الناتو يوجّه تحذيرا للأوروبيين والأميركيين
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
حذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، اليوم الخميس، الأوروبيين والأميركيين من الميل إلى "الانعزالية".
وقال ستولتنبرغ، في خطاب وداعي قبل إسدال الستار على ولايته على رأس الناتو التي استمرت عقدا من الزمن "سمعنا أصواتا من جانبي الأطلسي تدعو أميركا وأوروبا إلى اتخاذ مسارات مختلفة".
وأضاف "التركيز على المصالح الوطنية القصيرة الأمد على حساب التعاون طويل الأمد لن يكون مفيدا لنا.
يأتي التحذير فيما يشعر حلفاء واشنطن بالقلق من إمكانية تخفيف الرئيس السابق دونالد ترامب التزام الولايات المتحدة حيال الناتو إذا فاز في الانتخابات المقررة في نوفمبر.
أحدث ترامب صدمة بين الدول الأوروبية بإشارته إلى أن الولايات المتحدة قد تتوقف عن حماية أعضاء الحلف الذين لا ينفقون ما يكفي على الدفاع.
بعد عشر سنوات على رأس الحلف، يغادر رئيس الوزراء النرويجي السابق مهامه في الأول من أكتوبر ليحل محله رئيس حكومة سابق آخر هو الهولندي مارك روته.
وخلال الفترة التي قضاها في منصبه، ساعد ستولتنبرغ في الإشراف على زيادات كبيرة في الإنفاق الدفاعي من قبل بلدان الحلف الأوروبية، وهو أمر جاء نتيجة الضغوط الأميركية، وبشكل أكبر الأزمة الروسية على أوكرانيا.
لكن ستولتنبرغ قال إنه في مواجهة التهديد المتواصل، سيتعيّن على دول الحلف إنفاق المزيد. وبناء على آخر إحصاء، من المقرر أن تبلغ 23 من بلدان الناتو الـ32 هذا العام هدف الحلف القاضي بإنفاق دفاعي بنسبة 2% من إجمالي ناتجها الداخلي، وهو هدف تم تحديده في 2014.
وأضاف ستولتنبرغ "النبأ الجيّد هو أننا حققنا ما تعهّدنا به قبل عشر سنوات.. لكن النبأ السيئ هو أن ذلك لم يعد كافيا لحمايتنا".
ومع تواصل الأزمة الأوكرانية للعام الثالث، شدد ستولتنبرغ على أنه يتعيّن على حلفاء الناتو ضمان أن يكون بإمكان كييف التفاوض "من موقع قوة" عندما يحين وقت المحادثات.
وقال "على أي اتفاق سلام مستقبلي أن يكون مدعوما بدعم عسكري قوي ومستدام، لا أن يكون على الورق فحسب".
وأقر بأن بلدان الناتو "كان بإمكانها القيام بالمزيد" لتجنّب الأزمة الأوكرانية.
انقطعت العلاقات بين الناتو وروسيا غداة الأزمة في أوكرانيا في 2022. وأشار ستولتنبرغ إلى أن التحالف سيحتاج في مرحلة ما لاستئناف الحوار مع موسكو بشأن عدد من القضايا من بينها ضبط انتشار الأسلحة.
وجاء في الخطاب "علينا التحدّث إلى جيراننا. مهما كان ذلك صعبا. لكن الحوار لا ينجح إلا إذا كان مدعوما بدفاعات قوية".
وحذّر ستولتنبرغ بأن التعامل التجاري مع الخصوم يجب ألا يتم على حساب الأمن وبأن على حلفاء الناتو أن يتجنّبوا الاعتماد على بعض الدول في توفير المنتجات الرئيسية.
وأفاد "الحرية أكثر قيمة من التجارة الحرة".
لكنه حذّر في الوقت ذاته أعضاء الناتو من أن "الحمائية ضد الحلفاء لا تحمي أمننا". أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: حلف الناتو حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الانعزالية
إقرأ أيضاً:
متى يكون للحياة طعم؟
إسماعيل بن شهاب البلوشي
كثيرون هم الذين يسألون أنفسهم: متى يكون للحياة طعم؟ كيف نحيا ونشعر بلذة السعادة والراحة؟
لكن الأجوبة تختلف، والمواقف تتباين، تبعًا لطبيعة نظرة الإنسان إلى السعادة وسبل الوصول إليها. هناك من يرى أنَّ الحياة الطيبة مرهونة بالجلوس في المقاهي الفاخرة، أو بالسفر إلى البلدان البعيدة، أو بالعيش في أماكن راقية تزينها مظاهر الرفاهية. غير أن قليلًا منهم من يفكر كيف يصل إلى ذلك، كيف يجتهد، كيف يتعب، كيف يصنع لنفسه مقعدًا بين الناجحين، قبل أن يُطالب نفسه بثمار لم يزرعها.
إنّ للحياة طعمًا خاصًا لا يُدركه إلّا أولئك الذين عرفوا قيمة الجهد والتعب، الذين مرُّوا بمحطات الكد والسعي، وذاقوا مرارة الصبر قبل أن يتذوقوا حلاوة الراحة. هؤلاء حين يجلسون أخيرًا على مقاعد الراحة، لا يجلسون بأجسادهم فقط، بل تجلس أرواحهم قريرة مطمئنة، لأنهم يعرفون أنَّ ما وصلوا إليه لم يكن مصادفة ولا صدقة، بل كان نتاج سعيهم، ونصب أعينهم هدف رسموه بعقولهم وسقوه بعرقهم.
وعلى الضفة الأخرى، تجد أولئك الذين لم يبذلوا جهدًا حقيقيًا، لكنهم لا يكفون عن الشكوى واللوم. يعتقدون أنَّ سعادة الدنيا قد سُرقت منهم، وأن أيدي الآخرين قد اختطفت نصيبهم في متعة الحياة. ينسون- أو يتناسون- أنَّ السعادة لا تُهدى؛ بل تُنتزع انتزاعًا بالجد والاجتهاد. ينسون أن لحياة الطيبين المطمئنين أسرارًا، أولها أنهم لم يتكئوا على الأماني، ولم يحلموا بأطياف الراحة قبل أن تبلل جباههم عرق الاجتهاد.
ليس المطلوب أن يعادي الإنسان الراحة، ولا أن يرفض الجلوس في مكان جميل، ولا أن يمتنع عن السفر، ولكن المطلوب أن يعرف أن لكل متعة ثمنًا، وأن لكل راحة طريقًا.
الطريق إلى السعادة الحقة ليس معبّدًا بالكسل ولا مفروشًا بالاعتماد على الحظ أو الاتكالية على الآخرين، بل هو طريق طويل ربما ملأه التعب والسهر، وربما اختلط بالدموع والألم، لكنه الطريق الوحيد الذي يجعل للراحة طعمًا، وللحياة لونًا، وللسعادة معنى.
الحياة الحقيقية لا تطعم بالفراغ ولا تثمر بالركون إلى الأماني. متعة القهوة في المكان الراقي، ومتعة السفر، ومتعة الجلوس في الحدائق الجميلة، ليست في ذاتها، بل في الإحساس أنك وصلت إليها بجهدك، واستحققتها بكدك. حينها تصبح لكل رشفة طعم، ولكل لحظة لون، ولكل مكان ذاكرة تحمل عطر العناء الجميل.
هنا، يقف شخصان متقابلان؛ أحدهما عاشر التعب، وأرهقه السعي، فذاق الراحة بعد معاناة فكانت أطيب ما تذوق. والآخر ظل ينتظر السعادة تأتيه بلا عناء، فمات قلبه بالشكوى قبل أن تقترب إليه.
ما أجمل الحياة حين نحياها بالكد والعزم! وما أطيب طعمها حين ندرك أن اللذة الحقيقية ليست في المال الكثير ولا في الجاه العريض، بل في الرضا عن الذات، والشعور بأنك بذلت ما بوسعك، وقابلت النتائج بابتسامة الرضا لا تأفف الحاسد ولا حسرة المتكاسل.
فمتى يكون للحياة طعم؟
يكون لها طعم عندما نتذوق التعب ونحوله إلى لذة، ونحمل همّ الطريق ونتخذه رفيقًا لا عدوًا. يكون للحياة طعمًا حين نحيا بشغف، ونحب عملنا، ونسعى وراء أحلامنا مهما كانت بعيدة، وحين نصنع من كل يوم طوبة نبني بها صرح سعادتنا.
الحياة، في حقيقتها، ليست مجرد أيام تمضي، ولا متعٍ تُشترى. إنها قصة تُكتب بالتعب، وتُزيَّن بالأمل، وتُختم براحة الضمير وطمأنينة القلب.
حين نفهم هذه الحقيقة، ندرك أن طعم الحياة لا يُعطى هبةً، بل يُصنع بيدين متعبتين، وقلب مؤمن، ونفس طامحة لا تلين ولا تستسلم.
رابط مختصر