ربما لا تعرف بالضبط ما يعنيه مصطلح "سلوب" (Slop) فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، ولكن في مكان ما ربما تعرفه.

"سلوب" هو مصطلح يشير إلى المحتوى الذي يعتبر سيئا أو غير مرغوب فيه من الذكاء الاصطناعي، وقد ظهر واكتسب بعض الانتشار في وسائل التواصل الاجتماعي والفن والكتب، وأصبح يزداد استخدامه في نتائج البحث أيضا.

هل خطر على بالك أن تقترح غوغل نتيجة أنه يمكنك إضافة صمغ غير سام لجعل الجبن يلتصق بالبيتزا؟ هذا إهمال، كما هو الحال في كتاب رقمي بسعر منخفض يبدو كالذي كنت تبحث عنه، ولكن ليس تماما، وتلك المنشورات على فيسبوك والتي يبدو أنها ظهرت من العدم؟ إنها إهمال أيضا.

أصبح هذا المصطلح أكثر انتشارا في الأشهر الماضية عندما قامت غوغل بدمج نموذجها الذكي "جيمني" (Gemini) في نتائج البحث الخاصة بها في الولايات المتحدة.

وبدلا من توجيه المستخدمين نحو الروابط تحاول الخدمة حل الاستعلام مباشرة من خلال نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي، وهي جزء من النص في أعلى صفحة النتائج التي تستخدم جيمني لتكوين أفضل تخمين لما يبحث عنه المستخدم.

مفهوم "سلوب"

يعتبر "سلوب" مصطلحا جديدا أطلق للإشارة إلى كل محتوى تم ابتكاره من قبل الذكاء الاصطناعي وحقق إحدى النقاط، وهي أن يكون غير مرغوب فيه أو محتوى رديئا أو ذا جودة منخفضة أو محتويا على أخطاء.

ظهر مصطلح "سلوب" أول مرة على منصة إكس، ثم شرح عنه مطور البرامج مفتوحة المصدر سيمون ويلسون بأنه محتوى يتم إنتاجه دون تفكير لأشخاص لم يطلبوه، وقد ازداد انتشاره بسبب ارتباطه بإنشاء حملات ترويجية وإعلانات وانتشارها الواسع، وبالتالي جني أرباح كثيرة، أو بإنشاء صور أو محتوى لكسب الكثير من التفاعلات.

ومن جهة أخرى، يرتبط مصطلح "سلوب" بنظرية الإنترنت الميت، والتي تفترض أن معظم الإنترنت الآن تتحكم فيه روبوتات وأدوات تعمل بالذكاء الاصطناعي تنشغل جميعها بإنشاء مستمر للمحتوى وتوليد العديد من الصور ومقاطع الفيديو والنصوص التي تنال آلاف الإعجابات والتعليقات.

ومع ذلك، يبدو من غير المحتمل أن يتفاعل عدد كافٍ من البشر الفعليين للوصول إلى مثل هذه الأرقام، لكن مع وجود الكثير من الروبوتات التي تتفاعل فإن ذلك يكفي لدفع هذه الصور المصنوعة من قبل الذكاء الاصطناعي إلى الأشخاص العاديين، وبالتالي تصبح أغلبية المنصات مملوءة بالمحتوى المزيف البعيد عن الواقع وعن الإبداع البشري.

مصطلح "سلوب" أصبح أكثر انتشارا في الأشهر الماضية عندما قامت غوغل بدمج نموذجها الذكي جيمني في نتائج البحث الخاصة بها في الولايات المتحدة (شترستوك) لا تقع في الفخ

أحد الأمور التي تشكل معضلة هو أن بعض الناس لا يتمكنون من التمييز بين "سلوب" والمحتوى الموثوق، فعندما يخطئ الذكاء الاصطناعي بتقديم معلومات سيئة الجودة أو خارج السياق أو رديئة المحتوى قد لا نتمكن من كشفه.

في بعض الأحيان يمكن أن يضلل الذكاء الاصطناعي من خلال بيانات ساخرة أو مضللة عمدا تُسحب من مواقع الويب أو مصادر أخرى أو يمكن أن يكون متحيزا ببساطة لنوع البيانات التي يتدرب عليها.

قد يكون من الصعب التحقق مما إذا كانت صورة أو فيديو مزيفين بواسطة الذكاء الاصطناعي، ومع النصوص ليس من الواضح دائما كيف يتم الحصول على المعلومات.

ومن المفيد التأكد من أن المعلومات المقدمة بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" حديثة، وأنها مأخوذة من موقع أو مجموعة بيانات موثوقة.

كيف نميز المحتوى الحقيقي عن "سلوب"؟

لحسن الحظ متطلبات المحتوى الموثوق محددة بشكل جيد، ويمكن من خلالها تجنب "سلوب"، فنحمي الأعمال من الأخطاء التي يرتكبها الذكاء الاصطناعي في بعض الأوقات، بالإضافة إلى التحقق من كون محتوانا عالي الجودة، وهذه المتطلبات هي:

التحقق من مصدر المحتوى، فهل هو يعود إلى مجلة أكاديمية أو منظمة رسمية أم معتمد من قبل خبير في المجال المطروح ضمن المحتوى؟ التحقق من الروابط الخارجية الموجودة، فعادة المحتوى الجيد يترافق مع العديد من الروابط الخارجية التي توثق صحة ما ذكر ضمن المحتوى. المقال أو النص الجيد خالٍ من الأخطاء الإملائية ومضبوط بشكل دقيق نحويا، بالإضافة إلى كونه ذا تنسيق رائع. لا بد للنص أن يحتوي على تحليلات عميقة وأن يكون بعيدا عن المعلومات السطحية، كما يجب أن يكون بعيدا عن التحيز. استخدام مواقع التحقق من الادعاءات المثيرة للجدل كموقع "سنوبيس" للتحقق من التحديث المستمر للمحتوى، وذلك لأن المصادر الموثوقة تحدّث محتواها بشكل متكرر لتعكس التطورات الجديدة. يعتبر التصميم الجيد من أساسيات وقواعد الجودة العالية للمحتوى، وهذا يتضمن الاختيار المناسب للعناوين والصور. التقليل قدر الإمكان من وجود النوافذ المنبثقة التي تروج للإعلانات والمحتوى الربحي. مصطلح "سلوب" لا يقتصر على نوع معين من الأخطاء بل هو موجود بأشكال وتنسيقات متعددة تؤدي لرداءة المحتوى (شترستوك) أشكال "سلوب"؟

مصطلح "سلوب" لا يقتصر على نوع معين من الأخطاء، بل هو موجود بأشكال وتنسيقات متعددة تؤدي إلى رداءة المحتوى، حتى أن وجودها لا يقتصر على موقع واحد، بل يمكن أن نجده في منصات التواصل الاجتماعي المختلفة مثل فيسبوك وإكس وتيك توك وغيرها، وهذه أبرز أشكاله:

بيانات فوضوية ومعلومات غير دقيقة دون مصدر موثوق، نص محتوٍ على أفكار مكررة سطحية دون تعمق في موضوع المحتوى. صور قليلة الجودة أو ذات محتوى غير متطابق مع الواقع أو غير مقبول أو صورة محتواها سيئ. محتوى فقير بالإبداع البشري ويعتمد على الذكاء الاصطناعي ذي الأساليب البالية والمكررة والثابتة والخالية من التجديد. إعلانات ذات محتوى متحيز رديء بهدف الترويج لشيء معين والربح والحصول على المزيد من الإعجابات بغية زيادة الوارد من الأموال. محتوى بسيناريو غير واقعي يؤدي إلى تكوين سلوكيات غير متوقعة. أوصاف غريبة للمنتجات تؤثر بشكل سلبي على عملية التسويق. منشورات الذكاء الاصطناعي الكثيرة التي تغزو مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي تقليل وصول المحتوى المفيد للمستخدمين.  إستراتيجيات التعامل مع "سلوب"

الأخطاء الناتجة عن الذكاء الاصطناعي ليست مجرد إزعاج تقني، بل هي تحدٍ ذو أوجه متعددة له عواقب أخلاقية واجتماعية ووجودية في بعض الأحيان، لذلك لا بد من خلق إستراتيجيات وطرق عديدة للتخلص من هذه المشكلة، ومثال تلك الإستراتيجيات التي يجب أن تنتهجها أي مؤسسة تقنية:

