سودانايل:
2024-09-20@10:53:36 GMT

تراثنا ,,, وتأصيل ثقافة العنف

تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT

المغيرة التجاني علي

mugheira88@gmail.com

يحفل تراثنا الشعبي السوداني بالكثير من النماذج والصور في ثقافته الروحية المتضمنة القصص و الحكاوي و الشعر و الأهازيج التي تكرس لتأصيل ثقافة العنف و الاقتتال و الموت .و لعل هذا التناحر والاقتتال و الحروب التي ظلت تقوم وتشتعل كل مرة حتي لم ينجأ منها جزء من السودان و وصلت الي قلبه الخرطوم .

و هذه الحروب الكثيرة و في شتي صورها و أزمنتها لم تكن الا نتيجة لذلك الموروث المشحون بالتغني بالموت وطلب النزال وتكسير الرقاب و الاحتفاء بالصدور الموشحة بالدمي و التشجيع علي علي الحرب و القتال حتي في داخل المجموعة البشرية الواحدة و التي تنحدر من اثنية واحدة و تتشارك الموطن نفسه مكان الدواس .
و التأريخ الحديث للدولة السودانية لم تدون في سجلاته حروبا خارجية كثيرة غير الغزو التركي للبلاد ثم بعض حروب الدولة المهدية و معركة كرري ضد المحتل . البريطاني و كان كل ما يدور من هجمات و قومات و غزوات و حروب موجه ضد جماعات سودانية , قبلية او جهوية .
و لنقرأ معا أمثلة مثل قول شاعر الدوبيت ( فوق لقي فوق عدم دائما بنكرم ضيفنا * و فوق ضهر العدو دائما مجرق سيفنا ) فالشاعر يقفز من تمجيد كرم قومه مباشرة الي قدرتهم علي تجريب حدة سيوفهم علي رقاب الأعداء. أما الشاعرة زينب بنت عبد الرحمن فتمجد اخاها وتغني ( يدخل فوق بكانن حرابوا متشابكات * جاء مرهون علي جفونو الدمي سايلات ) فتمجيد الغارات وتشتيت الشمل محفوظ في التراث الشعبي بما لا تخطئه العين .
و للنساء نصيب وافر في هذا التراث و بمثل ما يمجدن في رسائلهن مكارم الأخلاق فتحتشد ايضا مفرداتهن بالكثير من ما يثير النعرات القبلية و العرقية .

مثل ( أنا غنيت بجر قولو و دا التلب الهلك زولو ) و قول اخري ( غنييلو يا أم رشوم * دابي الروم شرابو سموم ) وقالت أخت مختار ود رحمة في شكر أخيها ( جدك يغفر السيئة * و خالف للرجال كية ) فالأخ و ابن العشيرة عندها هو التمساح ( الدود ) ( أب كريق في اللجج * اتسدر حبس الفجج ) وهو( أخوي الحسن دوم بغني ليه * تمساح جلقني و زي الشرار عيني ) و و تقصد الحسن ود ابضبعه. وغنت بت مسيمس (تورك يا أم رشوم في الحلق عشرق * دقيت الجسر و حاجر مشارع الحق ) و قالت أخري (غني و شكري الليلة يا بنية * تمساح ابكريق الحجر اللية ) و قالت أخري ( التلب العرك زولو * ما تري الخصيم قصر طولو ) و شبهن ايضا اخوانهن بالأسود الضارية و التي وردت كثيرا بمفردة ( الدود ) والدود يرمز به للأسد. كما قالت أخت الفارس ود حبوبة ( بتدور اللطام أسد الكداد الزام ) و قالت ايضا (الأسد النتر بي جيهة الأبقار * لمولوا لأورط شايلين سلاح النار ) وورد ( الأسد الجاي من جبال الفيل , و أسد جبال الكر ,, و اسد بيشه)

وفي اغنية التراث الشهيرة ( حبس الدرب * قالوا الدود قرقر ). كما جاء في قول شاعر شرق النيل البطحاني ( ديدان لجة الموج البياكلو الناس ) . و شبه الفارس أيضاً , ولشدة مراسه و صعوبة الاغتراب منه بالجدري و جاء في التراث ( يا جدري النزيلة * البفرشولو البيت ) و ( و يا جدري الشمومه الزول تشقو عديل ) .

