القلق الوجودي.. من المشاعر المؤقتة إلى الأزمات العميقة
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
يعاني العديد من الأشخاص من مشاعر القلق والاكتئاب والتوتر في مراحل مختلفة من حياتهم، وعادة ما تكون هذه المشاعر مؤقتة وتزول دون أن تؤثر بشكل كبير على جودة حياتهم.
ومع ذلك، قد تطول هذه الفترات لدى البعض، مما يؤدي إلى مشاعر سلبية عميقة تصل بهم إلى حالة من اليأس التام من الحياة، وتجعلهم يتساءلون عن جدوى وجودهم.
هذا التحول في المشاعر يمكن أن يؤدي إلى أزمات وجودية عميقة تؤثر في قدرتهم على الاستمرار في الحياة والعمل والعلاقات الاجتماعية.
وتزايدت الأزمات الوجودية في العصر الحديث مع تزايد تنوع مسارات الحياة، إذ لم تعد الحياة تسير على نمط ثابت كما كان في السابق، وتعدد الخيارات المتاحة يضع الناس في حالة تفكير مستمر بشأن الأنسب لهم، وقد يؤدي الإفراط في التفكير إلى الوقوع في أزمات وجودية.
القلق الوجودي يظهر خلال الفترات الانتقالية في حياة الأفراد حين يشعرون بتزعزع الأسس التي تقوم عليها حياتهم (بيكسلز)يظهر القلق الوجودي خلال الفترات الانتقالية في حياة الأفراد حين يشعرون بتزعزع الأسس التي تقوم عليها حياتهم، ويبدؤون في التساؤل عن معنى وجودهم.
وتترافق هذه الأزمات عادة مع فقدان الإحساس بالأمان، مثل حالات الانفصال الزوجي أو ابتعاد طالب جامعي عن منزله أو وفاة شخص مقرب.
ويمكن أن تظهر الأزمات الوجودية أيضا مع التقدم في العمر ودخول مراحل جديدة، مثل الأربعينيات أو الخمسينيات أو الستينيات، إذ يبدأ الناس في تقييم إنجازاتهم ويتساءلون عن مدى جدوى حياتهم.
وفي هذه الفترات قد يشعر البعض بالتباين بين ما يقومون به وما كانوا يأملون تحقيقه، وهذه الأزمات قد تدفع الأفراد إلى إعادة توجيه حياتهم نحو مسار يعزز التوافق بين طموحاتهم وأفعالهم ويحقق انسجاما أكبر بين ما يقولونه وما يفعلونه.
أعراض القلق الوجودييختلف القلق الوجودي عن الاكتئاب والقلق المرضي، فهو يشير إلى أفكار ومشاعر لا تصنف حالة طبية بحاجة إلى العلاج، وعلى عكس الاكتئاب والقلق المرضي الذي يحدث بدون مؤثر خارجي يحدث القلق الوجودي غالبا بسبب أحد المؤثرات الخارجية التي ذكرت سابقا.
أما أهم أعراض القلق الوجودي فهي الشعور بالوحدة طوال الوقت، وعدم وجود معنى في الحياة اليومية، والشعور بعدم القدرة على تغيير أي شيء في الحياة، وهناك أيضا بعض الأعراض الجسدية التي تصاحب الشعور بالقلق الوجودي، مثل اضطرابات النوم وانخفاض الشهية وعدم الاستمتاع بالأنشطة اليومية ونقص الطاقة وعدم الرغبة في الحركة، بالإضافة إلى انخفاض الدوافع التي تدفع الشخص للحياة أو إنجاز الأهداف المختلفة.
القلق الوجودي قد يتزامن مع بعض المشكلات العقلية والنفسية الأخرى (شترستوك)قد يظهر القلق الوجودي أحيانا بالتزامن مع مشكلات عقلية ونفسية أخرى، مثل الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب واضطراب الوسواس القهري واضطراب الشخصية الحدية، مما يعمق الأزمة الوجودية.
وفي هذه الحالات تصبح الأزمات الوجودية جزءا من أعراض اضطراب عقلي أو نفسي، وقد تتطور إلى ما يعرف بالاكتئاب الوجودي.
وتشمل أبرز أعراض هذا النوع من الاكتئاب الشعور المستمر باليأس وصعوبة في إيجاد معنى للحياة والانشغال الدائم بأسئلة لا إجابات واضحة لها تتعلق بالموت وهدف الحياة.
تجاوز الأزمات الوجوديةيمكن أن تكون الأزمات الوجودية فرصة للتحول في حياة الأفراد، إذ تساعدهم على إعادة تقييم أهدافهم ومعنى الحياة الذي يسعون إليه.
وفي بعض الأحيان تدفع هذه الأزمات الشخص إلى إجراء تغييرات جذرية ليصبح أكثر انسجاما مع نفسه وقيمه، وتساهم في تجديد أهدافه.
الوعي بضرورة خلق المعنى في الحياة يمثل تحولا كبيرا لأولئك الذين يعانون من أزمات وجودية، والتركيز على الأشياء البسيطة التي تجعل الحياة تستحق العيش والشعور بالامتنان لها يعتبران من أهم وسائل التعافي.
