حذر خبراء من تأثير تغير المناخ على العواصف والفيضانات، وعزوا كميات الأمطار الغزيرة، التي تضرب النمسا ودول أوروبية أخرى حاليا، إلى التغير المناخي، لافتين إلى أنها أصبحت أكثر تواترا وكثافة، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، ومحذرين من حدوث عواقب أكثر خطورة في المستقبل.

وتجمع أبحاث المناخ على أن هطول الأمطار الغزيرة، زاد بشكل ملحوظ في معظم المناطق القارية، لاسيما في أوروبا.

وتؤكد الظروف المناخية شديدة التطرف، التي تعرضت لها النمسا مؤخرا، ضرورة الاهتمام بالتكيف مع تغير المناخ بالتزامن مع الاهتمام بالعمل على تعزيز إجراءات وسياسات حماية المناخ، بعد تكرار تعرض النمسا مؤخرا لعواصف رعدية قوية وهطول أمطار غزيرة وفيضانات، بالتزامن مع تفاقم المعاناة من حدوث ارتفاع كبير في درجات الحرارة في فصل الصيف، لاسيما بعدما شهدت البلاد أسخن فصل صيف في تاريخ قياسات درجات الحرارة منذ 258 عاما.

وسجلت العاصمة فيينا رقما قياسيا جديدا بالنسبة لعدد الأيام الحارة، التي تزيد فيها درجة الحرارة عن 30 درجة مئوية، بلغ 47 يوما حارا.

وأكدت تقارير هيئة الخدمات المناخية ارتفاع متوسط درجة الحرارة السنوية في النمسا بواقع 1.4 درجة مئوية خلال الفترة 1991-2020 مقارنة بالفترة المناخية العادية 1961-1990.

وتعرضت ولايات شرق النمسا لموجة طقس سيئ في الأيام الماضية مصحوبة بهبوب رياح عاصفة، حملت كميات هائلة من الأمطار، أدت إلى حدوث فيضانات مدمرة بسبب خروج المياه من الأنهار والمسطحات المائية في ولاية “النمسا السفلى”، التي أعلنتها الحكومة منطقة كوارث، وسمحت بتدخل جنود الجيش للمساعدة في أعمال الإغاثة والإنقاذ وإخلاء الآلاف من السكان، بسبب هطول الأمطار الغزيرة بشكل مستمر لمدة خمسة أيام.

وأودت كارثة الفيضانات، التي طالت ولايتي “النمسا العليا” و “سالزبورغ” وبعض المناطق في العاصمة فيينا، بحياة العديد من الأشخاص، وارتفع عدد الضحايا بالتزامن مع انحسار مياه الفيضانات إلى 5 أشخاص، غرق أغلبهم في مياهها الجارفة، التي حاصرت المنازل وغمرت الطوابق العليا بارتفاع عدة أمتار، بسبب ارتفاع مستوى مياه الأنهار وانهيار عدد من السدود، إضافة إلى جرفها السيارات وغمرها مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والمراعي والمزارع في ولاية النمسا السفلى، أكبر ولاية نمساوية يعيش فيها نحو مليوني شخص؛ حيث تجاوز الفيضان أعلى مستويات مسجلة منذ نحو 30 عاما في عدة مدن تطل على نهر الدانوب، وسجل مستويات قياسية جديدة في منطقتي “فاينفيرتل”، و”موستفيرتل”، وفقاً لبيانات أجهزة الدفاع المدني.

وتعرضت قوات الدفاع المدني لظروف صعبة أثناء إجلاء السكان بالقوارب من المناطق المتضررة، التي تم قطع التيار الكهربائي عنها، بسبب غمر محطات المحولات بالمياه، ما أدى إلى تعطل عمل شبكات الهواتف الثابتة والمحمولة، بالإضافة إلى قطع حركة المرور على الطرق والسكك الحديدية، كما تجاوز مستوى مياه الفيضانات في بعض مدن النمسا مثل مدينة “فايدهوفن”، مستوى أعلى فيضان مسجل منذ نحو 100 عام، وسجل هطول الأمطار في بعض المناطق أرقاما قياسية بلغت نحو 350 لترا لكل متر مربع.

وفي المقابل نجت ولاية فيينا من كارثة الفيضانات الواسعة، بفضل مشروع جزيرة نهر الدانوب، الذي يحمي العاصمة النمساوية من خطر الفيضانات منذ عام 1987، الذي شهد الانتهاء من إنشاء جزيرة صناعية في النهر، بعرض يصل إلى 300 متر وطول نحو 21 كيلومترا بين مجرى النهر الرئيس والفرع الجديد؛ إذ أوجدت الجزيرة مسطحا مائيا جديدا يستخدم في تنظيم الكتل المائية عبر عدة سدود، لاستيعاب مياه الفيضانات وحماية المدينة.

