مجدي البدوي يكتب: فلسفة جديدة للأمان الوظيفي
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
بين الحين والآخر يخضع مشروع قانون العمل الجديد لجولات نقاشية، ولكنها حتى الآن لم تصل للمنتظر وهو إصدار القانون، فهذا القانون القائم على فلسفة جديدة، وهى الأمان الوظيفي، ليس مجرد تعديلات على القانون الحالي، من أجل تحقيق أهدافه التي خُلق من أجلها، بالرغم من ذلك فإن عدم الوصول لتوافق بين أصحاب الأعمال والعمال يعطل صدور القانون والاتفاق على صيغة نهائية فى بعض مواده، واسمحوا لى أن أتحدث فى السطور التالية عن هذه المواد وبعض النقاط المتعلقة بالعوائق، وأؤكد على رؤية عمال مصر لهذا الملف.
نحن فى الاتحاد العام لنقابات عمال مصر لنا رؤية تستهدف فلسفة جديدة وتوازناً بين أطراف العمل، فلا بد من تحقيق «الأمان الوظيفى»، ولذلك لا بد من تجريم الفصل التعسفى، بحيث يكون الفصل عن طريق المحكمة وليس بقرار صاحب العمل، كما يجب أن يتضمن القانون تعديلات تُسرع الإجراءات القانونية، من خلال إنشاء محكمة عمالية تُنهى القضايا خلال 60 يوماً.
فكرة وضع ضوابط جديدة لإنهاء خدمة العامل، وتحديداً عن طريق استمارة 6، ضرورية لأن ذلك يحقق الأمان الوظيفى للعمال العاملين فى مختلف القطاعات الوظيفية، فلا بد من وجود محكمة عمالية ووجود عقد عمل يضمن حقوق العامل سواء كان عقد العمل مؤقتاً أو دائماً، كما أنه لا بد من وضع ضوابط لغلق المنشآت، ووضع ضوابط لإنهاء العمل مع أى عامل، وأن يتضمن وضع ضوابط للمجلس القومى للأجور، ووضع غرامات صريحة فى القانون للمنشآت التى تمتنع عن تطبيق الحد الأدنى للأجور.
شاركنا فى جولات نقاشية من أجل الوصول إلى توافق حول العديد من المواد المطروحة، بالتزامن مع إرسال النقابات العمالية لرؤيتها ودراسة كاملة حول قانون العمل الجديد، ولكن يبقى العائق دائماً الخلافات بين أصحاب الأعمال واختلاف وجهات النظر حول بعض المواد، وهو ما يعطل الوصول إلى اتفاق نهائى، لكن المناقشات مستمرة منذ سنوات ولم تصل بعد إلى مرحلة الاستقرار على صيغة نهائية بسبب هذه الخلافات، لكن الاتحاد يشارك فى هذه الجولات ويحاول بدوره تقريب وجهات النظر، متوقعاً الوصول إلى حلول خلال الفترة القادمة، ونأمل أن تنتهى مناقشات المشروع التى تجرى حالياً بصيغ نهائية تحمل توافق جميع وجهات النظر، وذلك من أجل الوصول لبيئة عمل آمنة ومتوازنة.
لن يحدث أمان وظيفى بدون توازن بين العمال وأصحاب الأعمال بما يضمن حقوق الجميع، لأن التوافق حول هذا القانون يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى فى مصر، ويعزز من فرص العمل اللائق والتنمية المستدامة، وفى وسط كل هذا النقاش أصبح صدور قانون العمل الجديد ضرورة ملحة لكل الأطراف، خاصة أن القانون الحالى عندما صدر كان فى وقت تختلف فيه الظروف والأمور عن الوقت الحالى، فالعامل بالقطاع الخاص يحتاج إلى أن يشعر بالأمان الوظيفى لأن ذلك من المؤكد سينعكس على بيئة العمل وإنتاجه.
* نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: قانون العمل الجديد الحقوق والواجبات المنشأة
إقرأ أيضاً:
الطريق نحو فلسفة شهر رمضان
بدأت روحانيات شهر رمضان المبارك تحيط بنا في كل مكان، فلا حديث إلا حديثه ولا انتظار إلا انتظاره.. وهو شهر يستحق الانتظار، بل يستحق الشوق خاصة من الناس الذين يفهمون حقيقته وفلسفته العميقة.
وفلسفة شهر رمضان ليست فلسفة استهلاكية فهو ليس شهرا لبسط الموائد وكأن حاجة الإنسان للأكل تختلف خلال شهر رمضان، بل إن هذا المستوى من مستويات فلسفة الصوم يشير إلى عكس الاتجاه الاستهلاكي بحيث يعتدل الإنسان في الأكل حتى في مساءات رمضان. أما الفلسفة الحقيقية لشهر رمضان فهي روحانية ولذلك فإن الاستعداد للشهر الفضيل لا بد أن ينطلق من هذه الفلسفة، كيف نعمّر ليالي رمضان روحانيا، وكيف نطهّر نفوسنا من كل أدرانها، وكيف ننشر التسامح بين الناس، وننشر التضامن ونطهّر قلوبنا من الأحقاد ونعمّرها بالحب.
وإذا كان رمضان مدرسة للتقشف من الناحية المادية فإنه مدرسة للإسراف من الناحية الروحانية وهذا التوجه وحده الذي يشعرنا بالروحانيات الحقيقية لشهر رمضان.
لم يعد الجوع موجودا في نهار رمضان مع توفر وسائل الراحة التي جلبتها تحولات الحياة التي نعيشها ولذلك فإن الجوع الذي يعلمنا إياه شهر رمضان لم يعد جوع الجسد، بل هو جوع الروح إلى النقاء والصفاء. ولا جدوى من أن يمسك الإنسان عن الطعام في نهار رمضان إن لم يُمسك عن الأحقاد! وما فائدة العطش إن لم ترتوِ النفس من ينابيع المغفرة؟ لذلك فإن علينا ونحن نقترب من شهر رمضان ومن أيامه التي نشتاق لها أن نستعد له روحانيا كما نستعد له ماديا عبر رحلات التسوق الكثيرة، وكما نسأل عن أسعار المنتجات التي نستهلكها في رمضان لا بد أن نسأل عن القيم والمبادئ والطقوس التي علينا استحضارها في رمضان لتتحول إلى سلوك حياتي بعد رمضان.. فإحدى أهم فلسفات رمضان أن يكون رياضة للقلب ليخفّ، وللعقل ليصفو، وللنفس لتتحرر من قيود المادية.
الأكل مطلب مهم وهو معين للإنسان على عبادته لكن لا يجب أن يتحول إلى تنافس وتفاخر وبذخ قد يوقع الإنسان في المحظور شرعا حينما يتحول الأمر برمته إلى مجرد إسراف وتبذير، فيما تغيب حقيقة الصيام وفلسفته.
وكما يتهيأ الناس في الأسواق هذه الأيام فإن الأوجب عليهم أن يستعدوا روحانيا لأيام عظيمة لا تأتي إلا مرة واحدة في العام وأعظم ما يتهيأ به الإنسان هو تطهير قلبه من الأحقاد ونشر التسامح والعفو والرحمة والتكافل.. وعلى الجميع أن يبحث في زوايا روحه عن نور كان خافتا لنعيد له توهجه؛ ففي توهج القلوب توهج للمجتمع وتوهج للحياة كلها.
ورمضان لا يأتي ليملأ موائدنا، بل ليملأ أرواحنا.. وهذا هو الطريق الوحيد الذي يوصلنا إلى فلسفة الصيام وإلى جوهر فلسفة الحياة.