الوهابية تحتفل باليوم الوطني وتجرم الاحتفاء بالمولد النبوي
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
د. حبيب عبدالله الرميمة
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابة العزيز “وَلَقَدْ أرسلنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُـمَاتِ إلى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ” (سورة: إبراهيم، آية ٥).
من خلال التمعن في سياق الآية نجد دلالات واضحة حول أهميّة الرسالات السماوية وما أوكله الله لرسله من مهمة تتمثل بهداية الناس لإخراجهم من الظلمات إلى النور، وهذه هي المهمة الأَسَاس للأنبياء، بل والغاية من إرسال الله تعالى لرسله، لكن هذه الغاية تحتاج إلى إستشعار عملي واقعي بحيث يسند حقيقة ما جاء به الرسل -ومنهم نبي الله موسى المخاطب هنا بالآية- وهذا البرهان العملي هو تذكيرهم بأيام الله كنعمة عليهم، ومن المعلوم أن أَيَّـام الله لا يقصد بها هنا تذكيرهم بأسماء الأيّام والشهور، وإنما ذكر أحداث زمنية حدثت بأيام معينة، تجعلهم يستشعرون أهميّة الرسالة من جهة والنبي المرسل من جهة أُخرى، وعظمة الفارق الذي حصل لهم والتغيرات الكبرى التي أثرت فيما بعد على حياتهم سلباً أَو إيجابا، فالأيّام في سياق القرآن الكريم، نجدها متعددة، قد تكون للتذكير باستشعار نعمة الله ورعايته ونصره بشان الغنائم فيرد في سياق الآية (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُـلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الأنفال- آية (41)، وقد تكون للتحذير والتذكير من ارتكاب مخالفة ما (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ، إذ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شيئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ) التوبة:آية٢٥.
وقد تكون للترهيب والوعيد الأخروي (يوم القيامة، ويوم الحساب ويوم الدين.. )، وقد تكون لاستشعار أهميّة ولادة شخص معين كنعمة بحد ذاتها تستحق شكر الله وحمده، وهذا ما نجده في سياق الآية السابقة-المشار إليها أول المقال- فبعد أن أمر الله نبينا موسى أن يُذّكر قومه بأيام الله، يأتي قول موسى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ، إذ إنجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أبناءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) إبراهيم:آية٦.
وهنا يثور السؤال: لماذا اختار سيدنا موسى تذكيرهم بهذه الواقعة التي كان يمارسها فرعون وجنوده، دونا عن بقية الحوادث، مع أن حادثة إغراق فرعون، وضرب البحر بالعصا، وتأييد الله له بالعذاب الذي أرسله على فرعون وقومه، كالضفادع والدم وغيرها، هي أَيَّـام تستحق أن يذكرهم بها لكنه اختار تذكيرهم بواقعهم قبل مولده ومنها ذبح أطفالهم واستحياء نسائهم.
والحكمة والهدف -حسب اعتقادنا -هو تذكيرهم بأهميّة وجوده بينهم، ورعاية الله التي أحاطته، وأفشلت كيد فرعون وجنوده للتخلص منه، والمقصود يوم مولده، كيوم من أعظم أَيَّـام الله.
فالمتطلع إلى كتب التفاسير تكاد معظمها أن تجمع على رواية مضمونها تحَرّك فرعون لقتل وذبح ذكور بني إسرائيل بعدما تكهنوا له أنه سيولد طفل من بني إسرائيل في تلك السنة يقضي على ملكه. وما يؤيد تلك الروايات هو حالة الاستنفار التي يتحدث بها القرآن بعد أن ولدت أم موسى به، بالوحي إليها بإلقائه في اليم (وَأَوْحَيْنَا إلى أم مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْـمُرْسَلِينَ) سورة القصص- آية (7).
واستجابة أم موسى للأمر يدلل على شدة الموقف الاستثنائي؛ باعتبَار أن رمي طفلها في اليم يتناقض مع
عاطفة الأمومة لولا أنها لم تجد إلَّا تلك الطريقة الوحيدة لنجاته، لذلك كما قلنا اختار موسى عليه السلام، يوم مولده وتذكيرهم به، كيوم من أَيَّـام الله، ونعمة عليه وعلى بني إسرائيل، إذ لو تمكّن فرعون وجنود من قتله، لكان بنو إسرائيل ما زالوا بسوء العذاب.
وَإذَا كانت هذه الآية -التذكير بأيام الله- خَاصَّة بموسى لكنها عامة في جميع الأنبياء، لاشتراكهم معه بالعلة الموضوعية، إخراج قومهم من الظلمات إلى النور، وَإذَا كان موسى اختار ذلك في سياق تذكيرهم بما كانوا عليه والنعمة والرحمة بنجاة الله له كسبب لنجاتهم.
فَــإنَّ سياق القرآن الكريم في آيات أُخرى تذكر بعظمة يوم المولد النبوي، على سبيل المثال ما ورد في سورة مريم، بحق يحيى بن زكريا يقول الله تعالى (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا) آية:١٣.
ثم يليها في سياق السورة مولد سيدنا عيسى، والمعجزة التي أجراها الله له بتكليمهم في المهد كشاهد على صدق نبوته، واختياره تعظيم أَيَّـام زمنية معينة (والسلام عليَّ يوم وُلدت ويوم أموت ويوم أُبعَثُ حيا) الآية:٣٣.
فالدلالة الزمانية هنا بتعظيمهم لليوم الذي ولدوا فيه؛ لأَنَّ هذا اليوم هو من أَيَّـام الله العظيمة التي
تستحق الشكر والفرح، وقد يقول قائل: وماذا عن ذكر يوم موته؟؛ لأَنَّه يوم من أَيَّـام الله يذكرهم فيه بحدث عظيم، وهو فقدانهم وسلبهم لنعمة من انعم الله عليهم.
أيضا قد يقول قائل: إذَا كان هذا التذكير بأيام الله في مولد الأنبياء قد ورد بالقرآن الكريم صراحة بحق بعض أنبياء الله، فأين نجد أَيَّـام الله التي تذكرنا بمولد النبي -صلوات الله عليه وآله- في القرآن الكريم؟ والإجَابَة بكل بساطة هو القرآن الكريم ذاته الذي انزله الله عليه، واختصه به، وبما يحمله من نور وهدى لإخراج الناس كافة من الظلمات إلى النور، فاذا كان تعظيم الله لشهر رمضان عن بقية الأشهر لنزول القرآن فيه (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن) البقرة: الآية-١٨٥. ليكون من فروض القربة إلى الله بالصيام لعلة ظاهرة أنه انزل فيه القرآن، ثم اختص ليلة مباركة من هذا الشهر وهي ليلة القدر الذي انزل فيها القرآن وجعلها خيرًا من ألف شهر، يرفع المؤمنون على وجه المعمورة فيها اكف الرجاء ويبتهلون إلى الله أن ينالوا من خيرها وبركاتها، أفلا يكون يوم مولده من أعظم أَيَّـام الله التي يستشعر بها المؤمن عظمة ونعمة مولد رسول كرحمة مهداة للناس ونور الله للعالمين إلى يوم الدين. وحيثُ إن يوم مولده، قد تواترت عليه الأُمَّــة في شهر ربيع الأول، وَإذَا سلمنا بالاختلاف بتحديد اليوم الذي ولد فيه. فهذا الخلاف لا نراه إلا كمثل ليلة القدر فهي معلومة في نطاقها الزمني بنص القرآن (شهر رمضان) واختلف في تحديد يومها بدقة، ولعل ذلك زيادة في التحري لها ورجاء خيرها طوال الشهر، وخُصُوصاً في العشر الأواخر منه.
ومن ثم نقول أنه لا ينبغي أن يكون عظمة مولد النبي أي نبي، وعلى وجه الخصوص مولد نبي النور وخاتم المرسلين محمد -صلوات الله عليه وآله- محل خلاف، وهو أَسَاساً ليس محل اختلاف بين مذاهب الإسلام المعتبرة ولا بين علمائها سنة وشيعة على مر التاريخ، وأن ظهرت بعض الفرق مثل الوهَّـابية تبدع وتحرم الفرح والاحتفال بذكرى مولده، فهو لمقاصد سياسية بحتة لا شأن للدين بها، وإلا لكان تجريم الاحتفال باليوم الوطني السعوديّ أولى بالتجريم ولم يسمع ذلك منهم، بل وأعلى من ذلك، ما نجده من تناقض فتواهم وعدم قيامهم بالأمر بالمعروف فيما يحصل من مخالفات شرعية صريحة داخل أرض الحرمين من إفساد وفجور أخلاقي. فهم لا يمثلون علماء دين لله تدور العلة حيثما دار الحكم، وإنما يتخذون من الدين معايير لما تمليه سياسة الحاكم ويحقّق مصالحه ومصالحهم؛ لذلك فالوهَّـابية تنظيم سياسي دون أن تكون مذهباً فقهياً حقيقياً لخدمة دين الله، من حين وجدت، وتحالف سيفان في نجد كحقيقة تاريخية لا يختلف عليها اثنان، سيف باسم الدين وهو مؤسّسها محمد بن عبد الوهَّـاب، وسيف السلطة ممثلا بمحمد بن سعود، بتوقيع اتّفاق الدرعية عام ١٧١٤م. حتى أصبح هذان السيفان شعارًا رسميًّا لها، يتسلطان على رؤوس الأُمَّــة، تارة باسم البدعة وأُخرى باسم الحداثة. وهو موضوع يطول شرحه.