ولم تتسبب كارثة الفيضانات في حدوث معاناة إنسانية كبيرة فحسب، لكنها أدت أيضا إلى تكبد خسائر فادحة في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، بالإضافة إلى نفوق آلاف الحيوانات البرية، ومنها الأرانب البنية والثعالب والقنافذ والطيور بأنواعها المختلفة.

وعبر معهد أبحاث علوم الحياة البرية عن تخوفه من حدوث تأثيرات كبيرة على حياة الثدييات البرية.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

خبراء يحذرون: حرب غزة تكبد إسرائيل 10% من اقتصادها

تسعى إسرائيل إلى خفض الإنفاق العام بهدف زيادة تمويل الجهد الحربي مع توسع نطاق الحرب لتتجاوز قطاع غزة، وفق الخطط التي قدمها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش حديثا لموازنة 2025.

لكن صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أشارت إلى أن ثمة انتقادات وُجّهت إلى النفقات الزائدة التي يستفيد منها أنصار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتم حمايتها للحفاظ على الائتلاف الحكومي الحالي، في إشارة إلى ما يعرف "بأموال الائتلاف"، وهو الموقف الذي يراه خبراء ماليون بمنزلة تحذير.

وحسب الصحيفة، فإنه مع تقدير نفقات الحرب حتى الآن بما بين 200 و250 مليار شيكل (54 و68 مليار دولار)، تطمح الموازنة إلى تحقيق التوازن بين المسؤولية المالية وضرورة استمرار تمويل الحرب.

وعلى الرغم من التضخم الحالي عند 3.6% والذي يُنظر إليه على أنه مدفوع بعوامل مرتبطة بالحرب على غزة، فإن الموازنة تتوقع عجزا بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، تراجعا من نسبة 6.6% التي تتوقعها الحكومة لعام 2024، وذلك يتطلب 35 مليار شيكل (9.5 مليارات دولار) في تعديلات الإنفاق، ومن ذلك تجميد معدلات الضرائب والمزايا والأجور.

تأثير اقتصادي

ونقلت الصحيفة عن أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية في القدس المحتلة ألون إيزنبرغ قوله إن الحرب لها "تأثير من الدرجة الأولى على الاقتصاد الإسرائيلي، إنها لا تختلف عن حرب الاستقلال الثانية. وبعكس حرب يوم الغفران عام 1973، التي استمرت 3 أسابيع، فإن نهايتها ليست في الأفق".

وقال الأستاذ المساعد المتخصص في التاريخ الاقتصادي والاقتصاد الجزئي التطبيقي في قسم الاقتصاد بالجامعة العبرية ياناي سبيتزر إن الآثار الطويلة الأمد لتكاليف الحرب تنطوي في المقام الأول على خسارة كبيرة للثروة. ومن المرجح أن التكاليف تصل إلى مئات المليارات من الشياكل، أو ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

وأضاف أن هذا يمثل خسارة كبيرة للثروة التي سيتعين دفعها بطريقة أو بأخرى. فأحد التحديات الرئيسة التي تواجهها الحكومة هو تحديد كيفية توزيع هذا العبء على الجمهور الإسرائيلي، سواء في الأمد القريب أو البعيد، مشيرا إلى أنه إذا تم التعامل مع الأزمة بشكل صحيح، فإنه لن يلحق ضرر بالنمو الاقتصادي في الأمد البعيد.

ونقلت جيروزاليم بوست عن تشين هيرتزوغ، كبير الاقتصاديين في شركة "بي دي أو" (BDO) الاستشارية في المحاسبة العامة والضرائب، قوله إن من المهم فهم السياق الاقتصادي الأوسع بما يتجاوز التكلفة المباشرة للحرب البالغة 250 مليار شيكل (68 مليار دولار).

وأضاف "نشهد انكماشا في نصيب الفرد من الناتج المحلي في 2024. تتوقع الحكومة نموا بنسبة 1.1%، لكن مع زيادة عدد السكان 2%، فإن هذا يترجم إلى نمو بنسبة سالب 1% تقريبا للفرد. يتقلص الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الأعمال بشكل أسرع، مع انخفاض يزيد على 5%. زادت الحكومة الإنفاق العسكري الذي يسهم تقنيا في الناتج المحلي الإجمالي، لكن هذا لا يخلق نموا مستداما".

