"هجوم بيجر".. بين القوة التقنية الإسرائيلية والضباب الاستراتيجي
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
في غزة ولبنان وإيران، أظهرت إسرائيل أنها قادرة على القيام بأعمال تجسس غير عادية، لكنها تكافح من أجل تحديد أهداف طويلة الأجل، وفقاً لمحللين إسرائيليين وشخصيات عامة تحدثوا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن التناقض بين براعة هجمات إسرائيل الأخيرة التي استهدفت عناصر حزب الله وعدم اليقين بشأن استراتيجيتها طويلة الأجل في لبنان هو أحدث مثال على هشاشة الحكم الإسرائيلي، وفقاً لشخصيات عامة ومحللين إسرائيليين.
Like so many of Israel’s actions, the pager attack was a tactical success—but its strategic consequences remain to be seen. Economist https://t.co/PkJ5nzAfXq
— Aniq Naji (@aniqnaji) September 18, 2024 فشل استراتيجيتبدو إسرائيل قوية من الناحية التكنولوجية، لكنها ضائعة استراتيجياً، إذ إنها قادرة على القيام بأعمال تجسس غير عادية، فضلاً عن تعبيرات قوية عن القوة العسكرية، لكنها تكافح لربط هذه الجهود بأهداف دبلوماسية وجيوسياسية طويلة الأجل.
وقال إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق: "نرى تطور العقول التكنولوجية لإسرائيل وفي الوقت نفسه الفشل التام للقيادة السياسية في تنفيذ أي تحركات ناتجة".
وأضاف أولمرت: "إنهم منشغلون ومهووسون بمخاوفهم لدرجة أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء على أساس استراتيجي أوسع".
وتشير الصحيفة، إلى أن على الرغم من تسلل أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى شبكات الاتصالات التابعة لحزب الله وقامت بتخريبها بتفجير أجهزة الاستدعاء وأجهزة لاسلكية أخرى هذا الأسبوع، لكن القيادة الإسرائيلية تبدو غير متأكدة من كيفية احتواء الجماعة على المدى الطويل.
وقامت إسرائيل بعدة مهام واغتيالات سرية داخل إيران، كان آخرها زعيم حماس إسماعيل هنية من خلال التسلل إلى دار ضيافة تحميها المؤسسة الأمنية الإيرانية. وفي الوقت نفسه، تجنبت تقديم التنازلات السياسية اللازمة لإقامة تحالفات رسمية مع معظم خصوم إيران في المنطقة.
Analysis | Hezbollah vows revenge for the deaths of over two dozen members in recent attacks, promising a response that Israel cannot anticipate.
Written by @sfrantzman https://t.co/0PhYkufaOP
وأطلقت قوات الكوماندوز التابعة لها سراح عدة رهائن من الأسر من خلال عمليات خاصة معقدة، حتى في الوقت الذي فشل فيه سياسيوها في التوصل إلى اتفاق أوسع لإنقاذ أكثر من 100 آخرين ما زالوا محتجزين في غزة. وبينما قصفت القوات الجوية الإسرائيلية الرائدة عالمياً غزة، ودمرت الكثير من النسيج الحضري في القطاع وقتلت كبار قادة حماس مثل محمد ضيف،
وحتى الآن، لم تصدر الحكومة الإسرائيلية خطة مفصلة وقابلة للتطبيق لمستقبل غزة بعد الحرب.
والنتيجة هي حملة عسكرية بطيئة ومتكررة في غزة يقوم فيها الجنود الإسرائيليون بشكل متكرر بالاستيلاء على جيوب الأرض نفسها ثم الانسحاب منها، دون تفويض إما بالتمسك بالأرض أو الشروع في نقل السلطة إلى قيادة فلسطينية مختلفة.
وجاءت حملات إسرائيل بتكلفة باهظة من خلال قتل عشرات الآلاف من المدنيين في غزة بالإضافة إلى عدة مئات من اللبنانيين في ضرباتها على المقاتلين التابعين لحزب الله، وأثارت بذلك غضباً دولياً، ووجهت اتهامات بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية وشوهت مكانتها العالمية دون تدمير حماس بشكل قاطع، ناهيك عن حزب الله.
بالنسبة للبعض، فإن الضبابية في استراتيجية إسرائيل مستمدة جزئياً من صدمة هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، إذ كان الهجوم هو أكثر الأيام دموية في تاريخ إسرائيل وربما ترك قادة إسرائيل يسعون لتحقيق انتصارات قصيرة الأجل للتكفير عن هفواتهم في ذلك اليوم، على حساب التخطيط طويل الأجل لمستقبل إسرائيل.
Israel planted explosives in pagers sold to Hezbollah, officials say https://t.co/1pE0ZPaKdC
— The Boston Globe (@BostonGlobe) September 18, 2024ومع صدمة العديد من الإسرائيليين جراء الهجوم، يخاطر قادتهم بفقدان شعبيتهم وتشويه إرثهم من خلال الترويج لتسويات مثيرة للجدل لإنهاء حروب إسرائيل المختلفة.
مخاطر سياسيةوقال السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن إيتامار رابينوفيتش: "يمكن تحقيق نجاحات تكتيكية من قبل محترفين، لكن يجب تحقيق إنجازات واسعة النطاق من قبل القادة.. يجب أن يكونوا قادرين على مخالفة التيار، واتخاذ قرارات غير شعبية ومخاطر سياسية".
بالنسبة لبنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يجب إعطاء الأولوية لأمن إسرائيل بأي ثمن، ويجب تشويه سمعة حماس وحزب الله بشكل كامل لاستعادة الشعور بالردع والمناعة الذي فقدته إسرائيل في هجوم حماس قبل التوصل إلى تنازلات دبلوماسية.
لكن بالنسبة لمنتقدي نتانياهو، لا يمكن تحقيق الأمن الحقيقي بدون رؤية دبلوماسية يمكن أن يقبلها حلفاء إسرائيل وحلفاؤها المحتملون، فهم يجادلون بأن العمليات الإسرائيلية الناجحة ضد حماس وحزب الله وإيران لن يكون لها تأثير محدود على المدى الطويل إلا إذا ظلوا منفصلين عن استراتيجية وطنية متماسكة.
U.S. warns Netanyahu against starting a war in Lebanon https://t.co/HhYksgHdjC
— Axios (@axios) September 16, 2024ووفقاً لمعارضيه، سمح نتانياهو للاعتبارات السياسية وخاصة حاجته لمنع انهيار حكومته الائتلافية الهشة، أن تحل محل القرارات الاستراتيجية التي يعارضها حلفائه في الائتلاف.
وتعتمد قبضة نتانياهو على السلطة على مجموعة من المشرعين اليمينيين المتطرفين الذين يعارضون أنواع التسويات اللازمة للوصول إلى نهاية اللعبة في غزة ولبنان.
Israel expands war goals to include return of residents near border with Lebanon https://t.co/qoGP9ILfAi
— The Guardian (@guardian) September 17, 2024 تحركات غير حاسمةوهدد هؤلاء المشرعون بانهيار ائتلاف نتانياهو إذا وافق على هدنة في غزة تترك حماس في السلطة. كما يعارضون خطط تسليم السلطة إلى الخصم الفلسطيني الرئيسي لحركة حماس، فتح.
في المقابل، أدت المواجهة في غزة إلى تمديد الحرب على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حيث يقول حزب الله إنه سيواصل القتال حتى يتم التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس.
وقال نداف شتراوتشلر، وهو استراتيجي سياسي ومستشار سابق لنتانياهو: "على الرغم من أن هذه خطوات تكتيكية، إلا أنها جزء من خطة أكبر"، بعد أشهر من الصراع على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
بالنسبة للآخرين، لا تزال التحركات تبدو غير حاسمة، ولا تصل إلى حد النهاية الحاسمة للمأزق من خلال القوة أو الدبلوماسية. من ناحية، تجنب نتانياهو الأمر بغزو بري للبنان. ومن ناحية أخرى، رفض هدنة في غزة يمكن أن تنهي حرب لبنان من خلال الوساطة.
Israel’s double-punch humiliation of Hezbollah is a dance on the edge of an abyss https://t.co/fFTbp4XrkK
— Guardian Australia (@GuardianAus) September 18, 2024وبالنسبة لأولمرت، رئيس الوزراء السابق، فإن افتقار إسرائيل للاستراتيجية يمتد إلى ما هو أبعد من نتانياهو.
وقال أولمرت إن المشكلة متجذرة في إحجام المجتمع الإسرائيلي ومؤسسته عن معالجة معضلة داخل إسرائيل أو حتى الاعتراف بها في بعض الأحيان، وهي: مسألة السيادة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل أساس استراتيجي عدة رهائن الحكومة تكلفة باهظة الضبابية الهجوم نتانياهو رؤية دبلوماسية القرارات الاستراتيجية قبضة غزة تمديد الحرب نتانياهو تفجيرات البيجر في لبنان حزب الله إسرائيل لبنان غزة وإسرائيل من خلال فی غزة
إقرأ أيضاً:
محللان: حماس رمت بـكرة من نار على إسرائيل
رأى محللان سياسيان أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رمت بـ"كرة من نار" على إسرائيل وفاقمت من معضلتها الداخلية، من خلال ردها على المقترح الذي تسلمته من الوسطاء، وتضمن الموافقة على إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر الذي يحمل الجنسية الأميركية وجثامين 4 من مزدوجي الجنسية.
وأعلنت حركة حماس أنها سلمت ردّها فجر اليوم على المقترح الذي تسلمته من الوسطاء، وأكدت جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل بشأن قضايا المرحلة الثانية، ودعت إلى إلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته كاملة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي تعليقه على هذا التطور، قال الباحث والمحلل السياسي سعيد زياد إن حماس حاولت تفكيك المعضلة التي تواجهها المفاوضات وتجاوز السردية الإسرائيلية، عبر الموافقة على العرض الأساسي لآدم بولر، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاص لشؤون الأسرى، والذي قدمه الوسطاء ليلة أمس.
وأوضح أن "موافقة حماس هي موافقة على نوايا وليست موافقة إجرائية، أي أنها توافق إذا تم ربط المسألة بمفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة".
كما أن رد حماس على عرض الوسطاء سيغري الأميركيين -يواصل زياد- ويثبت للجميع أن حماس معنية بالتفاوض وغير متعنتة وتريد مفاوضات المرحلة الثانية دون أن تقدم شيئا، بالإضافة إلى أن موفقة حماس على إطلاق سراح أسير يحمل الجنسية الأميركية سيدفع عائلات الأسرى والمجتمع الإسرائيلي للقول إن من يمتلك جنسية مزدوجة له امتياز تفاوضي وله دولة تفاوض عنه.
إعلانوبينما أعرب عن اعتقاده بأن "موقف حماس سيضع إسرائيل في مواجهة مع الأميركيين"، لم يستبعد زياد أن يؤدي هذا الموقف إلى إعطاء دفعة لمفاوضات المرحلة الثانية ولإعادة انتظام دخول المساعدات إلى غزة، ولمستوى المفاوضات المباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية.
مناورة نتنياهو
وفي توقعه لطبيعة الرد الإسرائيلي على رد حماس على مقترح الوسطاء، قال الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، إن إسرائيل ستتعامل مع الموقف بحذر شديد، موضحا أنها ذهبت إلى المفاوضات وهي تطرح مقترح المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ويتحدث عن هدنة محدودة الأمد مع إطلاق سراح مجموعة من الأسرى الإسرائيليين، مقابل تمديد وقف إطلاق النار في غزة.
ورأى أن قبول حماس بمقترح الوسطاء يضع إسرائيل في مأزق، الأول يتعلق بالمقابل، وهل وعد الوسطاء حماس بالانتقال إلى المرحلة الثانية؟ وهو ما يشكل معضلة لإسرائيل، لأنها ترفض الدخول في مباحثات هذه المرحلة وتسعى إلى تمديد المرحلة الأولى أو إيجاد إطار جديد يتم فيه تمديد وقف إطلاق النار مقابل استعادة المزيد من الأسرى.
وعلى المستوى الإسرائيلي الداخلي، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعرض لضغوط من أجل أن يوافق على صفقة شاملة وليس صفقة محدودة، بالإضافة إلى ضغوط سيواجهها في حال إطلاق سراح الأسرى الذين يحملون الجنسية المزدوجة، لكن نتنياهو سيستغل هذا الموضوع للمناورة، وسيحاول كسب الوقت، كما قال الدكتور مصطفى.
وفي سياق الموقف الإسرائيلي، نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مسؤول إسرائيلي قوله: إن "مقترح حماس بالإفراج عن رهائن يحملون الجنسية الأميركية يهدف لتخريب المفاوضات".
وبرأي الباحث والمحلل السياسي زياد، فقد "رمت حماس بكرة من نار إلى الجانب الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن المعضلة الداخلية للاحتلال الإسرائيلي ستتفاقم، خاصة أن "التقارب الأميركي مع حماس ربما يفكك أي دعم أميركي لإسرائيل ويبعد شبح عودة الحرب إلى غزة"، ولأن "مفتاح تطور المفاوضات هو بيد الأميركيين".
إعلانوكان آدم بولر مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الأسرى التقى في وقت سابق مسؤولين كبارا من حماس في العاصمة القطرية الدوحة دون علم إسرائيل، لإجراء مباحثات حول إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة وبينهم 5 أميركيين.
يذكر أنه في مطلع مارس/آذار الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، بدأ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة.