يرى خبراء ومحللون سياسيون أن خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله  اتسم بالغموض الذي يبقي عنصر المفاجأة حاضرا، كما أنه يقطع الطريق على أهداف حكومة الاحتلال من عدوانها الأخير على لبنان، مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة وحتمية رد الحزب.

وتوعّد نصر الله بحساب عسير وقصاص عادل، مساء اليوم الخميس، في أول خطاب له بعد الهجمات التي شهدها لبنان خلال اليومين الماضيين، واستهدفت آلاف الأجهزة اللاسلكية (البيجر) التي يستخدمها حزب الله.

وبشأن طبيعة الرد الذي يخطط له حزب الله، قال نصر الله إنه ونظرا لطبيعة الضربة التي قال إنها قوية وغير مسبوقة بتاريخ المقاومة، فإنه لن يتحدث لا عن مكان أو زمان أو توقيت الرد المنتظر من الحزب، مؤكدا أن "الخبر هو ما سترون وليس ما تسمعون".

ومعلقا، يرى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني علي حيدر أن الغموض في خطاب نصر الله له أبعاد إستراتيجية مرتبطة بخطورة المرحلة الراهنة، فحزب الله، وفقًا لحيدر، يسعى للحفاظ على هامش المفاجأة وعدم وضع العدو في أي تصور مسبق لطبيعة الرد المحتمل.

ويشير حيدر إلى اتساع نطاق المواجهة، مفترضًا أن الجانب الإسرائيلي قد وسع دائرة أهدافه لتشمل كل عنوان، ومن ثم فإن كل أراضي فلسطين المحتلة قد تكون هدفًا محتملاً، مؤكدا أن الحاجز الذي كان يمنع استهداف المدنيين قد أزيل، وأن الأيام القادمة ستكشف كيفية استثمار حزب الله لهذا التطور.

ويلفت الكاتب إلى أن من أهم العناصر التي يدركها العدو، حرص حزب الله على تحييد المدنيين في لبنان وتجنب الدفع نحو حرب شاملة، إلا أنه يؤكد أن هذا الحرص لا يعني السماح للعدو باستغلاله لفرض المعادلة التي يريدها.

ويتوقع حيدر أن تكون ردود حزب الله غير مسبوقة، تماشيًا مع طبيعة العدوان الإسرائيلي الأخير الذي وصفه بأنه تجاوز النطاق الجغرافي المعتاد وطبيعة الأهداف.

عدم الرد يجرئ الاحتلال

ويحذر حيدر من أن عدم الرد على العدوان الإسرائيلي قد يجرئ الاحتلال على مواصلة عدوانه وتصعيده، انطلاقًا من السقف الحالي وصعودًا، مشددا على أن غياب الرد قد يُفهم من قبل العدو على أن حزب الله مردوع، حتى عندما تتجاوز إسرائيل كل الخطوط الحمراء

ويرى الكاتب أن أي تهويل إسرائيلي بشأن تداعيات رد حزب الله لابد ألا يثني المقاومة عن الرد الحتمي، كما شدد على أن حزب الله معني بتجاوز العناوين التي تجاوزها العدو إلى أقصى ما يمكن ضمن الإطار الذي يرسمه لنفسه.

وفي هذا السياق، يشير حيدر إلى أن نتائج الرد، مهما كانت، ستبقى أقل ضررًا من الخضوع للمعادلة الإسرائيلية، ويحذر من أنه إذا تصورت إسرائيل أن الطريق أصبح مفتوحًا أمامها للقيام بما تريد دون دفع أثمان، فلن تكون هناك حدود لعدوانها، مستشهدًا بما يحدث في غزة.

بدوره، يصف الدكتور مهند مصطفى، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، خطاب نصر الله بأنه "في منتهى الذكاء"، ويرى أن إسرائيل منزعجة من هذا الخطاب لأنه يصطدم مع ما اعتبرها "النرجسية الإسرائيلية"، مشيرًا إلى أن الخطاب جاء ليدحض الأهداف الإسرائيلية من التصعيد الأخير.

ويلفت مصطفى إلى أن نتنياهو كان يسعى لفرض تصعيد على الجبهة الشمالية بهدف بناء شرعية داخلية لحكومته، إلا أن خطاب نصر الله، الذي أكد فيه أن إعادة الهدوء إلى الشمال مرهونة بإيقاف الحرب على غزة، قد سحب الذريعة التي كانت إسرائيل تنتظرها لتوسيع نطاق المواجهة.

ضرب أهداف إسرائيل

ويشدد الخبير على أن الخطاب نجح في ضرب 3 محاور رئيسية كانت تسعى إليها إسرائيل، وهي بناء الشرعية الداخلية، وإيجاد ذريعة لشن حرب واسعة، وقطع الاتصال بين الجبهتين في غزة والشمال، ويرى أن هذا سيزعج الإسرائيليين كثيرًا، خاصة وأن نصر الله تحدث بلغة يفهمها الإسرائيليون وتلامس ما يهمهم مباشرة.

ويشير مصطفى إلى أن الخطاب يضع خيارًا واضحًا أمام الإسرائيليين وهو وقف الحرب في غزة، ويعيد هذا الأمر إلى الوعي الإسرائيلي العام، متوقعا أن يؤدي هذا إلى زيادة الانقسام داخل إسرائيل، خاصة مع التحذير من أن الذهاب نحو عملية عسكرية واسعة سيزيد من حالة النزوح في شمال إسرائيل.

ويصف الدكتور مصطفى الخطاب بأنه "مدروس" في مقابل ما يراه تخبطًا إسرائيليًا واضحًا، ويؤكد أن إسرائيل لن تستطيع تحمل حرب طويلة الأمد على جبهتين، مشيرًا إلى أن خطاب نصر الله يعيد إسرائيل إلى "المربع الأول" ويقطع الطريق على مخططات نتنياهو.

فيما يصف العميد إلياس حنا، الخبير العسكري والاستراتيجي، كلام نصر الله بأنه "مهم للغاية"، ويشير إلى أنه اعترف بحجم الكارثة الكبيرة التي تعرض لها حزب الله، مؤكدًا في الوقت ذاته على أهمية تحديد الخطوط الحمراء والموانع التي لن يقبل الحزب بتجاوزها.

ويلفت الخبير العسكري الانتباه إلى النقاط الرئيسية التي حددها نصر الله، وهي رفض عودة المستوطنين إلى شمال إسرائيل، وعدم الفصل بين مسارات المواجهة مع العدو، ويرى أن هذه النقاط تشكل قواعد أساسية لأي رد محتمل من قبل حزب الله.

ويؤكد العميد حنا على أن حجم الخسارة والصدمة التي تعرض لها حزب الله تستلزم ردًا تناسبيًا، قد يصل إلى حد استهداف كل فلسطين المحتلة، ومع ذلك، يشدد على أن الأمر يتطلب تشاورا ودراسة أعمق، مع الحفاظ على عامل الغموض والمفاجأة الذي يراه ضروريا وإستراتيجيا.

ويشدد حنا على أن العملية المرتقبة كرد لابد أن تكون "كاملة ومتكاملة"، تتعلق ببيئة حزب الله واستيعابه للضربة وقدرته على الرد، مع الاستعداد لأي سيناريو قد يقدم عليه جيش الاحتلال.

ويرى أن الوقت يعمل لصالح المقاومة وحزب الله، مشيرًا إلى أن هدف الحزب هو الاستنزاف الإستراتيجي وليس مجرد تكتيك عسكري، ويشدد مرة أخرى على أهمية الغموض في الموقف الحالي، معتبرًا إياه عنصرًا مهمًا وضروريًا في إستراتيجية المقاومة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات خطاب نصر الله حزب الله إلى أن على أن

إقرأ أيضاً:

رعب في تل أبيب.. إسرائيل تتخذ إجراءات مشددة خوفا من رد حزب الله

بعد عمليات التفجير التي وقعت اليوم في أجهزة الاستدعاء في أيدي عناصر حزب الله اللبنانى، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاع جيش الاحتلال يوآف جالانت، مباحثات أمنية في منطقة كاريا، في الوقت الذي بدأ فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عدد من الإجراءات الأمنية المشددة خوفاً من رد المقاومة اللبنانية.

عقد اجتماع طارئ خوفًا من الرد المتوقع من حزب الله

ونشرت الصحف الإسرائيلية تفاصيل عقد اجتماع طارئ خوفًا من الرد المتوقع من حزب الله اللبنانى، وذكرت صحيفة «معاريف»، أن من المتوقع أن يقوم حزب الله اللبنانى بالرد السريع على إسرائيل، وأكدت الصحيفة أنه سيتم عقد اجتماع خلال الساعات المقبلة، لتقيم الوضع الأمني مع القيادات داخل جيش الاحتلال، وترتيب كيفية استقبال الرد من حزب الله.

مخاوف إسرائيلية من حزب الله

ونشرت الصحف الإسرائيلية أن هناك مخاوف من رغبة حزب الله اللبنانى تحميل إسرائيل مسؤولية تفجير أجهزة الاستدعاء، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء يتخذ عدداً من الإجراءات الأمنية، كما عزز قواته في الشمال.

وتنتظر الشرطة الإسرائيلية توجيهات من قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، من أجل الاستعداد لتعزيز قواتهم في الشمال بالقدر المطلوب لصد الهجوم، وفي مختلف مدن الوسط والشمال.

نشرت قوات الاحتلال رجال الشرطة داخل الشوارع، وأكد المسؤلون أن أجهزة الاحتلال مستعدة لأي سيناريو سيحدث من حزب الله.

وفي حيفا أجرى بعض القيادات العسكرية الإسرائيلية  تقييمًا للوضع الأمني بالمنطقة، بمشاركة من إدارة البلدية وضباط قيادة الخطوط الأمامية والشرطة ورجال الإطفاء، ومازالت القوات تتابع روتين الطوارئ. 

مقالات مشابهة

  • ما رسائل نصر الله بعد تفجيرات البيجر؟ محللون يجيبون
  • الطيران الإسرائيلي يخترق حاجز الصوت فوق بيروت خلال كلمة نصر الله
  • حسن نصر الله: نحتفظ لأنفسنا بحق الرد على إسرائيل في الزمان والمكان المناسبين
  • فيدان بعد تفجيرات لبنان: لم يعد هناك خيار أمام حزب الله سوى الرد على إسرائيل
  • محللون: تصعيد إسرائيل على جبهة لبنان هدفه ابتلاع الضفة الغربية
  • رستم: مجزرة البيجر جريمة انسانية تتجاوز كل الخطوط الحمراء
  • فضل الله: لوحدة لبنانية صلبة في مواجهة تجاوز العدو لكل الخطوط الحمراء
  • حزب الله: نواصل عملياتنا اليومية ضد إسرائيل بشكل منفصل عن الرد على تفجيرات لبنان
  • رعب في تل أبيب.. إسرائيل تتخذ إجراءات مشددة خوفا من رد حزب الله