وتابع "نحن بحاجة إلى موازنة لا تتعامل فقط مع التكلفة الاقتصادية المباشرة للحرب لكن أيضا التكاليف غير المباشرة. الاستثمارات آخذة في الانخفاض، والاستثمار الأجنبي المباشر يتراجع، وشهية المستثمرين لتوفير رأس المال لإسرائيل آخذة في الانخفاض، وشركات التصنيف الائتماني تخفض تصنيف الدولة".

وحذر هيرتزوغ من أن إسرائيل تواجه خطر الركود في هذه البيئة الاقتصادية الشاملة.

ومع تقديم موازنة إسرائيل الجديدة، أكد سموتريتش أنه في حين أن زيادة الضرائب ليست مثالية خلال الحرب، فإن الحكومة تخطط لتجميد أجور القطاع العام، ودمج شرائح ضريبة الدخل المنخفضة، وفرض ضرائب على الأرباح المحتجزة للشركات التي كانت معفاة من الضرائب، في محاولة لتجنب زيادة الدين العام.

ترقب

وحسب الصحيفة، فإنه بينما يترقب الإسرائيليون أي جزء من المجتمع سوف يخضع لتخفيضات في المزايا أو زيادة الضرائب في موازنة 2025، فإن نتنياهو وسموتريتش مترددان في خفض بنود الموازنة الواضحة، مثل الإعانات المقدمة للحريديم.

وأضافت أن هذا التردد يثير "مخاوف بشأن التزامهما بالاستقرار المالي في الأمد البعيد، وخاصة مع الحاجة إلى تغطية تكاليف الحرب وزيادة الإنفاق الأمني".

ويتفق هيرتزوغ على أن التحديات أعظم كثيرا من تجنب عجز الحكومة وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، موضحا "قال بنك إسرائيل هذا بالفعل. نحن بحاجة إلى تغيير أولويات كيفية توزيع النفقات والمزايا؛ تحتاج الحكومة إلى إعطاء الأولوية لاستثمارات النمو التي تزيد من المشاركة في قوة العمل. لا نرى هذا في هذه الموازنة، لا تغيير في أولوياتها، يحتاج الاقتصاد إلى تحول كبير لأن إسرائيل اليوم تخاطر بالتضخم والركود".

وقال إن "زيادة الإنفاق العسكري أمر مفروغ منه في هذه اللحظة، لكن السؤال هو: كيف نخفض النفقات غير الضرورية في مجالات أخرى لا تعزز النمو؟ وبصرف النظر عن المخاطر الجيوسياسية والعسكرية، تواجه إسرائيل الآن أيضًا مخاطر اقتصادية. لا تتعلق المرونة الوطنية ببساطة بالقوة العسكرية، بل تتعلق أيضا بالقوة الاقتصادية. وفي ظل الاقتصاد الضعيف، يضعف أمننا القومي أيضًا".

الخدمة العسكرية

وبشأن الخدمة العسكرية، نقلت جيروزاليم بوست عن هيرتزوغ قوله "عند إعفاء مجموعات معينة من الخدمة العسكرية أو عدم مساهمتها اقتصاديا، فإن الأمر يصبح قضية أخلاقية واقتصادية. إن توسيع الخدمة العسكرية لتشمل مجموعات لا تشارك حاليا من شأنه أن يزيد من إنتاجية إسرائيل بمقدار 10 مليارات شيكل (2.7 مليار دولار) سنويا، وإلا فإن تمديد الخدمة الاحتياطية العسكرية لأولئك الذين يخدمون بالفعل قد يكلف الاقتصاد 5 مليارات شيكل إضافية سنويا. ومن الناحية الاقتصادية، أصبح من الضروري أن يسهم الجميع في الخدمة العسكرية من دون تمييز".

مقالات مشابهة

  • «تغير المناخ»: الموجة الحارة تنتهي اليوم في أغلب الأنحاء
  • خبراء يحذرون من تأثير تغير المناخ على العواصف والفيضانات
  • خبراء يحذرون من استخدام ورق الألومنيوم في طهي الطعام
  • “دسمان للسكري” ينشر دراسة حول تأثير العواصف الترابية والحرارة على مرضى السكري
  • تغير المناخ يزيد حجم الجليد في "بوابة الجحيم"
  • النمسا.. ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات إلى 5 أشخاص
  • خبراء يحذرون: حرب غزة تكبد إسرائيل 10% من اقتصادها
  • ارتفاع ضحايا عاصفة بوريس مع أستمرار الفيضانات بأجتياح شرق ووسط أوروبا
  • صور| رغم انحسار الفيضانات.. توتر وحذر في النمسا والتشيك من انهيار السدود