كذلك، البحث عن هدف محدد للعمل عليه -سواء كان اجتماعيا أو عمليا أو ماديا- يعد وسيلة فعالة لتجاوز الأزمات الوجودية، إذ إن وجود هدف يحفز الشخص ويمنحه دافعا حقيقيا للحياة.
ومن الأساليب الأخرى لتجاوز الأزمات الوجودية عدم الإفراط في التفكير، وتحليل الأمور، والقبول بأن بعض الأسئلة في الحياة قد لا تكون لها إجابات نهائية.
مشاهير مروا بأزمات وجوديةمن بين المشاهير الذين عانوا من الأزمات الوجودية الممثل الأميركي جيم كاري، وذلك بعد انتحار صديقته كاثريونا وايت.
وأحد مظاهر تلك الأزمة تجلى في مقطع صوتي خلال أسبوع الموضة، فقد رد على سؤال من مراسل قناة "آي نيوز" عن أحواله قائلا "لا معنى لكل هذا، لم أرتدِ ملابس أنيقة، وأنا لا وجود لي، هذه ليست حياتنا، نحن لا نهم".
ورغم أن الفيديو قد يبدو مضحكا في البداية فإنه كان يعكس بوضوح الأزمة التي كان يعيشها كاري، خاصة مع اعترافه العلني بصراعه مع الاكتئاب لسنوات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الحیاة
إقرأ أيضاً:
"القاهرة للدراسات": مصر حققت 2.9% نموًا رغم الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية خلال 2024
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور عبد المنعم السيد , مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية و الاستراتيجية , كثفت الحكومة جهودها لتحقيق معدلات نمو مستدامة وشاملة ومتوازنة في ظل الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية التي شهدها العالم والمنطقة وتداعياتها الدولية والمحلية خلال عام 2024 ، وبلغ معدل النمو المحلي نحو2.9% خلال العام المالي 2023 - 2024 وهو ما يتفق مع معدل النمو العالمي, و أظهرت المؤشرات الأولية ارتفاعه خلال الربع الثالث، مع زيادة توقعات تفاؤلية باستمرار اتجاهه الصعودي ، ويعزي هذا الأداء الجيد نسبيا الى مرونة الجهاز الإنتاجي للدولة، مما زاد من قدرته على التصدي للازمات وامتصاص تبعاتها، فضلا عن تدخل الدولة بسياسات وبرامج ومبادرات رئاسية لدفع عجلة النمو والتشغيل من ناحية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين من ناحية أخرى.
وأضاف “السيد” في تصريحات لـ" البوابة نيوز" بالنظر الى تركيبة هذا النمو فقد حرصت الحكومة على تحقيق نمو احتوائي شامل مــن خلال تــوفير فــرص عمــل للشــباب، والاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة ، وتفعيـــــل دور المـــــرأة المصـــــرية لمواكبـــــة المتطلبـــــات المتغيـــــرة والمتسارعة، وخفض فجوة النوع في سوق العمل ورفع نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة وزيادة معدلات التشغيل، كما سعت الدولة الى تعزيز التنمية المكانية والمحلية والحد من الفجوات التنموية، وتوطين الإصلاحات الهيكلية في جميع المحافظات، فقد تم توجيه استثمارات لتنمية الـمُحافظات تقدر بنحو28 مليار جنيه في خِطّة عام 24/2025، بنسبة زيادة تُناهِز 18.6% عن العام المالي السابق، بالإضافة إلى3 مليار جنيه تمويل ذاتي، و4 مليار جنيه استثمارات محليّة في إطار الـمرحلة الثانية من مُبادرة حياة كريمة، وفي إطار جهود الدولة للحد من الفجوات التنموية، تم توجيه نحو 35% من جُملة الاستثمارات الـمُوزّعة لمحافظات جنوب مصر، وتكثيف جهود تنمية مُحافظتي شمال وجنوب سيناء، من خلال توجيه استثمارات بنحو 40 مليار جنيه.
وأوضح مدير مركز القاهرة للدراسات , كما شهد هذا العام زيادة مساهمة الاقتصاد الأخضر في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى إجمالي الاستثمارات العامة وتكثيف الاستثمارات الـمُوجّهة لتنمية الأنشطة والصناعات صديقة البيئة، والعمل على تنويع مصادر الطاقة، وزيادة نسبة الصادرات الخضراء الى جملة الصادرات الوطنية، فضلا عن تنفيذ استراتيجية الهيدروجين الأخضر لتصبح مصر مركزا رائدا في هذا القطاع.
