في عالمنا الحديث، لا شك أن التواصل الفعّال أصبح مفتاحًا للنجاح في كل جوانب الحياة، سواء على المستوى الشخصي أو المهني. القدرة على التعبير بوضوح والتفاعل بشكل بناء مع الآخرين ليست مجرد مهارة تكميلية، بل هي عامل حاسم قد يحدد مدى نجاحك أو فشلك في تحقيق أهدافك. هذا هو جوهر ما يقدمه لنا جيمس بورج في كتابه “طلاقة اللسان”، حيث يقدم خارطة طريق واضحة لتحسين مهارات التواصل بشكل شامل.

التواصل الفعّال: أكثر من مجرد كلمات

جيمس بورج يبدأ كتابه بالتأكيد على أن التواصل الفعّال لا يقتصر على التحدث فقط، بل يشمل أيضًا الإصغاء بتركيز والقدرة على فهم رسائل الآخرين بعمق. فالتواصل الفعّال هو العملية التي نتبادل من خلالها الأفكار والمعلومات بشكل متوازن وواضح. على سبيل المثال، عندما يتحدث شخص ما، فإن الإصغاء الجيد لا يعني فقط سماع ما يُقال، بل أيضًا فهم سياق الكلام، وطرح الأسئلة الاستيضاحية إذا لزم الأمر، وإعادة صياغة ما تم سماعه للتأكد من الفهم.

الإصغاء الفعّال يساعد على بناء علاقات أفضل ويقلل من سوء التفاهم، وهو ما يشدد عليه بورج كعنصر أساسي في أي حوار ناجح. فبدلًا من التركيز على كيفية الرد أثناء حديث الطرف الآخر، يفضل التركيز على الرسالة التي ينقلها المتحدث، لأن هذا سيجعلك مستعدًا للرد بشكل بناء وأكثر تأثيرًا.

التغلب على عوائق التواصل

يتناول بورج في كتابه العوائق النفسية والشخصية التي قد تعيق التواصل الجيد، مثل الخجل، والقلق، والخوف من التحدث أمام الجمهور. هذه العوائق يمكن أن تكون كفيلة بإضعاف الثقة بالنفس والتأثير على جودة الحوار. إلا أن الكتاب يقدم استراتيجيات فعّالة لتجاوز هذه العوائق، مثل تمارين التنفس العميق، التي تساعد في تخفيف التوتر وإعادة التوازن النفسي.

من التقنيات الأخرى التي يطرحها بورج هو تحسين لغة الجسد، حيث يلعب هذا العنصر دورًا مهمًا في تعزيز الرسالة التي نريد إيصالها. إذا كنت تشعر بالقلق قبل تقديم عرض أو خطاب، فإن الحفاظ على وضعية جسد مستقيمة واستخدام الإشارات الإيجابية يمكن أن يعزز من ثقتك بنفسك ويجعل رسالتك أكثر إقناعًا.

التواصل وقوة الكلمات: السلاح ذو الحدين

بورج يشير إلى أن الكلمات التي نختارها في تواصلنا اليومي تحمل تأثيرًا كبيرًا. الكلمات ليست مجرد وسيلة لنقل المعلومات، بل هي أدوات يمكنها بناء الثقة أو إضعافها. الكلمات الإيجابية والبناءة تساهم في تحسين تفاعل الآخرين مع رسالتنا. على سبيل المثال، بدلًا من انتقاد الشخص بالقول: “أنت دائمًا متأخر”، يمكنك استخدام لغة أكثر تحفيزًا بقول: “سيكون من الرائع أن نبدأ الاجتماع في الوقت المحدد لنستفيد جميعًا”. هذه التغييرات الصغيرة في التعبير يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة للتعاون وتقلل من الاحتكاكات.

فن الإقناع: كيف تؤثر في الآخرين؟

الإقناع، كما يشرح بورج، هو فن يجب أن يُتقن في أي تواصل ناجح. يعتمد الإقناع الفعّال على فهم احتياجات ومخاوف الطرف الآخر، ثم تقديم حجج منطقية تدعم الفكرة أو الاقتراح الذي تسعى إلى إقناعه به. على سبيل المثال، إذا كنت تحاول إقناع زميلك بتبني فكرة جديدة في العمل، فمن المهم أن تبدأ بفهم مخاوفه واحتياجاته قبل تقديم حججك. استخدام البيانات والحقائق كأدوات دعم يضيف مصداقية ويجعل عملية الإقناع أكثر سلاسة.