و التفاخر بالحسب و النسب و القبيلة موفور ايضا في تراثنا الشعبي و من أمثلته قول الميرفابية ( عرش متل ابوك يا دود * و أحسب لي تمانية جدود ) وقالت ( يا الماسك الدريب طلش * و ديل ناس رحمة لا تنغش) و المقصود واضح في فخرها بعشيرتها و رجالها .وقالت الأخري ( منسول من أبوك ماك ود حرام * بتريد اللطام أسد الكداد الزام ) وكانت النساء يتحدين الرجال بالنزول بدلا عنهم للمعارك كما قالت شاعرة الشايقية تستفز قومها ( أكان فريتم يا رفاقتنا * أدونا الدرق هاكم رحاطتنا ) و الرحاطة رداء تلبسه النساء سترة لهن . و الشاعر النعيسان رقما عن عجزه و قلة حيلته فقد شجع ابن عمه الملك ادريس علي مواجهة فوارس الفونج: ( ادريس ابوي ما صنع الضمر بالرق * أدريس مدفع الترك الذخيرته تبق * شمر يا ولد ولي نحاسك دق * قدر الله بيطيح حتي ان بقيت في حق ) أي و حتي ان كنت محصنا في حق , و الحق وعاء لحفظ الشياء الثمينة . أما شغبة المرغمابية فقد أنكرت علي ابنها أمومتها له حين ركن الي القعود و التخلي عن القتال مع قومه و التزامه حفظ القرآن و الابتعاد عن غي النساء , أي حبهن و التودد اليهن . قالت :

يا حسين ماني أمك و انت ما ولدي
بطنك كرشت غي البنات مابي
دقنك حمست جلدك خرش مافي
لا يوم شلت درقة و قلنا ما بتجي
لا يوم انضرب بالسيف نكمد في
*
متين يا حسين اشوف لوحك معلق
متين يا ولدي تبعت الناس مرفق
متين يا حسين تصارع في الجررق
كر يا يمه لاك مكتول و لا يوم مفلق

و التراث الشعبي السوداني حافل بالعديد من هذه النماذج والصور التي أصلت لثقافة العنف و الاقتتال و الحروب في بلادنا

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

جدل زيارة الأضرحة في المغرب.. بين التقليد الشعبي ودعوات التحريم

أخبارنا المغربية - بدر هيكل

يعتبر المغرب من أكثر الدول العربية والإسلامية احتضانا للأضرحة، ولا تكاد تخلو قرية أو مدينة من ضريح، وبلغت زيارة الأولياء والتبرك بهم درجة كبيرة من الانتشار في المجتمع المغربي حتى قيل عنه أن أرضه تنبت الصالحين والأولياء كما تنبت الأرض الكلأ (النبات).

بين ضريح وضريح يوجد ضريح

في تصريح للدكتور إدريس الكنبوري، الخبير في الشأن الديني : "المغرب معروف بأنه بلد الأولياء والصالحين، وأن الأسر التي حكمت المغرب كلها كان لديها امتداد في النسب الشريف وانتماء إلى زوايا أو عائلات صوفية".

فمنذ القدم، يتداول المغاربة مقولة أن المغرب بلد الأولياء والمشرق بلد الأنبياء. ويكمن سّر هذه المقولة في ما أشار إليه الباحث المغربي عبد الغني منديب، في كتابه "الأضرحة بالمجتمع القروي: آليات الوجود والاستمرار"، بأنّ المغرب يتميّز بتبجيله أكبر عدد من الأولياء حتى استحق لقب بلد المئة ألف ولي.

وعندما ردد المغاربة مقولة أنه “بين كل ضريحين يوجد ضريح في المغرب"، فذلك ليس مبالغة أو تهويلاً، لكنها على أية حال تعبر عن وفرة أعداد الأضرحة في بلد يُعرف بكونه “بلد الأولياء”، إذ يصل عددها الى 7000 ضريحاً وزاوية، وفق آخر معطيات لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية.

ويواصل المغرب العناية بالأضرحة والزوايا، من خلال تخصيص ميزانيات مالية كبيرة لها كل سنة، سواء من ميزانية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أو عبر هبات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إذ عدى الإنفاق عليها خلال السنة الماضية 146 مليون درهم مغربي، من أجل تجديدها وترميمها والمساعدة في أداء مهامها الدينية.

الاضرحة وحلم قضاء الحاجات

في وقت سابق، اعتبر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أن المغاربة كانوا يبحثون دائماً عن نماذج إنسانية وبشرية استثنائية من حيث القيم، ويقيمون لها ضريحاً بعد الوفاة.

كما أكد الوزير أن الأضرحة الموجودة في المغرب تندرج ضمن أولويات الوزارة من حيث الحفاظ عليها وترميمها، لكن الأمر يأتي في المرتبة الثانية بعد المساجد، يضيف التوفيق. 

وقد اشتهرت العديد من الأضرحة في المغرب بكونها تحولت إلى مقصدا لآلاف المرضى والراغبين في قضاء حاجيات دنيوية من زواج وخصوبة وولادة وذرية صالحة، أشهرها ضريح الرداد قرب مدينة أزمور، المخصص "لعلاج" النساء العقيمات، وضريح عائشة البحرية المخصص في تزويج العانسات، وفق اعتقادات مرتاداته، وضريح الولي يحيى بن يونس، ثم ضريح بويا عمر الذي أغلقته الحكومة بعد ثبوت ممارسات مخلة بكرامة الإنسان، لمرضى عقليين داخله.

وفي ذات الوقت الذي يرتجي كثيرون من زياراتهم تحقق غاياتهم وأمانيهم، يبدو أن البعض استشعر أن "الاموات" لا يحققون الأماني، وهكذا أقدمت امرأة مغربية، على إضرام النيران، في واحد من أشهر الأضرحة في المغرب، في حادثة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وجاء إِشعال النيران في الضريح بعد تردد المرأة عليه لفترة طويلة، إلا أن السيدة "يئست بعد ذلك من تحقيق أمانيها من قبل والي الضريح" حسب إفادتها في تحقيقات الشرطة عقب إلقاء القبض عليها.

 استمرار التدين الشعبي

تتفق شهادات عدد من المواطنين على أنّ زيارة الأضرحة هي شرك بالله، في الوقت الذي يبرر عدد منهم زيارته لها بـالتبرك، رغم ما عرفه المجتمع المغربي من تحولات وتطورات.

 وكان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، صرح في سياق متصل، بأن زيارة الأضرحة ليست شركا بالله، مضيفا أن المدفونين في هذه الأضرحة كان لهم منافع على الناس ولذلك يقول المغاربة “قراب لله وكنترجو براكتهم”.

وأضاف التوفيق أن الغزو السلفي المعقد للمغرب، كان يحارب الأضرحة، مضيفا أن المغاربة مهتمون بالأضرحة لأن المدفونين فيها “تميزوا بصفات في خدمة الناس والجماعة، وكانوا يحرصون على الأمن وأمور أخرى”.

والى جانب تصريحات وزير الاوقاف، هناك بالفعل جدل حول هذه المعتقدات والممارسات المرتبطة بها من الناحية الدينية، تقول الأستاذة ليلى عسراوي باحثة في علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس، "إذ أن هناك بالفعل بعض الفقهاء الرافضين لهذه الظاهرة، الذين يرون فيها مجرد بدع لا تمت بأية صلة" للإسلام الصحيح"، وعليه ينبغي منعها وتحريمها. في حين يرى فيها آخرون جزء من التصوف المغربي الذي يمكن اعتباره تراثا لا ماديا". وهو النقاش الذي يستمر ويبرز مع كل مناسبة وموسم رغم ما يعرفه المغرب من تحولات وتطورات.

هذا، ويؤكد هشام عميري، الباحث بجامعة أبي شعيب الدكالي، في دراسة نشرت ضمن ”مجلة العلوم السياسية والقانون”، على أن التحولات التي عرفها المغرب لم تحد من هذه الظاهرة، ذلك أن “التدين الشعبي لدى الشباب والإيمان بمعتقدات عديدة لا يزال مستمرا.. وأن التطور السياسي والاجتماعي والرقمي الذي يعرفه المغرب لم يحد من ظاهرة استمرارية ثقافة الأضرحة، التي ربطها بالترويج الإعلامي والتنشئة الأسرية”.

مقالات مشابهة

  • جهاز تنمية المشروعات: مفاجآت في النسخة السادسة من معرض «تراثنا»
  • أحزمة نارية من لبنان ايضا
  • نائب برلماني مقرب من الحوثيين يحذر من ”الانفجار الشعبي” ضد المليشيات
  • خالد الجندي يكشف سر المثل الشعبي "طلع من المولد بلا حمص".. فيديو
  • مقتل منتسبين اثنين بالحشد الشعبي واعتقال 11 متهماً بقضايا مختلفة
  • الجيش الوطني الشعبي يقدم يد العون لمواطني بشار
  • جدل زيارة الأضرحة في المغرب.. بين التقليد الشعبي ودعوات التحريم
  • بيع الحشيش بالحي الشعبي.. القبض على إمبراطور الكيف بالمرج
  • البرلمان يُنهي تقرير ومناقشة مشروع قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي