هل تنتهي الحرب الباردة الجديدة بين واشنطن وبكين بمواجهة مباشرة؟
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
منذ بدء الحرب في أوكرانيا، عاد مصطلح الحرب الباردة إلى الواجهة، لكن هذه المرة لا يتعلق الأمر بصراع الولايات المتحدة مع روسيا، وإنما بينها وبين الصين التي يرى الأميركيون أنها تهدد مصالحهم، خاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
واستعرض الفيلم الوثائقي -الذي بثته قناة الجزيرة مساء الجمعة- محطات الصراع بين الولايات المتحدة والصين، وهو صراع يدور على الجبهات العسكرية والتقنية والدبلوماسية والتجارية والأيديولوجية.
ويثير التطور العسكري للصين خلال السنوات الأخيرة قلق الولايات المتحدة، مما جعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يطلق العنان خلال فترة حكمه لحرب تجارية لزعزعة الصين واقتصادها.
ووقفت شركة "هواوي"، عملاق الاقتصاد الصيني، في قلب الصراع بين البلدين، حيث اتهمتها واشنطن بالتجسس الصناعي، وفرضت عليها عقوبات فورية، كما رفضت واشنطن السماح بمشاركتها في نشر شبكة الجيل الخامس الأميركية، وأمرت السلطات الأميركية باحتجاز واعتقال المديرة المالية لشركة "هواوي" مانغ وانتشو، وهي ابنة مؤسس المجموعة.
وبالإضافة إلى طموحها في أن تصبح لاعبا رئيسيا على الساحة الدولية، تتطلع الصين إلى إنشاء نظام جديد للعلاقات الدولية، بهدف تحويل مركز السياسة الدولية من المحيط الأطلسي إلى أوراسيا. وفي هذا السياق جاء مشروع طريق الحرير الجديد، أكبر مشروع للبنية التحتية في تاريخ البشرية، والذي استثمرت فيه بكين ما يصل تريليون دولار على شكل قروض للدول النامية.
وحسب السفير الفرنسي لدى الصين (2017ـ2019) جان موريس ريبير، فإن طريق الحرير الجديد يتضمن في جوهره إنشاء تدريجيا لنظام عالمي بديل.
ويظهر الفيلم الوثائقي، الذي يحمل عنوان "الحرب الباردة الجديدة"، كيف أن الصين ركزت اهتمامها خلال السنوات الأخيرة على القوات البحرية، إذ باتت تمتلك صناعة أسلحة فعالة لتصنيع سفنها الحربية الخاصة، وتقوم ببناء قوة بحرية كاملة ومكتفية ذاتيا. كما تمتلك البحرية الصينية حاليا 350 سفينة حربية مقابل 293 سفينة فقط للبحرية الأميركية.
كما ارتفع الإنفاق العسكري للصين من 14 مليار دولار إلى 290 مليار دولار في السنوات الـ25 الأخيرة، نصفها ينفق على البحرية.
ووصف قائد منطقة آسيا والمحيط الهادي (2020-2022) جان ماثيوري البحرية الصينية بأنها إحدى أكبر قوتين بحريتين في العالم.
تايوان في قلب الصراعوإلى جانب اهتمامها بالبحرية، واضبت الصين منذ عام 1964 على تحديث منشآتها النووية، مما يعني أنها رسخت وجودها النووي بشكل جيد وحقيقي بين القوى النووية العظمى، وتبلغ ترسانتها 350 رأسا نوويا، كما أكد جان بيير كابستان، وهو أستاذ فخري في جامعة هونغ كونغ المعمدانية.
وحسب ما جاء في الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة، فقد اعتمد الأميركيون -في مواجهة الجيش الصيني الذي يتعاظم تسليحه بسرعة- على شبكة من القواعد العسكرية في المحيطين الهندي والهادي، تقع معظمها في اليابان وكوريا الجنوبية وجزيرة غوام، وتم نشر 375 ألف جندي ومدني في جميع أنحاء الساحل الصيني.
وفي المقابل، عكفت بكين على الهروب من الطوق الأميركي عبر ضم جزر في بحر جنوب الصين، وهو البحر الذي تزعم أنها تملك 80% منه.
غير أن نفوذ الصين في المنطقة يصطدم بعقبة جزيرة تايوان، التي تمثل ضرورة إستراتيجية لواشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وقامت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي بزيارتها في أغسطس/آب 2022، مما أثار غضب بكين.
وبينما لم يستعبد الرئيس الصيني شي جين بينغ في تصريحات سابقة له احتمال نشوب صراع بين بلاده والولايات المتحدة بسبب تايوان، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته طوكيو في مايو/أيار 2022 أن بلاده مستعدة للتدخل العسكري للدفاع عن تايوان، إذا تطلب الأمر.
