أجبرت الحرب التي يشهدها السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع الملايين على ترك منازلهم والنزوح سواء داخلياً أو إلى الدول المجاورة ومن بينها ليبيا. ويدخل اللاجئون السودانيون الفارون من ويلات الحرب إلى ليبيا عن طريق المثلث الحدودي بين البلدين ومنه إلى مدينة الكفرة الواقعة على الشريط الحدودي التي أصبحت تعاني من تكدس اللاجئين السودانيين.

وقال عبد الله سليمان المتحدث باسم بلدية الكفرة “وصل عدد اللاجئين السودانيين الموثقين إلى 40 ألف لاجئ غير الذين يدخلون إلى ليبيا ولا يتم تسجيلهم”. وأضاف أن الظروف الإنسانية التي يعيشها اللاجئون السودانيون صعبة للغاية مشيراً إلى قلة وضعف الدعم سواء من المنظمات المحلية أو الدولية. أما في بنغازي، فالوضع يختلف حيث أطلقت مجموعة من السودانيين الذين يعيشون في ليبيا منذ فترة طويلة مبادرة (إسناد). ونجحت المبادرة في تدبير وظائف للعديد من اللاجئين من الرجال والنساء في مختلف المجالات.

من بين هؤلاء مريم مهدى سليمان عمر “43 عاما” وهي متزوجة وأم لخمسة أطفال وكانت تعيش في أم درمان. وقالت

مريم “خرجنا من السودان يوم 15 فبراير بعد وقوع قذيفة بمنزلنا وكان الوضع سيئ جدا من الناحية الاقتصادية وكنا نسمع صوت الاشتباكات بوضوح، خرجنا بالملابس التي علينا وأوراقنا الشخصية وزوجي خسر دكانه في السوق”. وبعد رحلة شاقة استمرت خمسة أيام، تمكنوا من الوصول إلى الكفرة الليبية وأكملوا الإجراءات قاصدين بنغازي. وقالت “الفلوس معايا نفذت وقمت ببيع خاتمي، الحمد لله ربي رزقنا بفريق مبادرة إسناد… قاموا بتوظيفي في معمل حلويات لمدة شهرين ولكن لم استمر فيه بسبب مرض السكر”. وتمكنت المبادرة بعد ذلك من توفير وظيفة لها كعاملة نظافة في أحد المستشفيات. وقالت مريم “صحيح المبلغ غير كاف للاحتياجات ولكن أفضل من الحياة في السودان الوقت الحالي”. وقال رئيس مبادرة “إسناد” محمد المهدي محمد (64 عاما) وهو سوداني يقيم في ليبيا منذ 36 عاما “جاءت فكرة المبادرة بعد ارتفاع عدد النازحين من الحرب في السودان إلي ليبيا… واقترح هذة الفكرة عدد من المقيمين بمدينة بنغازي”. وأضاف “هي مبادرة شعبية ليس لنا دعم من أي جهة عامة”.

وأوضح أن لدى المبادرة حاليا بيانات 700 أسرة سودانية بهدف مساعدتهم في “فرص عمل أي نوع وظيفة.. سائق.. حرس أي شيء، ومن خلال غرفة دردشة على تطبيق واتساب نقوم بتنزيل الإعلان ويتم التواصل مع الجهة التي تحتاج للعمال… وفرنا فرص عمل لسبعين نازح حتى الآن”. ويروي سوداني آخر اسمه حافظ عبدالباقي عبدالله “45 عاما” رحلة النزوح إلى ليبيا. ويقول إنه كان يعمل سائقا في الخرطوم وهو متزوج ولديه ثمانية أبناء. وفر من السودان في نوفمبر من العام الماضي بعدما “أصبحت الحرب شرسة جدا ولم نستطع البقاء وخسرنا كل شيء، أصبحت المعيشة صعبة لا أكل ولا أمن، قُتل في هذه الحرب أعز الناس من عائلتي وقررنا الخروج والقدوم إلى ليبيا”. وأوضح أنه بعد المجئ إلى بنغازي ظل لفترة بدون عمل قبل أن يجد إعلانا من مبادرة إسناد لتوظيف سائق جرافة. وقال “توجهت إليهم وبالفعل ساعدوني في الحصول على العمل. أتقاضى 2500 دينار ليبي”. واندلعت الحرب في السودان أبريل 2023 وسط خلافات على كيفية دمج قوات الدعم السريع في الجيش في إطار الانتقال إلى الحكم الديمقراطي. وبحسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة في أغسطس، فقد نزح شخص واحد تقريبا من كل خمسة أشخاص داخل السودان بواقع 10.7 مليون نازح داخليا. وفر 2.3 مليون شخص من البلاد عبر الحدود.