أكد “السيد”، بذلت الدولة جهودا مضنية لضبط الأسعار والحدُّ من التضخم؛ فقد كان للأزمات الاقتصادية المتلاحقة بالغ التأثير على ارتفاع معدلات التضخم على المستوى العالمي، والتي لم تكن مصر بِمَعزِل عنها؛ وتماشيا مع الاتجاهات العامة العالمية فقد شهدت الأسواق المحلية ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار العديد من السلع والمنتجات. ومن ثم قامت الحكومة بتنفيذ مجموعة برامج، منها؛ ضمان توافر جميع السلع في الأسواق المحلية، والتوسُّع في الإنتاج الزراعي والغذائي مع ضمان تحقيق الاستقرار السعري، فضلًا عن تطوير منظومة سلاسل التوريد، ورقمنه أسواق السلع الرئيسية، ومن ثم فقد اتخذت معدلات التضخم اتجاهات ليسجل 27.4% في مايو 2024 بعد أن وصل إلى 39.7% في أغسطس 2023، وظل التضخم السنوي العام مستقرا إلى حد كبير للشهر الثالث على التوالي، عند 26.5% في أكتوبر 2024، مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع أسعار السلع غير الغذائية المحددة إداريا مثل غاز البترول المُسال (أسطوانات البوتاجاز) والأدوية، وهو أدنى معدل له منذ عامين.
وانخفض معدل البطالة الى اقل معدلاته منذ عقود حيث بلغ 6.7% سبتمبر 2024 مقارنة بمعدل 7.1% في نفس الشهر من العام الماضي.
وعن أهم القطاعات الاقتصادية تحقيقا لمعدلات نمو مرتفعة، قال “السيد”: "يعد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من أهم القطاعات الذي حافظ على ترتيبه كأعلى القطاعات نموا على مدار 5 أعوام على التوالي، بمعدل نمو جاوز نسبة 16%، كما بلغت نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الاجمالي نحو 5.8% ارتفاعا من 3.2% في 2014؛ وجاءت مصر في المركز الأول في إفريقيا في سرعة الإنترنت الثابت بمتوسط 76.4 ميجابيت / ثانية، وتقدمت في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي لتحتل الترتيب ٦٢ عام 2023 مقارنة بالمركز ال 65 عام 2022، وتقدم ترتيبها للعام الخامس على التوالي في مؤشر الابتكار العالمي لتصل الى المركز الـ86 عالميا عام 2023 ، مقارنة بالمركز الـ 89 عام 2022 والمركز 94 عام 2021 وفقًا لتقرير" المنظمة العالمية للملكية الفكرية".
وجاءت مصر في المركز الأول على مستوى قارة إفريقيا في عدد التجمعات العلمية والتكنولوجية بـ 11 تجمعًا بما يُمثل 22% من عدد التجمعات على مستوى القارة.
واحتلت مصر الفئة الأولى والأعلى عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2024، الذي يتضمن 194 دولة على مستوى العالم وجاء تصنيفها في الفئة الأولى والأعلى عالميًا إذ نجحت في حصد 100 نقطة كاملة، مقارنة بـ 95.48 نقطة في عام 2020.
وأوضح , تتابعت جهود الحكومة في التحول الرقمي والشمول المالي والذكاء الاصطناعي ، وخطت خطوات واسعة في تنفيذ استراتيجية "مصر الرقمية" التي تضمنت العديد من المحاور الهادفة إلى تبسيط إجراءات حصول المواطنين على الخدمات الحكومية الرقمية، وتوفير بنية تحتية رقمية ذات كفاءة عالية، وزيادة عدد المسجلين على منصة مصر الرقمية التي تضم 168 خدمة حكومية رقمية.
كما نمت خدمات التعهيد نموا سريعا لتمثل نحو نصف الصادرات الرقمية تقريبا، بقيمة تتخطى الـ 2.5 مليار دولار، واحتلت مصر المركز الأول في الشرق الأوسط وأفريقيا، والمركز الـ 15 عالميا، في خدمات التعهيد، وفقا لأحدث تقرير لمؤشر" كيرن لمواقع الخدمات العالمية"، والذي يضم 60 دولة على مستوى العالم، تم اختيارها على أساس حجم المدخلات وأنشطة الخدمات عن بعد والمبادرات الحكومية لتنمية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما حققت مصر المركز الثاني في أفريقيا والأول عربياً، مع احتلالها المرتبة الخامسة عالمياً في مجال خدمة العملاء (Call Center).
واستكمالا لجهود دعم وتدريب العنصر البشري، تم إنشاء 9 مراكز إبداع مصر الرقمية في محافظات الجيزة، وبني سويف، والوادي الجديد، والإسكندرية، وشمال سيناء، وبورسعيد، والفيوم، والقليوبية، وأخيرًا، مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، ليصل الإجمالي إلى 20 مركزًا، وذلك ضمن خطة تستهدف إنشاء مركز إبداع مصر الرقمية بكل محافظة لتنمية مهارات الشباب بمختلف المحافظات، وتأهيلهم بما يتواكب مع متطلبات سوق العمل المحلي والعالمي في تخصصات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك بهدف تهيئة المناخ الداعم للإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال. وتم احتضان نحو 164 شركة ناشئة من خلال مراكز إبداع مصر الرقمية، وتدريب 14690 متدربًا ومستفيدًا من برامج ريادة الأعمال، ودعم نحو 6369 مهنيا مستقلًا.