تحولات دراماتيكية متسارعة ختمت بها فصول ثمان سنوات من الحرب في اليمن
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
YNP / معد الزكري -
منذ أن أعلنت دولة الامارات تعليق مشاركتها العسكرية ضمن قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن
وتركيز الأخيرة على تعزيز جهود التهدئة عبر تبني هدنة طويلة الأمد وصولا إلى طي صفحة الحرب بغض النظر عن تحقيق أهدافها من عدمه خطوات إحلال السلام في اليمن وان بدت منقوصة كما يرى البعض إلا أنها قد ألقت بظلالها على المشهد السياسي في جنوب اليمن.
فالانقسامات السياسية تتسع رقعتها يوما بعد آخر، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية في تدهور مستمر.
كل تلك التداخلات المعقدة اسهمت بصورة مباشرة وغير مباشرة في تنامي المخاوف من عودة تنظيم القاعدة مستغلا غياب الدولة وفرض سيطرتها الكاملة على تلك المناطق.
يتهم المجلس الانتقالي الجنوبي بعض شركائه في السلطة باستخدام تنظيم القاعدة كورقة ضغط للحد من إكمال سيطرته على المحافظات الجنوبية وإعلان دولة الجنوب المستقلة كما اكدته قيادة المجلس في اكثر من مناسبة.
لكن بعيدا عن فحوى تلك الاتهامات المتبادلة بين الطرفين وما تتضمنه من رسائل يرى البعض أنها لا تخلو من المكايدات السياسية محورها الرئيسي مزيد من تنازع النفوذ.
على وقع تصاعد هذه الخلافات تتزايد المخاوف من عودة مرتقبة لتنظيم القاعدة انطلاقا من محافظة ابين باعتبارها خاصرة الجنوب والطريق الأقرب للسيطرة على العاصمة المؤقتة عدن ناهيك عن كونها النقطة الاكثر نشاطا وحضورا لعناصر التنظيم نظرا لما تحمله ابين من رمزية سياسية واجتماعية بالنسبة للقاعدة، كما يرى مراقبون.
ومن ذات المحافظة سبق وأن حذر القيادي الجنوبي العميد عبداللطيف السيد في لقاء مصور أجريته معه في وقت سابق من مخاطر عودة التنظيم وتداعيات ذلك على ما تبقى من معالم الدولة.
السيد الذي لقي مصرعه وعدد من مرافقيه جراء استهدافه بعبوة ناسفة في عملية تبناها تنظيم القاعدة كان قد دعا مختلف القيادات السياسية والعسكرية في الجنوب إلى التركيز على تعزيز جهود التصدي لهذا التنظيم، مؤكدا على ضرورة نبذ الخلافات السياسية جانبا، لكن يبدو أن شيئا من ذلك لم يتحقق حتى لحظة مصرعه.
على ضوء هذه المعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشوها المحافظات الجنوبية وحالة التنامي الملحوظ لتنظيم القاعدة تبقى التساؤلات مشرعة:
هل سنشهد في القريب العاجل سيطرة جديدة لتنظيم القاعدة، والقضاء على ما تبقى من مظاهر الدولة في المناطق الخاضعة لسلطة المجلسين الرئاسي والانتقالي، أم أن كل ما ذكر مجرد توجسات ومخاوف لا تعززها الوقائع على الأرض؟.
الايام المقبلة كفيلة بالإجابة عن كل هذه التساؤلات
المصدر: البوابة الإخبارية اليمنية
كلمات دلالية: يويفا يونيسيف يونيسف يونسكو يوم الولاية يوم القدس
إقرأ أيضاً:
الوحدة و صراع التيارات الاتحادية إلي إين؟
عندما كنت طالبا في كلية الإعلام جامعة بغداد، كان استاذ النقد و الأدب العالمي الدكتور محمد كمال الدين، هو شاعر و قاص درس تعليمه الجامعي و فوق الجامعي في موسكو، و عندما عرف أنني سوداني سألني من جيلي عبد الرحمن إذا كنت أعرفه قلت له اعرفه كشاعر، طلب مني أن أكتب عنه بحث نقدي على أعماله الشعرية أعتذرت بسبب نقص المصادر لإنتاج الرجل المعرفي، و بعد يومين التقيت الدكتور على باب مدخل الكلية سألني من أين جئت؟ حيث كنت أتصبب عرقا، قلت له؛ من محاضرة للأستاذ ناجي علوش، تحدث فيها عن القراءات الجديدة للفكر الماركسي.. و علوش هو فلسطيني كان قياديا في منظمة التحرير العربية التي كانت قد انشقت من المنظمة الأم.. طلب مني كمال الدين أن أذهب معه للمكتب أشرب الشاي، و بالهجة العراقية " شايات" سألته و نحن على باب مكتبه عن الجبهة التحالفية في العراق، ضحك و قال بلكنة عراقية هذه ورطه يازين...! و الحديث عنها في الهواء الطلق إما نفاقا، أو مغامرة دون التعقل في حساباتها..
سألت الدكتور كمال الدين عن ظاهرة التحولات السياسية وسط النخب و المفكريين الفلسطينيين و الشوام من الفكر القومي إلي الماركسي منهم جورج حبش و جورج طرابيشي و ناجي علوش و غيرهم؟ قال كمال الدين أن الأحزاب في الوطن العربي للتمييز و ليست حمولات فكرية، و الانتقال ظاهرة تفرضها التعارض بين المصالح الخاصة و المصلحة العامة، و أغلبية هؤلاء ينتمون للطبقة الوسطى، و معلوم هي طبقة متمردة، و التمرد هو الصفة الغالبة، لذلك تصبح حالة الثبات نسبية، و أنظر إلي أغلبية التغييرات التي تحدث في النظم السياسية العربية لا تعتمد على الجماهير بقدر ما تعتمد على القوى المنظمة داخل الجيوش، مما يدل على أن المصالح الخاصة هي التي وراء التغييرات، و ليس سبب أفكار يراد تطبيقها.. عندما طرق أحد باب المكتب استأذنت لمعرفتي أن مثل هذا النقاش يضر بأصحابه، و لا اريد أعرض أستاذي لمضايقات..
تذكرت حديثي مع الدكتور محمد كمال الدين، و هو كان نقاشا طويلا عن ظاهرة لتململ وسط الطبقة الوسطى في المجتمعات العربية، و هي التي قادت للانقلابات العسكرية المتكررة في المنطقة... في الأسبوع الماضي، كانت هناك ظاهرة الدعوات بين التيارات الاتحادية للوحدة، و هو شعار أشواق القاعدة الاتحادية، و فكرة الوحدة يتحكم فيها الشعار المرفوع دون أن يكون لها تأسيس معرفي لمشروع يمكن الحوار حوله.. و في حوار مع محمد توفيق أحمد عن وحدة الاتحاديين قال منذ دخول الشعبوية في 1965م في الوطني الاتحادي، و بموجبها طرد أعضاء في البرلمان بدأت تتغلب على تيار الوسط الذي ترتكز عليه عملية البناء الديمقراطي، و تراجع دور النخب ذات الاستنارة.. و كان الأمين العام للجبهة المعادية للاستعمار عبد الوهاب زين العابدين قاريء جيد للواقع عندما كانت رؤيته المخالفة لفكرة عبد الخالق محجوب في الجبهة أن يشكل اليسار تيارا تنويريا داخل لاتحاديين حتى يستطيع أن ينتصر للديمقراطية.. و أيضا قد اعاد ذات الرؤية عوض عبد الرازق في بداية الخمسينات.. فاشواق الوحدة تعد دافعا و لكنها لا تستطيع أن تجرد عناصر الطبقة من المصالح الذاتية الضيقة..
عندما كنت في مصر في ديسمبر 2024م حضرت حوارا بين قيادات اتحادية تتبع لتيارات مختلفة، جاء البعض خاصة قيادات من كردفان و الجزيرة بفكرة " فدرالية التنظيم" و هي فكرة مقنعة لا تؤسس على مركزية التنظيم، فكل أقليم ينتخب قياداته من القاعدة إلي الهرم، و قيادات الأقليم المختلفة تشكل اللجنة المركزية للحزب، و هي التي تنتخب المكتب السياسي " التنفيذي" يراع فيه حضور كل الأقاليم.. هذه التنييظم يعطي القيادات مساحات واسعة على الحركة، الكل سوف يشارك في قرارات الحزب، و سوف يحجم مسألة الكارزمة و سطوتها، لكن الدعوات الأخيرة تجاوزت " فدرالية التنظيم" و عادت مرة أخرى للحوار بين قيادات المجموعات المختلفة و هي في حد ذاته سبب تعثر الوحدة، لآن كل فرد في هذه القيادات يريد أن يكون له مقعدا في القيادة..
أن واحدة من إشكالية النخب التي تريد أن تقود بنفسها عملية الوحدة، لا تستطيع أن تتحدث عن القضايا المسكوت عنها، و هي جوهر المشكل، لآن مسألة القناعات في الأجيال الجديدة تتطلب المعرفة، و المشاركة في صناعة المشروع السياسي، و أيضا المشاركة الفاعلة في اختيار القيادات.. فالقبول بمبدأ الولاءات السالبة بدأ يضيق في المجتمع، لذلك لابد من فتح الحوار مع القاعدة بدلا من الاحتفاظ به داخل موائد شبه مغلقة.. و هناك من يخطط لإعادة الكارزمة لكي تخطط له و تقود لوحدها عملية الوحدة، هذه تتعارض تماما مع مبدأ الحرية، و في نفس الوقت العودة إلي لاحتكارية القرار... أن الوحدة التي يريد أصحابها أن تنجح أن يطرح أصحابها رؤيتهم للقاعدة للحوار و الوصول ألي توافق حوله.. كما يقول المفكر البناني علي حرب " أن القيادات السياسية العاجزة عن إنتاج معرفة جديدة و أفكار جديدة لا تستطيع المساهمة في التغيير..
أن عملية الوحدة الاتحادية يستطيع أن يقوم بها فصيل واحد دون الفصائل المتعددة المطروحة في الساحة السياسية، إذا كان لديه قيادة مؤمنة بالوحدة، و ما تفرزه عملية الاختيار من قيادات، و دون التعدى على حرية القاعدة في اختيارها، و يملك أدوات العمل و الاتصال، و القدرة المالية على قيام انتخابات عامة من القاعدة إلي القمة، دون الدخول في أية صراعات جانبية مع الفصائل الأخرى حتى لا تصرفه عن الهدف. و دون أية إقصاء مادام القاعدة وحدها لها حق اختيار القيادة.. و أن تكون القيادة مدركة للتحديات التي سوف تواجهها، و أن تكون هناك فكرة واحدة " قيام انتخابات لتنظيم اتحادي من القاعدة إلي القمة" هي الرؤية التي سوف تستقطب الأجيال الجديدة القادرة على حمل المسؤولية. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com