هل يمكن للشِّعر أن يَنقِذ أمَّة؟
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
النظام الداعي إلى اليقظة والانتباه للظلم والتمييز العنصري، شأنه شأن أي نظام ثوري، لن يُكتب له النجاح بتشجيع عددٍ كبير من الأمريكيين على التخلي عن أمَّتهم؛ بأن يزدروا أو ينسوا تاريخها وتقاليدها والهوية الأصلية التي نقلتها لهم.
لكنّ ديفيد غولدمان يرى أن هويتنا الوطنية لا يمكن محوها، إذ إنها تضرب بجذورها بعمقٍ في لغتنا اليومية، ومن ثمَّ في جوهر إنسانيتنا ذاته.
وينظر غولدمان إلى المجر وإسرائيل بوصفهما أمتَين حديثتَين احتضنتا تقاليدهما الشعرية، وفي الوقت عينه قاومتا التدهور الكبير الذي يجتاح الغرب.
يقول ديفية غولمان، في مقاله بموقع “TomKlingenstein.com” الأمريكي المكرس لمناقشة وتحليل القضايا الاجتماعية والسياسية المعاصرة، مع
التركيز بشكل خاص على تأثير نظام الاستيقاظ (حصة المجموعة).في عالمٍ يموج بالعولمة وتأثيراتها، ما الذي يدعو أي إنسان لأن يكون ألمانيّاً أو فرنسيّاً أو إسبانيّاً أو مجريّاً؟ ليس قول "لا شيء مما سبق" بالإجابة الشافية عن مسألة الهوية الوطنية. إن هذه هي القضية الوجوديّة الكبرى للغرب. فالأمم حمَلَة لواء الاستمرارية الثقافية. وإذا انحسرَ الأمل في أن تتحدث الأجيال القادمة لغتنا وتسترجع ذاكرتهم نضالاتنا وكفاحنا وتَفْهَم صلواتنا وتواصل جهودنا، فسنفقد الدافع الذي يدفعنا دفعاً إلى الإنجاب. ثمة تهويدة بلغة الإسبرانتو، لكنها لم تساعد أي طفل على الخلود إلى النوم. فاللغة الوطنية حصراً، التي تضرب بجذورها في الثقافة الوطنية، هي التي يمكن أن تبني جسراً بين الماضي والحاضر والمستقبل.
دور الشعر في إحياء الماضي واستحضار المستقبلوأضاف الكاتب: يؤدِّي الشعر دوراً لا غنى عنه في إحياء الماضي واستحضار المستقبل، لا في الأعمال الكلاسيكية الوطنية وحسب، وإنما في إطار الجهود الأدنى مرتبة للشعراء الشعبيين أيضاً. فقد حسبَ "البرجوازي النبيل" في مسرحية موليير أنه ظلَّ يتحدث نثراً لا شعراً كما ظنّ طيلة حياته. والعكس صحيح. فنحن لا يسعنا إلا أن ننطق شعراً في حياتنا اليومية، سواء كان ذك عن وعي منا أو دون وعي. إنَّ كل لغة وطنية ترِث تعبيراً شعريّاً فريداً من تقليدها الخاص. ويصقل الشعراء العظماء، والشعبيون أحياناً أيضاً، المحتوى الشعري للغة اليومية ويُعزِّزونه، مما يُفسِّر علة تردد أصداء الشعر بقوةٍ. فالشعر يُوقِظ بداخلنا بُعْداً من تفكيرنا يظل خاملاً في كلامنا اليومي ويجعلنا واعين بهويتنا مُدركين إياها.
وأضاف الكاتب: تتميز الهوية الوطنية اليهودية، على أي مقياس موضوعيّ، بصمودها الخاص على مدار العقود الثمانية الماضية. فلم يُعنَى اليهود وحسب بإحياء دولة وطنية اندثرت لأكثر من ألفي عام، واستعادة اللغة العبرية بوصفها لغةً منطوقة، وإنما أمست إسرائيل الدولة ذات الدخل المرتفع الوحيدة التي تتمتع بمعدل خصوبة يتجاوز بكثير احتياجات حفاظها على نموها السكاني. وتُظْهِر أنشودة وطنية شهيرة في إسرائيل بعنوان "قدس الذهب" قوة استحضار الشعر بوصفه حاملاً للواء الهوية الوطنية. وقبل الخوض في مناقشة الأنشودة، من الأهمية بمكان أن نبحث كيفية ارتباط اللغة والهوية بالشعر.
