بوابة الوفد:
2024-09-19@22:58:17 GMT

قبضة النور

تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT

من المولد المبارك حتى الانتهاء إلى الرفيق الأعلى عاش صلوات الله وسلامه عليه حياته كلها فى بعدها الزمنى المحدود بزمان ومكان، فكان كاملاً مكملاً فى خصاله الشريفة ومناقبه العفيفة. لم تصف اللغة ولن تستطيع أن تصف أوصافه على التحقيق؛ لأن الكمال لا يوصف بلفظ ولا يحيط به تصوّر محدود، وبخاصّةٍ إذا كان الكامل يجسّد صفة إلهيّة لا وصف لها إلا النور الذى يشملها ويضمّها.

محمدٌ رسول الله، ولكنه مع ذلك هو قبضة النور. محمدٌ المُبلغ رسالة الله للعالمين، هو الرحمة المُهداة من قبل الله إلى خلق الله، ولكنه مع ذلك لولاه لم تُخلق الدنيا من العدم، لولا محمد فى البعد الروحى لا البعد الزمنى ما خُلقت الدنيا من العدم، وجوده الروحى أسبق من وجود جميع الأنبياء، ومدد الأنبياء وعلومهم ومعارفهم من مدد نوره السابق.
ولمّا أن ولد صلوات الله وسلامه عليه فى الفترة الزمنية التى وجدت فى زمانها ومكانها، تمثل النور فيه كاملاً فظهرت حقيقته الباطنة فى مظهره الكامل، ولكنها مع ذلك لم تكن لتظهر فيه ولا فى غيره من إخوانه الأنبياء إلّا لإظهار الحقائق الإلهيّة.
ومع أنه السابق للخلق نوره إلا أن الأنبياء أسبق منه فى الوجود غير أنه خاتمهم. خاتم هذا الموكب الخالد، موكب النور الذى تقدّمه وختمه فى نفس الحال.
لقد سمّاه القرآن الكريم داعياً إلى الله بإذنه، وسماه سراجاً منيراً، فالدّعوة إلى الله على الإذن خاصّة محمد رسول الله كما كانت خاصّة الأنبياء جميعاً من قبله، فهو يدعو إلى الله بالإذن المخصوص بالرسالة، فهو رسول مبلغ للرسالة مأذونٌ بالدعوة إلى الله.
هذا بعدٌ زمنى محدود بزمان ومكان، لكنه فى نفس الوقت رحمة للعالمين تتجاوز حدود الزمان والمكان بمدد لا ينقطع ولا يزول، هو مدد النور المحمّديّ.
ومن أجل هذا، سمّاه سراجاً منيراً، ولكن السّراج المنير هذا لا ينصرف إلى البعد الزمنى وحده بل يتعدّاه إلى البعد الروحى الذى لا ينقطع بانقطاع فترة النبوّة، فهو الذى منه يشع النور ليملأ الأرض والسّماء، ومنه تكون الهداية يتوخّاها الصُّلحاء، وفى التعلق به يكون الهُدى والكمال والرفعة كما تكون علوم الأولياء.
لم يكن عُرفاء الإسلام بالذين يستقون من مشكاة الأنوار نوراً غير نور النبوة؛ ليمدهم بمدد موصول لم يكن لينقطع ولا ليزول فى حين انقطعت النبوة بوفاته على التحقيق، وبقى منها الميراث وهو الأبقى والأدوم يدور فى فلك إظهار الحقائق الإلهية حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولم يكن ميراث النبوة سوى هذا المدد الدائم من فيض فضل نوره صلوات الله وسلامه عليه، سواء كان علماً أو خلقاً أو نوراً أو ولاية وتحقيقاً.
وسمّاه القرآن الكريم (الإمام المبين) إذ أحصى كل شىء فيه، ولم يكن المجيء سابقاً فى الترتيب على المعجزة إلا بفضل تقدّمه سبق النور (قد جاءُكم من الله نورٌ وكتابٌ مبين) فالنور أسبق فى الترتيب من المعجزة التى هى الكتاب المبين، إذا كان النور التام الكامل هو محمد رسول الله.
وعلى هذا البعد الروحى جاز للذين عرفوه أن يصلّوا عليه بمطلق الأمر الإلهي، وبمطلق استمراريته فى قوله «يصلون»: الفعل المضارع الذى يدل على الاستمرارية، بمثل هذه الصيغة: (اللهم صلّ على سيدنا محمد القطب الكامل والجوهر المكنون وعلى أخيه جبريل المُطوّق بالنور).
الجوهرٌ المكنون نورٌ فى نور، ولذلك كان ولا يزال قطباً كاملاً، ومن مدد نوره يستمد الأقطاب أنوارهم إلى يوم الدّين. ومع أن أخاه جبريل مطوقٌ بالنور فإنه لم يتقدّم خشية الاحتراق فى حين تقدّم هو فاخترق حُجُب الأنوار كلها، فنورُه كاملٌ من نوره وفى نوره.
ولم يكن تطويق جبريل بالنور كقبضة النور الأزليّة السرمدية، لذلك تأخّر وتقدّمت.. فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد القطب الكامل والجوهر المكنون، وعلى أخيه جبريل المطوّق بالنور.
لا تحتاج الحفاوة بمطلع النور إلى قناعة عقلية، ولكنها تحتاج إلى لطيفة ربّانية ملآنة بالمحبّة لسيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه: منقذ البشرية من مهاوى الضلال. والمحبّة اتّباع : «قُل إنْ كنتم تحبُّون الله فاتّبعونى يُحببكم الله». ولا يجب فى كل ما كان محبوباً أن يكون محبوباً لشيء آخر وإلا لدار أو تسلسل، بل لا بدّ أن ينتهى إلى ما يكون محبوباً لذاته. 
وعليه؛ فالاستقراء يدل على أن معرفة الكامل من حيث هو كامل يوجب محبته (صلوات الله وسلامه عليه) .. فاللّهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد النور الذاتى والسرّ السّارى سرُّه فى سائر الأسماء والصفات، وعلى آله وصحبه وسلم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د مجدى إبراهيم المولد المبارك محمد رسول الله القران الكريم صلوات الله وسلامه علیه إلى الله لم یکن

إقرأ أيضاً:

فضل الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم

قال الله سبحانه وتعالى { إنَّ اللهَ وملائكتَه يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أيُّها الذينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسليمًا } (سورة الأحزاب : 56 ). ولكن ما هو فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ يقول العلماء : الصلاة على النبي من الله رحمة، ومن الملائكة استغفار، ومن المؤمنين دعاء، فالمطلوب منا أن ندعوَ الله أن يَزيد من تعظيمه وإكرامه للنبيِّ صلى الله عليه وسلم . وإذا كانت النصوص قد أكّدت أن الله سبحانه أعطى لنبيِّه صلّى الله عليه وسلم من المكرُمات ما لا يمكن حصره إلا أنَّ طلبَنا هذا من الله لنبيِّه يُعَدُّ تعبيرًا عن مدى حُبِّنا له، وحبنا للرسول علامة من علامات صدق الإيمان، فقد ورد في الحديث ” لا يؤمِنُ أحدُكم حتى أكون أحَبَّ إليه من والدِه وولدِه ومن النّاسِ أجمعينَ ” كما جاءت روايات أخرى في هذا المعنى .

مواقيت الصلاة في عدد من المدن والمحافظات اليوم فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة

 وقال ابن عبد السلام : ليست صلاتُنا على النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ شفاعة له، فإن مثلَنا لا يَشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بمكافأة مَن أحسن إلينا، فإنْ عجزنا عنها كافأْناه بالدعاء، فأرشدنا الله، لمّا علم عجزنا عن مكافأة نبيِّنا، إلى الصّلاة عليه . وفي مدى مشروعيّة هذه الصلاة أقوال : أحدها أنّها تجب في الجملة بغير حصر ، لكن أقل ما يحصل به الإجزاء مرة، والثاني أنه يجب الإكثار منها من غير تقييد بعدد، والثالث تجب كلما ذُكر، والرابع تجب في مجلس، والخامس تَجِب في كل دعاء، والسادس تجب في العمر مرة، في الصلاة أو في غيرها، ككلمة التوحيد، والسابع تجب في الصلاة من غير تعيين المحلّ، والثامن تجب بعد التشهد، إلى غير ذلك من الأقوال. وقال جماعة : إنها مستحَبّة وليست واجبة. والبحث في أدلّة هذه الأقوال وترجيحها يمكن الرجوع إليه في كتب السيرة والحديث .

 وهذه الصلاة تؤدَّى بأية صيغة كانت، وأفضلها ـ كما قال كثير من العلماء هي الصلاة الإبراهيميّة التي تُقال بعد التشهد الأخير في الصلاة، لأن الأحاديث الصحيحة وردت في أنها هي التي علَّمها النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ لأصحابه عندما سألوه عقِب نزول الآية المذكورة، وفي ألفاظ هذه الصلاة الإبراهيميّة خلاف يسير جاءت به الروايات .

 والفوائد التي نَجنيها من فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها فوائد دينيّة تتعلق بمضاعفة الأجر والثواب، والأحاديث المرغبة فيها كثيرة ، منها قوله صلى الله عليه وسلم ” من صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا ” رواه مسلم ، وقوله ” ما من أحد يُسلِّم عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ رُوحي حتى أردّ عليه السلام ” رواه أبو داود ، وقوله ” أولى الناس بي يوم القيامة أكثرُهم عليَّ صلاة ” رواه الترمذي وقال : حديث حسن . وقوله ” البخيل مَن ذُكِرْتُ عنده ولم يُصَلِّ عليَّ ” رواه الترمذي وقال : حسن صحيح . هذا وقد قال النووي ” الأذكار ص120 ” : إذا صلّى أحد على النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فليجمع بين الصلاة والتسليم، ولا يقتصر على أحدهما، فلا يقل: صلّى الله عليه فقط ولا عليه السّلام فقط. ويُسَنُّ عند الدعاء أن يبدأ بالحمد لله أو بتمجيده والثناء عليه ثم يصلِّي على النبي ثم يدعو ثم يختم بالصلاة عليه، والآثار في ذلك كثيرة .

 

مقالات مشابهة

  • مسؤولون وشخصيات لـ”الثورة نت”:الاحتفال اليمني الكبير بذكرى مولد النور تعبيراً عن الارتباط والولاء للرسول الأعظم
  • أنصار الله تدين الجرائم الإسرائيلية في لبنان وتؤكد دعمها الكامل لحزب الله في مواجهة التصعيد
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • المشدد 7 سنوات لمتهم بخطف طفل والاعتداء عليه في الشرقية
  • فضل الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم
  • أحزاب اللقاء المشترك تدين التفجير الإسرائيلي لأجهزة “البيجر” وتؤكد تضامنها الكامل مع لبنان
  • حزب الله يحمل الاحتلال المسؤولية الكامل عن العدوان الذي طال لبنان ويتعهد بالرد
  • ابوبكر القاضي ينعى الناشطة:(جميلة النور)
  • أذكار أوصانا بها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام