سر الاستماتة في الدفاع عن الفاشر ورمزية المدينة لكل الأطراف
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
سر الاستماتة في الدفاع عن الفاشر ورمزية المدينة لكل الأطراف
تعد مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، واحدة من أكثر المدن السودانية أهمية في سياق الصراع المستمر بين القوات المسلحة السودانية وقوات "الدعم السريع". منذ بداية الحصار العسكري المفروض عليها في مايو الماضي، حظيت المدينة باهتمام دولي كبير، وصدرت عدة تحذيرات من جهات أممية وإقليمية حول العواقب الوخيمة لسقوطها.
الموقع الجيوسياسي والاقتصادي
تتمتع الفاشر بموقع استراتيجي بالغ الأهمية، فهي تربط شمال دارفور بجميع الولايات السودانية الكبرى، بما في ذلك العاصمة الخرطوم. إضافةً إلى ذلك، تقع المدينة قرب الطريق التجاري الذي يربط السودان بليبيا عبر مليط والكفرة، مما يعزز من أهميتها كمعبر حيوي للتجارة والنقل. تاريخياً، كانت الفاشر عاصمة سلطنة دارفور في القرن الثامن عشر، وما زالت تلعب دورًا محوريًا في التبادل التجاري والثقافي في المنطقة. لذا، فإن السيطرة على الفاشر تعني السيطرة على شريان الحياة الاقتصادي والإستراتيجي في دارفور.
معقل الجيش السوداني
تعتبر الفاشر المعقل الأخير للقوات المسلحة السودانية وحلفائها من الحركات المسلحة. في ظل تصاعد العمليات العسكرية، تسعى قوات "الدعم السريع" إلى السيطرة على المدينة لتأمين نفوذها على الإقليم. يمثل سقوط الفاشر نقطة تحول حاسمة، إذ قد يعني انتقال السيطرة الكاملة لقوات "الدعم السريع"، وبالتالي تعزيز موقعها العسكري والسياسي على الساحة السودانية.
البعد الإنساني
تعيش في الفاشر مجموعة كبيرة من النازحين، مما يجعل المدينة محورًا للمساعدات الإنسانية. إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 800 ألف نسمة تحت رحمة الأوضاع العسكرية الحالية. سقوط المدينة يعني كارثة إنسانية مروعة، وستكون العواقب أكثر مأساوية في ظل تدمير البنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات، وغياب الأمن.
الرمزية الثقافية والعرقية
تحمل الفاشر رمزية قوية في وجدان أبناء المنطقة، خصوصًا من القبائل الأفريقية مثل الزغاوة والمساليت والفور. تاريخ المدينة وعمقها الثقافي يجعلها مركزًا لتمثيل الهوية الأفريقية في دارفور. لذا، فإن الدفاع عنها يمثل أيضًا دفاعًا عن هذه الهوية والوجود الثقافي.
التفاعلات الإقليمية والدولية
إن الفاشر ليست مجرد مدينة داخل السودان، بل لها تأثيرات إقليمية تتجاوز حدودها. تدهور الأوضاع فيها قد يؤدي إلى تصاعد التوترات العرقية في تشاد، مما قد يسفر عن تداعيات على الاستقرار في المنطقة بأسرها. لذلك، نجد أن الأطراف الدولية تتدخل بشكل متزايد، مع تحذيرات من نتائج سقوط المدينة على الأمن الإقليمي.
إن الفاشر، بحكم موقعها الجغرافي، تاريخها الثقافي، وضغوطها الإنسانية، تمثل بؤرة الصراع السوداني الحالي. الدفاع عنها هو دفاع عن الهوية، وعن حقوق المدنيين، وعن الاستقرار الإقليمي. أي تحول في مصير الفاشر سيؤدي إلى تغيير جذري في توازن القوى داخل السودان، وسيكون له تداعياته على المستوى الإقليمي والدولي، مما يجعل الاستماتة في الدفاع عنها أمرًا حيويًا لكل الأطراف المعنية
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: لکل الأطراف الدفاع عن
إقرأ أيضاً:
مثلما انتقل الجيش في ولايات الوسط من الدفاع للهجوم دارفور الآن تشهد نفس التحول
دارفور أصبحت غير آمنة بالنسبة للمليشيا، شمالها على الأقل. القوات المشتركة يمكن أن تتحرك وتضرب أي موقع توجد فيه قوات للمليشيا كما يمكنها اعتراض الإمداد القادم عبر الحدود مثلما حدث قبل أسابيع مع القافلة التي ضمن مرتزقة من كولومبيا.
لن تتوقف القوات المشتركة عند منطقة الزرق وستهاجم مناطق أخرى بكل تأكيد.
مثلما انتقل الجيش في ولايات الوسط من الدفاع للهجوم دارفور الآن تشهد نفس التحول.
حليم عباس