موقع اليمن السياسي قبل وبعد ثورة 21 سبتمبر
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
محمد محسن الجوهري
إن نظرة واحدة على إعلام المرتزقة تضاعف من قناعتنا بمدى أهمية وعظمة ثورة 21 سبتمبر الخالدة، فليس يتردد على وسائلهم إلا تأجيج الصراعات الداخلية سواءً ضد الصف الوطني المناهض للعدوان أو حتى تلك الموجهة ضد شركائهم في الخيانة والارتزاق، وهذا يعكس الفارق في وجهات النظر بين رجال الثورة وأعدائها.
ففريق يرى الواقع بنظرة حقيقية ويعلم حجم المؤامرة على الأمة ويسعى لإعادة توجيه بوصلة العداء إلى مكانها الحقيقي، حيث يكمن الغرب الكافر بمخططاته الإجرامية والتي تتجلى بطول البلاد العربية وعرضها، وما فلسطين وغزة إلا عيِّنة على خبث ذلك العدو الذي تحدث عنه القرآن الكريم قبل 1400 سنة.
بالمقابل فإن أعداء ثورة 21 سبتمبر هم أعداء الوطن والدين والأمة، بدليل دعمهم للعدوان على بلادهم ومشاركتهم لمعسكر التطبيع في ضرب الشعب اليمني وارتكاب الآلاف من جرائم القتل والإبادة الجماعية بحق الشعب اليمني، ومساعيهم لتمكين الأعداء من احتلال البلاد وثرواتها، وتسخير كل مقدراتها لصالح الوصاية الخارجية.
ولقد نجحت الثورة في الحد من حجم التآمر والخيانة ومنع استعباد الشعب وقمعه في جزء كبير من الوطن، ولولاها لكانت صنعاء اليوم، وغيرها من المحافظات الحرة مستباحة من التنظيمات الإرهابية ومن قوات الرياض وأبوظبي، كما هو الحال في عدن والمحافظات المحتلة، بعد أن جعلوا منها مناطق فاشلة اقتصادياً وأمنياً، وجازَوا أدواتهم فيها جزاء سنمار، واستأجروا لإبادتهم مجرمين وقتلة من الغرب والكيان الصهيوني.
إضافة إلى ذلك، فقد أعادت 21 سبتمبر اليمن إلى موقعه الطبيعي بين شعوب المنطقة بعد عقود من الوصاية السعودية التي بدأت بمؤتمر حرض 1965، وكما هو معروف فإن السعودية هي ممثلة لمصالح الغرب والصهاينة في الجزيرة العربية، ولذا من الطبيعي أن يتراجع عندها الدور اليمني المناصر لقضايا الأمة.
وهاهي اليمن تعود من جديد كلاعبٍ رئيسي، وتقف بكل قوتها إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتسطر في سبيل ذلك العشرات من المواقف المشرفة بشكلٍ أسبوعي، وما كنا لنصدق قبل عشر سنوات من أن اليمن سيقصف الكيان الصهيوني أو حتى يجرؤ على احتجاز قارب إسرائيلي في محيط باب المندب، إلا أنها إرادة الله أن يبقى الكبير كبيراً، مهما تآمر الصغار ومن خلفهم.
وكما نجحت الثورة في إخراج اليمن من الوصاية الخارجية والتصدي للعدوان الكوني الذي سعى لإعادة احتلال البلاد، فإن 21 سبتمبر ستنجح -بإذن الله- في إخراج الأمة بكلها من الوصاية الغربية، وتحرير فلسطين من دنس اليهود وقد بدت بشائر ذلك اليوم، وستتوالى حتى النصر الكبير عما قريب.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
حرب اللصوص – الوجه الحقيقي للصراع في السودان
عندما اندلعت هذه الحرب في بداياتها، بدا الأمر وكأنه صراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، ثم سرعان ما تكشفت حقيقتها لتصبح حربًا بين جنرالين لا يمتلكان أي حس بالمسؤولية الوطنية، يسعيان بكل ما أوتيا من قوة للاستئثار بالسلطة. ومع مرور الوقت، أدرك الناس أن هذه الحرب ليست سوى محاولة من المؤتمر الوطني وأجهزته العسكرية والأمنية لاستعادة الحكم الذي أسقطته ثورة الشعب.