وقال مفتاح الشروي رئيس وحدة العلاقات بجهاز الهجرة غير الشرعية في طبرق عند الحدود مع مصر إن حركة دخول اللاجئين السودانيين عبر الأراضي المصرية كانت شبه معدومة في السابق قبل أن تزيد هذه الفترة. وأرجع ذلك لأسباب منها “حالة مصر الاقتصادية والحالة المادية للسودانيين التي تردت من طول مدة الحرب في بلادهم، فأغلبهم قاموا بالهجرة للأراضي الليبية لأنهم لم يعودوا يستطيعون تكبد مصاريف العيش في مصر”. وقدر الشروي أعداد اللاجئين الوافدين إلى ليبيا بين مارس وأواخر أغسطس بنحو ألفين أغلبهم عائلات ولديهم بطاقات لجوء. وعلى الرغم من أن ليبيا تعد نقطة انطلاق رئيسية للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا أوضح الشروي أن نسبة السودانيين الراغبين في خوض هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر تكاد لا تذكر. وأضاف “ليس لديهم طموح في الهجرة إلى أوروبا، بالنسبة لهم ليبيا وكأنها أوروبا فهم فارون من حروب ويرون ليبيا بيئة حاضنة لهم ويستطيعون العيش فيها والعمل بدون عائق اللغة”. وتابع أن جهاز مكافحة الهجرة ينسق مع الجهات المعنية في مدينة امساعد لتجميع اللاجئين السودانيين وإرسالهم إلى مراكز الإيواء التابعة له وتوفير الطعام والعلاج لهم لقطع الطريق على مهربي البشر. وقال إن الجهاز ينسق الجهود أيضا مع الجالية السودانية لتوفير مساكن للعائلات حتى لا يتم استغلالهم من قبل مهربي البشر. وتسببت الحرب في السودان في أسوأ أزمة إنسانية في العالم والتي يعاني فيها نصف سكان البلاد البالغ عددهم 50 مليون نسمة من نقص الغذاء. كما أطلق الصراع موجات من العنف العرقي وخلق ظروفا شبيهة بالمجاعة في أنحاء البلاد.

رويترز – جريدة الرياض

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: اللاجئین السودانیین فی السودان إلى لیبیا الحرب فی

إقرأ أيضاً:

بايدن يوجه رسالة عاجلة إلى السودانيين

السودان – دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن طرفي النزاع في السودان إلى العودة للمفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من 17 شهرا.

وقال بايدن في بيان نشره البيت الأبيض: “يعاني الشعب السوداني منذ 17 شهرا طويلا من حرب فارغة من المعنى انبثقت عنها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. لقد تسبب هذا النزاع الدائر بنزوح حوالي عشرة ملايين شخص، وتعرضت في خلاله النساء والفتيات لعمليات الخطف والاعتداء الجنسي. لقد انتشرت المجاعة في دارفور وتهدد الملايين في سائر أنحاء البلاد، ونحن اليوم نشهد على تكرار فصول تاريخ عنيف، وها هي مدينة الفاشر في دارفور، والتي يقطنها حوالي مليوني شخص ومئات الآلاف من النازحين، ترزح تحت وطأة حصار تفرضه قوات الدعم السريع منذ أشهر. وقد تحول هذا الحصار إلى هجوم شامل في الأيام القليلة الأخيرة”.