التكيف مع الجمهور: التواصل في مختلف السياقات

لا يوجد أسلوب تواصل واحد يناسب جميع الناس أو المواقف. يشدد بورج على ضرورة التكيف مع الجمهور المستهدف عند التواصل، سواء كان هذا الجمهور مجموعة من المتخصصين أو جمهورًا عامًا. اللغة التي نستخدمها يجب أن تتناسب مع مستوى فهم الجمهور وتوقعاته. على سبيل المثال، عندما تتحدث إلى متخصصين في مجال ما، يمكنك استخدام مصطلحات تقنية معقدة، لكن عند الحديث مع جمهور غير متخصص، يجب تبسيط الأفكار وتوضيح المفاهيم الأساسية لضمان أن الرسالة تصل بوضوح.

التواصل غير اللفظي: الكلمات ليست كل شيء

جزء كبير من التواصل يحدث بشكل غير لفظي. في هذا الفصل، يركز بورج على لغة الجسد، تعبيرات الوجه، ونبرة الصوت كعناصر حاسمة تؤثر على كيفية استقبال الرسالة. إذا كانت لغة الجسد غير متوافقة مع ما نقوله، قد يشعر المستمع بالارتباك أو الشك. لذا، يجب أن تكون الإشارات غير اللفظية متماشية مع كلماتنا لتعزز من وضوح رسالتنا ومصداقيتها.

التدريب على التواصل: مفتاح النجاح المستمر

في ختام الكتاب، يقدم بورج مجموعة من التدريبات العملية التي تهدف إلى تحسين مهارات التواصل بشكل فعّال. هذه التدريبات تشمل تمارين لتقليل القلق عند التحدث أمام الجمهور، وتطوير مهارات الإصغاء الفعّال، وتحسين القدرة على التفاوض. على سبيل المثال، يمكنك تدريب نفسك على تقديم خطاب أمام المرآة لتقليل التوتر وزيادة الثقة بالنفس. كما يمكنك تحسين مهارات الإصغاء من خلال ممارسة التفاعل مع الآخرين دون مقاطعتهم، ثم إعادة ما قالوه بأسلوبك الخاص للتأكد من فهمك الصحيح.

ختامًا: التواصل الفعّال مفتاح التأثير

فن التواصل ليس مهارة فطرية بحتة، بل هو مهارة يمكن تعلمها وتطويرها من خلال الممارسة والتدريب المستمر. كتاب “طلاقة اللسان” يقدم دليلًا شاملًا ومتكاملًا لكل من يسعى لتحسين قدرته على التواصل والتأثير. من خلال تطبيق المبادئ التي يعرضها جيمس بورج، يمكنك تحويل نفسك إلى متحدث بارع قادر على بناء علاقات قوية وفعّالة، وتحقيق نجاحات ملموسة في حياتك.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مصطفى ثابت فن التواصل التواصل

إقرأ أيضاً:

المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات يطلق دليل التواجد الحكومي على “وسائل التواصل”

 

أطلق المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات دليل التواجد الحكومي على وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة تهدف إلى مواكبة التطورات السريعة في هذا المجال وتعزيز التواصل الفعال بين الجهات الحكومية الاتحادية والجمهور.

جاء ذلك خلال اجتماع شبكة الاتصال الحكومي، بحضور سعادة سعيد العطر مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للمشاريع الاستراتيجية، رئيس المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات، ومديري ومسؤولي ومستشاري الاتصال الحكومي في الجهات الاتحادية، والذي عقد في أبراج الإمارات بدبي.

ويشكّل دليل التواجد الحكومي على وسائل التواصل الاجتماعي والذي تم تطويره بالتعاون مع أكاديمية الإعلام الجديد أداة أساسية لضمان توحيد المعايير والسياسات المتبعة عند استخدام هذه المنصات من قبل الجهات الحكومية، ويهدف إلى تنظيم تواصل الجهات مع الجمهور، ما يضمن تقديم رسائل متسقة وواضحة تعزز من الحضور الرقمي للجهات الحكومية وتزيد من التفاعل مع الجمهور.

كما يقدم الدليل إرشادات حول كيفية بناء استراتيجيات فعّالة للتواصل الرقمي، تأخذ في الاعتبار تطوير المحتوى، واستخدام الهوية البصرية بشكل متناسق، وتحقيق التفاعل المستمر مع المتابعين، ويبرز كذلك الآلية المثالية لصياغة وإيصال الرسائل الرسمية والمعلومات بسرعة ووضوح إلى شريحة واسعة من الجمهور، سواء كانت الأخبار تتعلق بالمبادرات الحكومية أو السياسات الجديدة أو التحديثات الهامة.

ويقوم الدليل بدور مهم في دعم الجهات الحكومية لتقييم أداء منصاتها الرقمية بشكل دوري، ما يتيح لها تحسين استراتيجياتها وتطوير المحتوى بناء على استجابة الجمهور والنتائج المحققة، كما يساهم في تعزيز فعالية التواصل الحكومي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويدعم تحقيق أهداف الحكومة في الوصول إلى كافة الفئات المستهدفة بطرق مبتكرة وفعالة.

