نواصل رصد أسباب عض الكلاب, هناك أسباب شائعة منها العض كهجوم للسيطرة وهو من أكثر الاسباب شيوعا، ففى حالات كثيرة نجد الكلاب التى تعض، تفعل ذلك بسبب ما يسمى بهجوم السيطرة.
أما العض بسبب الخوف فغالبا ما يكون رد فعل للتعدى بسبب الخوف تجاه الغرباء، فقد أشار الأطباء البيطريون إلى أن الخوف لدى الكلاب قد يكون طبيعيا فى الحالات غير المألوفة أو عندما تشعر بالتهديد.
والعض كغريزة أمومية، فبعد أسبوعين أو ثلاثة اسابيع عندما تلد الأنثى صغارها، فإن جراءها تعتمد عليها اعتمادا كليا، فهى تعطيها كل ما تحتاجه للبقاء على قيد الحياة، تعطيها الدفء والتغذية والتحفيز على عملية الإخراج وتحميها من اى تهديد، وتظهر علامات العدوان الأمومى على الكلبة، لأنها غريزة فطرية إذا شعرت أن أحد أطفالها معرض للخطر، فيجب إعطاء الكلبة الأم مساحة كافية تعطيها الشعور بالأمان عن طريق تجنب المربع الذى يتواجد به صغارها خلال أول أسبوعين.
والعض عند محاولة فض مشاجرة بين كلبين هى دائما السيناريو الأكثر انتشارا وشيوعا، فعندما تقاطع اثنين من الكلاب الهائجة التى تنبح كثيرا، فغالبا ما يعض الكلب بدون وعى، وذلك لأن الكلاب فى هذه اللحظة تقوم بضخ الأدرينالين فتكون عمياء وتضرب وتعض بدون أى سيطرة أو وعى وربما تعض صاحبها، وفى هذه الحالة يكون أفضل حل هو أن يتم فض هذه المعارك عن طريق ضوضاء صاخبة أو انفجارات قوية من المياه، وهذا بالفعل كفيل بتفريقهما.
ويكون العض بسبب الألم، فهناك سلالات معينة من الكلاب حساسة كثيرا للألم، فى مثل هذه الحالات فإن الكلب يعض إذا تعرض لأى نوع من الأذى، وبالطبع تتوقف العضة على مدى درجة الألم، ومن أكثر الأمراض التى تسبب الآلام للكلب التهاب الأذن الظاهرى، أو تشوهات مفصل الفخذ.
الغريب أن هذه الأسباب جميعها لا تنطبق على حالتى أنا المعضوض بغير ذنب أو جريرة وبدون سابق إنذار لأنضم إلى طابور طويل تعرض للعض من كلاب الشوارع, وأبدأ رحلة البحث عن العلاج.
بعد لحظات من التردد والدهشة أيقنت أنه لا بديل عن مواجهة «عضة الكلب الخائن» إلا بالعلاج خاصة أن الحقائق تؤكد أن داء الكلب أو «السعار» يسببه نوع من أنواع الفيروسات يهاجم خلايا المخ والجهاز العصبى للجسم، ويؤدى إلى حالة شديدة من التشنجات وسرعان ما يقود صاحبه إلى الموت.
وبما أننا لا نعرف هل الكلب مصاب بالسعار أم لا، فالمصل هو الحل, وبعد بحث سريع عن أماكن وجود «مصل الكلب» اهتديت إلى مستشفى الهرم القريب من منزلى, والحقيقة أننى كنت أشك فى وجود المصل به, فجهزت سيناريو آخر للتعامل مع الكارثة التى وضحت معالمها وخطورتها وأصبح من الضرورى سرعة احتوائها.
ذهبت إلى استقبال المستشفى – وما زال الشك يساورنى – وأخبرتهم بأننى «معضوض» فطلبوا بعض الأوراق الروتينية مثل البطاقة وغيرها, وبعد دقائق معدودة حصلت على المصل مجاناً, ومع الجرعة الأولى تسلمت جدولاً بمواعيد الجرعات اللاحقة, فخرجت من المستشفى مليئًا بالسعادة, رغم الألم الذى بدأ يشتد ربما بعد أن دخل «الموضوع فى الجد», وأحسست أنه «لسه فيها حاجة حلوة»...
وجاء موعد الحقنة الثانية, ففوجئت بأن المصل «خلصان» هكذا كان الرد, فماذا أفعل؟ كان هذا هو سؤالى المنطقى, فجاء الرد اذهب إلى أى مكان آخر مثل مستشفى أم المصريين, وسألت ثانية هل يوجد به المصل, فكان الرد «أنت وحظك» فطلبت من مديرة مكتب رئيس المستشفى الاتصال بهم لسؤالهم قبل الذهاب إليهم, فقالت «ليس لنا تعامل معهم»- مع العلم أن المصل أصلا يأتى من عندهم -, ونصحتنى بأن أتوجه إلى نائب المدير لعل عنده حلاً, وتوجهت إليه فأكد لى أن المصل سيأتى بعد ربع ساعة, فقفز فى ذهنى «الروتين القاتل», تأتى «الطلبية» ثم تعد لتدخل المخازن ثم تخرج فقررت الانصراف فى هدوء.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ندى عضة كلب 2 صلاح صيام الكلب
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب: الأدب السوري وازدواجية الألم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
سوريا إحدى المنارات الثقافية الكبرى في العالم العربي، امتزجت فيها الأصالة بالحداثة لتشكّل مدرسة شعرية متفردة. برزت في العصر الحديث مجموعة من الشعراء السوريين الذين أعادوا تشكيل القصيدة العربية بأساليب مبتكرة، وحمّلوها معانٍ وطنية، وقومية، وإنسانية، فضلًا عن غوصهم العميق في الذات والوجدان.