إعداد دقيق للبيانات: توسيع قاعدة البيانات لتشمل شريحة أكبر من الفئات، والعمل على إزالة التكرار وتصحيح الأخطاء لرفع جودة المحتوى. إنشاء نموذج قوي وذلك من خلال التحقق من المصادر والتأكد من موثوقية المعلومات عبر مواقع متعددة. المراقبة والصيانة: عامل مهم في حل مشكلة "سلوب" هي المراقبة اللصيقة للبيانات المدخلة والمخرجات التي تساعد في كشف أي انحراف فيها، أما التقييم فيسمح بكشف التحيز وإزالته أو القضايا الأخلاقية أو تراجع الأداء. تطوير الذكاء الاصطناعي: عبر إنشاء فرق متخصصة لها وجهات نظر متعددة بحيث يمكن دراسة البيانات من أوجه عدة وليس من جهة واحدة فقط، بالإضافة إلى جمع بيانات شاملة يشمل محتواها أغلبية المستخدمين. التشارك بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي: إن التكامل بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي سيؤدي للحصول على محتوى عالي الجودة، فاليد البشرية يمكنها حل مشاكل الذكاء الاصطناعي ورفع مستوى المحتوى من خلال الإشراف على أعمال الذكاء الاصطناعي. إنشاء قنوات للمستخدمين النهائيين للإبلاغ عن الأخطاء، وبالتالي حل سريع للمشاكل التي يواجهها المستخدم. إضافة طابع إنساني إلى المحتوى عبر إدخال قصص واقعية للمؤثرين، فقد تحدث مؤخرا الكاتب كوري دكتورو في نظريته عن "إضفاء الطابع الإنساني"، وقال إن الاندفاع نحو زيادة الأرباح يعني إضعاف الجودة وتجربة المستخدم. إضافة وسائط تفاعلية وإبراز عنصر الإبداع وجعل المحتوى حصريا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الذکاء الاصطناعی من الأخطاء التحقق من أن یکون من خلال

إقرأ أيضاً:

رمضان ومطبخ الذكاء الاصطناعي

بعد أن جرى استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل جزئي فـي مسلسلات رمضان الماضي كمشاهد الحرب والديكورات الفخمة والمؤثرات السمعية والبصرية، هل سيتغلغل الذكاء الاصطناعي أكثر، ويوسّع دائرته، ليصبح عنصرا أكثر فاعلية فـي الدراما؟

الإجابة واضحة، ومتوقّعة، فاستعانة مخرج مسلسل (الحشّاشين) بيتر ميمي، بالذكاء الاصطناعي لتقليل التكلفة الإنتاجية، لقيت قبولا من الجمهور، فالتطورات سريعة، والطوفان الذي انطلق قبل سنوات لا يمكن إيقافه، فضلا عن أنّ مواكبة التطوّرات مطلوبة، كما أنّ توظيف التكنولوجيا الحديثة فـي الدراما صارت واقعا.

المشكلة أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يكتب، ويخرج ويمثّل ويصمم ويلحن ويغني «ويفعل ما يشاء، هو لا مخيّر ولا مسير، هو لا يؤمن إلّا بقدرته وأقداره» كما يقول الباحث السوداني يوسف عايدابي.

وخلال حضوري المؤتمر الفكري المصاحب لفعاليات مهرجان المسرح العربي، شاهدت تجربة مسرحية سورية، عُرضت بواسطة الفـيديو، ونفّذت بطريقة الذكاء الاصطناعي حملت عنوان (كونتراست) للمخرج أدهم سفر وقد بلغت مدة عرضها (17) دقيقة كانت مزيجا من الرقص التعبيري والباليه، وقد حضر الإبهار لكن غاب الإحساس، والمسرح الذي ألفناه، وتربينا عليه، وعلى عناصره التي يمكن إجمالها، بالحوار والسرد والبناء الدرامي، والرسالة، فقد حضرت التكنولوجيا بقوّة، لتزيح بعضا من تلك العناصر، عبر التركيز على الأداء الجماعي، والمشاهد البصرية، والأمر نفسه بالنسبة للدراما التلفزيونية، خصوصا أنّ المخرج محمد عبدالعزيز خاض قبل عامين تجربة من هذا النوع فـي مسلسله (البوابات السبع) فقدّم صناعة درامية كاملة لأعمال من الذكاء الاصطناعي، وبكلّ ثقة قال: «فـي المستقبل القريب لن نكون بشرا لوحدنا، بل سنندمج مع الذكاء الاصطناعي ونصبح طرفا واحدا، نحن هنا على مشارف نهاية هذا الإنسان والبدء برحلة جديدة للإنسان المندمج مع التطبيقات الذكية».

