تعكرت فرحة بسمة محمد، بإلحاق ابنها «آسر» ذي الأربعة أعوام بالمدرسة، حين تلقت ورقة طويلة مليئة بالمستلزمات التي يجب أن ترسلها معه في أول يوم دراسي الأسبوع المقبل، وتضم -إلى جانب الأدوات التقليدية من أقلام ومحّايات وألوان وكراسات رسم- أدوات نظافة «مُبالغ فيها» مثل «3 زجاجات ديتول حجم كبير، 6 بكرات مناديل تواليت و2 عبوة مناديل وعبوة جيل للاستحمام كبيرة»، وطلبات أخرى.

وتتساءل الأم التي تعيش في منطقة المقطم (شرق القاهرة)، وهي في العقد الثالث من عمرها: «هل يحتاج طفل في رياض الأطفال إلى 3 علب ديتول من الحجم الكبير»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنها لن تُحضر كل هذه الطلبات «سوف أحضر علبة ديتول واحدة، وسأقلل في الكميات، لأن المدرسة هي التي ستستحوذ عليها في النهاية».

سبلايز إحدى المدارس الخاصة في الجيزة لمرحلة رياض الأطفال (فيسبوك)

وآسر ليس الطفل الوحيد لدى الأسرة التي يقتصر دخلها على عمل الأب، لأن الأم لا تعمل. لدى بسمة طفلة أخرى تكبره بعامين، اصطحبتها قبل بدء الدراسة بيومين واشترت المستلزمات، فكان عبئاً مادياً أيضاً لكنه أقل مما طلبته مدرسة آسر… المدرستان خاصتان، لكنهما في منطقتين مختلفتين، مدرسة البنت في حي الظاهر (وسط القاهرة)، ويغلب عليها الطابع الشعبي، أما مدرسة آسر تعد في منطقة مرفهة أكثر.

وتبدأ الدراسة رسمياً في مصر، السبت المقبل، لكن المدارس الدولية والخاصة تستقبل الطلاب قبل هذا الموعد بأسبوع.

ووصلت أعداد المدارس الحكومية في مصر، خلال العام الدراسي الماضي «2023- 2024»، إلى 50 ألفاً و403 مدارس حكومية و11 ألفاً و109 مدارس خاصة ودولية وفق إحصائية لوزارة التربية والتعليم، أعلنتها في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقدر وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف، خلال لقائه مع صحافيين، مساء الأربعاء، عدد الطلاب في العام الدراسي الحالي بـ 25 مليون طالب، منهم 22 مليون طالب في المدارس الحكومية و3 ملايين طالب في المدارس الخاصة.

ولا يظهر عبء مستلزمات المدارس بالقدر نفسه على الأسر التي يلتحق أبناؤها بالمدارس الحكومية بشقيها العربي والتجريبي «لغات»، ففيها تتقلص الطلبات إلى حد كبير. وفق أولياء أمور.

وتقول فاطمة شعبان، وهي أم في العقد الرابع من عمرها، ولديها طفلان، في إحدى المدارس الحكومية التجريبية بمنطقة شبرا في محافظة الدقهلية (شمال القاهرة)، إن المدرسة طلبت من ابنتها فريدة ذات الستة أعوام في مرحلة «كي جي 2»، أشياءً بسيطة، على حد وصفها، «مناديل مبللة وديتول وقلم للسبورة»، مشيرة إلى أن شقيقتها تتكلف أضعاف ما تتكلفه هي في المتطلبات لأن ابنها في مدرسة خاصة.

طلبات غير قانونية

ولا تعد المستلزمات أو «السبلايز» بمفهومها الحالي، الذي يمتد إلى أدوات نظافة وأخرى تستخدمها المدرسة في التزيين، «أمراً قانونياً» وفق مدير عام إدارة جنوب الجيزة عبد المقصود سعيد، مشدداً لـ«الشرق الأوسط»: «ممنوع أي تبرعات للمدرسة بشكل نهائي بناءً على تعليمات الوزير»، مشيراً إلى أنه «حال تقدم أي ولي أمر بشكوى ضد مدرسة بعينها تجبر الطلاب وأولياء الأمور فيها على إحضار أشياء للمدرسة، يُحال مديرها للتحقيق فوراً».

وأكد سعيد أن المدارس الحكومية لا تُغالي في أي طلبات على أولياء الأمور، فقط الأدوات التي يستخدمها الطالب في العملية الدراسية.

إقبال كبير على معرض «أهلاً مدارس» في القاهرة (حساب الغرفة التجارية على «فيسبوك»)

و«حاولت الحكومة التخفيف عن الأهالي مع بدء العام الدراسي، وافتتحت معرضاً في القاهرة والمحافظات تحت اسم (أهلاً مدارس)، وفيه تنخفض الأسعار مقارنة بالسوق»، وفق ما أكده محمد الصفتي، عضو غرفة الأدوات المكتبية في غرفة القاهرة التجارية، وهو أيضاً صاحب سلسلة مكتبات.

ويقول الصفتي لـ«الشرق الأوسط» إن «أسعار (السبلايز) زادت بنسبة بسيطة من 10 إلى 15 في المائة مقارنة بالعام الماضي»، مرجعاً ذلك إلى «استقرار سعر الدولار في السوق»، وفق تعبيره.

يأتي ذلك وسط موجة غلاء تعاني منها مصر حيث تشهد البلاد ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار السلع الغذائية والخدمات والمواصلات والطاقة. بالإضافة إلى تقنين الحكومة زيادة أسعار التعليم في المدارس والجامعات الخاصة.

وجاهة اجتماعية

ويعد الصفتي وأولياء أمور أن «السبلايز» خرج من منظور ما يحتاجه الطالب بالفعل للتحصيل الدراسي إلى «الوجاهة الاجتماعية»، وأوضح الصفتي: «المدارس ذات المتطلبات الكثيرة تكون في الغالب مدارس لغات خاصة ودولية»، عاداً أن «كثرة الطلبات فيها تعكس الطبقة الاجتماعية للملتحقين بها».

ويؤكد أن «أولياء الأمور يحاولون تخفيف عبء السبلايز إما باللجوء إلى معرض (أهلاً مدارس) أو التوجه إلى الفجالة (منطقة وسط القاهرة مخصصة لبيع الأدوات المكتبية والمدرسية)، أو إلى العروض في الهايبرات (محال تجارية كبيرة).

ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية العام الحالي في مصر (حساب الغرفة التجارية على «فيسبوك»)

وتحول الحديث عن السبلايز عبر السوشيال ميديا إلى مادة للسخرية، في ترسيخ لطريقة تعامل المصريين مع الأزمات، فنشر كثير من أولياء الأمور مقاطع فيديو وصور للسبلايز التي اشتروها للمدرسة، وشبهوها بـ«جهاز العرائس الجدد»، في إشارة إلى كثرتها، وسط تساؤلات عما يمكن أن يفعله أطفالهم بكل هذه الأدوات، وأين تذهب.

أما بسمة، التي تلقت تعليمها في مدارس حكومية، ولم يكن موجوداً على أيامها «موضة السبلايز»، فتأمل أن يتلقى ابنها مستوى تعليمياً يبرر في النهاية هذه الطلبات.


Source link مرتبط

المصدر: الميدان اليمني

كلمات دلالية: المدارس الحکومیة العام الدراسی أولیاء الأمور

إقرأ أيضاً:

الديوانية: افتتاح 61 مدرسة ضمن مشروع الأبنية النموذجية

الاقتصاد نيوز - بغداد

أعلنت محافظة الديوانية، الأحد، عن افتتاح 61 مدرسة ضمن مشروع الأبنية النموذجية بموجب الاتفاقية العراقية الصينية، فيما أشارت إلى أن هذه المدارس تمثل إضافة نوعية للبنية التحتية التعليمية في المحافظة.

وقال مدير عام تربية الديوانية، أحمد خرباط الجليحاوي، في تصريح أوردته وكالة الأنباء الرسمية، واطلعت عليه "الاقتصاد نيوز"، إنه "تم افتتاح 61 مدرسة في محافظة الديوانية ضمن إطار الاتفاقية العراقية الصينية، حيث تم إنجازها وتسليمها إلى مديرية تربية الديوانية"، مبيناً أن "المدارس شملت ثلاث فئات هي: 12 صفاً، 18 صفاً، و24 صفاً، وفق المواصفات الفنية المطلوبة".

وأضاف، أن "هذه المدارس تمثل إضافة نوعية للبنى التحتية التعليمية في المحافظة"، مشيرا إلى "دورها في تحسين العملية التربوية وتقليل الاختناقات الحاصلة في المدارس، إذ إن افتتاح هذه المدارس ساهم في القضاء على الدوام المزدوج والثلاثي، إلا أنه في طبيعة الحال تزداد أعداد الطلبة في كل عام ، مما يتطلب بناء حوالي 400 مدرسة إضافية للقضاء بشكل نهائي على هذه المشكلة".

وأشار إلى أن "هناك خطة لبناء المدارس الإضافية بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء" ،معربا عن "أمله أن تكون هناك الوجبة الثانية من الاتفاقية الصينية لبناء مدارس إضافية، فضلاً عن مشروع (إيدوبا) وصندوق الأشد فقرا لتنمية الأقاليم".

وأكد أن "الحكومة المحلية داعمة للقطاع التربوي من خلال تخصيص مبالغ جيدة في هذا الشأن".

من جانبه، أوضح المهندس المقيم لمشروع المدارس الصينية في الديوانية، حيدر فليح ، في تصريح أوردته وكالة الأنباء الرسمية، واطلعت عليه "الاقتصاد نيوز"، أن "إنجاز الـ 61 مدرسة تم تنفيذها ضمن أربع فئات هي: 24A 2Bb و18Bو 12B ، وقد تم تسليم هذه المدارس إلى المديرية، ودخلت ثلاث مدارس منها في الخدمة".


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • الديوانية: افتتاح 61 مدرسة ضمن مشروع الأبنية النموذجية
  • وزير التعليم يزور 7 مدارس في 3 محافظات لمتابعة سير العملية التعليمية
  • مع عودة الفصل الدراسي الثالث.. ما هي أول إجازة مطولة للطلاب؟
  • جولة مفاجئة لوزير التعليم بعدد من مدارس محافظتي كفر الشيخ والدقهلية
  • حدث وأنت نائم| معلم يتحرش بزميلته في مدرسة بأسيوط.. والإعدام لعشيقين بتهمة قتل الزوج المخدوع
  • قبيل ساعات من اعتصام للمعلمين.. التربية تصدر توجيهاً لدوام المدارس
  • انطلاق النسخة الخامسة من بطولة «كأس البيت الروسي» لكرة القدم بالإسكندرية بمشاركة مصرية وروسية
  • غموض يكتنف مصير العام الدراسي بمناطق “الرئاسي”
  • مدرسة WE للتكنولوجيا التطبيقية بالوادي الجديد تفتح باب التقديم للعام الدراسي الجديد
  • المغنيسيوم…معدن سحري أم مجرد ضجة تسويقية؟