الجزيرة:
2025-05-01@06:36:24 GMT

مسار عزل الرئيس في فرنسا مطلب واقعي أم إثارة سياسية؟

تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT

مسار عزل الرئيس في فرنسا مطلب واقعي أم إثارة سياسية؟

باريس- صادقت أعلى هيئة تنفيذية في البرلمان الفرنسي على القرار المقترح للشروع في إجراءات إقالة الرئيس إيمانويل ماكرون يوم الثلاثاء الماضي، الذي قدمه حزب "فرنسا الأبية"، بعد تصويت الأغلبية اليسارية داخل مكتب الجمعية الوطنية لصالحه بـ12 صوتا، مقابل 10 أصوات.

ومن المقرر إحالة دراسة القرار إلى لجنة القانون التي ستقوم بإدراجه في جدول أعمالها، وبمجرد إقرار النص، سواء لصالحه أم لا، سيتم عرضه على مجلس الشيوخ، حيث ستكون موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، أي 385 نائبا من أصل 577 نائبا، ضرورية لتمرير قرار عزل رئيس الجمهورية.

ووفقا للمادة 68 من الدستور، "لا يجوز عزل رئيس الدولة إلا في حالة إخلاله بواجباته التي تتعارض بشكل واضح مع ممارسة ولايته"، ويتم النطق بالفصل من قبل البرلمان في المحكمة العليا.

تحرك شعبي سابق في أنحاء فرنسا ومطالب برحيل ماكرون (الجزيرة) سابقة تاريخية

وأعرب اليسار عن ارتياحه الثلاثاء في قصر بوربون، وهو المكان الذي يجتمع فيه مجلس النواب بالبرلمان في باريس، حيث وصفت رئيسة حزب "فرنسا الأبية" ماتيلد بانو هذا الحدث بـ"غير المسبوق"، في حين صرح جان لوك ميلانشون في مقطع فيديو نُشر على منصات التواصل الاجتماعي أن "إجراءات الإقالة بدأت للتو"، مؤكدا أنه "لأول مرة في عهد الجمهورية الخامسة، تتم إحالة طلب الإقالة إلى المجلس".

بدوره، أوضح النائب جيروم لوغافر عن الحزب نفسه، أن ما تعيشه البلاد اليوم هو أمر غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الخامسة، ومؤشر على رفض سلطة ماكرون الذي كان مستعدا للتعايش مع حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، لأن السماح بمثل هذا الانقلاب ضد إرادة الأغلبية وضد الديمقراطية أمر غير مقبول.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن "إستراتيجيتنا المقبلة تنطلق من البرلمان ومع ممثلي الأمة الذين تم انتخابهم، وسيكون عليهم تحمل المسؤولية بشأن ما إذا كانوا يرغبون في بقاء ماكرون في السلطة أم لا، ومن جهتنا سنقوم ببذل كل الجهود الممكنة لتمرير المقترح"، مؤكدا أن "ماكرون يتصرف مثل الملك لكن الملوك انتهوا في فرنسا؛ لذا آن الوقت ليرحل لأن سياسته تدميرية".

وبعد مظاهرة 7 سبتمبر/أيلول التي شارك فيها 300 ألف متظاهر من كل أنحاء البلاد، أشار النائب الفرنسي إلى تنظيم مسيرة أخرى السبت المقبل 21 سبتمبر/أيلول، نظرا لرمزية هذا التاريخ، حيث قام نواب المؤتمر الوطني بإلغاء النظام الملكي أثناء الثورة الفرنسية في الشهر نفسه من عام 1792.

وفي حال توفرت الشروط الإجرائية، يعلن المكتب قبول الاقتراح لتتم دراسته من قبل اللجنة القانونية قبل بحثه في جلسة عامة يصوت فيها ثلثا أعضاء المجلس على الإقالة، وبحسب القانون الأساسي لتطبيق الفصل 68 من الدستور، فإن أجل التصويت هو 15 يوما.

فرص ضئيلة

ويرى الخبير في الشأن الفرنسي عمر المرابط أن هذا القرار لا يتعدى كونه "خطوة رمزية ودعاية إعلامية"، على اعتبار أنها المرة الأولى التي يقوم فيها حزب سياسي بطلب تنحية رئيس الجمهورية الخامسة، و"فرصة" للتأكيد على أن ماكرون تجاوز صلاحياته بعدم اختيار رئيس الوزراء من الجبهة الشعبية الجديدة التي حصلت على أكبر عدد من التصويت.

ولا يعتقد المرابط، في حديثه للجزيرة نت، أن ماكرون انتهت صلاحيته "لأننا الآن في مرحلة جديدة وستعود الأغلبية التي خسرت إلى الحكم عبر بوابة الحزب الرابع، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء".

وفي السياق ذاته، يجد المحلل السياسي إيف سنتومير أن احتمال قبول طلب الإقالة غير وارد وسيتم إجهاضه قريبا، معتبرا أن ما حدث يندرج ضمن "الإثارة والدعاية السياسية" التي يقودها حزب ميلانشون لتعبئة المتعاطفين والناخبين، والتأكيد على أن الرئيس ليس ديمقراطيا ولا يستحق أن يبقى في منصبه.

وبينما يُتوقع استمرار الاحتجاج الشعبي الذي أثارته بعض الأحزاب السياسية اليسارية، لا يعتقد سنتومير، في حديثه للجزيرة نت، أنها ستكون بنفس حجم وقوة التعبئة الجماهرية التي شهدتها البلاد خلال مظاهرات المعاشات التقاعدية أو حركة السترات الصفراء، غير مستبعد فرض نوع من التغيير في السياسة قد يؤدي إلى إضعاف رئيس الجمهورية والحكومة المقبلة.

أثر عكسي

وفي حين استنكرت رئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون بيفيت ما وصفته بـ"سوء استخدام سيادة القانون"، تساءل الأستاذ في جامعة "باريس1" غابرييل لاتانزيو عن سبب اختيار حزب "فرنسا الأبية" احتلال الفضاء الإعلامي لتحقيق هدف لن يؤدي إلى أي نتيجة، مفسرا ذلك بالقول "إن إستراتيجية نواب الحزب تتمثل في إظهار أنفسهم على أنهم الأكثر معارضة للحكومة، ولا يهمهم الإقالة بقدر أن يكونوا أول من يعلن استقالة ماكرون".

واعتبر لاتانزيو، في حديث للجزيرة نت، أن هذا الضجيج السياسي يصب في مصلحة الحكومة ويعيد الشرعية لها، وهو تحليل الحزب الاشتراكي أيضا الذي أوضح سابقا "أننا نمنح ماكرون النصر، وسيكون قادرا على القول لاحقا: كما ترون، لقد حاولوا إقالتي ولم ينجحوا".

أما عن اختيار رئيس الوزراء الجديد، يصف لاتانزيو ما ينتظر ميشيل بارنييه بـ"الكأس المسمومة"، بسبب الميزانية الكارثية التي سترثها حكومته المقبلة، وستكون مضطرة إلى زيادة تدفق الأموال إلى الداخل أو تقليل التدفق إلى الخارج، وهما أمران كلاهما مر، وفق المتحدث.

من جهة أخرى، يتفق الأكاديمي الفرنسي مع مطالبات حزب "فرنسا الأبية" للحكومة الفرنسية بالشفافية الكاملة فيما يتعلق بالميزانية والحسابات المالية، لأن من حق الشعب والجمعية الوطنية الاطلاع عليها، على حد تعبيره.

وعلى ضوء ما سبق، يرى المحلل الفرنسي إيف سنتومير أن الحكومة الجديدة لن تخضع للرقابة على الفور، وستميل قراراتها إلى اليمين بشكل واضح، مرجحا في الوقت ذاته سيناريو إجراء انتخابات تشريعية أخرى في غضون 10 أشهر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فرنسا الأبیة للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

نهاية أم مخرج سياسي.. ماذا حول صفقة "إقرار بالذنب" التي اقترحها الرئيس الإسرائيلي بشان نتنياهو؟ "تفاصيل"

في تطور سياسي وقانوني لافت داخل إسرائيل، دعا الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إلى دراسة إمكانية إبرام صفقة "إقرار بالذنب" مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه تهمًا بالفساد قد تضع مستقبله السياسي والشخصي في مهب الريح. هذه المبادرة تعيد إلى الواجهة تساؤلات كبيرة حول مصير نتنياهو وحجم التحديات السياسية والقانونية التي تواجهها إسرائيل في ظل أوضاع داخلية وإقليمية متأزمة.

خلفية القضية: نتنياهو في قفص الاتهام


يُحاكم نتنياهو منذ سنوات بتهم تتعلق بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال في عدة ملفات فساد معروفة في الأوساط الإسرائيلية. رغم محاولات مستمرة للطعن في الاتهامات واللجوء إلى الاستراتيجيات السياسية للبقاء في الحكم، إلا أن الضغوط القضائية تزايدت مع الوقت.

وظهرت فكرة صفقة الإقرار بالذنب عدة مرات في السنوات الأخيرة، لكنها كانت تصطدم برفض نتنياهو التام لأي تسوية تعني انسحابه من المشهد السياسي، الذي يعتبره خط دفاعه الأساسي. القبول بهذه الصفقة يعني الإقرار بوصمة عار قانونية تمنعه من تولي أي منصب رسمي مستقبلًا، وهي خطوة لم يكن مستعدًا لها حتى الآن.

تفاصيل صفقة الإقرار بالذنب

وفقًا لما نشرته صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس"، تتضمن الصفقة خروج نتنياهو من الحياة السياسية مقابل عدم دخوله السجن. الصفقة تعتمد على إقرار نتنياهو جزئيًا أو كليًا ببعض المخالفات، بعد تعديل لائحة الاتهام لتقليل خطورة الجرائم المزعومة.

مقابل ذلك، ستسقط النيابة العامة بعض التهم أو تقبل بعقوبة مخففة، ما يجنبه المحاكمة الطويلة واحتمال السجن الفعلي. هذه الاستراتيجية القانونية، المعروفة عالميًا باسم "صفقة الإقرار بالذنب"، تتيح إنهاء القضايا الجنائية بسرعة لكنها غالبًا ما تكون محفوفة بالجدل السياسي والأخلاقي.

السياق الدولي: مذكرات اعتقال إضافية تلاحق نتنياهو

لا تقتصر التحديات القانونية لنتنياهو على المحاكم الإسرائيلية فقط. ففي نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.

وجاء في بيان المحكمة أن هناك أسبابًا منطقية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات استهدفت السكان المدنيين واستخدما التجويع كسلاح حرب. كما أشارت المحكمة إلى أن الجرائم شملت القتل والاضطهاد وأفعالًا غير إنسانية أخرى.

الكشف هذه الأوامر ضاعف من الضغوط على نتنياهو داخليًا وخارجيًا، وساهم في تعقيد حساباته السياسية والقانونية.

احتمالات المستقبل: إلى أين يتجه المشهد الإسرائيلي؟

دخول الرئيس هرتسوغ على خط الأزمة يعكس قلق المؤسسة السياسية من تداعيات استمرار محاكمة نتنياهو على استقرار الدولة. فالخيار بين محاكمة رئيس وزراء حالي أو سابق وسجنه، أو التوصل إلى تسوية سياسية قانونية تخرجه بهدوء من المشهد، يحمل في طياته آثارًا سياسية واجتماعية عميقة.

ورغم أن إبرام صفقة الإقرار بالذنب قد يبدو مخرجًا مناسبًا للعديد من الأطراف، إلا أن قبول نتنياهو بها لا يزال بعيد المنال. فنتنياهو، الذي يَعتبر نفسه ضحية ملاحقات سياسية، قد يفضِّل المضي قدمًا في المعركة القضائية حتى النهاية، آملًا في البراءة أو في انقلاب سياسي لصالحه.

أما إسرائيل، فهي تجد نفسها أمام مفترق طرق: هل تواصل السير في طريق المواجهة القانونية بكل تبعاته، أم تلجأ إلى تسوية مكلفة سياسيًا لكنها تتيح طي صفحة من أكثر الفصول إثارة للانقسام في تاريخها الحديث؟

تطرح مبادرة الرئيس هرتسوغ سؤالًا وجوديًا على إسرائيل: ما هو ثمن العدالة وما هو ثمن الاستقرار السياسي؟ بغض النظر عن النتيجة، فإن مصير بنيامين نتنياهو سيكون علامة فارقة في مسار السياسة الإسرائيلية للسنوات المقبلة.

 

مقالات مشابهة

  • اتحاد الطائرة يحيل رئيس لجنة الحكام السابق للتحقيق ويقاضيه بسبب تصريحاته المسيئة
  • تكريم فريق العمل المشارك فى تنظيم زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون لجامعة القاهرة
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • بعد مقتل مصلًّ في المسجد .. ماكرون يستقبل عميد المسجد الكبير بباريس
  • أ ف ب: الحكومة الإسرائيلية تتراجع عن قرار إقالة رئيس الشاباك
  • جاك فوكار.. أمير الظلام الذي أرسى سياسة فرنسا الأفريقية
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • محللة سياسية توضح أسباب انقطاع التيار الكهربائي في فرنسا وإسبانيا والبرتغال
  • الرئيس العليمي مخاطبا سفراء الاتحاد الأوروبي: لا نجاح لأي مقاربة سياسية تحقيق الاستقرار الشامل إلا بإنهاء النفوذ الإيراني من اليمن
  • نهاية أم مخرج سياسي.. ماذا حول صفقة "إقرار بالذنب" التي اقترحها الرئيس الإسرائيلي بشان نتنياهو؟ "تفاصيل"