بوابة الوفد:
2024-12-22@13:26:49 GMT

مجتمع النفايات الفكرية «٣»

تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT

فى العشر سنوات الأخيرة تعرض المجتمع لهزة عنيفة أصابته فى عقر داره حتى أصيب بالمرض والكهولة والشيخوخة فى العقل وإعياء القلب وقلب موازين روحية وعقائدية فى الدين والدنيا حتى تلوثت أسماعنا و أبصارنا لنرى ونسمع العجب العجاب.. تراجع دور العلماء ليحتل الجهلاء والمنافقون الصفحات الأولى، حيث أصبح للسوشيال ميديا روادها بالملايين من الحشود الجماهيرية بمنصاتها الهلامية السابحة فى قلب فضاء فوضوى منبر ملوث لترميز التافهين فى محاولات للاستعانة بـ المعجبين والمتابعين لحصد أكبر عدد من المشاهدات التى تحقق مكاسب فى الثراء السريع خلال عرض محتوى رخيص يجذب الحشرات البشرية الدنيئة التى وقعت فى فخ الشبكة العنكبوتية الضارة.


وذلك ‏لأن المجتمع للأسف أصبح قابلا للخداع مع تدنى مستوى الذوق العام وتوحش غول ارتفاع الأسعار وقطاره الذى لا يقف ولا نعلم إلى أين المصير والفقر يطل بأنيابه على الغلابة والمساكين!!، ويملك أيضا مقومات تراثية للاستغفال والاستغلال جاذب للأفاقين، لأن ثقافته وطريقة تفكيره ومجموع القناعات السائدة فى العقول تم تشويهها وإتلافها بفعل وكيل لئيم خبيث منذ أن بدأت بصناعة الفساد «الأندرويد» الذى جاء من غزو الفضاء الخارجى أشد فتكاً وضرراً من القذائف والدبابات، ولم يتم للآن البدء فى تطهير ألغامه وكسر نفوذ مخربيه حتى تنجلى شخصية مصر الحقيقية التى تتصف بالحياء والخجل فلم يعد لديه «حمرة وجه».. السبب أصدقاء النقابات البشرية. والغريب أنه عندما يعيش الكل فى القذارة والتفاهة، يصبح النقاء والصفاء هو الشذوذ، هذا حال الكثير من الناس اليوم لا يقبلون أن يكونوا وحدهم فى الوحل، ويحاولون بكل جهدهم أن يجرّوا معهم من هم أكثر نقاء منهم إلى مستنقع البذاءة من أجل صناعة الشهرة.
فلم نعد نعرف ماذا نحارب الوباء أم البلاء.!! أم الغباء.. أم الغلاء.. أم قلة الحياء؟.!! لم يمر بتاريخ أو زمن او حقبة أتعس وأرذل وأسفل وأسخف من هذه السنين التى نعيشها اليوم.. سنين قلبت جميع الموازين فيها حتى أصبحت الاخلاق والشرف والكرامة والعدالة والغيرة والإنسانية والرحمة عمله نادرة جدا للأسف.
العقل هو أكبر أمانة حصلنا عليها، لا تجعله فارغاً قاحلا يمتلئ بالسخافات والتفاهة.. ازرعه بالعلم والثقافة النافعة وكل ماهو مفيد.. وكل الشكر والتقدير للكرة الأرضية التى مازالت تدور بنا رغم التفاهة والانحلال الأخلاقى الذى نعيشه فوقها.. بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره نعزى أنفسنا أولاً وبلدنا بوفاة القيم والأخلاق وطغيان الإنحطاط الأخلاقى و انتشار الفساد فكيف لله أن يرحمنا وينزل علينا رحمته فى ظل هذا المستنقع الذى نعيش فيه، فاللهم يا الله لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منا، إنا لله وإنا إليه راجعون.. وحين يسألونك عن جهاد النفس الحقيقي، أخبرهم أن أصدق الجهاد هو قدرتك على أن تجعل هذا القلب نقيًا، صالحًا للحياة الآدمية بعد كل تلك المفاجآت.. والعثرات والانكسارات والهزائم.
الجهاد الحقيقى جهادك مع قلبك كى يبقى أبيض رغم كل تلك المعارك، فلا تتغيّر ملامح الإنسان فيك، أو طمس الفطرة التى خلق عليها خلقه.
رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية
‏[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مجتمع النفايات الفكرية ٣ ماجدة صالح

إقرأ أيضاً:

الرقيب جل جلاله

يقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا» (النساء: 1)، فهو سبحانه وتعالى الرقيب الذى لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء، وهو القائم على شئون خلقه، المطلع على ما تكنه صدورهم، القائم على كل نفس بما كسبت، فهو معنا أينما كنَّا، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (المجادلة: 7)، ويقول سبحانه على لسان لقمان (عليه السلام) فى وصيته لابنه: «يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِى صَخْرَةٍ أَوْ فِى السَّمَاوَاتِ أَوْ فِى الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ» (لقمان: 16)، ويقول سبحانه: «وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا» (الكهف: 49)، ويقول سبحانه: «وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ومَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِى ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ» (الأنعام: 59)، ويقول سبحانه: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (ق: 16-18)، فهى معية مراقبة، لا يعزب منها عن علمه سبحانه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض.
إن صاحب الضمير الحى اليقظ هو الذى يخاف الله (عز وجل) ويسعى لتحقيق مرضاته سرًّا وعلانية، فإذا غابت عنه رقابة البشر وهمَّت نفسه بالحرام تحرك ضميره؛ فيصده عنه ويحول بينه وبين ما يغضب الله، ويذكره بأن هناك الرقيب الذى لا يغفل ولا ينام، حيث يقول الحق سبحانه: «وإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ» (الانفطار: 10)، ويقول جل فى علاه: «وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا» (الإسراء: 13-14)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «ثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ، وَثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ; فَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ: فَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِى السَّبَرَاتِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ، وَأَمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، وَأَمَّا الْمُنْجِيَاتُ: فَالْعَدْلُ فِى الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَالْقَصْدُ فِى الْفَقْرِ وَالْغِنَا، وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِى السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ».
بهذا الضمير الإنسانى اليقظ يستطيع الإنسان تأدية العبادات على الوجه الأكمل، فتجده خاشعا لله (عز وجل)، مراقبًا له تمام المراقبة فى صلاته وصيامه وحجه وزكاته، لعلمه أن من أسمائه (عز وجل) الرقيب، ثم يتعدى أثر هذه المراقبة إلى بيعه وشرائه, وعمله وإنتاجه، وسائر تصرفاته، وبذلك ينضبط السلوك والتصرفات، وتُحفظ الحقوق، وتُؤدى الواجبات.
ومن ثم فإنه يجب على الإنسان أن يراقب الله تعالى حق المراقبة فى السر والعلن, وهذه المراقبة هى التى جعلت ابنة بائعة اللبن تقول لأمها التى أمرتها أن تمزج اللبن بالماء: إن كان عمر (رضى الله عنه) قد نام فإن رب العزة لا تأخذه سنة ولا نوم، وجعلت راعى الغنم الأمين يقول: إن كان صاحب الغنم لا يرانا فأين الله الذى لا يعزب عن علمه شىء فى الأرض ولا فى السماء؟.

الأستاذ بجامعة الأزهر

مقالات مشابهة

  • ٦ شهور .. حكومة مدبولى مالها وما عليها
  • كنيسة قوص الإنجيلية تعقد لقاء “القيم المجتمعية وأثرها في بناء مجتمع متماسك”
  • سوريا.. حنين لا يغادر محبيها
  • مؤتمر الصحفيين ونقطة الانطلاق
  • كأسك يا وطن
  • أنجلينا جولى:ﺗﺠﺴﻴﺪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺎرﻳﺎ ﻛﺎﻻس ﺣﻠﻢ وﺗﺤﻘﻖ
  • الرقيب جل جلاله
  • السفير العكلوك : نتعرض لحرب إبادة جماعية من قوات الاحتلال وسط صمت دولى رهيب
  • تعزيز التعايش السلمي .. مؤتمر بـ المغرب بحضور مدير مكتبة الإسكندرية
  • تقديراً لأمانته.. محافظ أسوان يمنح شهادة تقدير ومكافأة مالية لطفل نوبي