النبي (صلى الله عليه وسلم) معلمًا ومربيًا
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
كان رسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم) نعم القدوة لأمته وللإنسانية جمعاء ، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» (الأحزاب : 21)، وكانت حياته (صلى الله عليه وسلم) ترجمة حقيقية لأخلاق وقيم القرآن الكريم، فعَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ (رضي الله عنها) , فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَتْ: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ «(رواه أحمد).
ولنأخذ بعض النماذج من سيرته (صلى الله عليه وسلم) في الدعوة إلى الله (عز وجل) معلما ومربيا بالحكمة والموعظة الحسنة ، منها :
١- ما كان منه (صلى الله عليه وسلم) عندما قام أعرابي حديث عهد بالإسلام فبال في المسجد وهمَّ به بعض الحاضرين ، فَقَالَ لَهُمْ سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ« (متفق عليه) .
٢- عن أبي أمامة (رضي الله عنه) قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا : مَهْ, مَهْ, فَقَالَ: «ادْنُهْ ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا», قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟« قَالَ : لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ» قَالَ : «أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟« قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ« قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟« قَالَ : لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ«، قَالَ : «أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟« قَالَ : لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ». قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟« قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ , قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ« قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ« (مسند أحمد), فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.
٣- عن معاوية بن الحكم السلمي (رضي الله عنه) قال : بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ : وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ ؛ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي ، لَكِنِّي سَكَتُّ ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي ؛ مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ؛ فَوَاللَّهِ : مَا كَهَرَنِي، وَلَا ضَرَبَنِي، وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ : إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» (صحيح مسلم) .
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم القدوة، ونعم المعلم، ونعم المربي، وما أحوجنا إلى التأسيّ به واتباع هديه وسنته صلى الله عليه وسلم.
الأستاذ بجامعة الأزهر
وعضو مجمع البحوث الإسلامية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية صلى الله علیه وسلم ج ع ل ن ی الل ل ا الن ل ا و الل ى الله ع
إقرأ أيضاً:
«الإفتاء» تكشف معنى «مقام الإحسان» وكيفية الوصول إليه.. ماذا قال عنه النبي؟
أجابت دار الإفتاء عن سؤال يستفسر عن معنى مقام الإحسان وكيفية الوصول إليه، مؤكدة أن أغلب الفقهاء أنَّ يتحدَّثون عن بدايات الدخول في مقام الإحسان الذي هو مرتبة أعلى من الإسلام والإيمان، إذ أن الإسلام يشمل الإيمانَ والإحسانَ.
نهاياتِ مقام الإيمان هي بدايات الإحسانواستشهدت دار الإفتاء بقول حارثة رضي الله عنه: «أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا»، إنما هو تعبيرٌ عن بداية الدخول في مقام الإحسان؛ ذلك أنَّ نهاياتِ مقام الإيمان هي بدايات الإحسان، وقوله: «مُؤْمِنًا حَقًّا» إيذانٌ باستكمال الإيمان ومن ثم بداية الطريق إلى الإحسان.
توضيح مقام الإحسانوأوضحت دار الإفتاء في توضيح مقام الإحسان: «هنا أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يستيقن من وصوله إلى تلك المرتبة العُليا من الإيمان، فسأله عن حقيقة إيمانه، وعندما أجابه بالدلائل التي تدل على الوصول إلى تلك الدرجة قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عرفت فَالْزَمْ، عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ».
مقام الإحسان في الدينوتابعت: «أنَّ الإيمان قد تمكَّنَ منه ووصل منه إلى القلب، فكان مستعدًّا وقابلًا للارتفاع إلى درجة الإحسان، وهذه المقامات الثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان يشملُها اسمُ الدِّين؛ فمن استقام عَلَى الإسلام إلى موته عصمه الإسلام من الخلود فِي النار، وإن دخلها بذنوبه، ومن استقام عَلَى الإحسان إلى الموت وَصَلَ إلى الله عز وجل؛ قَالَ تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: 26]، وَقَدْ فسّر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الزيادة بالنَّظر إلى وجه الله».