وتابع الكاتب: لا يقتضي الأمر قريةً لتنشئة طفلٍ واحد، بل أمَّة كاملة. ومن السذاجة افتراض أنَّ الأمم ما هي إلا تجمعات بسيطة من جماعات تربط بينها صِلات قرابة. فالعائلات تُشكِّل العشائر، والعشائر لَبِنَة القبائل، والقبائل تشكِّل الأمم. ورغم ذلك، فإن العائلات والعشائر هشَّة للغاية فلا تتحمل تقلبات الزمن واضطراباته. كانت القبائل في عصور ما قبل التاريخ ربما تتحدث 150 ألف لغة. وقد اندثرَت الغالبية العظمى من هذه اللغات دونما أثر. ومن بين بقايا عصور ما قبل التاريخ التي ما برحت حية بابوا غينيا الجديدة التي ينطق سكانها البالغ عددهم مليون نسمة أكثر من 800 لغة، أكثر من مائة لغة منها مُهددة بالانقراض أصلاً.
واستدرك الكاتب بقوله: على النقيض من ذلك، نشأت لغات أوروبا الحديثة بفضل أولى الدول الوطنية تحت إشراف الكنيسة الكاثوليكية التي عنيت عناية خاصّة بإضفاء الطابع الحضاري على الغزاة البربر الذين ورثوا أنقاض الإمبراطورية الرومانية، ومنهم القديس إيزيدور الإشبيلي والقديس غريغوري من تور، والقديس ستيفن من المجر، والقديسان كيرلس وميثوديوس. وتُعدُّ إسرائيل القديمة أولَ أمَّة، أيْ أول كيان سياسي، يصرُّ على أن جميع الناطقين باللغة نفسها والعابدين للإله نفسه يجب أن يلتزموا بالنظام السياسي نفسه. فلم يقترح أي يوناني شيئاً من هذا القبيل حتى ظهور إيسقراط بعد ألف عام من الخروج من مصر. وقد اتخذت الكنيسة مملكة داود مثالاً للملوك الكاثوليك.
ويرى الكاتب أن الوطنية والعقيدة الآن في أوروبا ينبثقان من جوهرٍ واحد. وقد كانت لهذه العلاقة تبعات مأسوية جسيمة في الحروب الدينية والوطنية الكبرى التي اندلعت خلال الفترة بين عامي 1618 و1945. لكن هذه المأساة لم تكن حتمية، ولم يكن تكرارها أيضاً حتميّاً.
ولفت الكاتب النظر إلى أنه في ظل معدل الخصوبة الثابت الذي يبلغ نحو 1.5 طفل لكل أنثى، من المتوقع أن يتراجع عدد السكان البالغين سن العمل في أوروبا إلى 264 مليون نسمة بحلول نهاية القرن بعد أن بلغ 442 اليوم، وسيدعم كل 10 من العاملين في أوروبا 7 متقاعدين بدلاً من 3 اليوم. ومن المتوقع أن ترتفع نسبة المتقاعدين إلى العاملين في الولايات المتحدة من 3:1 إلى 6:1. وكان معدل الخصوبة في أمريكا حتى عام 2006 عند مستوى الإحلال الذي يحافظ على النمو السكاني، ألا وهو 2.1. وبحلول عام 2023، تراجع إلى 1.6، وهو المعدل نفسه في أوروبا.
ومضى الكاتب يقول: إن الغرب يساهم في زوال نفسه بنفسه، إذ يزعم أكثر من نصف أبناء جيل الألفية والجيل الذي يليه مباشرةً أنهم سيحجمون عن الإنجاب، مما يشير إلى أنّ معدلات الخصوبة في الولايات المتحدة وأوروبا ستتراجع أكثر من ذلك.
وزاد الكاتب: ما من مأساة يمكن أن تحيق بالبشرية أكبر من انقراض أمَّة بأسرها. فكل أمَّة تملك روحاً قومية مميزة خاصّة بها، بحسب ما جاء على لسان هيغل. ويتجلى ذلك أيَّما تجلٍ عندما نضع في اعتبارنا المحتوى الشعريّ المميز للغات الوطنية. ففلاسفة اللغة لا جدوى منهم كبيرة في هذا السياق، إذ إن اهتمامهم باللغة عامٌّ، في حين أننا نهتم بما يجعل للغة خصوصية وتفرداً لشعبٍ محدد.
ويختلف الفلاسفة حول ما إذا كانت الأسماء مجرد مجموعات اعتباطية من الأشياء المختارة للتيسير علينا، أو ما إذا كانت تعكس واقعاً كامناً ينسِب الأشياء التي تحمل الاسم نفسه لعالمٍ مُتجسِد. ولقد تناولَ الجدلُ الأبرز حول طبيعة اللغة طبيعة الأسماء، إذ انحازَ المنطقيُّ سول كريبي إلى جانبٍ، وانحاز بتراند راسل إلى الجانب الآخر. هذا الجدل لا يعنينا كثيراً، لأننا نريد أن نعرف كيف تُعبِّر اللغة عن التغير والثبات، والتقدم والاستمرارية، والماضي والمستقبل. وهذا يعني أننا نود أن نتعرف على الأفعال. فالمنطق كافٍ لتفسير الأسماء، أما الأفعال فهي بحاجة إلى الشعر لفهمها واستيعابها.
وأوضح الكاتب أن لكل لغةٍ نمط تفكير مميزٌ لها، لا لأن تصريفات الأفعال وبنية الجمل تختلف من لغة إلى أخرى، ولكن لأن قدرتنا على تكوين المفاهيم تعوِّل على الاستعارات المستمدة من تاريخ لغويّ فريد من نوعه مُدمج في التجربة الحية للناطقين بها. ولذلك من المستحيل التفكير بمعزلٍ عن اللغة.
إن الاستعارات التي نُسلِّم باستخدامها في استعمالنا اليومي للغة تصل إلينا بالتقليد.
ويتفق الناطقون بلغةٍ ما على استخدام استعارات معينة إلى حدٍّ ما لأنهم تعلّموا ذلك من كبار كتّابهم في الماضي، لكن التعبير الاصطلاحي له طابعه المبتكر الخاص. وقد لاحظ لايبنتز أولاً أنه من الصعب التعبير عن العلاقات السببية في اللغة إلا بالإشارة إلى العلاقات المكانية والزمانية. فيمكنني في اللغة الإنجليزية أن "أشجعك" (put you up) أو "أحبطك" (put you down) أو "أُنفِرك" (put you off) أو "أتحايل عليك" (put you on) مُستعيناً بالفعل (put) نفسه مضافاً إليه حرف جر.
ولا توجد قاعدة محدَّدَة سلفاً يغيِّر بها حرف الجر معنى فعل مثل "put"، لكننا رغم ذلك نفهم المعنى على الفور. والألمانية بها الظاهرة نفسها، لكن النتائج مختلفة. فالتعبير الإنجليزي "set aside" يعني في الإنجليزية شيئا واحداً (يطرح جانباً)، أما نظيره في الألمانية "beisetzen" فيعني حرفياً "يدفن جثماناً". وتنطبق هذه الظاهرة أيضاً على اللغات الرومانسية، اللهم إلا أنَّ تركيباتها متحجرة وجامدة (فالفعل "translate" في الإنجليزية يقابله الفعل "Übersetzen"، والذي يعني حرفيّاً "يضع شيئاً فوق شيء").
وتكثر تركيبات الفعل وحرف الجر في اللغات الهندو أوروبية. وتحوِّل العبرية التوراتية الفعل نفسه للتمييز بين أنواع مختلفة من الفعل، مع وجود عدة تصريفات للفعل الانعكاسي. فكلمة פָּלַל (بالال) تعني "يَتَوسَّط" أو "يحكم" أو "يشفع". والصيغة الانعكاسية "לְהִתְפַּלֵּל"، وتعني حرفيّاً "يحكم على نفسه"، كلمةٌ عبرية تعني "يصلي". إن السببية، وليس القياس المكاني، هي التي تحكم تعديل الفعل في العبرية.
وتوضِّح هذه الأمثلة البسيطة أنَّ اللغة تُبنى على الاستعارة، وأن هذه الاستعارات تنبع من الارتباط الشعري وليس المنطق البسيط. فكل لغة قومية لها استعاراتها ومجازاتها المميزة لها غير المحددة مسبقاً من الناحية المنطقية، وإنما هي من ابتكار الناطقين باللغة الذين ورَّثوها أحفادَهم. فلا إنسانية بلا لغة ولا لغة دون أمَّة.
ويستخدم الناطقون بلغةٍ ما استعارات صاغوها في الماضي السحيق دون تأمُّل وتدبُّر. وعلى النقيض من ذلك، يستحضر الشعر التأمليّ الذي يربط الماضي بالحاضر إحساساً ذاتيّاً بالهوية القومية، أي إنسانيتنا وما يجعلنا بشراً بطريقةٍ محددة في ظل ظروفنا الخاصة. إن الشعر الحي، أيْ الشعر الذي يعيد خلق الماضي لكل جيل جديد، هو عملة الأمَّة.
غالباً ما يكون الماضي غامضاً. فأصل كثيرٍ من الأمم الأوروبية مطمورٌ في الأساطير، محجوب بستار الزمن. ومن بين بدائل الشعر الوطني اقتباس تاريخ إسرائيل والاستحواذ عليه. حتى وقت قريب جداً، كانت الأنشودة الوطنية المعترف بها لإيطاليا هي ترنيمة "فا بينسييرو" المُستخلصة من أوبرا "نبوكو" لفيردي التي تضم إعادة صياغة للمزمور رقم 137 ("على أنهار بابل … بكينا أيضاً عندما تذكرنا صهيون. على الصفصاف في وسطها علقنا أعوادنا"). أما الأنشودة الوطنية الأكثر شعبية في بريطانيا فهي "أورشليم" للشاعر وليام بليك التي جاء فيها ("وهل وطأتْ تلك الأقدام في العصور الغابرة جبال إنجلترا الخضراء/وهل شوهدَ حمَل الرب المقدس على مراعي إنجلترا البهيجة!"). ويشير الأمريكيون أيضاً إلى الكتاب المقدس العبري، إذ تبدأ "ترنيمة المعركة" بالإشارة إلى عناقيد الغضب، وصورة إشعياء الرهيبة للرب وهو يدوس الأمم في وعاء خمر، وثيابه غارقة في دمائهم.
ومن الأمثلة الجديرة بالملاحظة على القصيدة الحديثة ذات الإيحاءات القديمة التي تبنَّتها الثقافة الشعبية قصيدة "قُدس الذهب" للشاعرة نعومي شيمير عام 1967، التي اشتهرت بمقولة "أنا قيثارة لكل أناشيدك". إن هذا التأمل الغنائي الشعبي المتواضع في جمال القدس وقدسيتها، وكذلك في خرابها، يقتبس البيت الأشهر ليهوذا اللاوي، أعظم شعراء العبرية في القرون الوسطى.
وفيما يلي القسم الأخير من الأنشودة:
ولكن حين آتي لأغني لكِ،
وأنسج الأكاليل لأجلكِ،
فأنا الصغرى بين أولادكِ،
والأخيرة في شعرائكِ،
ولأن الشفاه يلهبها اسمكِ،
كقُبلةِ الملائكِ،
لا تدعيني يا قدس أنساكِ،
يا من أنتِ ذهبٌ كُلّكِ.
والشاعِرَة وعاء لكل أناشيد أورشليم، بما في ذلك المزامير ورؤى الأنبياء. لكنّ استحضارها تلك الكلمات يبعث الحياة فيها، ويحيي المدينة القديمة. فالصور مُستمدة من الكتاب المقدس، لكنها قُدِّمَت في حلةٍ جديدة. وأمست أنشودة المطربةِ شيمير نشيداً غير متوقع خلال حرب الأيام الستة.
يبلغ عُمر أنشودة شيمير نحو ستين عاماً. وكانت هناك محاولات قليلة في الآونة الأخيرة لاستحضار الماضي الوطني في لغة شعبية. ومن بين الجهود الاستثنائية التي بُذلت العام الماضي مساعي الملحن المجري بالاز هافاسي الذي قدَّمَ لأول مرة "سيمفونية مجرية" تشمل تلاوة أربعة نصوص للشاعر الوطني المجري شاندور بيتوفي، بما في ذلك الأغنية الوطنية "Nemzeti dal" (أغنية وطنية) التي تُعدُّ نشيداً لثورة 1848 التي اندلعت في المجر.
كتبَ بيتوفي يقول: "لا يمكن لأسلافنا أن يرقدوا بسلامٍ في قبورهم وأمتهم مُستعبَدَة". والأنشودة أُلفَت على ألحان وطنية جريئة، تمزج ما بين الكلمة المنطوقة والمشهد الساحر. واختتمت بعرضٍ استعراضي للألوان الوطنية للدولة. وتمزج التعبيرات الاصطلاحية بين العناصر الكلاسيكية والموسيقى الشعبية ببراعةٍ منقطعة النظير. ولا يبقى سوى أن نرى ما إذا كانت ستصمد أمام اختبار الزمن لها، لكن استقبالها الحافل يبيِّن قوة الشعر في التوحيد بين الحاضر والماضي.
وأكد الكاتب أنَّ المجر حالةٌ خاصّة. فهي تُخصِّص نحو عُشر ميزانيتها لدعم الأسرة، وقد أحرزت تقدماً كبيراً في قَلْب اتجاه التدهور الديموغرافي الذي أصابَ أوروبا بأسرها. وقد أبت أن تقبَل أعداداً كبيرة من المهاجرين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حفاظاً على ثقافتها الفريدة، وحكومتها تفخر بوطنيتها وانتمائها المسيحي. وليس من قبيل المصادفة أنَّ المجر أفضلُ أصدقاء إسرائيل في أوروبا. فالمجر تنظر بإعجابٍ إلى نجاح إسرائيل الديموغرافي والاقتصادي وتودُّ أن تحاكيها في بعض النواحي. ومن الصعب أن نتخيل عملاً مثل "السيمفونية المجرية" في ألمانيا أو فرنسا أو إنجلترا. ورغم ذلك، فإنها الاستثناء الذي يثبت القاعدة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ثقافة وفنون فی أوروبا أکثر من التی ت
إقرأ أيضاً: