تقنية تفاعل الاندماج النووي بالليزر القوي.. هل تولد الكهرباء قريبًا؟ (تقرير)
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
اقرأ في هذا المقال
تقنية الاندماج النووي تختلف عن الانشطار في المحطات النووية الحالية الولايات المتحدة أجرت تجارب سرّية على الاندماج النووي في الثمانينيات شركة أميركية ناشئة تجرّب عمليات الاندماج النووي عبر أجهزة ليزر ضخمة أول مفاعل اندماج نووي قد يتصل بشبكة الكهرباء منتصف ثلاثينيات القرن الحالي إذا نجحت التجارب يمكن توليد كهرباء بكميات ضخمة ستغير مسار البشريةيحاول العلماء استغلال تقنية تفاعل الاندماج النووي لتوليد كميات وفيرة من الكهرباء النظيفة والرخيصة، دون انبعاث ضارة، بما يحقق أمن الطاقة والحياد الكربوني في العالم.
وتختلف تقنية الاندماج النووي، القائمة على دمج نواتَي هيدروجين معًا، عن عمليات الانشطار في محطات الطاقة النووية الحالية، والتي عادةً ما ينتج عنها نفايات مشعّة يصعب التخلص الآمن منها، بينما يمكن لتقنية الاندماج إنتاج كميات هائلة من الطاقة دون نفايات، بحسب دراسات حديثة اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وأجرت الولايات المتحدة أبحاثًا سرّية حول الأسلحة النووية في أعماق صحراء نيفادا خلال ثمانينيات القرن الـ20، من بينها تجارب لمعرفة ما إذا كان تفاعل الاندماج النووي -وهو مصدر طاقة الشمس- يمكن أن يحدث على الأرض في بيئة محكومة.
وكان من المعروف على نطاق واسع بين الفيزيائيين أن نتائج التجارب كانت واعدة، رغم أنها سرّية، ما جعل مرفق الإشعال الوطني (إن آي إف NIF) في كاليفورنيا يستعمل أشعة ليزر قوية لتحفيز تفاعل الاندماج النووي.
وأنشأت الحكومة الأميركية هذا المرفق في كاليفورنيا في أواخر القرن الـ20، بعد إجراء تلك التجارب السرّية، لمعرفة مدى قدرة الليزر على إشعال كريات الوقود النووي لتحفيز التفاعلات الاندماجية.
تفاعل الاندماج النووي لأول مرةاستغرق العلماء وقتًا أطول بكثير مما كان متوقعًا، فبعد أكثر من عقد من العمل، حققوا تقدمًا كبيرًا بأواخر عام 2022، وأجروا أول تجربة تفاعل اندماج نووي محكومة لإنتاج طاقة تفوقت على طاقة الليزر القوي، بحسب تقرير نشره موقع BBC.
وجذبت التقنية انتباه اثنين من طلاب الدراسات العليا الشباب العاملين في مختبر لوس ألاموس الوطني في أواخر العقد الأول من القرن الـ21، وهما كونر جالواي، وألكسندر فاليس، المهتمين بتقنية تفاعل الاندماج النووي.
مرفق الإشعال الوطنيوأنشأت الحكومة الأميركية مختبر لوس ألاموس، الذي يقع بالقرب من مدينة سانتا فيه، بولاية نيو مكسيكو، في الأصل عام 1943، موقعًا سريًا للغاية لتطوير الأسلحة النووية الأولى، وبات الآن منشأة بحث وتطوير تابعة للحكومة.
ويعتقد جالاوي وفاليس أن أشعة الليزر الأكثر قوة ستساعد على تحفيز تفاعل الاندماج النووي بصورة فعالة، ما قد يمكّنها من توليد كميات ضخمة من الكهرباء للشبكة الوطنية، ما دفعهما لتأسيس شركة إكسايمر Xcimer لتطوير هذه الأبحاث، ومقرّها مدينة دنفر، بولاية كولورادو.
رغم أن مرفق الإشعال الوطني في كاليفورنيا قد اكتفي بالليزر الذي يمكنه ضخ 2 ميغاجول من الطاقة، فقد خطط جالاوي وفاليس لتجربة أجهزة الليزر التي يمكنها إنتاج ما يصل إلى 20 ميغاجول من الطاقة، كما جاء في تقارير بحثية تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويعتقد هذان الباحثان أن الليزر الذي يمكنه ضخ 10 إلى 12 ميغاجول هو الملائم لمحطة توليد تجارية، إذ ستسمح أشعة الليزر الأكثر قوة لشركة إكسايمر باستعمال كبسولات وقود أكبر وأبسط من التي استعملها المرفق لإتقان عملية تفاعل الاندماج النووي.
طرق الاندماج النووي العلميةشاركت شركة إكسايمر عشرات المؤسسات حول العالم، التي تحاول بناء مفاعل اندماج نووي فعال، وقدّمت لها مساعدات من خلال طريقتين رئيستين، الأولى بتحطيم كريات الوقود بالليزر ضمن فئة اندماج الاحتواء بالقصور الذاتي، والأخرى معروفة باسم الاندماج بالاحتواء المغناطيسي.
