الثورة نت:
2025-01-22@11:47:42 GMT

ثورة 21 سبتمبر في ميزان الفكر

تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT

ثورة 21 سبتمبر في ميزان الفكر

 

كان العرب في القرن العشرين صورة مماثلة للماضي الذي جثم على صدورهم منذ القرن السادس عشر الميلادي يعيشون واقعا مريرا ومآسي كثيرة وأوضاعا معقدة سواء في الجانب المادي اليومي, أو الرمزي الحياتي، ووصل الركود والجمود إلى المقدس، والوجدان، واللغة، والتقنية، أي أن الواقع كان يتسم أو يمتاز أنه واقع مأزوم، تاريخه معطل وغير مكتمل، منذ سقوط بغداد في القرن الثالث عشر الميلادي إلى القرن العشرين، وهو تاريخ يمتد لقرون لم يعرف العرب فيه طعم الاستقلال الحقيقي، ولا معنى الحرية الكاملة، ولم يصلوا إلى زمنهم التحرري الذي اتسم به النصف الأول من القرن العشرين إلا بعد حروب وأزمات ونضالات وتضحيات، وبعد هدر كبير للطاقات المادية، والبشرية، والثقافية، والرمزية, والنفسية، وبالرغم من كل ذلك إلا أن العرب لم يصلوا إلى مبتغاهم في التصالح مع التاريخ الذي يحقق لهم القدر الكافي من التوازن في العلاقات مع الآخر، أو في فك الإشكاليات بين قضايا شائكة مثل الأصالة والمعاصرة، والتراث والتاريخ، ولذلك لم تكتمل نهضتهم بفعل عوامل المستعمر وتداخله في صناعة واقعهم، فقد رحل المستعمر عن الديار العربية شكلا، وظل يتحكم بالمصير العربي وبمصادر الطاقة ضمنا، ولذلك نقول أن التاريخ قد مكر بالعرب ولم يتحقق لهم الاستقلال .

فالثورة الحقيقية هي التي تحمل مشروع دولة، ومشروع مجتمع، وتكون على قدر من التحرر من الغرب، ومن الماضي، لتبدع وتبتكر واقعا جديدا، يمتاز بالاستقلال والمعرفة، والخصوصية التي تكون تعبيرا عن العرب والمسلمين, وعن هويتهم الثقافية والحضارية، ذات رؤية في البناء الذي يقضي على الشتات السياسي، ويحاول إنجاز القوة الاقتصادية والديمغرافية في عالم أصبح ينمو بسرعة البرق في اتجاه التكتلات السياسية والاستراتيجية الكبيرة والفاعلة في القرارات الإنسانية الكبرى من حروب وسياسات وثقافات وغيرها من الأدوات القادرة على الإقصاء والإضعاف .

ولذلك ليس من الصواب تحليل الوعي المجتمعي اليوم ، من خلال مواقع طبقية أو إيديولوجية واحدة، لأنه سيكوّن قراءة منحازة ، فنحن نخطئ إذا استنتجنا أن الأفكار التي تحرك الفرد موجودة في الفرد وحده، فالتفكير يقوم به الناس في جماعات معينة، وضمن سياقات كانت قد طورتها لنفسها كأسلوب خاص في التفكير، وهو ما يمكن اعتباره تشكلًا لـ “هوية ثقافية”. وبعض المفكرين يرى أن الناس يعيشون في جماعات وليس كأفراد منفصلين، بل يتصرفون مع أو ضد بعضهم، ضمن جماعات متنوعة التنظيم.

ولا بد أن نعي أن الربيع العربي عمل على تفكيك النظام العام والطبيعي في بنية المجتمع وهو الأمر الذي عزز من الهويات التاريخية والثقافية وأنتج كيانات في ظاهرها الجدة والعصرنة، وفي كوامن جوهرها الامتدادات التاريخية التي تحاول إعادة التكيف مع الواقع الجديد، ولن تكون تلك الكيانات الجديدة إلا كيانات متصارعة تبحث عن الوجود والبقاء والحفاظ على القيمة والمعنى.

لقد أظهر المثقف العضوي «الأحزاب والمنظمات» فشلاً ذريعاً في صناعة واقع أجد يتوازى وأحلام وتطلعات الناس، ذلك لأنه يتمحور حول الأيديولوجيا ولم يتجدد، وتبعاً لذلك، فقد عجز عجزاً كاملاً عن ضبط إيقاع المفهوم وشاعت في ممارسته وتعاطيه وتفاعله مع الأحداث الفوضى (سقوط الأيديولوجيا) والفوضى لا تصنع مستقبلاً آمناً ومستقراً ولكنها تمهد الطريق للماضي لكي يتمظهر بمظاهر الثورية والتطلع، ولا تجد نفسها – أي الفوضى – إلا في موقف المبرر والمدافع، ومثل ذلك أصبح ملحوظاً ولا يمكن تجاهله، وغياب المثقف الحقيقي والفرد كان نتاج واقع تم تكريسه في الوجدان الجمعي لا يحتفي إلا بالشكل والأدعياء دون النفاذ الى جوهر الأشياء لذلك كان المهاد لثورة 21سبتمبر كضرورة تعيد نسق النظام العام والطبيعي إلى سياقه فقد فرضت الضرورة نفسها ومهدت لقيام الثورة .

وحتى تتمكن ثورة 21من سبتمبر من إحداث متغير في الصورة النمطية التي تسيطر على أذهان الجماعات والفرق ضد بعضها البعض في اطار مشروعنا الإسلامي علينا أن نحدث قدرا من تفريغ الطاقات الانفعالية بما يخدم فكرة التوحيد لا الشتات وبما يعزز من قيمة الأمة لا بما يضاعف من شتاتها ويعيق تقدمها ونهضتها ولذلك من الحكمة أن تدير حوارا توافقيا يلبي مقاصد الإسلام وفي السياق يذيب كتل الجليد بين الجماعات والفرق ويفتح بابا من التقارب والتوحيد في الطاقات حتى تكون عصية وصامدة في تقبل مشاريع الاستهداف التي تنال من الأمة ومن وحدتها ومن هويتها الحضارية والإيمانية والثقافية .

ولا بد من الاهتمام بدور المثقف الحقيقي، فغيابه دال على غياب البعد الحضاري، إذ أن ثمة تلازماً عضوياً بين البعد الحضاري والنهضة الفكرية والثقافية والإبداعية، وسياقات التاريخ تحدثت عن ذلك التلازم، فالبعد الحضاري لم يكن إلا نتيجة لمقدمات موضوعية ومنطقية، واستقرار الأوطان يظل رهن وعي نخبها، ويقظة الهويات التاريخية لن تكون إلا رهن الممارسات الخاطئة التي تقوم بها الأنظمة، لذلك فإن دعوات فك الارتباط التي شاعت في الخطاب السياسي ليست إلا نتيجة لمقدمات خاطئة، واتساع دائرة تلك الدعوات في اليمن، ضاعف من الشعور بالتفرد والاستقلالية ويضاعف من الإحساس بالضيق بالآخر، وهو الأمر الذي يصطلح عليه بـ«تجزئة الهوية الوطنية» ومظاهر تجزئة الهوية دالة على وجود خلل في المنظومة الاجتماعية والثقافية والسياسية، لذلك فتفعيل دور المثقف الفرد والنوعي وتفاعله الإيجابي ومشاركته قد تخفف من وطأة الأحداث وتحد من امتدادها وتساعد في لملمة المتناثر، لوعيه ولأهميته العضوية ولإدراكه لنتائج المقدمات والقرارات وهو الدور الذي لا بد أن تجهد ثورة 21 سبتمبر للقيام به حتى تبدع واقعا ثوريا يمتاز بالجدة ويعمل على تمتين عناصر النهضة ويتفاعل مع المستويات الحضارية المعاصرة .

