ما قام به سلاح الطيران في الفترة الماضية ليس استنزاف المليشيا وحسب، وإنما- هو الأهم- وضع حد أخير ونهائي لمشروع المليشيا وقطع أي أمل في تمددها عسكريا بعد الآن ليبدأ العد التنازلي لنهاية الحرب ونهاية المليشيا معا.

لكي تسطيع المليشيا تحقيق أي تقدم جديد أو حتى المحافظة على انتشارها وما تبقى لديها من قوة فيجب عليها أن تجد حلا للطيران.

فإن لم تجد وهو المتوقع، فهذه نهايتها. لأنها ببساطة ستواجه صعوبة في التقدم، وصعوبة حتى في المحافظة على قوتها البشرية والمادية أمام ضربات الطيران.

كل ذلك ونحن لم نتكلم عن الاستعدادات العسكرية الأخرى للجيش من ناحية التسليح والتدريب وتجهيز قوات من المشاة في عدة محاور للانقضاض على المليشيا المستنزفة أصلا.
لقد أثبتت الأيام أن الرهان على الحرب ضد المواطن وخلق أوضاع إنسانية سيئة والحرب النفسية لضرب الروح المعنوية للشعب والجيش هو رهان فاشل تماما. كل ما قامت به المليشيا من ممارسات على الأرض والدعاية الحربية التي صاحبت ذلك حتى وقت قريب، كله ذهب أدارج الرياح وبقيت الجرائم تلاحقها، وبقيت إرادة الجيش الصلبة وبقي تصميمه على سحق المليشيا، وبقي الشعب السوداني خلف جيشه ينتظر بثقة لحظة الانتصار الكبير.

حليم غباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

السودان والتحدى الأكبر

لا يبدو أن انتصارات السودان الكبرى في ولايات الجزيرة، وسنار والخرطوم قد أنهت تمامًا هذه الحرب اللعينة التي استهدفته في الخامس عشر من أبريل 2023، وقضت على الأخضر، واليابس في البلاد فبعد الهزيمة الميدانية المذهلة التي تلقتها قوات التمرد في تلك الولايات الكبرى.

أسرع المسعفون إلى حليفهم المهزوم، وقدموا له أسرابًا من الطائرات المسيرة الحديثة التي جاءت من الصين، ومن بيلاروسيا ومن دول أخرى في وسط دهشة الجميع.

نجحت تلك المسيرات في ضرب محطات الكهرباء والوقود، وبعض مراكز القيادة، ولم تستطع المضادات الأرضية للجيش السوداني إسقاط الكثير منها، وهو ما وضع تحديًا كبيرًا في حرب المسيرات أمام الجيش السوداني الذي قهر التمرد في الميدان.

ووفقًا لمصادر متعددة فإن قوات التمرد قد تم تزويدها بصور للأقمار الصناعية، وعبر تصوير من الطائرات المسيرة الحديثة كشفت بها مواقع الجيش السوداني والقوات المشتركة في مدينة الفاشر، وما حولها والحاميات التي تقوم بحراسة معسكر زمزم للنازحين، وهو ما سهل لها القيام بعملية مفاجئة استمرت ثلاثة أيام اجتاحت فيها المعسكر، وما حوله وقتلت المئات من المدنيين، وشردت أكثر من نصف مليون نازح هاموا على وجوههم رعبًا من جحافل التمرد التي استخدمت تقنيات حديثة لتشكل تحديًا آخر على الجيش والدولة السودانية التي تحارب على جميع الجبهات العسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية والاستخباراتية والتقنية وحيدة في مواجهة عدو داخلي أولاً، ودول الجوار ثانيًا، وممثلي الاستعمار الجديد ثالثًا، وتشتت وتنازع الجبهة الداخلية رابعًا.

وفي ظل الحديث عن تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على القيام بمهامها الكبرى لمواجهة الحروب العسكرية والسياسية والاقتصادية تبقى هناك ملاحظة، وهي ضبط تصريحات المسؤولين مع مقتضيات الاستراتيجية السياسية والعسكرية في الخارج وضرورة تحرك أي مسؤول سياسي في الحكومة السودانية باعتباره خاضعًا لمنظومة متكاملة تدير البلاد وليس باعتبار أن وجوده في المنصب يعطيه الحق المطلق بالتعبير عن آرائه الخاصة، لأن المنظومة المتكاملة هي التي تحدد متى يطلق هذا التصريح بقصد تحقيق أهداف محددة، ومتى لا يتم إطلاق أي تصريحات على أحداث جارية أيضًا بقصد تحقيق أهداف استراتيجية سياسية اقتصادية، أو حتى عسكرية فقد كشفت إقالة وزير الخارجية السوداني علي يوسف عن تضارب بين تصريحاته حول حق روسيا، ودول أجنبية في الحصول على قواعد عسكرية في سواحل السودان مع القيادة العليا التي يمثلها مجلس السيادة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وشكلت تصريحاته الأخيرة التى كشف فيها عن اتفاق سري قضى بانسحاب قوات التمرد من الخرطوم إلى حواضنه القبلية عن أزمة كبيرة بين حق الوزير في التصريحات الدبلوماسية وضرورة التزامه بما هو سري من وقائع وأحداث. وتلك آفة سياسية تضرب كل حكومات السودان منذ إعلان استقلالها وحتى الآن.

إذن انتصر السودان وكسر شوكة التمرد، ولكن يبدو أن من أطلق الحرب على البلاد، وسيادتها ووحدة أراضيها لا يريد أبدًا أن ينعم هذا الشعب بالاستقرار، وبناء نهضته، لأن من أطلقوا الحرب يرون أن الشعب السوداني لا يستحق ثرواته التي وهبها الله له، وهذا هو التحدي الأكبر.

مقالات مشابهة

  • اشتغلت دكتور وبقيت ممثل.. كريم فهمي يحكي عن صداقته مع ياسمين عبدالعزيز
  • ما هي أسباب الحرب في السودان إذن؟
  • المفوضية: العد والفرز سيكون يدوياً وإلكترونياً
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: خلق آخر
  • حقيقة الحرب في السودان
  • تعليقاً على مقال:” عامان من حرب السودان: لم ينجح أحد*
  • السودان الجديد يتخلق و لكن؛ برؤية من؟
  • المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان
  • المفارقات في المشهد السوداني!
  • السودان والتحدى الأكبر