منذ بدء الحرب في أوكرانيا، عاد مصطلح الحرب الباردة إلى الواجهة، لكن هذه المرة لا يتعلق الأمر بصراع الولايات المتحدة مع روسيا، وإنما بينها وبين الصين التي يرى الأميركيون أنها تهدد مصالحهم، خاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

واستعرض الفيلم الوثائقي -الذي بثته قناة الجزيرة مساء الجمعة- محطات الصراع بين الولايات المتحدة والصين، وهو صراع يدور على الجبهات العسكرية والتقنية والدبلوماسية والتجارية والأيديولوجية.

ويثير التطور العسكري للصين خلال السنوات الأخيرة قلق الولايات المتحدة، مما جعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يطلق العنان خلال فترة حكمه لحرب تجارية لزعزعة الصين واقتصادها.

ووقفت شركة "هواوي"، عملاق الاقتصاد الصيني، في قلب الصراع بين البلدين، حيث اتهمتها واشنطن بالتجسس الصناعي، وفرضت عليها عقوبات فورية، كما رفضت واشنطن السماح بمشاركتها في نشر شبكة الجيل الخامس الأميركية، وأمرت السلطات الأميركية باحتجاز واعتقال المديرة المالية لشركة "هواوي" مانغ وانتشو، وهي ابنة مؤسس المجموعة.

وبالإضافة إلى طموحها في أن تصبح لاعبا رئيسيا على الساحة الدولية، تتطلع الصين إلى إنشاء نظام جديد للعلاقات الدولية، بهدف تحويل مركز السياسة الدولية من المحيط الأطلسي إلى أوراسيا. وفي هذا السياق جاء مشروع طريق الحرير الجديد، أكبر مشروع للبنية التحتية في تاريخ البشرية، والذي استثمرت فيه بكين ما يصل تريليون دولار على شكل قروض للدول النامية.

وحسب السفير الفرنسي لدى الصين (2017ـ2019) جان موريس ريبير، فإن طريق الحرير الجديد يتضمن في جوهره إنشاء تدريجيا لنظام عالمي بديل.

ويظهر الفيلم الوثائقي، الذي يحمل عنوان "الحرب الباردة الجديدة"، كيف أن الصين ركزت اهتمامها خلال السنوات الأخيرة على القوات البحرية، إذ باتت تمتلك صناعة أسلحة فعالة لتصنيع سفنها الحربية الخاصة، وتقوم ببناء قوة بحرية كاملة ومكتفية ذاتيا. كما تمتلك البحرية الصينية حاليا 350 سفينة حربية مقابل 293 سفينة فقط للبحرية الأميركية.

كما ارتفع الإنفاق العسكري للصين من 14 مليار دولار إلى 290 مليار دولار في السنوات الـ25 الأخيرة، نصفها ينفق على البحرية.

ووصف قائد منطقة آسيا والمحيط الهادي (2020-2022) جان ماثيوري البحرية الصينية بأنها إحدى أكبر قوتين بحريتين في العالم.

تايوان في قلب الصراع

وإلى جانب اهتمامها بالبحرية، واضبت الصين منذ عام 1964 على تحديث منشآتها النووية، مما يعني أنها رسخت وجودها النووي بشكل جيد وحقيقي بين القوى النووية العظمى، وتبلغ ترسانتها 350 رأسا نوويا، كما أكد جان بيير كابستان، وهو أستاذ فخري في جامعة هونغ كونغ المعمدانية.

وحسب ما جاء في الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة، فقد اعتمد الأميركيون -في مواجهة الجيش الصيني الذي يتعاظم تسليحه بسرعة- على شبكة من القواعد العسكرية في المحيطين الهندي والهادي، تقع معظمها في اليابان وكوريا الجنوبية وجزيرة غوام، وتم نشر 375 ألف جندي ومدني في جميع أنحاء الساحل الصيني.

وفي المقابل، عكفت بكين على الهروب من الطوق الأميركي عبر ضم جزر في بحر جنوب الصين، وهو البحر الذي تزعم أنها تملك 80% منه.

غير أن نفوذ الصين في المنطقة يصطدم بعقبة جزيرة تايوان، التي تمثل ضرورة إستراتيجية لواشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وقامت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي بزيارتها في أغسطس/آب 2022، مما أثار غضب بكين.

وبينما لم يستعبد الرئيس الصيني شي جين بينغ في تصريحات سابقة له احتمال نشوب صراع بين بلاده والولايات المتحدة بسبب تايوان، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته طوكيو في مايو/أيار 2022 أن بلاده مستعدة للتدخل العسكري للدفاع عن تايوان، إذا تطلب الأمر.

وفي إطار "الحرب الباردة الجديدة" بين واشنطن وبكين، عززت الولايات المتحدة تحالفاتها في المنطقة وخاصة مع البريطانيين والأستراليين، من خلال التحالف العسكري "أوكوس" الموقع عام 2021، وهو التحالف الذي علقت عليه الصين على لسان وزير خارجيتها وانغ يي بالقول إن "الغرض الحقيقي لإستراتيجية أميركا في منطقة المحيطين الهندي والهادي هو إنشاء نسخة من حلف شمال الأطلسي (ناتو) فيها بهدف الحفاظ على هيمنتها".

وعلى الصعيد العملي، توجهت بكين نحو روسيا التي تشاركها نفورها من الولايات المتحدة، وأعلن رئيسا البلدين شي جين بينغ وفلاديمير بوتين عن تحالف إستراتيجي بين بلديها في الرابع من فبراير/شباط 2022.

وإذا كانت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي لم تشهد مواجهة وتم تجنب خطر حرب عالمية ثالثة، فإن السيناريو ذاته لا يبدو مؤكدا في حالة بكين وواشنطن، لأن العالم قد تغير وبات عصيا على التوقعات، كما جاء في الفيلم الوثائقي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الفیلم الوثائقی الحرب الباردة

إقرأ أيضاً:

واشنطن: نركز على إنهاء الحروب خلال اجتماع زعماء العالم بالأمم المتحدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قالت ليندا توماس جرينفيلد المبعوثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة إن تركيز واشنطن خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل سينصب على إنهاء الحروب وإعادة تنشيط نظام المساعدات وإنشاء نظام عالمي أكثر شمولا وفعالية.

وأضافت المبعوثة الأمريكية للصحفيين قبل اجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة أنه بينما نعمل على إسكات أصوات الأسلحة، فيجب مضاعفة الجهود لمعالجة الأزمات الإنسانية.

وقالت: "يخاطر موظفو الإغاثة بحياتهم من أجل إنقاذ حياة الآخرين. ولكن ما نسمعه مرارا وتكرارا هو أن العاملين في هذا المجال الإنساني لا يملكون الموارد ولا يتمتعون بالحماية ولا يسمح لهم بدخول (المواقع) للقيام بعملهم".

ومن المقرر أن يتوجه أكثر من 130 رئيس دولة وحكومة إلى نيويورك لإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضوا، بعد أسبوع من ثاني محاولة اغتيال في الولايات المتحدة للمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة والهند تعقدان اجتماعًا وزاريًا للشراكة الاستراتيجية حول الطاقة النظيفة
  • واشنطن: نركز على إنهاء الحروب خلال اجتماع زعماء العالم بالأمم المتحدة
  • الولايات المتحدة تعلن اكتمال انسحابها من النيجر
  • واشنطن: الولايات المتحدة ليست مستعدة لرفع القيود المفروضة على أوكرانيا
  • توكل كرمان من واشنطن تطالب إصلاحات في مجلس الأمن فيما يتعلق بحق الفيتو الذي يمنح 5 أعضاء التحكم المطلق بالشعوب
  • عاجل. الرئيس الإيراني: لا عداء مع الولايات المتحدة لكننا لسنا الطرف الذي يقوم بتهديد الآخر وفرض العقوبات
  • القيادة تهنئ رئيس الولايات المتحدة المكسيكية وحاكم عام بابوا غينيا الجديدة بذكريَي استقلال بلادهما
  • الولايات المتحدة تؤكد دعمها لديمقراطية السودان وتندد بالقتال المستمر
  • واشنطن تتعهد بمواجهة «دعاة الحرب» ودعم الانتقال المدني في السودان
  • هل تنتهي الحرب بنهاية العام كما توقّع قادة سودانيون؟