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

أعلام الفكر الإسلامي لأحمد تيمور باشا ضمن إصدارات قصور الثقافة بالمعرض

صدر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة كتاب "أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث" لأحمد تيمور باشا، ضمن مجموعة الأعمال الرائدة التي تطرحها الهيئة بمناسبة معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، المقرر انطلاقها في الفترة من 23 يناير الحالي إلى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، ضمن برامج وزارة الثقافة، تحت شعار "اقرأ.. في البدء كان الكلمة".

بحث عميق 

يقدم لنا العلامة المحقق أحمد تيمور باشا، في هذا الكتاب القيم مجموعة منتقاة من أعلام القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين، حرص على اختيارهم بعناية ليكونوا أفضل ممثلين للوطن العربي والعالم الإسلامي.

ويتميز الكتاب بشمولية محتواه، إذ يضم شخصيات بارزة من مصر والعراق والشام وشمال أفريقيا والحجاز، مستندا في ذلك إلى جمع دقيق وبحث عميق.

وتشارك هيئة قصور الثقافة في دورة هذا العام من المعرض بأكثر من 165 عنوانا جديدا تم اختيارها بعناية وصدرت ضمن سلاسل الهيئة ومجموعة أخرى تم إصدارها بمناسبة المعرض، وتقديمها بأسعار مخفضة للجمهور، وقد تنوعت موضوعات الكتب لتشمل التاريخ والتراث والأدب الشعبي والتراجم العالمية وكتب أعلام الفكر والأعمال الرائدة، بالإضافة إلى إصدارات متنوعة في سلاسل: السينما، السير الذاتية، أدب الرحلات، الفلسفة، والدراسات الشعبية، الفن التشكيلي، النقد الأدبي، المسرح، والموسيقى، والعبور، وكذا الأعمال الإبداعية في القصة والشعر والرواية، بجانب الركن الخاص بكتب الأطفال وركن في جناح الهيئة للكتب المخفضة.

ويشرف على إصدارات الهيئة في المعرض الإدارة المركزية للشئون الثقافية، برئاسة الشاعر د. مسعود شومان، والإدارة العامة للنشر الثقافي، برئاسة الكاتب الحسيني عمران، والإدارة العامة للتسويق والمبيعات، برئاسة تغريد كامل، وصمم غلاف الكتاب د. إنجي عبد المنعم.

ويشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب 80  دولة و1300 دار نشر و6 آلاف عارض، وتحل عليه سلطنة عمان ضيف شرف هذه الدورة، وتم اختيار اسم الدكتور الراحل أحمد مستجير، شخصية المعرض، والكاتبة فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل.

مقالات مشابهة

  • أعلام الفكر الإسلامي لأحمد تيمور باشا ضمن إصدارات قصور الثقافة بالمعرض
  • «الغرف السياحية»: أعداد المعتمرين المصريين منذ سبتمبر تخطت الـ500 ألف
  • السفير نبيل فهمي لـ«كلمة أخيرة»: أتوقع إعادة طرح ترامب لصفقة القرن
  • نبيل فهمي: ترامب سيحاول إعادة صفقة القرن
  • بيع مزهرية مرفوضة من بي بي سي بـ 53 مليون جنيه إسترليني
  • «الأزهر»: 2 مليون فتوى تتعلق بفقه العبادات والمعاملات وقضايا الفكر
  • انطلاق معرض ويبيكس الدولي في كينيا سبتمبر المقبل
  • بعضها مدى الحياة.. أطول عقود اللاعبين في القرن الـ21
  • أوقاف شمال سيناء: تنظم ندوة لنشر الوعي وتعزيز الفكر الوسطي المستنير
  • كابوس يناير الذي لا ينتهي