كل ذلك صحيح بلا شك، لكنه ليس سوى جزء من المشهد. فمع توالي الأحداث، اتضح أن هذه الحرب لم تكن سوى غطاء لعمليات نهب منظم لموارد وثروات البلاد من ذهب، ومعادن اخرى، حيث شاركت جميع الأطراف المسلحة—الجيش والدعم السريع على حد سواء—في عمليات السلب والنهب، مستهدفين البنوك والمنازل والأسواق، وباطن الارض، دون أدنى اعتبار لحقوق المواطنين أو ممتلكاتهم. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كشفت التقارير الأخيرة عن تورط عناصر من الجيش في مواصلة عمليات النهب التي بدأتها قوات الدعم السريع، في ما أصبح يُعرف بـ”الشفشفة”، وهو مصطلح محلي يعبّر عن نهب ممتلكات النازحين بعد مغادرتهم قسرًا.
ولم تتوقف هذه الجرائم عند نهب الممتلكات الفردية، بل امتدت لتشمل عمليات تهريب للثروات الوطنية، مثل تصدير النحاس المستخرج بطريقة غير قانونية، في وقت يعاني فيه المواطنون من الجوع والفقر والتشريد. أصبح من الواضح أن هذه الحرب ليست سوى حرب لصوص، حيث تتنافس القوى المسلحة المختلفة على استغلال البلاد لصالحها، دون اعتبار لمصير الشعب أو مستقبل السودان.
لقد بات واضحًا أن الإطاحة بالمرحلة الانتقالية لم تكن سوى “كلمة سر” لفتح الأبواب أمام نهب منظم من قبل القادة العسكريين، وهو ما تؤكده المعلومات المتداولة حول تضخم ثرواتهم بطريقة يعجز العقل عن استيعابها. هذه الاستباحة للممتلكات العامة والخاصة، وهذا الاحتقار التام للحقوق العامة، ليسا سوى امتداد لثقافة الفساد التي عمّقها عقلية الإخوان المسلمين خلال سنوات حكمهم، حيث زرعوا فكرة أن الفساد ليس مجرد انحراف، بل ممارسة مشروعة بل ومطلوبة لتحقيق المصالح. وهكذا، أصبحت السرقة سلوكًا راسخًا، لا يقتصر على الأفراد بل يمتد إلى مؤسسات كاملة، تشمل الجيش، الدعم السريع، الحركات المسلحة المتحالفة، وحتى الكتائب الأمنية المختلفة. لقد فهم الناس ان الفضائح اخرجتها لجنة التفكيك كانت اجراءات مؤلمة وشديدة الصدمة للمدانين وان الحرب لم تعد سوى الوسيلة والاداة لرفض حكم القانون والافلات من العقاب والمحاسبة. الحرب والفساد دائرة جهنمية لا تنتهي، وان هذه الفوضى لا تقتصر على تدمير الاقتصاد ونهب الثروات، بل إنها تخلق واقعًا اجتماعيًا جديدًا تُطبع فيه اللصوصية كجزء من الحياة اليومية. كل يوم تستمر فيه الحرب، يتغلغل الفساد أكثر، ويصبح أكثر قبولًا كجزء من النسيج الاجتماعي، حتى يصل إلى مرحلة يستحيل فيها اقتلاعه دون ثمن باهظ.
من الواضح بات، ان النتائج ستكون كارثية، ليس فقط على الأوضاع الاقتصادية الحالية، ولكن على مستقبل البلاد والأجيال القادمة، التي ستجد نفسها مضطرة لدفع ثمن هذا الفساد المنهجي على “دائرة المليم”، كما يُقال. لقد أُبتلي السودان بحكام عسكريين، بتحالفات مدنية، لم يروا في الدولة سوى غنيمة، ولم يروا في الشعب سوى عقبة في طريقهم للثراء.
في ظل هذا الواقع المظلم، لا يمكن الخروج من هذه الدوامة إلا عبر وعي شعبي متزايد بحقيقة الصراع، ورفض تام لاستمرار سيطرة هذه القوى الفاسدة على مصير البلاد. لا بد من إعادة بناء السودان على أسس جديدة، يكون فيها القانون هو الحاكم وليس السلاح، وتكون فيها العدالة هي الميزان، وليس المصالح الشخصية لمن هم في السلطة.
إنها السرقة بأوامر عليا. انها السرقة التي كلف تنفيذ خطتها فض انعقاد الاجتماع المدني السوداني وتدمير الدولة والعبث بالحقائق والتاريخ. انها حرب اللصوص، لكن الشعب، وحده قادر على إنهائها، طال الوقت، ام قصر.
wagdik@yahoo.com