مفاعلات أبحاث الاندماج النووي -الصورة من Interesting Engineeringويُعرف اندماج الاحتواء بالقصور الذاتي في الفيزياء (Inertial confinement fusion) بأنه تحفيز عملية الاندماج النووي برفع درجة حرارة كريات الوقود، التي تتكون من مخلوط من الديوتيريوم والتريتيوم، وضغطها بدرجة عالية جدًا.
أمّا الاندماج بالاحتواء المغناطيسي (Magnetic confinement fusion)، فيعتمد على توليد الطاقة باستعمال حقل مغناطيسي قوي لاحتواء وقود الاندماج، الذي يحدث في درجات حرارة مرتفعة جدًا على شكل بلازما.
شكوك في عملية الاندماج النووييتساءل العلماء عن كيفية استخراج الحرارة المتولدة في أثناء تفاعل الاندماج النووي، للاستفادة منها في أداء أنشطة اقتصادية، مثل تشغيل التوربينات لتوليد الكهرباء.
ويعبّر البروفيسور إيان لوي من جامعة جريفيث بأستراليا، بأنه لم يرَ حتى الآن شرحًا مقنعًا لكيفية إدارة عملية سحب الطاقة، مع الحفاظ على استمرار تفاعل الاندماج النووي، رغم أنه أمضى حياته المهنية الطويلة يعمل في أبحاث وسياسات الطاقة.
ويدعم البروفيسور لوي تطوير تقنية تفاعل الاندماج النووي، غير أنه يجادل فقط بأن المفاعلات من هذا النوع لن تُنشأ بالسرعة الكافية للمساعدة في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومعالجة تغير المناخ، وربما لن تكون متاحة على المستوى التجاري قبل 2050.
الاندماج النووي يحلل الفولاذيعتقد الباحث الأسترالي أن تفاعلات الاندماج تنتج جزيئات عالية الطاقة تؤدي إلى تحلّل الفولاذ، أو أيّ مادة أخرى تبطّن قلب المفاعل، غير أن العاملين بصناعة تفاعل الاندماج النووي يشعرون أنه يمكن التغلب علي هذه الصعوبات، لكنهم لا ينكرون التحديات الهندسية.
تفاعل الاندماج النووي – الصورة من pc magتخطط شركة إكسايمر لتجربة الليزر لمدة عامين، قبل بناء غرفة تتحمل استهداف كريات الوقود، بينما ستكون المرحلة الأخيرة إنشاء المفاعل، الذي يأملون أن يتصل بشبكة الكهرباء في منتصف ثلاثينيات القرن الحالي.
ولتمويل المرحلة الأولى من عمل الشركة، جمعت إكسايمر 100 مليون دولار، لبناء منشأة في دنفر، ونموذج أولي لنظام الليزر، غير أن هناك حاجة أيضًا إلى مئات الملايين من الدولارات الإضافية لبناء مفاعل يتحمل عملية تفاعل الاندماج النووي.
وإذا نجحت التجارب، فإن حلم الحصول على كهرباء رخيصة وخالية من الكربون بكميات ضخمة سيكون قريب المنال، وربما يغير مسار تقدم البشرية على حدّ قول فاليس، أحد مؤسسي الشركة.
موضوعات متعلقة ..
اقرأ أيضًا..
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.Source link مرتبط
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: من الطاقة
إقرأ أيضاً:
جهاز ورقي قابل للارتداء يولد الكهرباء من رطوبة الهواء
في خطوة علمية للتعامل مع أزمة الطاقة العالمية، أعلن فريق من الباحثين في جامعة بينغهامتون بولاية نيويورك عن تطوير جهاز ورقي قابل للارتداء يولد الكهرباء من رطوبة الهواء، في دراسة حديثة منشورة بدورية نانوميكرو سمول. هذا الابتكار يمكن أن يغير مستقبل الطاقة في الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء، خاصة في تطبيقات الرعاية الصحية.
وبحسب الفريق، ستستخدم الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء تقنيات حصاد الطاقة في المستقبل، ولكن في الوقت الحالي فإن تلك التقنيات ما زالت تجريبية وغير فعالة.
وما دفع الباحثين إلى الاهتمام بتلك النقطة هو أن الرطوبة في الهواء موجودة حولنا في كل مكان، لذا فإن حصاد الطاقة من الرطوبة أمر سهل للغاية وسيتيح استخدام الطاقة في أي مكان تقريبًا.
صورة الجهاز القابل للارتداء والمصنوع من الورق والقادر على توفير طاقة مستدامة عالية الكفاءة من خلال التقاط الرطوبة (سيوخين شين تشوي) حل ورقي لطاقة مستدامةيعتمد الجهاز، المسمى مولد الكهرباء الرطوبي، على تقنية مبتكرة تستخدم الأبواغ البكتيرية لتوليد الطاقة. تكسر الأبواغ البكتيرية جزيئات الماء إلى أيونات موجبة وسالبة، وتمتص الشعيرات الدموية في الورق البكتيريا، فتخلق تدرجًا من الأيونات، ويؤدي هذا الخلل إلى شحنة كهربائية.
تشرح الباحثة يانغ ليكسي جاو، طالبة الدكتوراه ومديرة المعمل والباحثة في البطاريات الحيوية القابلة للارتداء والمؤلف الرئيسي في الدراسة، آلية عمل الجهاز في تصريح للجزيرة نت فتقول "إذا تخيلت الجهاز أنه لاقط لأيونات الهيدروجين، فمع انتقال الأيونات عبر ألياف الورق، يمكن لعدد أقل وأقل من الأيونات المرور عبر الشعيرات الضيقة. وقد يؤدي هذا إلى وجود 7 أيونات في الأعلى، وواحد فقط في الأسفل. تخيل الآن أن كل أيون يمكن أن يمنحك فولتا واحدا، ومن ثم يكون لديك 7 فولتات في اتجاه مقابل فولت فقط في الاتجاه الآخر، وذلك يعني أن لديك الآن فرق جهد في الجهاز، فيمكنك توليد الطاقة".
البكتيريا في الجهاز لها دور حيوي بادئ للعملية عبر تحويل جزيئات الماء الموجودة في الهواء إلى أيونات ذات شحنات موجبة وسالبة. تقول جاو "تمتلك البكتيريا العصوية الرقيقة ذات السلالة 168 القدرة على تكوين الأبواغ الداخلية وتحمّل البيئات القاسية للحفاظ على نفسها لفترة طويلة جدًا. وحتى بعد إعادتها من الحياة، تحتفظ الخلايا البكتيرية بقدرتها على توليد الطاقة، وقد أثبتت العديد من الأبحاث هذه النقطة كما في أوراقنا المنشورة سابقًا. وبهذه الطريقة، يمكننا تخزينها (الطاقة في البكتيريا) مدة أطول، كما ستعمل بشكل سليم أيضًا (بمجرد توافر الظروف المناسبة مرة أخرى)".
الرطوبة متوفرة في كل مكان (بيكسابي) تطبيقات متعددة لمولد الطاقة الرطوبيليس الجهاز مجرد مولد للطاقة فحسب، وتوضح جاو "نظرًا لأن الجهاز قادر على توليد الطاقة بسبب تغيير مستويات الرطوبة، فيمكن استخدامه في الواقع كمستشعر للرطوبة، كما يمكن استخدامه كمستشعر للتنفس؛ فعندما تشهق وتزفر يتغير مستوى الرطوبة حول فمك وأنفك أيضًا. ويمكن للجهاز مراقبة وتيرة التنفس وإيجاد الرابط بين ذلك ومستوى القلق أو بعض أمراض الجهاز التنفسي".
ورغم الإمكانات الواعدة، تواجه التقنية بعض التحديات، إذ تستغرق زراعة الأغشية الحيوية البكتيرية 3 أيام، وذلك يعوق الإنتاج الضخم حاليا.
وتشير جاو إلى ذلك قائلة "في هذه المرحلة من البحث، لا يزال الإنتاج الضخم يشكل تحديًا. ومع ذلك، نعتقد أن هناك كثيرا من الإمكانات في التطبيقات في العالم الحقيقي، لأن سلالات البكتيريا العصوية يمكن العثور عليها بشكل طبيعي في التربة والأمعاء البشرية، ولذلك لن تشكل أي خطر محتمل على أجسام البشر".
وتضيف جاو في تصريحها للجزيرة نت "على ما يبدو، فإن أحد عيوب جهازنا هو أن خروج الطاقة لا يزال بعيدا عن المثالية، لذلك نقوم بإدراج العديد من التطورات لتحسين هذه النقطة، من أجل جعله مصدر طاقة أو جهاز استشعار حيويا أكثر وظيفية".
الميزة الأبرز للجهاز هي مادته الورقية التي تجعله مرنًا ومنخفض التكلفة وصديقًا للبيئة، تقول جاو "لا يوجد حد للورق من حيث الحجم، وهنا يكمن جمال ورقية الجهاز، إذ يمكنك اللعب به وتشكيله بالطريقة التي ترغبها وتحقق أداء رائعًا. ومع ذلك، نستهدف في الواقع الأجهزة ذات الاستخدام مرة واحدة اعتمادًا على الركيزة الورقية بدلا من الأجهزة القابلة لإعادة الاستخدام. ولأن الورق منخفض التكلفة ويسهل الحصول عليه، فإننا نتصور أن الأمر سيصبح أكثر منطقية".
إن مولد الكهرباء الرطوبي يمثل نقلة نوعية في مجال الطاقة المستدامة للأجهزة القابلة للارتداء. ورغم وجود تحديات، فإن الابتكار يحمل وعدًا كبيرًا بتوفير حلول عملية وبيئية لأجهزة الاستشعار والطاقة المنخفضة. ويعد هذا العمل خطوة جديدة نحو مستقبل مستدام يعتمد على تحويل الموارد الطبيعية إلى طاقة نظيفة ومتاحة للجميع.