وقد تميز الشعر السوري بالتنوع، حيث جمع بين الشكل التقليدي والقصيدة الحرة، وظهر فيه مزج فريد بين التقاليد التراثية وروح الحداثة. عالج الشعراء قضايا التحرر الوطني، الاغتراب، الحب، والموت، بلغة تجمع بين الرمزية والتعبير الواقعي.
يُعتبر بدوي الجبل أحد أعمدة الشعر التقليدي في سوريا، حيث صاغ قصائده بلغة عربية فصحى تحتفي بالبيان الكلاسيكي، وتعكس ولاءً قويًا للوطن والقيم الإنسانية. كان شعره غنائيًا وعموديًا، لكنّه حمل بين أبياته أصوات الثورة والتمرد.
ديوان الشعر السوري يضم أيضا عمر أبوريشة الذي تغنّى بالوطن، وكرّس شعره لخدمة القضية الوطنية والقومية. امتازت قصائده بالأسلوب البلاغي العميق واستخدام الرمز للتعبير عن التحديات السياسية والاجتماعية.
لا يُمكن الحديث عن الشعر السوري دون الوقوف عند محطة نزار قباني، شاعر الحب والثورة. نقل قباني القصيدة العربية إلى عصر جديد، حيث كسر التقاليد الشكلية، وجعلها أقرب إلى حياة الإنسان العادي. تناولت قصائده موضوعات الحب، المرأة، الحرية، والقضايا القومية.
عند الحديث عن الشعر السوري لا نستطيع أن ننسى شاعر الحداثة وصوت الفقراء، محمد الماغوط، وهو أحد أبرز رواد قصيدة النثر في العالم العربي. تميز شعره بالبساطة، وعمق الدلالة، واحتفاء بالإنسان المُهمش، وغلبت عليه النزعة السوداوية والتأمل في معاني الحياة.
هناك أيضا رياض الصالح الحسين الذي استطاع أن يصوّر الحياة اليومية بكل بساطتها وتعقيداتها. كُتبت قصائده بلغة حداثية تعبر عن صراع الإنسان مع الفقد والوحدة.
لا يُذكر الشعر العربي بوجه عام والشعر السوري بوجه خاص إلا ويُذكر معهما أدونيس أحد أبرز المجددين في الشعر العربي، وقد أثرى الشعر السوري بمضامين فلسفية وصوفية عميقة. غاص في النفس البشرية، واستعان بالرموز والأساطير لتقديم رؤيته للعالم.
يمكننا القول بعد الاطلاع على والتأمل في الأدب والشعر السوري أن الهوية الشعرية السورية امتازت بالقدرة على التجدد، حيث استطاعت أن تحتضن الإرث العربي الكلاسيكي وتُدخل عليه أساليب الحداثة. شكّلت سوريا من خلال شعرائها محطة ثقافية ذات ثقل، فصارت قصائدهم شاهدةً على روح عربية تتطلع دومًا للحرية والجمال.
الشعر السوري هو سجلّ حافل للحياة السورية بأبعادها الوطنية والإنسانية. لقد عبّر الشعراء السوريون عن معاناة شعبهم وأحلامه بحساسية عالية ولغة متجددة، فحفروا أسماءهم في الذاكرة الأدبية العربية. إن هذا الإرث الشعري الكبير ليس مجرد كلمات، بل نبض حياة وشهادة على حقبة من الزمن، حيث امتزج الألم بالأمل، والنضال بالحلم.
الأدب السوري قبل "الثورة" حمل في طياته بذور المقاومة بشكل رمزي، حيث عالج القضايا الكبرى من خلال اللغة الشعرية والثورية. إلا أن أحداث "الثورة" أجبرت الأدب على أن يصبح أكثر وضوحًا، وأكثر مواجهة للواقع السياسي والاجتماعي. فجاءت النصوص الأدبية تعبيرًا مباشرًا عن الألم السوري، عن الدماء المسفوكة، والمنازل المدمرة، والأحلام المنكسرة.
لم يكن الشعر السوري وحده في طليعة من عبّروا عن روح الثورة. كانت الرواية أيضا بمثابة وسيلة لتوثيق الواقع بجرأة. حيث تناولت الروايات السورية موضوعات النزوح، فقدان الأحبة، انهيار المجتمعات، وأهوال الحرب. أحد أبرز الأصوات في هذا السياق كان خالد خليفة، الذي قدّم في روايته "الموت عمل شاق" شهادة مؤثرة عن معاناة العائلة السورية في ظل الحرب.
القصة القصيرة في سوريا كانت سلاحًا آخر. كاتب مثل زكريا تامر، الذي اشتهر بلغة مكثفة وحادة، قدم صورًا رمزية وثورية منذ زمن بعيد.
مع تهجير ملايين السوريين إلى المنافي، أصبحت الغربة موضوعًا محوريًا في الأدب السوري. استطاع الأدباء في الشتات أن يوثقوا الحنين للوطن والتجربة المرة للجوء، مقدمين أدبًا يعكس ازدواجية الألم: ألم الغربة وألم الوطن الجريح.