وتابع: “أدعو الطرفين المتحاربين المسؤولين عن معاناة السودانيين، أي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى سحب قواتهما وتسهيل الوصول الإنساني بدون عوائق واستئناف المشاركة في المفاوضات لإنهاء هذه الحرب. حري بقوات الدعم السريع وقف هجومها الذي يؤذي المدنيين السودانيين بشكل غير متناسب، وحري بالقوات المسلحة السودانية أن تكف عن قصفها العشوائي الذي يدمر حياة المدنيين والبنية التحتية المدنية. لقد اتخذ الجانبان بعض الخطوات الرامية إلى تحسين الوصول الإنساني، ولكن تواصل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تأخير العمليات الإنسانية المنقذة للحياة وعرقلتها، وحري بهما أن يتيحا الوصول الإنساني بلا عوائق إلى كافة المناطق السودانية”.

وأضاف: “تقف الولايات المتحدة إلى جانب الشعب السوداني، ونحن نضغط من أجل السلام ونسعى إلى محاسبة الجهات الفاعلة التي تحاول إدامة العنف. ولقد عززت الولايات المتحدة جهود حشد الشركاء الدوليين، وإنهاء الأعمال العدائية، وحماية المدنيين، وتوسيع نطاق الوصول الإنساني، وإسماع أصوات المجتمع المدني، على غرار ما حدث مؤخرا في خلال المحادثات في سويسرا الشهر الماضي، حيث أطلقنا مجموعة التحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان مع عدد من الشركاء المؤثرين، على غرار الاتحاد الإفريقي ومصر والمملكة العربية السعودية وسويسرا والأمم المتحدة والإمارات العربية المتحدة. وقد نجحت المجموعة في تأمين فتح طرق جديدة إلى دارفور والخرطوم، والتي يتم من خلالها الآن تسليم المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، والسماح بوصول بعض مهابط الطائرات لزيادة توصيل المساعدات. ولكن علينا أن نستمر في الضغط من أجل المزيد”.

واستطرد الرئيس الأمريكي قائلا: “الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للشعب السوداني في العالم، إذ مولت أكثر من 1.6 مليار دولار من المساعدات الطارئة في العامين الماضيين. وقد سبق أن حددنا ارتكاب أفراد من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع جرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي. وقد فرضت وزارة الخزانة عقوبات على 16 كيانا وفردا لمساهمتهم في الصراع ومفاقمة انعدام الاستقرار أو ارتكاب انتهاكات مهمة ذات صلة بحقوق الإنسان. وسنواصل تقييم الادعاءات الأخرى بارتكاب الفظائع وفرض عقوبات إضافية محتملة”.

وأردف: “اسمحوا لي أن أكون واضحا: لم تتخل الولايات المتحدة عن التزامنا تجاه الشعب السوداني الذي يستحق الحرية والسلام والعدالة. وندعو طرفي الصراع إلى وضع حد لأعمال العنف والكف عن تغذية النزاع، وذلك من أجل مستقبل السودان وكافة أبناء الشعب السوداني”.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • تحذير أمريكي من “التصعيد” في الشرق الأوسط بعد انفجارات لبنان
  • السودان.. طرفا الحرب يردّان على دعوة بايدن
  • البرهان يرد برسائل على بايدن بشأن الحرب والوضع في السودان
  • حاكم الشارقة يكرّم مؤسسة “لايت إيد إمباكت” بجائزة “الشارقة لمناصرة اللاجئين”
  • بايدن يوجه رسالة عاجلة إلى السودانيين
  • من تجليات “اللطف الخفي” في حرب السودان
  • تفجيرات “بيجر”.. تضامن عربي وإسلامي وعروض لمساعدة لبنان
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • جبريل يتهم أمريكا بالتورط في الحرب السودانية