تحليل بريطاني: هل تنجح الضغوط الدولية بمنع تفكك محتمل للسودان؟
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
في ظل تصاعد النزاع في السودان، تزداد المخاوف من تقسيم البلاد إلى كيانات متنازعة تحت حكم حكومتين متنافستين، وتتصاعد الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وهذا يهدد بتفكك البلاد إلى مناطق متباينة ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
وفي مواجهة هذه الأزمة، تصبح الحاجة إلى ضغط دولي منسق وفعال أكثر إلحاحا للحيلولة دون تفكك السودان وضمان استقرار المنطقة بأسرها، وفقا لتقرير بثته وكالة الأنباء الألمانية.
وتقول الباحثة والدبلوماسية البريطانية روزاليند مارسدن، في تقرير للمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) إن الحرب المستمرة في السودان منذ 17 شهرا، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتشريد 10 ملايين شخص.
محادثات للسلاموفشلت سلسلة من جهود الوساطة الدولية في وقف النزاع، حيث جرت منتصف أغسطس/آب الماضي أحدث محاولة وساطة أميركية لإعادة تنشيط عملية وقف إطلاق النار المتوقفة، بهدف جمع وفود رفيعة المستوى من طرفي الصراع، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
وكانت المحادثات في جنيف تهدف إلى تحقيق وقف شامل للأعمال العدائية على مستوى البلاد، وهذا يسمح بالوصول الإنساني إلى جميع أنحاء البلاد، وإنشاء آلية قوية للمراقبة والتحقق.
واستضافت المفاوضات المملكة العربية السعودية وسويسرا، مع حضور الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات العربية المتحدة كمراقبين.
وتم تحقيق بعض التقدم المحدود في الوصول الإنساني إلى دارفور، ووافق الجيش السوداني على إعادة فتح معبر أدري المؤقت من تشاد، الذي أغلق بشكل تعسفي في فبراير/شباط، بينما فتحت قوات الدعم السريع طريق "الدبه".
وتدخل شاحنات الأمم المتحدة الآن دارفور، رغم أن حركة المرور إلى ما بعد غرب دارفور تواجه صعوبات شديدة بسبب الأمطار الغزيرة وانهيار الجسر الوحيد الذي يربط حدود تشاد بجنوب ووسط دارفور، ولكن منذ انتهاء المحادثات، تصاعدت أعمال القتال.
فشل وقف إطلاق الناروتقول الباحثة والدبلوماسية البريطانية إن السبب الرئيسي لفشل محادثات وقف إطلاق النار هو أن كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ما زالتا تسعيان لتحقيق نصر عسكري.
ورفضت القوات المسلحة السودانية إرسال وفد إلى جنيف، حيث وضعت شروطا مسبقة "غير واقعية"، وأجبر هذا الوسطاء على التواصل افتراضيا مع ممثلي القوات المسلحة السودانية، بينما أجروا محادثات شخصية مع قوات الدعم السريع.
وتضيف مارسدن أنه رغم أن الجيش السوداني يخسر على أرض المعركة، فإنه لا يرغب في التفاوض من موقع ضعف وزاد من تكثيف القصف الجوي منذ محادثات جنيف، حسب قول الباحثة.
وتأمل قوات الدعم السريع في تحقيق مكاسب إقليمية إضافية بمجرد بدء موسم الجفاف في أكتوبر/تشرين الأول، وقد أبدت هذه القوات تعاونا أكبر في المحافل الدولية، مستغلة "تعنت" الجيش السوداني لتظهر بصورة إيجابية.
وخلال محادثات جنيف، وافقت قوات الدعم السريع على مدونة سلوك لحماية المدنيين، تلاه توجيه من قائدها، الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لكن التزاماتها تظل مقوضة بشكل كبير بسبب سجلها في ارتكاب الفظائع، بما في ذلك القتل المستهدف على أساس عرقي، وتوسيع الهجمات على المدنيين، بحسب مارسدن.
ضغوط دوليةوفي ظل هذا الجمود، يجب زيادة الضغط على الدول التي تدعم الحرب من خلال تقديم الدعم العسكري والمالي واللوجستي للأطراف المتحاربة.
وكان تجديد نظام العقوبات وحظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على دارفور مؤخرا، والذي تم تطبيقه منذ عام 2005 ولكن لم يتم تنفيذه بفعالية، فرصة ضائعة لتوسيع حظر الأسلحة ليشمل جميع أنحاء السودان، بالنظر إلى انتشار النزاع والأدلة التي تشير إلى حصول كلا الطرفين المتحاربين على أسلحة جديدة من عدة دول.
وتوضح مارسدن أن الأولوية الآن يجب أن تكون اتخاذ مجلس الأمن إجراءات أكثر صرامة في مواجهة الانتهاكات المتعلقة بالحظر الحالي، كما أن هناك حاجة لفرض عقوبات على الأشخاص الذين يعيشون في الديمقراطيات الغربية ويقومون بنشر خطاب الكراهية والدعوة إلى استمرار الحرب.
وفي الوقت نفسه، ينبغي أن تواصل الولايات المتحدة وشركاؤها العمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية، لمحاولة استغلال نفوذها على الطرفين المتحاربين وإقناعهما بأن الجميع خاسر إذا استمرت الحرب.
وترى مارسدن أن السودان يواجه احتمالا حقيقيا للتقسيم الفعلي تحت حكومتين متنافستين وقد يصل الأمر إلى تفكك أكبر، فقد تعهد أحد كبار ضباط الجيش السوداني مؤخرا بأن الجيش سيتشبث بالسلطة 20 عاما أخرى إذا انتصر، بينما سيؤدي انتصار قوات الدعم السريع إلى تحويل الدولة إلى جزء من إمبراطورية أعمال عائلة دقلو.
وتضيف أنه إذا أراد المدنيون الداعمون للديمقراطية في السودان تغيير هذه الحسابات، فيجب عليهم التوحد على منصة مناهضة للحرب وجعل أصواتهم مركزية في تشكيل جهود بناء السلام المستقبلية، والدعم الدولي ضروري لتحقيق هذا الهدف.
ويعني هذا وفقا للباحثة والدبلوماسية البريطانية، عدم منح الشرعية لأي من الطرفين المتحاربين، بل تعزيز دور المدنيين في المبادرات الدبلوماسية والضغط من أجل انتقال سلمي إلى حكومة مدنية ديمقراطية في أنحاء البلاد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القوات المسلحة السودانیة قوات الدعم السریع الجیش السودانی
إقرأ أيضاً:
مقتل أكثر من 25 سودانيا وإصابة في هجوم لقوات الدعم السريع.. المجاعة مستمرة
أكدت الأمم المتحدة أن الجوع ينتشر بالسودان بسبب القرارات التي يتم اتخاذها كل يوم "لمواصلة الحرب، بغض النظر عن التكلفة على المدنيين"، وذلك في الوقت الذي أعلن ناشطون سودانيون، مقتل أكثر من 25 شخصا وإصابة العشرات في هجوم لقوات الدعم السريع على إحدى قرى ولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد.
وقالت مديرة المناصرة والعمليات لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" إيديم ووسورنو: إن "السودان هو المكان الوحيد في العالم الذي تم تأكيد المجاعة فيه حاليا"، بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول".
وأضافت ووسورنو خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في السودان، أن "الجوع ينتشر بالسودان بسبب القرارات التي يتم اتخاذها كل يوم لمواصلة هذه الحرب، بغض النظر عن التكلفة على المدنيين.. وتأثير أزمة السودان، التي هي من صنع الإنسان، لا يتساوى بين السكان، حيث يفرض الجوع الشديد مخاطر غير متناسبة على النساء والفتيات، والصغار وكبار السن".
وأشارت إلى أن "الحجم غير المسبوق للاحتياجات في السودان يتطلب تعبئة غير مسبوقة للدعم الدولي"، مجددة دعوتها إلى وقف فوري للأعمال العدائية واتخاذ خطوات حقيقية وشاملة "نحو السلام الدائم الذي يحتاجه شعب السودان بشدة".
من جانبها، قالت نائبة المدير العام لمنظمة الفاو، بيث بيكدول، إنه "على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، تم تأكيد 4 مجاعات فقط، وهي في الصومال عام 2011، وجنوب السودان عامي 2017 و2020، والآن السودان في عام 2024".
وقالت: "كما تعلمنا من هذه الأزمات الشديدة، فقد حدثت بالفعل عشرات الآلاف من الوفيات قبل أن تصنف على أنها مجاعة"، مشيرة إلى أن "الصراع والنزوح القسري يظلان المحركين الأساسيين لأزمة السودان، التي تفاقمت بسبب تقييد الوصول الإنساني، فضلا عن الاضطرابات الاقتصادية، والعوامل البيئية".
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023، حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
ومن ناحية أخرى أعلن ناشطون سودانيون، مساء الاثنين، مقتل أكثر من 25 شخصا وإصابة العشرات في هجوم لقوات الدعم السريع على إحدى قرى ولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد.
وأفاد تجمع "نداء الوسط" (ناشطون) في بيان، بأن "قوات الدعم السريع ارتكبت اليوم مجزرة دامية بحق أهالي قرية ’أم كويكة’ شرقي مدينة الجبلين بولاية النيل الأبيض".
وأوضح البيان أن قوات الدعم السريع "هاجمت القرية ووجهت نيرانها إلى المواطنين مستهدفةً إياهم بشكل مباشر ما أدى لارتقاء أكثر من 25 شهيدا وإصابة العشرات".
وأشار إلى أن القرية "تضم عددا كبيرا من نازحي ولاية سنار (جنوب شرق)، لجؤوا إلى القرية بعد أن هاجمتهم قوات الدعم السريع".