تراثنا ,,, وتأصيل ثقافة العنف
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
المغيرة التجاني علي
mugheira88@gmail.com
يحفل تراثنا الشعبي السوداني بالكثير من النماذج والصور في ثقافته الروحية المتضمنة القصص و الحكاوي و الشعر و الأهازيج التي تكرس لتأصيل ثقافة العنف و الاقتتال و الموت .و لعل هذا التناحر والاقتتال و الحروب التي ظلت تقوم وتشتعل كل مرة حتي لم ينجأ منها جزء من السودان و وصلت الي قلبه الخرطوم .
و التأريخ الحديث للدولة السودانية لم تدون في سجلاته حروبا خارجية كثيرة غير الغزو التركي للبلاد ثم بعض حروب الدولة المهدية و معركة كرري ضد المحتل . البريطاني و كان كل ما يدور من هجمات و قومات و غزوات و حروب موجه ضد جماعات سودانية , قبلية او جهوية .
و لنقرأ معا أمثلة مثل قول شاعر الدوبيت ( فوق لقي فوق عدم دائما بنكرم ضيفنا * و فوق ضهر العدو دائما مجرق سيفنا ) فالشاعر يقفز من تمجيد كرم قومه مباشرة الي قدرتهم علي تجريب حدة سيوفهم علي رقاب الأعداء. أما الشاعرة زينب بنت عبد الرحمن فتمجد اخاها وتغني ( يدخل فوق بكانن حرابوا متشابكات * جاء مرهون علي جفونو الدمي سايلات ) فتمجيد الغارات وتشتيت الشمل محفوظ في التراث الشعبي بما لا تخطئه العين .
و للنساء نصيب وافر في هذا التراث و بمثل ما يمجدن في رسائلهن مكارم الأخلاق فتحتشد ايضا مفرداتهن بالكثير من ما يثير النعرات القبلية و العرقية .
مثل ( أنا غنيت بجر قولو و دا التلب الهلك زولو ) و قول اخري ( غنييلو يا أم رشوم * دابي الروم شرابو سموم ) وقالت أخت مختار ود رحمة في شكر أخيها ( جدك يغفر السيئة * و خالف للرجال كية ) فالأخ و ابن العشيرة عندها هو التمساح ( الدود ) ( أب كريق في اللجج * اتسدر حبس الفجج ) وهو( أخوي الحسن دوم بغني ليه * تمساح جلقني و زي الشرار عيني ) و و تقصد الحسن ود ابضبعه. وغنت بت مسيمس (تورك يا أم رشوم في الحلق عشرق * دقيت الجسر و حاجر مشارع الحق ) و قالت أخري (غني و شكري الليلة يا بنية * تمساح ابكريق الحجر اللية ) و قالت أخري ( التلب العرك زولو * ما تري الخصيم قصر طولو ) و شبهن ايضا اخوانهن بالأسود الضارية و التي وردت كثيرا بمفردة ( الدود ) والدود يرمز به للأسد. كما قالت أخت الفارس ود حبوبة ( بتدور اللطام أسد الكداد الزام ) و قالت ايضا (الأسد النتر بي جيهة الأبقار * لمولوا لأورط شايلين سلاح النار ) وورد ( الأسد الجاي من جبال الفيل , و أسد جبال الكر ,, و اسد بيشه)
وفي اغنية التراث الشهيرة ( حبس الدرب * قالوا الدود قرقر ). كما جاء في قول شاعر شرق النيل البطحاني ( ديدان لجة الموج البياكلو الناس ) . و شبه الفارس أيضاً , ولشدة مراسه و صعوبة الاغتراب منه بالجدري و جاء في التراث ( يا جدري النزيلة * البفرشولو البيت ) و ( و يا جدري الشمومه الزول تشقو عديل ) .
و التفاخر بالحسب و النسب و القبيلة موفور ايضا في تراثنا الشعبي و من أمثلته قول الميرفابية ( عرش متل ابوك يا دود * و أحسب لي تمانية جدود ) وقالت ( يا الماسك الدريب طلش * و ديل ناس رحمة لا تنغش) و المقصود واضح في فخرها بعشيرتها و رجالها .وقالت الأخري ( منسول من أبوك ماك ود حرام * بتريد اللطام أسد الكداد الزام ) وكانت النساء يتحدين الرجال بالنزول بدلا عنهم للمعارك كما قالت شاعرة الشايقية تستفز قومها ( أكان فريتم يا رفاقتنا * أدونا الدرق هاكم رحاطتنا ) و الرحاطة رداء تلبسه النساء سترة لهن . و الشاعر النعيسان رقما عن عجزه و قلة حيلته فقد شجع ابن عمه الملك ادريس علي مواجهة فوارس الفونج: ( ادريس ابوي ما صنع الضمر بالرق * أدريس مدفع الترك الذخيرته تبق * شمر يا ولد ولي نحاسك دق * قدر الله بيطيح حتي ان بقيت في حق ) أي و حتي ان كنت محصنا في حق , و الحق وعاء لحفظ الشياء الثمينة . أما شغبة المرغمابية فقد أنكرت علي ابنها أمومتها له حين ركن الي القعود و التخلي عن القتال مع قومه و التزامه حفظ القرآن و الابتعاد عن غي النساء , أي حبهن و التودد اليهن . قالت :
يا حسين ماني أمك و انت ما ولدي
بطنك كرشت غي البنات مابي
دقنك حمست جلدك خرش مافي
لا يوم شلت درقة و قلنا ما بتجي
لا يوم انضرب بالسيف نكمد في
*
متين يا حسين اشوف لوحك معلق
متين يا ولدي تبعت الناس مرفق
متين يا حسين تصارع في الجررق
كر يا يمه لاك مكتول و لا يوم مفلق
و التراث الشعبي السوداني حافل بالعديد من هذه النماذج والصور التي أصلت لثقافة العنف و الاقتتال و الحروب في بلادنا
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
نهيان بن مبارك يكرم غدا الفائزين بمسابقة ” تراثنا في كلمات”
يكرم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس إدارة صندوق الوطن، غدا الخميس، الفائزين بالنسخة الأولى من مسابقة “تراثنا في كلمات” لأعضاء أندية الهوية الوطنية بالمدارس والجامعات الإماراتية، وذلك خلال الحفل الذي ينظمه الصندوق في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في أبوظبي.
ويتم تكريم المتميزين من أبناء وبنات الإمارات في فروع المسابقة المختلفة، ولاسيما في الأدب والقصة والشعر، وإدارة الأعمال، التي تبرز مواهب وقدرات شباب هذا الوطن، وتبلور شعار صندوق الوطن، “هوية وطنية قوية ومستدامة.. دعائمها التمكين والإنتاجية والمسؤولية”.
ويشهد معاليه توقيع اتفاقية تعاون بين صندوق الوطن وجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وجانبا من جلسات أندية الهوية الوطنية بالمدارس والجامعات، لتعزيز قدرات كافة أبناء وبنات الإمارات وإعدادهم ليكونوا “رواد الهوية الوطنية”.
وقال سعادة ياسر القرقاوي مدير عام صندوق الوطن، إن معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وجه بإطلاق النسخة الأولى من مسابقة “تراثنا في كلمات” مع بداية العام الدراسي بالمداس والجامعات، لتحفيز الطلبة والطالبات واكتشاف مواهبهم وتعزيز قيم الهوية الوطنية في نفوسهم، مؤكدا أن كم المشاركات التي تقدمت للمسابقة في مختلف فروعها القصة القصيرة، وقصص الأطفال، والشعر العربي والفصيح والمقال، تدل على نجاح التجربة وهو ما يشجع صندوق الوطن على تكرراها بشكل دوري.
وأضاف أن المسابقة التي تم إطلاقها لأعضاء أندية الهوية الوطنية في المدارس والجامعات الإماراتية، وبمشاركة عدد كبير من الطلبة في فروعها المختلفة، تعد منصة متميزة لتعزيز روح الإبداع والابتكار لدى شباب الوطن، حيث أظهرت المشاركات مواهب وقدرات متميزة جسدت التزام شباب وشابات الإمارات بالحفاظ على التراث الوطني، وتطويره بروح عصرية تتماشى مع التطلعات المستقبلية للوطن.
وأكد القرقاوي أن المسابقة تأتي في إطار رؤية صندوق الوطن لترسيخ هوية وطنية قوية ومستدامة، تستند إلى دعائم التمكين، والإنتاجية، والمسؤولية، مشيدًا بالإبداعات التي قدمها المشاركون، والتي تعكس التزام الجيل الشاب بقيم وتقاليد المجتمع الإماراتي، ومساهمتهم في إثراء المشهد الثقافي الوطني، مشيرا إلى أن المسابقة تسعى إلى تحفيز الأجيال الشابة لاستلهام القيم الوطنية والتراثية وتجسيدها في أعمال إبداعية تسهم في تعزيز الولاء والانتماء للوطن.
وأضاف أن الاحتفالية ستشهد كذلك جلسات أندية الهوية الوطنية، والتي شارك فيها المشرفون إلى جانب طلاب المدارس والجامعات الإماراتية، بهدف تعزيز قدراتهم وتأهيلهم ليصبحوا “رواد الهوية الوطنية”، وستتناول عددًا من المحاور التي تركز على الخطط المستقبلية لهذه الأندية لتعزيز الهوية الوطنية، ودراسة عناصرها التي تتجلى في القيم الإسلامية واللغة العربية وقيم الانتماء للوطن والولاء للقيادة الرشيدة، وتعزيز قيم التسامح والتعايش أيضا، كمبادئ أساسية لهوية دولة الإمارات.
وأكد أن الشباب هم الثروة الحقيقية للوطن، مشيرًا إلى أهمية توفير المزيد من الفرص لإبراز قدراتهم وتنمية إبداعاتهم، بما ينسجم مع رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات.