من كان يتوقع عندما أطلقت "حماس" عملية "طوفان الأقصى" قبل سنة إلا نصف شهر تقريبًا أن الحرب الضروس التي شنتّها إسرائيل على قطاع غزة ستدوم طيلة هذا الوقت، ومن كان يتصّور أن ثمن هذه العملية كان باهظًا من حيث النتائج، ومن حيث الأضرار البشرية والحجرية؟ ومن كان يعتقد أن الحرب التي فتحت على لبنان من خلال جبهته الجنوبية ستتحوّل إلى حرب استنزاف، بعدما فتحها "حزب الله" في وجه إسرائيل إسنادًا لفلسطينيي القطاع ولإشغال الجيش الإسرائيلي، الذي لم تشغله الجبهة الجنوبية عن دكّ غزة، ولم يكتفِ بهذا القدر، بل صبّ جام حقده على القرى الجنوبية، التي حوّلها إلى قرى متساوية منازلها مع الأرض وفارغة من سكانها، الذين تهجرّوا، مكرهين، إلى جنوب نهر الليطاني، ولم يكتفِ أيضًا بكل ما تسبّب به من مآسٍ وويلات في الجنوب والبقاع، بل زاد على كل هذا لم يكن يخطر على بال أحد، لأن ما قامت به في اليومين الماضيين في أكثر من منطقة لبنانية، وبالأخصّ في المناطق المنتمية جغرافيًا ودينيًا وسياسيًا لبيئة "حزب الله"، يفوق أي تصّور، حتى أن حروب الماضي الأكثر بشاعة في التاريخ لم تشهد مثيلًا لهكذا نوع من الاجرام ؟
صحيح أن إسرائيل، وبعد عام تقريبًا من حربها المدمّرة على غزة، وحربها الاستنزافية في لبنان، لم تحقّق الأهداف، التي رفعتها حكومتها الحربية بقيادة بنيامين نتنياهو، وصحيح أن مشاكلها الداخلية قد أصبحت لا تُعدّ ولا تُحصى، ولكن الصحيح أيضًا، وهو ما يؤسف له، هو أن قطاع غزة لم يعد صالحًا للسكن، وأن فلسطينييه الذين يبلغ تعدادهم ما يقارب المليونين قد أصبحوا من دون مأوى، ويفتك بهم جوع كافر، بعدما استشهد منهم ما يقارب الخمسين ألفًا.
الخبراء في الشؤون العسكرية يؤكدون في توقعاتهم أن إسرائيل لن تشّن حربًا واسعة وشاملة ضد لبنان، ليس لأنها عاجزة وغير قادرة، بل لأنها لم تستطع أن تُقنع الولايات المتحدة الأميركية بإعطائها الضوء الأخضر. فإذا شنّت حربها الواسعة من دون هذا الضوء تكون كمن يفتح على نفسه أبواب جهنم. ولكن في المقابل لم تستطع واشنطن عبر موفدها آموس هوكشتاين أن تقنع تل أبيب بأن حربها المستمرة ضد غزة وضد لبنان عبر بوابتيه الجنوبية والبقاعية ستُدخل المنطقة بأسرها في دوامة من الفوضى لن تكون نتائجها لمصلحة الدول، التي لا تزال تدور في الفلك الأميركي، خصوصًا أن الأميركيين مقبلون على انتخابات مفصلية لم تشهدها القارة الأميركية من قبل، وهي المقسومة أفقيًا بين جمهوريين وديمقراطيين، من دون أن تغيب عن أذهانهم ما أدّت إليه خلافات أهل الشمال مع أهل الجنوب من نتائج لا يزال صداها رطبًا في أذهان البعض.
ومن يراقب عن كثب ما تقوم به إسرائيل في القطاع، الذي أنهكته، وفي الضفة الغربية المقبلة على حال غير آمنة وغير مستقرّة، وفي لبنان عبر تفريغ قراه الأمامية من أهلها بعدما حوّلتها ومزارعها وحقولها إلى أرض محروقة، يدرك بما لا يقبل الشكّ أن تل أبيب ماضية في مخططها التفريغي والتهجيري مع ما يتلاءم مع أطماعها التاريخية، وبالتوازي فإن أمن مستوطناتها الشمالية يبقى هاجسًا لن يتبدّد إلا إذا استطاع جيش العدو فرض سيطرته النارية على المناطق المقابلة لتلك المستوطنات، والتي كانت تعيش في أمان قبل فتح جبهة المساندة تمامًا كحال القرى الجنوبية الأمامية المنتشرة من البحر إلى تلال كفرشوبا.
وبعدما اعتقد الإسرائيليون أن مهمتهم الأمنية في القطاع قد شارفت على الانتهاء يبدو أن أولويتهم حاليًا تتجه للتركيز على الجبهة اللبنانية، إذ أن التصعيد الكلامي على لسان السياسيين والعسكريين يحمل تهديدات متكرّرة بإعطاء أولوية لـ "جبهة الشمال"، تلميحا أو بطريقة مباشرة، تبدو كجزء أساسي في الحرب النفسية تجاه العدو في الشمال. يترافق ذلك مع تصعيد في القوة النارية، وإن بقي ضمن قواعد الاشتباك التي بقيت ناظمة للحرب الدائرة.
وقد تعزّزت هذه القناعة لدى الخبراء العسكريين، الذين أصبحوا على يقين بأن الحرب الشاملة والواسعة واقعة لا محال، خصوصًا بعد كلام الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي فُهم منه أنه لم يعد لديه ما يخسره، وأن ما كان قد سمي بـ "الخطوط الحمر" قد سقطت بعدما أقدمت إسرائيل على ما أقدمت عليه.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
ضغوط أميركية للتفاوض مع إسرائيل ولبنان يطالب بتفكيك ألغام الاحتلال
تضغط الإدارة الأميركية لإطلاق عملية التفاوض بين لبنان وإسرائيل، وهي تحصر هذا الملف بيدها، إذ أن تحقيق الانسحاب الإسرائيلي يفرض إنتاج تفاهم أو اتفاق ينهي حالة الحرب
وكتب ابراهيم حيدر في" النهار":كل ما يخرج من معلومات عن مسؤولين أميركيين يؤكد وقوف واشنطن إلى جانب إسرائيل ودعمها وتغطية احتلالها للنقاط الحدودية، وأيضاً في منحها الضمانة لحرية التحرك وضرب أهداف لـ"حزب الله" والاستمرار في الاغتيالات، وهو ما يعكس تفسيرها لاتفاق وقف النار ونزع السلاح، ومنع اي تحرك لعناصر الحزب جنوب الليطاني، وصولاً إلى منع إعادة الإعمار قبل الاتفاق على توفير الأمن إسرائيل بالتوازي مع التفاوض حول الحدود النهائية مع لبنان.
يتضح وفق الوقائع الميدانية جنوباً، أن الولايات المتحدة تمنح إسرائيل تغطية لحرية الحركة في الجنوب، ووفق معلومات ينقلها مصدر ديبلوماسي مطلع أن واشنطن تضغط على لبنان لا بل أبلغته بوجوب التفاوض أولاً حول الحدود البرية للتوصل الى اتفاق قد يتجاوز القرار 1701، إذ أن ما فرضته الحرب الأخيرة يفرض على لبنان القبول بالتفاوض مع إسرائيل في ظل الاحتلال، أي أن على لبنان أن يدفع ثمناً لقاء الانسحاب، على أن تشمل المفاوضات النقاط العالقة منذ العام 2006، وبالتالي إنهاء أي مقاومة لتحرير المناطق المحتلة.
يتبين من خلال ما يعلنه الأميركيون أن إدارتهم تريد من لبنان الوصول الى اتفاق ينهي الصراع مع إسرائيل. وهذا الاهتمام الأميركي يعيده المصدر الديبلوماسي إلى توجه لفرض واقع يضمن في النهاية مصلحة إسرائيل ضد "حزب الله" تحديداً. وهو ما طرحته نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس قبل اطلاق سراح الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل بدعوتها إلى التفاوض للتوصل الى اتفاق شامل. ووفق المعلومات أنه على الرغم من أن واشنطن تعتبر أن الجيش اللبناني يؤدي مهماته في الجنوب وقطع شوطاً كبيراً في تنفيذ طلبات مصادرة مخازن السلاح التابعة لـ"حزب الله"، إلا أنها تسعى لإطلاق التفاوض تحت مظلة الاحتلال الإسرائيلي، ومنه التقدم أكثر لنزع سلاح الحزب نهائياً.
هذه الوجهة الأميركية في التعامل مع لبنان مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس، تؤكد السعي لفرض شروط سياسية، جرى تسريب بعض نقاطها أخيراً، ورفضها لبنان متمسكاً باتفاق الهدنة 1949 وترسيم الحدود وفق ما كانت سابقاً. لكن المعلومات تشير إلى أن لبنان الرسمي سيذهب إلى التفاوض تحت غطاء القرار 1701، وقد بدأت الحكومة البحث في تشكيل لجان للتفاوض غير المباشر على الترسيم. لكن ذلك يشترط وفق المصدر تفكيك ألغام الاحتلال الذي يسعى للحصول على نقاط مختلف عليها وأبرزها نقطة رأس الناقورة مع خط عازل على الحدود.
النقطة الخطرة مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي تتعلق بالضغط الأميركي للتوصل إلى اتفاق التطبيع بين لبنان وإسرائيل. ويؤخذ على لبنان الرسمي أنه لا يتحرك بشكل كافٍ لوقف الحرب الإسرائيلية المستمرة، ولا يستفيد من الموقف الأوروبي خصوصاً الفرنسي الداعم لبنان، فيما لا يترك "حزب الله" الفرصة للحكومة بل يضغط عليها ولا يسهّل مهمتها إن كان في ما يتعلق باتفاق وقف النار وتحقيق الانسحاب وإطلاق إعادة الإعمار. ويطرح الأمر أيضاً مسالة السلاح ووظيفته، في ظل اختلال موازين القوى لمصلحة إسرائيل، إذ تبين أن معادلة الصواريخ لم تسعف لبنان ولم تسند غزة، وبالتالي فإن ضغط الحزب ضد الحكومة، يسهم في منح الذرائع لإسرائيل وأيضاً للراعي الأميركي لمزيد من الضغوط وإضعاف لبنان.
مواضيع ذات صلة المفاوضات مع الاحتلال تقنية عسكرية ولبنان لم يتبلّغ أي طلب أميركي Lebanon 24 المفاوضات مع الاحتلال تقنية عسكرية ولبنان لم يتبلّغ أي طلب أميركي 17/03/2025 05:35:32 17/03/2025 05:35:32 Lebanon 24 Lebanon 24 الحرس الثوري الإيراني يعلن تفكيك "شبكات تجسس" أميركية ـ إسرائيلية في محافظة مازندران Lebanon 24 الحرس الثوري الإيراني يعلن تفكيك "شبكات تجسس" أميركية ـ إسرائيلية في محافظة مازندران
17/03/2025 05:35:32 17/03/2025 05:35:32 Lebanon 24 Lebanon 24 وكالة الأنباء الفرنسية عن وزير الخارجية الإيراني: لا تفاوض مع الولايات المتحدة في ظل الضغوط القصوى Lebanon 24 وكالة الأنباء الفرنسية عن وزير الخارجية الإيراني: لا تفاوض مع الولايات المتحدة في ظل الضغوط القصوى
17/03/2025 05:35:32 17/03/2025 05:35:32 Lebanon 24 Lebanon 24 العربية: القاهرة وضعت خطط طوارئ للتعامل مع أي ضغوط أميركية بشأن ملف التهجير Lebanon 24 العربية: القاهرة وضعت خطط طوارئ للتعامل مع أي ضغوط أميركية بشأن ملف التهجير
17/03/2025 05:35:32 17/03/2025 05:35:32 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً
تصعيد عسكري من الجنوب إلى الحدود الشرقية
Lebanon 24 تصعيد عسكري من الجنوب إلى الحدود الشرقية
23:11 | 2025-03-16 16/03/2025 11:11:00 Lebanon 24 Lebanon 24 آلية التعيينات اليوم وعدة اسماء مرشحة لحاكم "المركزي"
Lebanon 24 آلية التعيينات اليوم وعدة اسماء مرشحة لحاكم "المركزي"
23:14 | 2025-03-16 16/03/2025 11:14:00 Lebanon 24 Lebanon 24 307 ملايين دولار أضرار الكهرباء في الحرب
Lebanon 24 307 ملايين دولار أضرار الكهرباء في الحرب
23:16 | 2025-03-16 16/03/2025 11:16:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تصعيدٌ مُقلق والقرار 1701 في مجلس الأمن اليوم
Lebanon 24 تصعيدٌ مُقلق والقرار 1701 في مجلس الأمن اليوم
23:08 | 2025-03-16 16/03/2025 11:08:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تصعيد خطير عند الحدود اللبنانية السورية.. ووزير الدفاع السوري يتوعد حزب الله
Lebanon 24 تصعيد خطير عند الحدود اللبنانية السورية.. ووزير الدفاع السوري يتوعد حزب الله
16:40 | 2025-03-16 16/03/2025 04:40:49 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
طقس بارد جدّاً... مُنخفض جويّ سيضرب لبنان والأب إيلي خنيصر: أمطارٌ غزيرة وثلوج
Lebanon 24 طقس بارد جدّاً... مُنخفض جويّ سيضرب لبنان والأب إيلي خنيصر: أمطارٌ غزيرة وثلوج
07:57 | 2025-03-16 16/03/2025 07:57:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد تصريحات حسام حبيب... شيرين عبد الوهاب تُعدّ مفاجأة
Lebanon 24 بعد تصريحات حسام حبيب... شيرين عبد الوهاب تُعدّ مفاجأة
11:27 | 2025-03-16 16/03/2025 11:27:27 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. مقتل 51 شخصاً في ملهى ليلي
Lebanon 24 بالفيديو.. مقتل 51 شخصاً في ملهى ليلي
06:59 | 2025-03-16 16/03/2025 06:59:46 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما ينتظر "الودائع"
Lebanon 24 هذا ما ينتظر "الودائع"
03:45 | 2025-03-16 16/03/2025 03:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 من القضاء إلى "النافعة"
Lebanon 24 من القضاء إلى "النافعة"
02:30 | 2025-03-16 16/03/2025 02:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان
23:11 | 2025-03-16 تصعيد عسكري من الجنوب إلى الحدود الشرقية 23:14 | 2025-03-16 آلية التعيينات اليوم وعدة اسماء مرشحة لحاكم "المركزي" 23:16 | 2025-03-16 307 ملايين دولار أضرار الكهرباء في الحرب 23:08 | 2025-03-16 تصعيدٌ مُقلق والقرار 1701 في مجلس الأمن اليوم 16:40 | 2025-03-16 تصعيد خطير عند الحدود اللبنانية السورية.. ووزير الدفاع السوري يتوعد حزب الله 16:39 | 2025-03-16 بو عاصي: وداعاً أنطوان كرباج لك نرفع القبعة فيديو فنّانة تتكلم عن تعرضها للتنمر (فيديو)
Lebanon 24 فنّانة تتكلم عن تعرضها للتنمر (فيديو)
04:42 | 2025-03-16 17/03/2025 05:35:32 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. تشوّه بسبب "ستاربكس" فحصل على هذا التعويض الكبير
Lebanon 24 بالفيديو.. تشوّه بسبب "ستاربكس" فحصل على هذا التعويض الكبير
02:31 | 2025-03-16 17/03/2025 05:35:32 Lebanon 24 Lebanon 24 عاصفة ورياح وأعاصير ضخمة تضرب أميركا.. قتلى ودمار (فيديو)
Lebanon 24 عاصفة ورياح وأعاصير ضخمة تضرب أميركا.. قتلى ودمار (فيديو)
00:27 | 2025-03-16 17/03/2025 05:35:32 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد رمضانيات عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24