الخلاصة هنا أن ذكرى المولد النبوي بالتعظيم والتمجيد والفرح فيما يتعلق بمولد النبي هو من أَيَّـام الله التي ينبغي أن يتذكرها الناس كنعمة كبيرة؛ لأَنَّها أَيَّـام شكر ورحمة تأذن بها الله تعالى لتغيير كوني بالرسالة الخالدة التي يحملها النبي المولود رحمة ونور للناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور، فما أعظم يوم مولده كيوم من أَيَّـام الله (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ”يونس- آية (58).
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت.. الإفتاء توضح
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال يقول صاحبه "بعض الناس عندما يتوفى لهم أحد من الأسرة، يقومون بدعوة الناس لقراءة القرآن الكريم في منزله، ويختمون قراءته كله، ثم يدعون ويهبون ثواب هذه القراءة للمتوفى، ويشفعون له بالمغفرة من الله تعالى، ولكن بعض الناس يعترضون على هذا العمل ويقولون إنه بدعة وحرام؛ علمًا بأن هذا العمل يزداد وينتشر يومًا بعد يوم، فما رأي الدين في هذا؟".
وقالت دار الإفتاء، إن اجتماع المسلمين لعمل ختمة من القرآن الكريم أو قراءة ما تيسر من السور والآيات وهبة أجرها لمن توفي منهم، هو من الأمور المشروعة والعادات المستحسنة وأعمال البر التي توافق الأدلة الصحيحة والنصوص الصريحة.
صيام الست من شوال وإهداء ثوابه إلى الميت.. دار الإفتاء توضح الحكم
حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم.. الإفتاء توضح
هل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل
حكم تداول رسائل توديع شهر رمضان المبارك .. دار الإفتاء ترد
وأكدت دار الإفتاء، في فتواها المنشورة على موقعها الإلكتروني، إلى أن بعض السلف الصالح أطبق على فعلها، وجرى عليها عمل المسلمين عبر القرون مِن غير نكير، مشيرة إلى أن مَن ادَّعى أن ذلك بدعةٌ فهو إلى البدعة أقرب.
حكم الاستماع إلى القرآنوأما عن قراءة القرآن الكريم أو الاستماع لتلاوته، فقالت دار الإفتاء، إن كليهما عبادة من أفضل العبادات، والسنة النبوية عامرة بالنصوص المؤكِّدة لفضلهما وثوابهما: ففي خصوص قراءته جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي.
وأوضحت أنه بخصوص الاستماع إليه جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَلَاهَا كانت لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام أحمد.
وتابعت "حث الله تعالى عباده المؤمنين على الاستماع إلى القرآن الكريم والإنصات له، فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، فالله عز وجل أرشد المؤمنين به المصدقين بكتابه إلى أن يصغوا وينصتوا إلى القرآن إذا قرئ عليهم؛ ليتفهموه ويعقلوه ويعتبروا بمواعظه؛ إذ يكون ذلك سبيلًا لرحمة الله تعالى بهم.
وقال الإمام الطبري في تفسيره "جامع البيان" (10/ 658، ط. دار هجر): [يقول تعالى ذكره للمؤمنين به المصدقين بكتابه الذين القرآن لهم هدى ورحمة: ﴿وَإِذَا قُرِئَ﴾ عليكم أيها المؤمنون، ﴿الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾، يقول: أصغوا له سمعكم لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه، وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه، ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ يقول: ليرحمكم ربكم باتعاظكم بمواعظه، واعتباركم بعبره، واستعمالكم ما بينه لكم ربكم من فرائضه في آيه] اهـ.
وقال الإمام الليث: [يُقال: ما الرحمة إلى أحدٍ بأسرع منها إلى مستمع القرآن؛ لقول الله جل ذكره: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، و"لعل" من الله واجبةٌ] اهـ. يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي (9/1، ط. دار الكتب المصرية).
استماع النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ لتلاوة القرآن من غيرهكان النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ يحب أن يستمع لتلاوة القرآن من غيره، وهذا مما يؤكِّد سنية الاستماع والإصغاء لتلاوة القرآن الكريم واستحبابه؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قالَ: قال لي النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِن غَيرِي، فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾، قالَ: أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري.
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (10/ 277، ط. مكتبة الرشد): [«إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» معنى استماعه القرآن من غيره -والله أعلم- ليكون عرض القرآن سنة، ويحتمل أن يكون كي يتدبره ويفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسُه أخلى وأنشط من نفس القارئ؛ لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (6/ 88، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي حديث ابن مسعود هذا فوائد، منها: استحباب استماع القراءة والإصغاء لها، والبكاء عندها، وتدبرها، واستحباب طلب القراءة من غيره ليستمع له، وهو أبلغ في التفهم والتدبر من قراءته بنفسه، وفيه تواضع أهل العلم والفضل ولو مع أتباعهم] اهـ.