نصرالله يحصن الرد بالغموض: لا عودة للمستوطنين قبل وقف الحرب في غزة
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
التقطت الضاحية الجنوبية لبيروت ومحافظات الجنوب والنبطية والبقاع أنفاسها، بعد هجمات الثلثاء والأربعاء الماضيين، حيث استهدفت بتفجيرات «البايجرز» وأجهزة اللاسلكية، والتي رفعت عدد الشهداء الى 25 شهيداً والجرحى 608، حسب مصادر وزارة الصحة.
وخارج قرار مجلس الامن المتوقع اليوم حول التفجيرات السيبرانية، غير المسبوقة بتاريخ الحروب، فإن التطور الميداني المتمثل بالتفجيرات سيشكل عنوان مرحلة بالغة التعقيد، لجهة الرد «والحساب العسير، والقصاص العادل» الذي تحدث عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، او لجهة تفلُّت الحرب من كل الضوابط والاعتبارات ذات الصلة بأنظمة الحروب وتاريخها.
وكتبت" الديار":لم يعد السؤال عما اذا كانت جبهة الجنوب تتجه الى التصعيد، فالامر بات محسوما، لكن يبقى السؤال عن حجم ومدى هذا التصعيد بعدما افرغ الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مجزرتي «البايجر» والاجهزة «اللاسلكية» من اهدافها الاستراتيجية اسرائيليا، على وقع تصعيد ميداني خطر وتهويل اسرائيلي بمرحلة صعبة من تبادل الضربات لم تشهدها الجبهة منذ بداية الحرب. فعلى الرغم من اقراره بحجم الضربة المؤلمة وغير المسبوقة، فان السيد نصرالله لم ينجر الى رد فعل متوتر وانفعالي امام هول المجزرتين، توعد برد قاس وحساب عسير ابقاه غامضا، قائلا «الخبر ما سترون لا ما تسمعون»، طمأن جمهوره بان المقاومة بخير، واستعادت عافيتها بسرعة قياسية، ترك «اسرائيل» امام معضلة الفشل في تحقيق اهداف عدوانها، واكد ان جبهة المساندة لن تتوقف الا بوقف العدوان على غزة، والمستوطنون لن يعودوا، ولن تتوقف جبهة الشمال، رافعا سقف التحدي على وقع عمليات نوعية غير مسبوقة للمقاومة اسفرت عن عشرات القتلى والجرحى في صفوف قوات الاحتلال ، فيما شن الطيران الاسرائيلي غارات عنيفة على بعض القرى الجنوبية في اطار مرحلة التصعيد الجديدة وقد تم شن نحو 70 غارة خلال 20 دقيقة.
وجاء في افتتاحية" النهار":إذا كان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله"خالف" كل التوقعات الاستباقية حيال ردّه على أقسى وأشرس ضربة تعرض لها حزبه في الهجوم الإسرائيلي السيبراني على شبكات الاتصالات وحامليها لدى الحزب بالتزام عدم الإفصاح او الإعلان عن الرد وطبيعته، ولو أنه اعترف بقوة الضربة التي تعرّض لها، فإن ذلك عكَسَ مجموعة دلالات فورية تتجمع عند ازدياد الغموض واستمرار الوضع مفتوحاً على مزيد من الأخطار في حرب الاستنزاف الناشبة منذ 11 شهراً في الجنوب.
أبرز هذه الدلالات أن نصرالله لم يزوّد إسرائيل "اعلان حرب" علنياً من شأنه أن يوفر لها ذريعة لاطلاق ما تتوعد به من عملية كبيرة في "الشمال" بل ردّ بإعلان ثبات حرب المشاغلة حتى وقف الحرب على غزة كما بتحدي إسرائيل الدخول لإقامة حزام امني في الجنوب. أما الدلالة الثانية البارزة، فكانت في امتناعه عن تحديد الردّ المحتمل على هجمات يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين مكتفياً بتوعد ضمني بالحساب العسير، الأمر الذي فسّره مراقبون بأن الحزب الذي تعرّض لضربة غير مسبوقة يحتاج إلى وقت قد يكون غير قصير لتسديد ردّ يكون في حجم الضربة من جهة، كما أن ثمة احتمالاً بأن تكون هناك مشاورات كثيفة جارية بين الحزب وإيران وحلفاؤهما حول ردّ جماعي منسّق. وتبقى دلالة ثالثة بارزة تمثلت في الوقع الثقيل لفداحة الإصابات وحجمها في جسم الحزب التي تركتها الضربة على نبرة الخطاب الأول لنصرالله بعد هذه الهجمات الأمر الذي عكسه في توجيه الشكر الى جهات كثيرة، مشدداً مرات عدة على أن "الضربة لم تسقطنا".
وقد توجّه بالشكر إلى الحكومة اللبنانية ووزارة الصحة ومؤسسات الدفاع المدني والمستشفيات، الذين أبلوا بلاءً حسناً وعدد الإصابات بالعيون كبير"، وقال: "نعرف أن للعدو تفوقاً على المستوى التكنولوجي وقد تعرضنا لضربة كبيرة وقوية وغير مسبوقة لكنها لم ولن تسقطنا. وسنصل خلال وقت قصير إلى نتائج يقينة بشأن التفجيرات وحينها سيُبنى على الشيء مقتضاه". وأشار إلى أنه "تم تعطيل جزء كبير من أهداف الهجوم. وفي مجزرتَي الثلاثاء والأربعاء كان العدو يريد أن يقتل ما لا يقل عن 5 آلاف إنسان في دقيقتين، وهو تجاوز بعملياته كل الضوابط والقوانين والخطوط الحمر ولم يكترث لأي شيء لا أخلاقيًا ولا قانونيًا".
وقال: "تعرضنا لضربة كبيرة أمنيًا وإنسانيًا وغير مسبوقة في تاريخ لبنان بالحد الأدنى وقد لا تكون مسبوقة في تاريخ الصراع مع العدو، وقد لا تكون غير مسبوقة على مستوى العالم بهذا النوع". وأكد أن "بنية المقاومة لم تتزلزل ولم تهتز. وليعرف العدوّ أنّ ما حصل لم يمس لا بنيتنا ولا إرادتنا ولا نظام القيادة والسيطرة ولا حضورنا في الجبهات". وفي تهديد رئيس الأركان الإسرائيلي بإقامة حزام أمني في الجنوب "رحّب" نصرالله بأي محاولة اجتياح وتحدى إسرائيل القيام بها، وقال: "ما يعتبره العدوّ تهديداً نحن نعتبره فرصة تاريخية ونحن نتمناها.
وما ستقدمون عليه سيزيد تهجير النازحين من الشمال وسيبعد فرصة إعادتهم". وأعلن أن الردّ الأولي على هذا العدوان هو استمرار جبهة لبنان حتى وقف العدوان على غزة . وأضاف: "لا شك في أنّ العدوان الذي حصل هو عدوان كبير وغير مسبوق سيواجه بحسابٍ عسير وقصاصٍ عادل من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون، وبالنسبة للحساب العسير، فالخبر هو في ما سترونه لا في ما ستسمعون ونحتفظ به في أضيق دائرة. وقيادة العدوّ الحمقاء النرجسية الهوجاء ستودي بهذا الكيان إلى وادٍ سحيق، وما ستقدمون عليه سيزيد تهجير النازحين من الشمال وسيبعد فرصة إعادتهم".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: غیر مسبوقة
إقرأ أيضاً:
حقائق جديدة عن نازحي الجنوب.. جوعٌ وعنف وتحذيرات
ساعات قليلة تفصلنا عن يوم غدٍ الأحد الذي تنتهي خلاله مهلة الـ60 يوماً التي كانت مقررة لانسحاب الجيش الإسرائيليّ من لبنان استناداً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ يوم 27 تشرين الثاني الماضي.
الأنظارُ حالياً تتجهُ إلى الجنوب والأحداث المرتقبة خصوصاً أن حشوداً كبيرة من الأهالي تتحضر للعودة إلى مناطق الشريط الحدودي، لكنّ هذا الأمر قد لا يُترجم على أرض الواقع باعتبار أن إسرائيل لم تنسحب وتطالب بتمديد وجودها داخل لبنان.
وعليه، فإنَّ أمر الوصول إلى القرى التي تحتلها إسرائيل يعتبر خطيراً وصعباً، وفي حال حصول أي دخول للأهالي إلى المناطق المحظورة أمنياً في الوقت الراهن، عندها فإنَّ سيناريوهات المواجهة ستكون قائمة ما قد يؤدي إلى سقوط شهداء وجرحى في صفوف اللبنانيين.
تحذيرات من العودة
اليوم، أصدرت قيادة الجيش بياناً دعت فيه الأهالي إلى التريث في التوجه نحو المناطق الحدودية الجنوبية نظراً لوجود الألغام والأجسام المشبوهة من مخلفات العدو الإسرائيلي.
وشدّدت القيادة على أهمية تحلّي المواطنين بالمسؤولية والالتزام بتوجيهات قيادة الجيش، وإرشادات الوحدات العسكرية المنتشرة، حفاظًا على سلامتهم.
وحالياً، تعمل الوحدات العسكرية باستمرار على إنجاز المسح الهندسي وفتح الطرقات ومعالجة الذخائر غير المنفجرة، وتُتابع الوضع العملاني بدقة ولا سيما لناحية الخروقات المستمرة للاتفاق والاعتداءات على سيادة لبنان، إضافة إلى تدمير البنية التحتية وعمليات نسف المنازل وحرقها في القرى الحدودية من جانب العدو الإسرائيلي.
وأكد الجيش أنه يواصل تطبيق خطة عمليات تعزيز الانتشار في منطقة جنوب الليطاني بتكليف من مجلس الوزراء، منذ اليوم الأول لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وفق مراحل متتالية ومحددة، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على تطبيق الاتفاق (Mechanism) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل.
وأوضح الجيش أن تأخيراً تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب من جانب العدو الإسرائيلي، ما يعقّد مهمة انتشار الجيش، مع الإشارة إلى أنّه يحافظ على الجهوزيّة لاستكمال انتشاره فور انسحاب العدو الإسرائيلي.
في المقابل، وردت اتصالات إلى سكان بلدات جنوبية عديدة من العدو الإسرائيلي تحذرهم من العودة إلى قراهم ومنازلهم.
على صعيد آخر، عُلِم أنّ مواطنين في جنوب لبنان بدأوا يستعدون للنزوح المؤقت اعتباراً من اليوم السبت ويوم غد الأحد تحسباً لأي طارئ قد يحصل مع انتهاء مهلة الـ60 يوماً.
وتبين أن مواطنين استأجروا شققاً في مناطق مختلفة وذلك في وقتٍ سابق كي لا تتكرر تجربة النزوح المفاجئ السابقة وتحديداً حينما برزت أزمة منازل وشقق في سائر المناطق اللبنانية.
أزمة النزوح مستمرة
أمام كل ما يجري، فإنّ أزمة النازحين لم تنته بعد. فعلى الرغم من عودة العدد الأكبر من المواطنين إلى منازلهم إلا أنّ أكثر من 160 ألفا آخرين لا يزالون في مراكز الإيواء، أو بيوت الضيافة، أو منازل الإيجار، ينتظرون إما لحظة عودتهم، أو البدء بعملية الترميم وإعادة الإعمار، إذ إن معظمهم لا يملكون إلا منزلا واحدا قد تعرّض للتدمير الكلي أو الجزئي، في انتظار الانسحاب الاسرائيلي الكامل من القرى الحدودية.
التقارير تشير إلى أن ما يقارب 900 ألف شخص نزحوا داخليًا خلال هذه الفترة، واللافت حسب عدد من التقارير اطّلع عليها "لبنان24" أن النساء والفتيات شكلن أكثر من نصف النازحين، مع تسجيل زيادة كبيرة في الأسر التي تقودها نساء نتيجة فقدان المعيلين أو غيابهم. ورغم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه، توضح الارقام أنّ 80% من النازحين عادوا إلى مناطقهم الأصلية، في حين ظل الباقون عالقين بسبب الأضرار التي لحقت بمنازلهم، أو القيود التي فرضتها القوات الإسرائيلية في المناطق المتضررة.
التحديات التي واجهتها النساء والنازحون بشكل عام خلال هذا النزاع لم تكن مقتصرة على خسائر مادية أو فقدان المأوى. وأظهرت الأبحاث أن النساء كن عرضة لمخاطر متزايدة، بدءًا من العنف الأسري، وصولًا إلى تقليص الأدوار الاقتصادية والاجتماعية التي كن يقمن بها قبل الأزمة.
وعلى الرغم من محاولاتهن التكيف، لجأ العديد منهن إلى آليات تأقلم سلبية، مثل تقليل استهلاك الطعام، أو اللجوء إلى أعمال جديدة لتأمين دخل إضافي، ما زاد من هشاشتهن.
وفي ضوء هذه المعطيات، تؤكد المنظمات الإنسانية على ضرورة تعزيز الاستجابة التي تراعي احتياجات النساء بشكل خاص، ليس فقط لضمان حقوقهن الأساسية، بل أيضًا لتخفيف الأعباء التي تتحملها الفئات الأكثر ضعفًا.
كذلك، فإن توفير المساعدات النقدية وفرص العمل، إلى جانب تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي، باتت خطوات ضرورية لتحسين أوضاع النازحين، خاصة النساء اللواتي يقدن أسرًا بمفردهن.
وحسب العديد من الجمعيات التي لا تزال تعمل على الأرض وتواصل معها "لبنان24"، فقد أشار المسؤولون وأعضاء فرق التطوع الذين لا يزالون يقومون بزيارات دورية على الرغم من العبء الاقتصادي وتوقف تدفق المساعدات إلى أنّ العديد من الأسر التي لا تزال نازحة لا تزال تعاني على صعيد تأمين الاحتياجات الأساسية.
وتحدثت رانيا، وهي أم لطفلين نزحت من قريتها الحدودية، لـ"لبنان24" عن معاناتها اليومية، حيث تقول: "نعيش مع ثلاث عائلات في منزل صغير، ولا يوجد لدينا أي خصوصية. أطفالي يسألونني كل يوم متى نعود إلى منزلنا، لكن لا أملك إجابة لهم. أشعر بالعجز؛ حتى الطعام بالكاد يكفينا، وغالبًا ما أتنازل عن حصتي لأطعمهم".
رانيا ليست وحدها؛ العديد من النساء النازحات يشاركن قصصًا مشابهة عن تحديات تأمين الغذاء والخوف من المستقبل المجهول، وهذا ما تؤكده تقارير صادرة عن مؤسسات دولية، اطلع عليها "لبنان24"، إذ تشير إلى أنّ ما يقرب من 48% من النساء النازحات ذكرن أنهن عانين الجوع عدة مرات (3-10 مرات) خلال الأسابيع الأخيرة.
وأشارت جميع النساء تقريبًا إلى ارتفاع أسعار الغذاء كأكبر عقبة (99%)، تليها قلة الدعم للعائلات الكبيرة وصعوبة الوصول إلى نقاط توزيع الغذاء.
وحسب التقارير، فإنّ لمواجهة الأزمة الغذائية، لجأت النساء إلى تقليل حجم الوجبات أو عددها (74%)، وتخطّي بعض الوجبات (48%)، وتناول أطعمة أقل تغذية أو أرخص عند نفاد الخيارات (32%)، وطلب المساعدة من المنظمات أو المطابخ المجتمعية. المصدر: خاص "لبنان 24"