وإذا كان الممثل الأمريكي توم هانكس يتوقّع أنّه سيستمر بالتمثيل حتى بعد رحيله عن هذا العالم بفضل الذكاء الاصطناعي، فهذا الأمر حصل بالفعل مع الممثل المصري طارق عبدالعزيز الذي وافته المنية قبل استكمال تصوير مشاهده فـي مسلسل (بقينا اثنين)، فلجأ المخرج إلى تقنية الذكاء الاصطناعي ليستكمل تصوير مشاهده المتبقية، وبذلك قلّلت، هذه التقنية، من مخاوف المخرجين من رحيل أحد الممثلين قبل استكمال تصوير مشاهده، كما حصل مع الفنان رشدي أباظة عندما توفّي عام 1982 أثناء تصوير فـيلمه الأخير (الأقوياء)، فجاء المخرج أشرف فهمي ببديل هو صلاح نظمي، وكانت معظم المشاهد التي صوّرها للممثل البديل جانبية لإيهام الجمهور أنّ الذي يقف أمام عدسة الكاميرا هو رشدي أباظة، وهذه (الخدعة) لم تنطلِ على الجمهور، وغاب الفعل الدرامي، فكان نقطة ضعف فـي الفـيلم.

ومع هذه المحاسن، سيواجه هذا النوع من الدراما معارضة فـي بادئ الأمر، من قبل المشتغلين بصناعة الدراما والسينما، لأن الذكاء الاصطناعي سيجعل المنتجين يستغنون عن خدمات الكثير من العاملين فـي هذا القطاع، وهو ما جعل العاملين فـي استوديوهات هوليوود يضربون عن العمل مطالبين نقابة الممثلين بتوفـير حماية لهم من هذا الخطر الذي هدّدهم برزقهم! أما بالنسبة للجمهور فسيتقبلها تدريجيا، ويعتاد عليها مثلما تقبل مشاهدة اللقطات التي جرى تصويرها رقميا فـي أعماق البحر بفـيلم (تيتانك)، للمخرج جيمس كاميرون (إنتاج 1997)، وأظهر السفـينة بحجمها الكامل فـي تجربة رائدة فـي التصوير الرقمي، سينمائيا، وزاد ذلك فـي رفع وتيرة المؤثرات، والإبهار وأضاف، رقميا، الكثير من الماء والدخان، فنجح الفـيلم نجاحا كبيرا، وكان الإبهار الذي صنعه التصوير الرقمي من عوامل النجاح، تبعا لهذا، يمكننا تقبّل دخول الذكاء الاصطناعي فـي حقل الدراما إذا لعب الذكاء الاصطناعي دورا تكميليّا، كما قال د. خليفة الهاجري خلال حديثه عن التصميم المسرحي والذكاء الاصطناعي، فهو «ليس بديلًا للمصمّم البشري، بل أداة تكميليّة يمكن أن تعزّز الإبداع، والابتكار فقط» وعلينا أن نضع فـي الاعتبار احتمالية الاستغناء عن الكومبارس والإبقاء على الممثلين الرئيسيين لأسباب تسويقية، والمخيف حتّى هؤلاء سيطالهم الاستغناء، وينسحبون تدريجيا ليصيروا ضيوف شرف على مائدة دراميّة تعدّ بالكامل فـي مطبخ الذكاء الاصطناعي !!

مقالات مشابهة

  • بالذكاء الاصطناعي.. أول أحمر شفاه يُطبق ذاتياً دون استخدام اليدين
  • الجديد وصل .. جوجل تتحدى آبل في مجال الذكاء الاصطناعي الشخصي
  • بالذكاء الاصطناعي .. سعاد حسني الوجه الإعلاني لبرامج وزارة التضامن
  • البرلمان يتحرك لتقنين نشاط المؤثرين
  • الكشف عن مولد الفيديو الجديد بالذكاء الاصطناعي في Gemini من جوجل
  • سوني تختبر شخصيات بلايستيشن مدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • في روسيا FAW تطرح سيارة كهربائية مدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • مخرج سينمائي يفشل في مقابلة سام ألتمان.. فيصنع نسخة رقمية منه بالذكاء الاصطناعي
  • دراسة جديدة تكشف عن غزو الذكاء الاصطناعي للمحتوى على الإنترنت
  • رمضان ومطبخ الذكاء الاصطناعي