وقالت عالية الحمادي نائب رئيس المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، الرئيس التنفيذي لأكاديمية الإعلام الجديد، إن دليل التواجد الحكومي على وسائل التواصل الاجتماعي، يتناول صناعة المحتوى الحكومي بطرق وآليات جديدة تضمن وصوله بشكل مؤثر وواضح للجمهور.

وأضافت ، أن الدليل يشمل ضمن محاوره أدوات صناعة المحتوى الحكومي الإعلامي المتخصص، وآليات تطوير المحتوى وفق فنون السرد القصصي، والتعامل مع التحديات والأزمات التي قد تطرأ على هذه الوسائل إلى جانب عدد من الاتجاهات والقوالب التي يمكن الاستفادة منها في إيصال الرسائل الإعلامية بشكل مميز.

وعُقدت على هامش الاجتماع ورشة متخصصة نظمها المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات وبالتعاون مع أكاديمية الإعلام الجديد حول التواجد الحكومي على وسائل التواصل الاجتماعي، قدمها عدد من الخبراء المتخصصين في المحتوى الإعلامي الحكومي.

وأكدت خديجة حسين المديرة التنفيذية لقطاع الاتصال الحكومي في المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات أنه في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، أصبح التواصل الحكومي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضرورة ملحة لضمان الوصول الفعال إلى الجمهور المستهدف، ويعد الدليل خطوة مهمة نحو توحيد المعايير وضمان تقديم رسالة موحدة تعكس رؤية حكومة الإمارات وتعزز التفاعل الإيجابي مع الجمهور.

وأضافت أن أحد أهم أهداف الدليل هو تعزيز الهوية الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يعتبر التواصل الفعّال مع الجمهور إحدى الركائز الأساسية لنجاح الحكومات في العصر الرقمي.

وقالت إنه من خلال هذا الدليل، نهدف إلى دعم وتوجيه الجهات الحكومية نحو أفضل الممارسات في صناعة المحتوى الرقمي، وضمان تقديم الرسائل بطرق تتناسب مع توقعات الجمهور واهتماماته.

واستعرض اجتماع شبكة الاتصال الحكومي ضمن أجندته أبرز نتائج المرحلة السابقة من برنامج صناع المحتوى التخصصيين، والذي تم تصميمه خصيصا لتطوير مهارات المشاركين من أقسام وإدارات الاتصال الحكومي في صناعة محتوى حكومي تخصصي، وبعد انتهاء البرنامج تم اختيار مجموعة من الخريجين للمشاركة في برنامج تنمية وإدارة مواهب صناع المحتوى، والذي يهدف إلى تمكين المشاركين من إنتاج محتوى رقمي عالي الجودة ومتخصص في تسليط الضوء على خدمات الجهات الاتحادية ومشاريعها وأهم المبادرات التي تطلقها.

ويقدم البرنامج إطاراً متكاملاً لتدريب المنتسبين على تطوير استراتيجيات مبتكرة لصناعة المحتوى، تتضمن بناء هوية بصرية مميزة، إلى جانب تقنيات الكتابة، والتصوير، والنشر، كما يوفر البرنامج فرصة فريدة للمشاركين لتعزيز مهاراتهم في التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي بطرق تساهم في تعزيز الحضور الرقمي للحكومة.

ويسهم برنامج صناع المحتوى التخصصيين في تطوير المواهب الشابة في مجال صناعة المحتوى الحكومي ما يعد خطوة مهمة نحو بناء جيل جديد من الخبراء الذين يساهمون في تعزيز التواجد الرقمي للحكومة، وتحقيق أهدافها في التواصل بفعالية مع مختلف شرائح المجتمع.وام


مقالات مشابهة

  • حرب الكلمات تنتهي بحضن الصلح.. كيف أوقف المحافظ لملس الأزمة التي هددت الموسم الكروي في عدن؟
  • الجمهور يُشيد بـ عودتني الدنيا لـ شيرين.. ويدعمها بهذه الكلمات
  • المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات يطلق دليل التواجد الحكومي على “وسائل التواصل”
  • المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات يطلق دليل التواجد الحكومي على «وسائل التواصل»
  • المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات يطلق دليل التواجد الحكومي على وسائل التواصل الاجتماعي
  • أحمد ثابت يكتب.. البنتريت في "البيجر": تكنولوجيا التفجير المدمرة
  • محمود عبدالمغنى: ثقة الجمهور سر «النجاح»
  • د.مصطفي ثابت يكتب:: التيجاني والبتنجاني والترند العمياني
  • هذه الكلمات الأخيرة لأعضاء تيتان.. الغواصة التي انفجرت بالقرب من تيتانيك