المراهنات الإليكترونية.. خطر يهدد المجتمع
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
فى السنوات الأخيرة، شهدت البلاد انتشارًا واسعًا لبرامج المراهنات الإلكترونية، سواء عبر التطبيقات الذكية أو المواقع الإلكترونية. هذه الظاهرة التى انتقلت إلينا من الغرب، أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة العديد من الشباب، وأخذت تحظى بشعبية كبيرة بين مختلف فئات المجتمع .. لكن مع انتشار هذه البرامج، برزت مخاطر جسيمة تهدد الاستقرار النفسى والاجتماعى للأفراد.
أسباب الانتشار
السبب الرئيسى وراء انتشار المراهنات هو الوعد بالثراء السريع، حيث تعد تلك التطبيقات المستخدمين بإمكانية الربح المادى الكبير دون جهد، فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها العديد من الشباب فى مصر، يصبح الحلم بتحقيق ثروة فى لحظات قصيرة أمرًا مغريًا.
أضف إلى ذلك الإعلانات الضخمة التى تروج لهذه البرامج عبر وسائل التواصل الاجتماعى، نجد مشاهير يشاركون تجاربهم مع هذه التطبيقات، ما يشجع المتابعين على الانضمام إلى تلك المنصات دون إدراك خطورتها.
المخاطر النفسية والاجتماعية
بينما قد يبدو للبعض أن المراهنات مجرد وسيلة ترفيهية، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذا النشاط يحمل معه آثارًا نفسية واجتماعية خطيرة، حيث ان إدمان المراهنات الإلكترونية لا يختلف كثيرًا عن إدمان القمار التقليدي، بل قد يكون أكثر خطورة بسبب سهولة الوصول إلى تلك المنصات فى أى وقت ومن أى مكان.
من بين المخاطر الواضحة:
1-الإدمان: يجد العديد من الأفراد أنفسهم غير قادرين على التوقف عن المراهنة، حيث يبدأ الأمر بمراهنات صغيرة، ثم يتطور إلى إدمان يصعب التخلص منه.
2- الخسائر المالية: بدلًا من تحقيق الربح، يجد الكثيرون أنفسهم غارقين فى الديون بعد أن يخسروا كل ما يملكون.. وبدلًا من أن تكون المراهنة فرصة لتحقيق الثراء، تصبح سببًا للفقر.
3-التفكك الأسرى: تعانى الكثير من الأسر المصرية من تأثيرات المراهنات، حيث قد يضطر بعض الأفراد إلى اللجوء إلى السرقة أو الاقتراض لتغطية خسائرهم، ما يؤدى إلى مشاكل عائلية واجتماعية.
حوادث الانتحار: وجه آخر مظلم
فى الفترة الأخيرة، سمعنا عن عدة حوادث انتحار داخل مصر، كان السبب الرئيسى وراءها هو الديون المتراكمة نتيجة للمراهنات، حيث وصل الحال ببعض الأفراد إلى حد اليأس التام بعد أن خسروا أموالهم ولم يعد لديهم أى وسيلة للخروج من دائرة الديون.
الانتحار هنا ليس مجرد فعل فردي، بل هو مؤشر على حجم المشكلة التى نواجهها كمجتمع. إنه تعبير عن حالة من اليأس والإحباط التى يعيشها هؤلاء الشباب الذين يرون فى المراهنات مخرجًا من أزماتهم، لكنهم سرعان ما يجدون أنفسهم فى فخ لا يمكن الهروب منه.
دور الدولة والمجتمع :
على الرغم من خطورة هذه الظاهرة، إلا أن الجهود المبذولة لمواجهتها ما زالت محدودة، ويجب على الدولة التدخل بحزم لتنظيم ومراقبة هذه البرامج، إن لم يكن لحظرها، على الأقل للحد من تأثيرها السلبى على المجتمع ، كذلك يجب أن يكون هناك دور أكبر للإعلام فى توعية الناس بخطورة هذه التطبيقات، بدلًا من ترويجها على أنها وسيلة للربح السريع.
أما من الناحية الاجتماعية، فيجب أن تعمل الأسر والمدارس على توعية الشباب بمخاطر المراهنات، وأن تقدم لهم بدائل ترفيهية وصحية تساعدهم على قضاء أوقاتهم بشكل مفيد وبناء.
وفى الختام، فإن انتشار برامج المراهنات فى مصر يمثل تهديدًا حقيقيًا للمجتمع، وإذا لم نتخذ خطوات جادة لمعالجة هذه الظاهرة، فإننا قد نشهد المزيد من الحوادث المأساوية التى تهدد حياة شبابنا ومستقبلهم، فالوعى والتدخل السريع هما السلاحان الرئيسيان لحماية مجتمعنا من هذا الخطر المتزايد.
فهل من مجيب لوقف هذه الظاهرة والتصدى لها قبل فوات الأوان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قبل فوات الأوان المراهنات الإلكترونية هذه الظاهرة
إقرأ أيضاً:
حكاية أطفال الأنابيب (٢)
يبدأ طفل الأنابيب بالتحام الحيوان المنوي بالبويضة في المختبر، و هذا يعنى أن نحصل من مبيض الأم على بويضة ناضجة، أو مجموعة بويضات ناضجة، ثم تحضير السائل المنوي من الزوج ، واستخراج الحيوانات المنوية. بالطريقة التقليدية يجمع عدد كبير من الحيوانات المنوية مع البويضة في طبق مخبري يوفر أجواء مثالية لكى يخترق واحد من هذه الحيوانات جدار البويضة، و تلتحم المادة الجينية للحيوان المنوي بالمادة الجينية البويضة، و بمشيئة الله يحدث أن تبث الحياة في البويضة المخصّبة، و تبدأ الخلية بالانقسام إلى مجموعة خلايا، و بعد خمسة أيام من اتحاد الحيوان المنوي بالبويضة، يصبح المسمَّى جنينا، و تتم إعادته إلى الرحم.
الأغلب حاليا ألا يتم العمل بهذا الشكل التقليدى الذي شرحناه، و لكن يقوم الطبيب بعمل تلقيح مجهري، و يتم ذلك لزيادة احتمالات النجاح، و خاصة إذا كان عدد الحيوانات المنوية قليلا، أو أن هناك عيب كبير في قدرتها على الحركة، و بدلا من أن تترك المسألة لقدرة الحيوان المنوي الذاتية على اختراق جدار البويضة، يتم استخدام أنبوبة مخبرية دقيقة تحمل الحيوان المنوي و تخترق جدار البويضة ، و قد أصبح هذا هو الغالب في مختبرات أطفال الأنابيب.
في بداية تاريخ أطفال الأنابيب كانت البويضة تؤخذ من الأم التى وصل المبيض فيها إلى مرحلة إنتاج بويضة ناضجة بالطريقة الطبيعية، و حيث أن كثيرا من الأخوات لا تكتمل لديهن الدورة المبيضية بحيث نحصل على البويضة الناضجة، كان لا بد من اتباع طرق علمية تحقق اكتمال الدورة المبيضية حتى مرحلة البويضة كاملة النضج، ليتم استخراجها جاهزة للتلقيح المجهري، والسؤال كيف؟
تمكن العلم من فهم الطرق الفسيولوجية التى توصل المبيض لإنتاج البويضه الناضجة، وهذا قادنا إلى التوصل إلى صناعة الأدوية المشابهة تركيبا و وظيفة للهرمونات التي تفرزها أجهزة الجسم، و تؤدى إلى تحفيز و اكتمال الدورة المبيضية حتي نحصل على البويضات الناضجة.
و بتبسيط شديد يمكن شرح هذه الدورة الفسيولوجية كالتالي : يحتوى كل مبيض على آلاف الجريبات، و كل جريب منها يحتوى على بويضة بدائية ( غير ناضجة)، في الأحوال الطبيعية تدخل عدد من هذه الجريبات في عملية إنضاج ينتهى واحد منها أو اثنين للوصول إلى البويضة الناضجة. و لحدوث هذه الدورة و اكتمالها، فإن المبيض يكون تحت تأثير حافز يفرزه الفص الأمامي للغدة النخامية الموجودة في المخ وهو هرمون (FSH ) ، وعند الوصول إلى هذه المرحلة، يلزم إخراج البويضة الناضجة من الجريب الذي يحتويها، و يتم هذا إذا تعرضت لمؤثر يعمل كمشغل العربة، يعنى مثل طفرة فجائية، و هذا الحافز هو هرمون ( LH ) ، وهو يُفرز عند توفر شروط خاصة لها علاقة بمستوى هرمون الاستروجين الذي ينتج من المبيض، وعدم خروج هذا الهرمون في الوقت المناسب، أو خروجه قبل اكتمال نضج البويضة، يعنى عدم القدرة على الحصول على البويضة الناضجة. و هذه العمليات العبقرية التى تحدث يوميا مع آلاف الانات تخضع لإدارة منطقة في الدماغ ( hypothalamhs ) و يسميها العرب المهاد أو الوطاء، و يصدر عنها مواد تتحكم في الدورة الهرمونية التى تحدث في الغدة النخامية و من ثم في المبيض.
وعندما تم اكتشاف تركيب هذه الهرمونات و الحصول عليها بعدة طرق أحدثها طريقة الهندسة الوراثية، أصبح استخدامها يؤدي إلى الحصول على عدد أكبر من البويضات الناضجة، و هذا يزيد من فرص النجاح، كما أمكن تفادى خروج هرمون ( LH ) قبل الوقت المناسب، و ذلك باستخدام أدوية تلغى تأثير العوامل التى يفرزها المهاد،و بالتالى نصل إلى التحكم الكامل بعملية الإباضة دون تدخل الجسم، وهذا أيضا أدى إلى زيادة فرص النجاح.
SalehElshehry@