وفي إطار "الحرب الباردة الجديدة" بين واشنطن وبكين، عززت الولايات المتحدة تحالفاتها في المنطقة وخاصة مع البريطانيين والأستراليين، من خلال التحالف العسكري "أوكوس" الموقع عام 2021، وهو التحالف الذي علقت عليه الصين على لسان وزير خارجيتها وانغ يي بالقول إن "الغرض الحقيقي لإستراتيجية أميركا في منطقة المحيطين الهندي والهادي هو إنشاء نسخة من حلف شمال الأطلسي (ناتو) فيها بهدف الحفاظ على هيمنتها".
وعلى الصعيد العملي، توجهت بكين نحو روسيا التي تشاركها نفورها من الولايات المتحدة، وأعلن رئيسا البلدين شي جين بينغ وفلاديمير بوتين عن تحالف إستراتيجي بين بلديها في الرابع من فبراير/شباط 2022.
وإذا كانت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي لم تشهد مواجهة وتم تجنب خطر حرب عالمية ثالثة، فإن السيناريو ذاته لا يبدو مؤكدا في حالة بكين وواشنطن، لأن العالم قد تغير وبات عصيا على التوقعات، كما جاء في الفيلم الوثائقي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الفیلم الوثائقی الحرب الباردة
إقرأ أيضاً:
الصين تصف تايوان بـ”الخط الأحمر” وتنتقد المساعدات العسكرية الأميركية الجديدة للجزيرة
ديسمبر 22, 2024آخر تحديث: ديسمبر 22, 2024
المستقلة/- انتقدت الصين بشدة قرار الولايات المتحدة بتقديم مساعدات عسكرية جديدة لتايوان، ووصفته بأنه انتهاك لسيادة الصين. وأكدت الحكومة الصينية أن تايوان “خط أحمر” وحذرت من أي إجراءات من شأنها تصعيد التوترات.
واحتجت الحكومة الصينية يوم الأحد على أحدث الإعلانات الأمريكية عن المبيعات العسكرية والمساعدة لتايوان، محذرة الولايات المتحدة من أنها “تلعب بالنار”.
أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم السبت تفويضًا بتوفير ما يصل إلى 571 مليون دولار من مواد وخدمات وزارة الدفاع والتعليم العسكري والتدريب لتايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي، والتي تدعي بكين أنها أراضيها وتقول إنها يجب أن تخضع لسيطرتها. بشكل منفصل، قالت وزارة الدفاع يوم الجمعة إنه تمت الموافقة على مبيعات عسكرية بقيمة 295 مليون دولار.
حث بيان لوزارة الخارجية الصينية الولايات المتحدة على وقف تسليح تايوان ووقف ما أسماه “التحركات الخطيرة التي تقوض السلام والاستقرار في مضيق تايوان”.
تهدف المبيعات العسكرية والمساعدة الأمريكية إلى مساعدة تايوان في الدفاع عن نفسها وردع الصين عن شن هجوم.
تأتي المساعدة العسكرية البالغة 571 مليون دولار بالإضافة إلى تفويض بايدن بمبلغ 567 مليون دولار لنفس الأغراض في أواخر سبتمبر. تشمل المبيعات العسكرية 265 مليون دولار لنحو 300 نظام راديو تكتيكي و30 مليون دولار لـ 16 حامل مدفع.
ورحبت وزارة الخارجية التايوانية بالموافقة على عملية البيع، وقالت في منشور على منصة X إنها أكدت من جديد “التزام الحكومة الأمريكية بدفاعنا”.
في أكتوبر/تشرين الأول، وافقت الولايات المتحدة على مبيعات أسلحة بقيمة 2 مليار دولار إلى تايوان، بما في ذلك التسليم لأول مرة لنظام دفاع صاروخي أرض-جو متقدم، مما أثار انتقادات من الصين أيضًا بينما ردت بكين بتدريبات حربية حول تايوان.
وطالبت تايوان في وقت سابق من هذا الشهر الصين بإنهاء أنشطتها العسكرية المستمرة في المياه القريبة، والتي قالت إنها تقوض السلام والاستقرار وتعطل الشحن والتجارة الدولية.
وقال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إنه لن يلتزم بالدفاع عن تايوان إذا غزتها الصين خلال رئاسته.
وقال ترامب أيضًا إن تايوان يجب أن تدفع للولايات المتحدة للدفاع عنها ضد الصين، مشبهًا العلاقة بالتأمين.
وتنفق تايوان حوالي 2.5٪ من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع.