من السهل فهم فلسفة الدولة العمانية في مسيرة بنائها وفي خططها التنموية، أن تقوم على فلسفة المواءمة بين الاحتياجات المادية والمعنوية، ولا تكاد تعلي جانبًا على آخر، وإن كان لا بد من تركيز على جانب فإنها تفضل الجانب المعنوي. وكان بيان مجلس الوزراء اليوم الذي صدر في أعقاب تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وترؤسه اجتماع مجلس الوزراء في قصر المعمورة العامر اليوم مثالًا دقيقًا لفهم تلك الفلسفة.
•وهذه الفلسفة البنائية التي عهدناها في كل كلمات جلالة السلطان، وفي كل خطبه وكذلك في كل أحاديثه سواء للمواطنين بشكل مباشر أو عبر اجتماعات مجلس الوزراء تؤكد أن الدولة تسير في مسار آمن، مسار حضاري حريص على البناء الإنساني الحقيقي الذي سيبقى يؤتي ثماره لعمان وأهلها الأوفياء.
•كان تأكيد اجتماع المجلس اليوم على أولوية ملف الباحثين عن عمل وملف التشغيل بشكل عام من شأنه أن يبعث الكثير من الاطمئنان في النفوس، خاصة وأن هذا الملف أحد أكبر الملفات التي تفرز تحديات كبيرة في سياق العمل الوطني في سلطنة عمان. لم يكن التأكيد لأمر مفهوم مسبقا فالدولة مهتمة بهذا الملف رغم تعقيداته ولكنه كان تأكيدًا مقرونًا بأدوات عملية، حيث إن المجلس بعد أن أكد أن المبادرات التي أقرها من شأنها أن تسهم في إيجاد فرص عمل، أقر تخصيص مبلغ 50 مليون ريال لدعم برامج ومسارات تشغيل الباحثين عن عمل في القطاع الخاص مضافًا إليها ما نسبته 1.2% من قيمة مشتريات كل من قطاع النفط والغاز والوحدات الحكومية والشركات التابعة لجهاز الاستثمار العماني. وهذه النسبة جيدة بالنظر إلى حجم المشتريات السنوية. على أن تقوم الجهات المعنية بوضع اشتراطات واضحة لضمان استدامة الفرص التشغيلية التي سيتم توفيرها. إن نتائج العمل في هذا الملف من شأنها أن تعالج أهم قضية مطروحة اليوم في المشهد العماني، وفي الحقيقة هذا الملف هو أحد أهم الملفات العالمية؛ لأنه مرتبط بطموحات الناس وبآمالهم وينعكس في كثير من جوانبه على البناء النفسي للأفراد وتشكيل قيمهم. ولأن فلسفة بناء الدولة في عمان فلسفة تكاملية كما سبق الحديث أقر المجلس اليوم تخصيص مبلغ 72 مليون ريال عماني لدعم برنامج منفعة دعم الأسرة الذي بدأ صرفه هذا الشهر.
• لقد كان تركيز اجتماع مجلس الوزراء اليوم على البناء القيمي والأخلاقي والبناء الديني وفق الفهم الصحيح للدين الإسلامي تأكيدا لفلسفة التوازن في الفهم العماني للبناء الحضاري فلا مجال ولا مكان في هذا البناء وفي هذه المسيرة للتعصب والتشدد والتحزب، فهي كما كانت صفات مرفوضة في عُمان عبر تاريخها. وأكد المجلس على دور الأسرة ومسؤوليتها التاريخية في هذا البناء وفي وضع أسس هذه الفلسفة العمانية المتوازنة. ونتصور أن عنوان المرحلة القادمة هي المزيد من ترسيخ هذه القيم والمبادئ والوقف صفًا واحدًا أمام الأفكار الضالة الغريبة على الفلسفة العمانية ومساراتها في التاريخ.
• إن عمان تفخر بحكمة قائدها عاهل البلاد المفدى الذي يثبت للعالم أجمع أنه قائد حكيم مهتم بالبناء الحضاري في المقام الأول، ومتمثل لمكانة عُمان عبر تاريخها الطويل، ويعمل من أجل تكريس ذلك الدور الحضاري الذي لعبته عبر القرون الماضية وواعٍ للمتغيرات التي يشهدها العالم والتي وضعته -أي العالم- في أحد أكبر المآزق الأخلاقية عبر التاريخ .
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مجلس الوزراء هذا الملف
إقرأ أيضاً:
بعد جولاته المكوكية.. بغداد اليوم تستوضح الدور الذي يلعبه الحسّان حالياً في العراق - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
كشف المختص في الشؤون الاستراتيجية محمد التميمي، اليوم الخميس (19 كانون الأول 2024)، عن الدور الذي يلعبه وممثل الأمين العام للأمم المتحدة السفير محمد الحسان في العراق حاليا.
وقال التميمي، لـ"بغداد اليوم"، ان "أغلب القوى السياسية لا تولي اهتماما كبيرا للمصلحة العليا للعراق وبالتالي يقومون بتفسير الأمور بحسب مصالحهم الشخصية أو الحزبية"، مبينا ان "ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السفير محمد الحسان لا يمتلك القوة في فرض رؤية الأمم المتحدة بل انه يقدم النصح والإرشاد".
وبين ان "الأمم المتحدة تحظى بالمقبولية ورضا أغلب القوى السياسية لذلك ما يقوم به الحسان ولقاءه المستمرة في المرجعية والحكومة العراقية هي محاولات من الأمم المتحدة لتحاشي أي ضربة إسرائيلية على المنشآت العراقية وكذلك القوات الأمنية والعسكرية والسعي الحقيقي لتفكيك سلاح الفصائل، الذي اصبح يهدد استقرار المنطقة وليس العراق فقط، خاصة في ظل وجود إرادة دولية تعمل على ذلك بعد الانتهاء من نظام بشار الأسد، فالعمل مستمر على قطع كافة اذرع ايران في المنطقة".
وأضاف انه "لو كان هناك شبهة لعمل مزدوج للسفير الحسان لما استقبلته المرجعية مرتين خلال 30 يوما وهذا يعني أن التدخل الأممي في العراق يحظى بمقبولية ورضا ودعم المرجعية العليا وقراراتها يفترض أن تكون مقبولة ولا يمكن اتهام أي جهة تكون محط قبول المرجعية العليا بالعمل التخريبي او السلبي وخاصة السيستاني هو يمثل اكبر مؤسسة دينية في العراق والتشكيك بالمرجعية بمثابة استفزاز لملايين من العراقيين".
وأكد المختص في الشؤون الاستراتيجية أن "الحسان يلعب دور مهم حالياً في إيصال الرسائل المهمة والخطيرة للعراق، وهذا الامر قد يدفع بالحكومة العراقية الى الطلب من جديد الى تمديد عمل بعثة الأمم المتحدة في العراق، لقرب انتهاء مدة عملها بداية السنة الجديدة، فالعراق في ظل هذه التطورات الخطيرة، اكيد يحتاج الى عامل في ضبط الإيقاع وعامل يلعب دور في التهدئة وله مقبولية إقليمية ودولية".
وذكر بيان لمكتب السيد السيستاني، في (4 تشرين الثاني 2024)، تلقته "بغداد اليوم"، أن "السيد السيستاني استقبل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) محمد الحسان والوفد المرافق معه".
وقال المرجع الديني الأعلى، بحسب البيان إنه "ينبغي للعراقيين ولا سيما النخب الواعية أن يأخذوا العِبر من التجارب التي مرّوا بها ويبذلوا قصارى جهدهم في تجاوز اخفاقاتها ويعملوا بجدّ في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لبلدهم ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والرقي والازدهار".
وأكد على أن "ذلك لا يتسنى من دون إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد اعتماداً على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنّم مواقع المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات"، مردفاً: "لكن يبدو أن مساراً طويلاً أمام العراقيين الى أن يصلوا الى تحقيق ذلك، أعانهم الله عليه".
وفيما يخص الأوضاع الملتهبة في منطقتنا عبّر السيد السيستاني، عن "عميق تألّمه للمأساة المستمرة في لبنان وغزّة وبالغ أسفه على عجز المجتمع الدولي ومؤسساته على فرض حلول ناجعة لإيقافها أو في الحدّ الأدنى تحييد المدنيين من مآسي العدوانية الشرسة التي يمارسها الكيان الصهيوني".