الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أصل الدين ومنارة الإسلام
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
في زخم الاستعدادات غير المسبوقة للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله افضل الصلاة وأتم التسليم، مولد الرحمة المهداه، والفضل العظيم، لشعب الإيمان والحكمة كما هي عادته كل عام، في إحياء مثل هذه المناسبة العزيزة على قلوب المؤمنين الصادقين، يتمثل جلياً أمامنا قول الله تعالى ” قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ”.
فلنحتفل، ومن حقنا أن نحتفل بمولد سيد البشرية جمعاء، ومبدد دياجير الظلماء،
ومن أحق منا بالاحتفال بهذه المناسبة العظيمة، وأجدادنا الأنصار هم من أحتضن هذه الرسالة السماوية الخالدة، وبذلوا من أجلها الغالي والرخيص، حتى أضحوا مضرب الأمثال في التضحية والفداء والإيثار على النفس، ويكفيهم أن الله سبحانه وتعالى قال عنهم في محكم الذكر المبين : “وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ “، وهذا وسام عظيم، وشهادة ربانية خالدة، منحها الله عز وجل من فوق سبع سموات لعباده الأنصار المخلصين الأوفياء، الكرماء، العظماء، ومن أصدق من الله قيلا؟!
وها نحن اليوم نحيا في خضم المنافسة النبيلة لإقامة شعائر هذه المناسبة العظيمة، في كل حارة، وكل بيت، ونعيش الأجواء المحمدية الخضراوية المباركة، مستبشرين بهذا الحدث العظيم، وهذه المناسبة الربانية، وكما هو موعدنا مع كل انتصار بحلول ذكرى مولد خير البشر صلوات الله عليه وعلى آله، وبالنظر إلى الواقع الراهن الذي يموج بالاضطرابات التي لا بداية لها ولانهاية، ويغلي بالأحداث الساخنة، على أثر العدوان الإسرائيلي الأمريكي على فلسطين، هذا الوضع العصيب الذي يزداد غليانه يومااً بعد يوم، لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى، “ليميز اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ”، فإن الأيام القادمة تُبشر بانتصارات عظيمة، وفتوحات ربانية متوالية، تقر بها عيون عباد الله المؤمنين، وتشفي صدورهم، بإذن الله تعالى.
وكما تعودنا على البشائر العظيمة التي تعقب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كل عام، فإن هذه الوقائع والأحداث تؤكد وبما لا يدع مجالاّ للشك أن وعد الله تعالى آتٍ لا محالة، وأن النصر حليفنا ولو كره المجرمون، وأن هذه الإبتلاءات والمحن إنما هي مقدمة للفتح المبين والنصر الأعظم، وأن التضحيات والدماء الطاهرة التي تُسفك ظلماً وعدواناً إنما هي ضريبة الحرية والاستقلال.
وهل نالت الشعوب حريتها واستقلالها إلاَ بعد دفع الضرائب الباهظة والتضحيات الجسيمة ..
فلنستبشر بوعد الله الحق ولنثق بنصره
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
هدي النبوة.. خطيب المسجد النبوي: يجعل للحياة قيمة وللمسلم قدرا
قال الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إنه ينبغي بذل الخير والسعي في إسعاد الناس ونفعهم، والتيسير على العباد، ودفع الضرر عنهم، والسعي في إصلاح ذات البين.
هدي النبوةوأضاف“ الثبيتي” خلال خطبة الجمعة الثالثة في جمادي الآخر اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أن ذلك امتثالاً لما حثّ عليه دين الإسلام، وبما جاء في كتاب الله جل وعلا، وهدي نبينا محمد عليه الصلاة والسلام من القول والعمل.
وأوضح أن من هدي النبوة، ومن نور الرسالة الذي يجعل للحياة قيمة وللمسلم قدرًا وهدفًا، ويربط المسلم مجتمعه، ويجعله فاعلاً بينهم، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا) رواه الطبراني.
وأشار إلى أن هذا الحديث، يصحّح نظر المسلم للكون والخلق والحياة، ويقوّم المسار، ويوجه البوصلة، وهو جدير بأن نتأمل حروفه ونتبين مدلوله، ليتدفق في عروق الأفراد والمجتمعات طعم الإسلام، وحلاوة هذا الدين.
يصحّح نظر المسلموتابع: خاصة حين تغلب روح الأنانية والفردية، ويتضخم حب الذات، وتجمد العواطف، وتذبل العلاقات، وينشغل المسلم عن واجبه تجاه أمته، وعن رسالته في حق وطنه، وعن دوره في مجتمعه.
ولفت إلى أن أعظم وسام يناله المسلم؛ أن يكون أحبّ الناس إلى الله، وأعظم تحفيز للمسارعين إلى الله وطالبي رضاه، زرع البسمة على الشفاه، وكشفُ الكربة عن المكروبين، وبذل العون للمحتاج.
وأفاد بأنه بمثل هذه التوجيهات الربانية والنبوية يربّي الإسلام أفراده على العطاء، ويجعل كل واحد منهم نبعًا يفيض بالخير والعطاء، فمن سلك هذا المسلك فإن حياته تتّسع، وصدره ينشرح، وتحلّ عليه البركة.
ونبه إلى أن أبواب النفع ليست محدودة في نطاق محصور، ولا في مجال ضيق، مشيرًا إلى وظيفة النبوة التي جُعلت لنفع الخلق وإخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور الإسلام، فترك لنا الأنبياء والصالحون أمثلة عظيمة على المشاريع الحياتية التي كرّسوا حياتهم من أجلها.
أبواب النفعونوه بأنه قام كل نبيٍ بدعوة قومه لتوحيد الله، وأرسى معالم ومنارات اهتدى بها الناس من بعدهم، فنبي الله نوح عليه السلام يبني سفينة النجاة لأمته، ونبي الله إبراهيم عليه السلام يلبّي نداء ربه ويمتثل أمره ببناء الكعبة لتكون قبله للتوحيد وللعبادة للأجيال القادمة.
واستطرد: ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ويرسي فيها مكارم الأخلاق وقيم التربية ومحاسن الأمور، ولما رجع صلوات ربي وسلامه عليه من غار حراء قد عرته الدهشة للملك الذي جاءه في الغار.
وأردف : يقول لخديجة رضي الله عنها: "قد خشيت على نفسي" فقالت له: "كلا، أبشر، والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" متفق عليه.
وبين أن هذه الأحوال كلها مشتملة على نفع متعدٍّ للآخرين، فكانت عاصمة له بإذن الله من أن يصيبه خزيٌ أو حزن أو أذى، كما تعلم الصحابة من نبيهم هذا الدرس ووعوه جيدًا وضربوا أروع النماذج في النفع، واستثمر كل واحد منهم ما وهبه الله من قدرات ومواهب في مشاريع حياتية تركت آثارًا خالدة على الأمة الإسلامية.
تعلم الصحابة هذا الدرسوبين الشيخ الثبيتي أن نفع الأمة له أشكال عديدة، فتارة بنشر الإسلام وبناء قيمه السامية، وتارة بإغاثة الملهوفين، ودعم الفقراء والمساكين، ومرة ببناء المساجد ودعم حلقات تحفيظ القرآن الكريم والمؤسسات الخيرية.
وواصل: ثم بنفع الوطن الذي عاش على ترابه واستنشق هواءه ونهل من معينه بالإسهام في بناء مؤسساته، والعمل على ازدهاره ورفع شأنه، والانخراط في تنميته والعمل على استقراره وتعزيز لحمته.
وأفاد بأن من بين الناس من يجعل حياته مشروعًا يحمل الخير للناس، يضع نصب عينيه تجاوز حدود الوقت والمكان، فيكون سببًا في نفع أجيال متعاقبة حتى بعد أن يودع هذه الدنيا.
وذكر أن هؤلاء هم أصحاب الهمم العالية والطموحات الكبيرة، الذين يبذلون حياتهم لمشروع واحد عظيم، وهدف سامٍ كبير يملأ حياتهم، ويملأ حياة الناس من بعدهم، فينتفع به الناس أيّما انتفاع، ويسعى دومًا بالارتقاء بشأن المجتمع بخدمة يقدمها في مجال العلم أو الاقتصاد أو الصحة أو أي مجال من مجالات الخير والتطوع والتطوير والبناء.
مشروع الحياةوأكد أن مشروع الحياة حتى لو كان صغيرًا فإنه كبير بالنية الصادقة، وهي رسالة يحملها صاحبها طيلة حياته، يعمل من أجلها في كل لحظة من لحظات عمره، يبذل في سبيلها من جهده ووقته وماله؛ ليكون أثره ممتدًا بعد وفاته، ونفعه وأجره مدرارًا في ميزان حسناته، ومن أخلص النية وكان هدفه إرضاء ربه؛ نال مراده وبارك الله في جهده.
وأشار إلى أن مشروع الحياة قد يستغرق سنوات حتى يؤتي ثماره، لكن أصحاب الهمم العالية لا تثنيهم العقبات، ولا يحبطهم الفشل، بل يتعلمون ويمضون قدمًا بالصبر ومداومة العمل والعطاء وبذل الخير، مذكرًا بمن ساهموا في نفع الناس وتطوير المجتمعات بتأسيس المدارس والجامعات والمستشفيات، وتطوير العلوم والمعارف، ونشر العلم، وغرس القيم والدعوة إلى الله، فخلّد التاريخ أسماءهم، وحفظ الرب أجرهم، لا لأنهم بحثوا عن المجد الشخصي، ولكن لأنهم اختاروا نفع الناس، والارتقاء بأمتهم ووطنهم، ولا ينقطع أجرهم بوفاتهم.
ودعا إلى استشعار هذه المفاهيم العظيمة في تطوير المجتمع، وتأسيس المبادرات التي تنهض بالوطن، وتعزز من قوة الأمة، مشيرًا إلى حاجة الأمة اليوم إلى كل جهد نافع، ولكل مشروع يحمل الخير للأجيال القادمة.