موسكو- أسئلة كثيرة لا تزال بدون إجابات واضحة ومتكاملة حول طبيعة المكان الذي استهدفته المُسيرات الأوكرانية في توروبيتس بمقاطعة "تفير" غرب العاصمة الروسية موسكو وتسبب بانفجار هائل.

ومن بين هذه الأسئلة؛ كيف تمكنت القوات الأوكرانية من تحديد الهدف المراد ضربه؟ وما علاقة دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالأمر مع الحديث عن تلقي كييف ضوءا أخضر منها بشن عمليات داخل عمق الأراضي الروسية.

وكانت القوات الأوكرانية أطلقت، ليلة الأربعاء 18 سبتمبر/أيلول الجاري، صواريخ وعشرات الطائرات بدون طيار استهدفت مقاطعات سمولينسك وبريانسك وكورسك وبيلغورود وأوريول وتفير.

انفجار هائل

لكن مدينة توروبيتس كان لها نصيب الأسد من الأضرار حيث اندلعت حرائق ضخمة بسبب ما قالت السلطات المحلية إنها نتيجة سقوط حطام طائرة بدون طيار. وقامت على إثرها بإخلاء جزئي للسكان قبل أن تعلن في وقت لاحق السماح لأولئك الذين يرغبون بالعودة إلى منازلهم بعد إعادة العمل بجميع المرافق والبنية التحتية بما في ذلك الكهرباء والغاز والصرف الصحي.

وبينما تقول المصادر العسكرية الأوكرانية إن الهجوم بالمُسيرات دمر مستودعا للذخيرة في توروبيتس وتسبب في انفجار هائل، لم يصدر عن وزارة الدفاع الروسية تعليق حول ما الذي نشبت به النيران.

لكن تقريرا أصدرته وكالة الإعلام الروسية في عام 2018 أشار إلى أن موسكو بنت ترسانة لتخزين أسلحة تقليدية، ما يفسح المجال لتكهنات مختلفة حول طبيعة الموقع المستهدف.

وخلال مراسم الإعلان آنذاك عن الانتهاء من بناء هذه الترسانة، صرح النائب السابق لوزير الدفاع حينها والمعتقل حاليا، ديمتري بولغاكوف، بامتثالها للمعايير العالمية، موضحا أنها عبارة عن مساحة من التضاريس مجهزة بمرافق تخزين خرسانية لتخزين الصواريخ والذخائر والمواد المتفجرة ضمن شروط محددة.

وبحسب قوله آنذاك، فإن المستودع قادر على تحمل الضربات الجوية والصواريخ وحتى انفجار نووي.

تورط الناتو

وتحدث موقع "تسارغراد" الروسي عن أنه -بحسب صور الأقمار الصناعية- فقد أتت النيران على كامل مساحة المستودع (نحو 5 كيلومترات مربعة) وانفجرت القذائف بقوة لدرجة أن أجهزة الاستشعار الزلزالية سجلت عشرات الهزات، أشدها بقوة 2.8 درجة.

وبرأي محلل الشؤون العسكرية يفغيني نورين، فإن عدم وجود معلومات رسمية حتى اللحظة عن طبيعة المنشأة التي استهدفتها المُسيرات الأوكرانية يعود إلى الرغبة قبل كل شيء في تنقيح المعلومات لا سيما مع الضجيج الذي أثير حول الحادثة، وعدم استبعاد فرضية تورط دول من حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الهجوم، في ظل الحديث المتواتر عن رفع الغرب الحظر الذي كان فرضه على أوكرانيا بشن هجمات داخل العمق الروسي.

ويتابع نورين -في حديث للجزيرة نت- أن الشكوك تحوم الآن حول لاتفيا، التي تجري فيها حاليا -وفي إستونيا أيضا- مناورات جماعية للناتو. ويضيف أن المسافة بين مدينة زيلوبة اللاتفية على الحدود مع روسيا تبلغ 244 كيلومترا حتى توروبيتس، بينما تبعد أقرب مدينة في أوكرانيا (تشرنيغوف) عن توروبيتس مسافة 520 كيلومترا.

علاوة على ذلك، فإن خط سير الطائرات المُسيرة غير مباشر ويعترضه تداخل الحدود بين بيلاروسيا وروسيا، وهو ما يعزز فرضية الهجوم من الأراضي اللاتفية، وبالتالي فإن السؤال المتعلق بموقع إطلاق الطائرات بدون طيار الثقيلة يطرح نفسه بقوة.

هجمات منهجية

يقول الكاتب السياسي فاسيلي بوبوف إن فرضية هجوم من طائرات بدون طيار على مستودعات خرسانية مهيأة لتحمل ضربات قوية وفي الوقت ذاته تؤدي إلى انفجار الأسلحة والذخيرة فيها، مستبعدة، إذ لا يمكن أن يحدث انفجار بهذه القوة من فعل المُسيرات.

ويوضح للجزيرة نت، أنه في حال حصل ذلك فعلا فإنه لا يمكن أن يحدث بدون استخدام صواريخ تملك قدرة تفجيرية هائلة. ويكشف أن المنشأة الإستراتيجية القريبة من تفير كانت تحت مراقبة وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) لفترة طويلة، مرجحا أن تكون واشنطن هي التي نقلت المعلومات اللازمة لكييف حول موقع المستودع حتى تتمكن القوات الأوكرانية من توجيه ضربة دقيقة له.

ووفقا له، فإن هجمات من هذا النوع باتت تتم بشكل منهجي لتقليص إمكانات الصواريخ الروسية، مضيفا أن الخطط لشن المزيد من الهجمات المماثلة على منشآت عسكرية روسية واردة.

وبرأي بوبوف، فإن كييف تسابق الزمن لتعطيل الرد الروسي واسع النطاق على توغل القوات الأوكرانية في كورسك، والذي من المتوقع أن يؤدي إلى وضعها أمام خيارات صعبة؛ فإما أن تنسحب من الأراضي التي سيطرت عليها أو تتكبد خسائر فادحة.

ويعتقد بوبوف أن الحديث داخل الولايات المتحدة عن احتمال سحب طائرات إف-16 من أوكرانيا وتصريحات المرشح لانتخابات الرئاسة، دونالد ترامب، بأنه في حال فوزه سيجعل موسكو تتوصل إلى تسوية لوقف الحرب، هي رسائل غير سارة إلى أوكرانيا تدفعها للقيام بهجمات "انتحارية" سترتد عليها سلبا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القوات الأوکرانیة الم سیرات بدون طیار

إقرأ أيضاً:

روسيا تسيطر على بلدة جديدة في الشرق الأوكراني .. وكييف تعلن إسقاط 47 مسيّرة

عواصم "وكالات"": قالت روسيا اليوم إنها سيطرت على بلدة ستوروجيف الواقعة في شرق أوكرانيا والقريبة من قرية فيليكا نوفوسيلكا التي تحاول قواتها على ما يبدو محاصرتها.

وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية "نتيجة تحرّك حاسم للوحدات... تم تحرير ستوروجيفوي"، مستخدمة التسمية الروسية للبلدة.

وتتقدّم روسيا ميدانيا بثبات في منطقة دونيتسك الواقعة ستوروجيف ضمن نطاقها، على حساب قوات أوكرانية أقل عديدا وعتادا.

وستوروجيف وفيليكا نوفوسيلكا قريبتان من خط المواجهة في الجنوب الذي خيّم عليه الجمود طويلا وحيث تقول أوكرانيا إن روسيا تخطّط لهجوم جديد.

وتسعى روسيا لتحقيق أكبر مكاسب ميدانية ممكنة قبل تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في يناير.

ويثير تعهّد ترامب وضع حد سريع للحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، قلقا في أوكرانيا وأوروبا، علما أنه لم يقترح آليات ملموسة لأي وقف لإطلاق النار أو اتفاق سلام.

ويقول الجيش الروسي إنه سيطر على أكثر من 190 من البلدات والقرى الأوكرانية هذا العام، في حين تعاني كييف في الحفاظ على مواقعها بسبب نقص العديد والعتاد.

إنتقادات غير عادلة

اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، أن الانتقادات الحادة في بعض الأحيان التي وجهها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمستشار الألماني أولاف شولتس ليست في محلها.

وقال روته في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب ا): "لقد أخبرت زيلينسكي كثيرا أنه يجب عليه التوقف عن انتقاد أولاف شولتس لأنني أعتقد أن هذا غير عادل".

وذكر روته أن ما فعله شولتس من أجل أوكرانيا مثير للإعجاب، مضيفا أن شولتس ضمن أن تكون ألمانيا في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، موضحا أن هذا إنجاز يمكن لكييف أيضا أن تشعر بالامتنان له.

وفي المقابل، تبنى روته موقفا مغايرا لشولتس فيما يتعلق بصواريخ كروز من طراز "تاوروس" التي تطلبها أوكرانيا، موضحا أنه يؤيد تسليمها لأوكرانيا أيضا دون فرض أي قيود على استخدامها، وقال رئيس الوزراء الهولندي الأسبق: "بوجه عام، نعلم أن مثل هذه الإمكانيات مهمة للغاية بالنسبة لأوكرانيا"، مشيرا في المقابل إلى أن الأمر لا يعود إليه ليقرر ما الذي ينبغي للحلفاء توريده.

وكان زيلينسكي انتقد شولتس مؤخرا - من بين أمور أخرى - بسبب اتصاله بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين هاتفيا، رغم رفضه لذلك. كما أعرب الرئيس الأوكراني مرارا عن عدم تفهمه لرفض المستشار الألماني تسليم صواريخ "تاوروس" لبلاده.

جولات خارجية

صرح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، اليوم بأن الرئيس فلاديمير بوتين يخطط للقيام بعدة جولات خارجية في يناير المقبل، دون الكشف عن برنامج الجولات .

وقال بيسكوف في تصريحات لوكالة"سبوتنيك" ردا على سؤال حول الرحلات الخارجية المقبلة للرئيس بوتين: "ستكون في يناير".

ولم يحدد بيسكوف وجهة الجولات الخارجية لكنه قال: "سنوافيكم بالتفاصيل".

تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية، أصدرت في مارس العام الماضي، مذكرة توقيف بحق بوتين، وذلك بتهمة ارتكاب جريمة حرب على خلفية الحرب في أوكرانيا.

ودعت المحكمة إلى القبض على بوتين للاشتباه في مسؤوليته عن ترحيل أطفال ونقل أشخاص دون سند قانوني من أوكرانيا إلى روسيا منذ بدء الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير 2022.

بيع "معقد"

قالت روسيا اليوم إن الوضع مع الدول الأوروبية التي تشتري الغاز الروسي من خلال اتفاقية مرور عبر أوكرانيا معقد للغاية، وذلك بعد محادثات بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو.

وأعلنت أوكرانيا أنها لن تجدد اتفاقية عبور الغاز الروسي إلى أوروبا، ومدتها خمس سنوات ومن المقرر أن ينتهي سريانها في نهاية العام، لأنها لا تريد مساعدة موسكو في مجهودها الحربي.

وتمثل التدفقات التي تمر عبر أوكرانيا نحو نصف إجمالي صادرات روسيا من الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا. وستكون سلوفاكيا وإيطاليا والنمسا وجمهورية التشيك الأكثر تضررا إذا توقفت التدفقات.

وتصدر شركة جازبروم الحكومية الغاز أيضا إلى أوروبا عبر خط أنابيب "ترك ستريم" الممتد عبر قاع البحر الأسود.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنه لا يستطيع الإدلاء بتفاصيل أخرى عن المحادثات التي جرت أمس الأحد بين بوتين وفيتسو وتناولت أيضا العلاقات الثنائية والصراع في أوكرانيا.

وصرح فيتسو الأحد بأن بوتين أكد استعداد روسيا لمواصلة توريد الغاز إلى سلوفاكيا رغم أن رئيس الوزراء السلوفاكي قال إن ذلك "مستحيل من الناحية العملية" بمجرد انتهاء سريان اتفاقية نقل الغاز المبرمة بين روسيا وأوكرانيا.

ولم يتضح بعد ما هو الحل المحتمل الذي ربما ناقشه الزعيمان.

وتحرص المجر أيضا على بقاء الطريق الأوكراني رغم أنها ستستمر في استقبال الغاز الروسي من الجنوب عبر خط أنابيب ترك ستريم.

وذكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأسبوع الماضي أن من الممكن تجديد الاتفاقية لكن بشرط عدم دفع ثمن الغاز لروسيا إلا بعد انتهاء الحرب، وهو شرط من غير المرجح أن تقبله موسكو.

وقال بيسكوف للصحفيين "سمعتم تصريحات الجانب الأوكراني، وتعرفون الأوضاع في تلك الدول الأوروبية التي لا تزال تشتري الغاز الروسي وتعتبره ضروريا لتشغيل اقتصاداتها بشكل طبيعي".

وأضاف "وبالتالي، أصبحنا الآن أمام وضع معقد للغاية يتطلب مزيدا من الانتباه".

وصرح بوتين الأسبوع الماضي بأن من الواضح أنه لن يكون هناك اتفاق جديد مع أوكرانيا لنقل الغاز الروسي عبرها إلى أوروبا.

إسقاط 47 مسيّرة روسية

أسقطت أوكرانيا 47 طائرة مسيرة من أصل 72 مسيرة أطلقتها روسيا الليلة الماضية على عدة مناطق أوكرانية فيما انحرفت 25 طائرة مسيرة عن طريقها، وفقًا لوزارة الدفاع الأوكرانية. وذكرت وزارة الدفاع في تقرير لها أن القوات الروسية شنّت هجمات على أوكرانيا باستخدام 72 طائرة مسيرة، تم إطلاقها على مناطق أوكرانية مختلفة، كما انحرفت 25 طائرة مسيرة عن مسارها. يشار إلى أن العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا التي بدأت في 24 فبراير 2022، لا تزال مستمرة، مع تأكيد روسيا على مواصلة عملياتها حتى تحقيق أهدافها، في حين تواصل أوكرانيا مطالبتها بانسحاب القوات الروسية من جميع أراضيها.

مقالات مشابهة

  • الدفاع الروسيه: إسقاط طائرتين أوكرانيتين بدون طيار فوق بحر آزوف
  • روسيا تسيطر على بلدة جديدة في الشرق الأوكراني .. وكييف تعلن إسقاط 47 مسيّرة
  • روسيا تسيطر على بلدة جديدة في الشرق الأوكراني
  • آخر تطورات الحرب الروسية الأوكرانية.. 1200 قتيل وجريح في صفوف الجيش الكوري الشمالي
  • القوات الجوية الأوكرانية: إسقاط 47 طائرة بدون طيار أطلقتها روسيا خلال الليل
  • أوكرانيا تعلن إسقاط 52 طائرة روسية بدون طيار
  • محلل سياسي: لا صحة لوجود مقاتلين كوريين شماليين على الجبهة الروسية الأوكرانية
  • احتفظ بلقبه.. الأوكراني أوسيك بطلاً للوزن الثقيل في الملاكمة
  • السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطارات
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تشيد بالهجوم الصاروخي اليمني لـ”تل أبيب”