الدفاع عن السودان لسنة 1939 وذلك بإلغاء مادة واحدة في قانون الطوارئ والسلامة العامة 1997.

ما هي الترتيبات والإجراءات والتدابير التي يمكن وضعها موضع التنفيذ حال نفاذ قانون الدفاع عن السودان ؟ القائمة طويلة . وهي مطابقة لما يصدر حال الطوارئ الحربية في دول القانون العام كما هو مشار إليه أدناه.

هل يخالف إلغاء المادة 2 من قانون الطوارئ والسلامة العامة مبدأ الدستورية أو غيره من مبادىء الحوكمة السياسية السوية ؟

لا اعتقد ذلك ! بل على النقيض أرى أن إلغاء المادة 2 من القانون المذكور يعيد أمر الدفاع عن السودان في حال العدوان، للجيش السوداني كما هو الأصل وللقائد العام للجيش السوداني دون قيد على سلطات الجيش سوى ما ورد في قانون الدفاع عن السودان لسنة 1939. وقانون 1939 موضوع لحماية السودان في حالات من بينها حال وقوعه تحت طامّة كبرى لا تبقي من مؤسسات الحكم فيه شيئا سوى الجيش… متحدا أو منقسما.

وبالمقارنة بين السودان والدول الأخرى نجد أن بعض الدول من ذوات الهيمنة والديمقراطية الراسخة تملك ترسانة من قوانين الطوارئ الحربية والمدنية تستطيع الدولة شهرها متى استشعرت طارئا أو حربا وشيكة. الإدارات الأمريكية لم تتردد حتى حال السلم، في استدعاء قوانين الدول الأعداء(أي في حالة حرب)والرعايا فوق أراضيها المنحدرين من دولة عدوة حتى وإن كانوا مواطنين أمريكيين ورعايا الدول الصديقة(التي ليست في حالة حرب) المخالفين لقوانين الدخول والإقامة أو المنخرطين في أنشطة إجرامية.

وقد شهدت بريطانيا صدور مثل هذه القوانين في ١٩٣٩ وكذلك إبان حرب جزر الفوكلاند مع الأرجنتين.
ففي ٢٤/ ٨ / ١٩٣٩ أصدرت بريطانيا قانون سلطات الطوارئ وفوّضت بموجبه للحكومة القيام بأي أعمال أو إجراءات أو إصدار أي أوامر أو لوائح تستدعيها ظروف الحرب أو الدفاع عن المملكة أو دعم النظام العام أو ضمان استمرار الخدمات والمؤن أو حماية المدنيين . ويشمل ذلك اعتقال الأشخاص والاستيلاء على المنشآت والممتلكات والأراضي ودخول وتفتيش أي منازل أو دور والسماح بتوقيع عقوبة الإعدام على جرائم السلب والنهب ، والتعبئة العامة والتجنيد الإجباري في حدود ما تسمح به القوانين العسكرية. وبحكم تبعية السودان للتاج البريطاني في ذلك الوقت فقد أصدرت السلطات البريطانية بالتزامن في السودان ” قانون الدفاع عن السودان لسنة ١٩٣٩” الذي حوى سلطات مماثلة درءا للخطر العرضي الماثل عندئذ وهو الغزو الإيطالي والألماني ودول المحور الأخرى من الشرق والشمال.

وقد منح قانون الدفاع عن السودان للقائد العام للجيش سلطة إعلان حالة الطوارئ الحربية وممارسة الصلاحيات الواردة في القانون. و رغم زوال الخطر العرضي بهزيمة دول المحور ونيل السودان استقلاله فقد ظلّ قانون الدفاع عن السودان لسنة 1939 ساريا، وظلت الصلاحيات الواردة فيه مكرّسة في يد القائد العام للجيش، ولم تشأ أي من حكومات الانتقال للاستقلال أو الدساتير المؤقتة للانتقال للديمقراطية أن تتدخل في سلطات القائد العام بموجب ذلك القانون حتى سنة ١٩٩٧. والعلّة وراء بقاء ذلك القانون كانت الفهم المشترك لدى المدنيين والعسكريين الراشدين بأنه قانون للطوارئ الحربية تستمر الحاجة له في حال الغزو أو التمرد أو الحصار أو انتهاك سيادة السودان أو وحدة أراضيه. ومن ثم فلم ير مسطرو الدساتير الانتقالية وجها للتعارض بين ذلك القانون والقيود البرلمانية التي فرضتها الدساتير الانتقالية على إعلان حالة الطوارئ المدنية.

وخلافا لما سبقها من أنظمة الحكم في السودان فقد أصدرت الإنقاذ قانونا موحّدا للطوارئ أسمته” قانون الطوارئ والسلامة العامة لسنة 1997″ والذي نصّ في المادة (2) من على إلغاء “قانون الدفاع عن السودان 1939”. ومن ثم لم يعد للسودان نظاما أو قانونا للطوارئ الحربية التي قد تنشأ الحاجة لها ذات صباح أغبر لا أثر فيه لرئيس جمهورية ولا مجلس وطني ولا حامي حمى سوى الجيش وقائده العام العسكري.

وأختم بالقول أنه ما زال الوضع الراهن في السودان يستدعي معالجات فورية ونافذة وفعالة . ويملك الجيش السوداني والمرابطون معه من قوات مشتركة ومدنيين السند القانوني لتولّي زمام القيام بذلك بحكم مسؤولية الجيش عن حماية البلاد والعباد.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • أبناء الجالية السودانية: الإمارات الداعم الأكبر لبلادنا.. وأمنها خط أحمر
  • مالك عقار في حوار مع (المحرر): المسيرات تطلق من ام جرس و تدار بواسطة الإمارات
  • “السودان والإسراف في الإحسان”
  • الإمارات تحبط تمرير 5 مليون قطعة ذخيرة إلى الجيش السوداني
  • الطبلقي: هناك دول تطمع بثروات الشعب الليبي
  • وزير الطوارئ والكوارث يناقش مع المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر التحديات التي تواجه الشعب السوري
  • أشرف زكي: هناك بعض الصور التي لا نرضى عنها جميعا في تغطية الجنازات
  • الحقيقة تنتصر على الزيف.. الأمم المتحدة تفند مزاعم الجيش السوداني ضد الإمارات
  • الإمارات: التزام راسخ بتخفيف معاناة الشعب السوداني