خفض بنك الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) الفائدة على الإيداع والإقراض بنسبة 0.5% إلى نطاق 4.75 و5%، مما أحدث موجة من الارتفاعات والانخفاضات في المعادن الثمينة والسلع والعملات عالميا.

وفي هذا التقرير تشرح الجزيرة نت ببساطة -نقلا عن خبراء ومحللين- معنى قرار الخفض وكيف يؤثر على الأفراد حول العالم، ولا سيما في العالم العربي.

قبل طرح الأسئلة والإجابات عنها علينا التذكير بالآتي:

الفائدة هي النسبة التي يدفعها البنك المركزي في دولة ما للبنوك التجارية التي تودع لديه المال، وهذه النسبة هي التي تحدد ما سيحصل عليه البنك التجاري عندما يقرض العملاء (أفراد أو شركات). تعد معدلات الفائدة الأداة الرئيسية للبنوك المركزية للسيطرة على مستويات الأسعار في البلاد (التضخم)، فرفع الفائدة يدفع الناس إلى إيداع ما لديهم من مال للاستفادة من المعدلات المرتفعة للعائد، وبالتالي تنخفض السيولة في الأسواق ويقل الطلب على السلع والخدمات فتتراجع أسعارها، وهو ما كانت تستهدفه البنوك المركزية في الآونة الأخيرة. يعتمد النمو الاقتصادي في أي بلد على نشاط الشركات بصورة أساسية، وهي بدورها تمول أنشطتها بطرق عدة، من أهمها الاقتراض، وبالتالي فإن رفع الفائدة على الإقراض يرفع أسعار السلع والخدمات للشركات في وقت تتراجع فيه السيولة في الأسواق ويقل الطلب، فتعزف الشركات عن الاقتراض من الأساس ولا تنمو أعمالها وقد تلجأ إلى تسريح عاملين بها لخفض تكاليف التشغيل والحفاظ على نمو أعمالها. 1- لماذا خفّض المركزي الأميركي الفائدة؟

سعى البنك المركزي الأميركي منذ سنتين ونصف إلى خفض مستويات الأسعار التي ارتفعت بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية (روسيا وأوكرانيا موردتان عالميتان للعديد من السلع الأساسية في العالم) في وقت كان العالم يتعافى من تأثيرات جائحة "كوفيد-19″، فكان ذلك دافعا لزيادة الطلب على السلع والخدمات.

وتراجع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة في أغسطس/آب الماضي إلى 2.5% على أساس سنوي من 2.9% مسجلة في يوليو/تموز الماضي، لكن المؤشر لا يزال أعلى من المستهدف طويل الأجل للبنك المركزي الأميركي البالغ 2%.

وزادت المطالبات بخفض الفائدة إثر ضغوط من الأسواق بعد بيانات من سوق العمل الأميركية صدرت الشهر الماضي أدت إلى توقعات بركود اقتصادي، مما تسبب في موجة تراجعات عالمية في أسواق الأسهم بقيادة البورصات الأميركية.

وتزايد البطالة مع تباطؤ سوق العمل يعني تباطؤ نشاط الشركات المدرجة في البورصات من بين إجمالي الشركات.

مبنى الاحتياطي الفدرالي الأميركي (شترستوك)

وقالت وزارة العمل الأميركية مطلع أغسطس/آب الماضي إن الوظائف غير الزراعية زادت 114 ألف وظيفة في يوليو/تموز الماضي، وهو رقم أقل بكثير من متوسط التوقعات البالغ 175 ألف وظيفة، كما أنه أقل بكثير عن رقم 200 ألف وظيفة اعتقد خبراء الاقتصاد أنها ضرورية لمواكبة النمو السكاني.

وقفز معدل البطالة إلى 4.3% في يوليو/تموز الماضي، وهو ما يقارب أعلى مستوى خلال 3 سنوات.

وقال رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول إن البنك ربما كان سيبدأ في خفض الفائدة أواخر يوليو/تموز الماضي لو كان يعلم أن سوق العمل يتباطأ بالسرعة التي يشهدها.

2- كيف ستتأثر أسواق المعادن والسلع حول العالم بخفض الفائدة؟

مع رفع معدلات الفائدة الأميركية يسعى المستثمرون وأصحاب المدخرات إلى الاستثمار في السندات الأميركية (أدوات دخل ثابت تفيد بإقراض الدولة مبلغا من المال، ومن حق حاملها الحصول على الفوائد المستحقة وفق الفائدة المحددة من البنك المركزي والحكومة) وذلك للاستفادة من المعدلات المرتفعة.

ويؤثر تدفق أموال المستثمرين والمدخرين على السندات وأذون الخزانة بشكل سلبي على أسواق الذهب الذي لا تدر حيازته عائدا أو فائدة، وكذلك المعادن الثمينة.

كما تفقد الأسهم فرصة لاجتذاب نسبة من المستثمرين الذين يفضلون أدوات الدخل الثابت التي تقل فيها المخاطرة (اعتمادا على أن الحكومات لن تتخلف عن سداد المستحقات عليها).

ويرفع تدفق الأموال على أدوات الاستثمار بالدولار (منها الأذون وسندات الخزانة الأميركية) سعر العملة الخضراء.

لكن مع انخفاض معدلات الفائدة يتراجع الاستثمار في هذه الأدوات ويزيد الإقبال على أدوات استثمارية أخرى.

وهكذا مع خفض الفائدة الأميركية أمس الأربعاء ارتفعت أسعار الذهب الفورية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق إلى 2599 دولارا للأوقية (الأونصة).

كما أن أسعار السلع التي تقوّم بالدولار -ومن بينها النفط- ترتفع بعد خفض الفائدة الأميركية لزيادة الطلب عليها، ذلك أن الدولار الواحد سيفيد في اقتناء مزيد من هذه السلع مقارنة بما كان قبل ذلك عند ارتفاعه.

وهذا يعني أن أسعار الوقود والمشتقات النفطية ستكون قد اكتسبت سببا إضافيا للارتفاع عالميا.

3- ماذا عن عملات العالم والمنطقة العربية بعد خفض الفائدة؟

في الأساس تتحدد قيمة العملات بالقوة الاقتصادية للبلد، والتي تتحدد من خلال صادراتها من السلع والخدمات للعالم، فالدولة التي تصدر أكثر وتحصل على العملات (الصعبة) من دول العالم الأخرى تكون عملتها قوية أو على الأقل تكون لديها فرصة لتقوية عملتها إلا إذا اختارت بمحض إرادتها غير ذلك (اليوان الصيني على سبيل المثال تحتفظ به الصين بقيمة أقل من قيمته الفعلية لزيادة صادراتها).

وبما أن الدولار هو عملة التجارة العالمية والعملة الغالبة على الاحتياطيات النقدية العالمية فإن انخفاضه خبر سار للدول الأخرى، ولا سيما الدول العربية.

لكن 6 بلدان في العالم العربي تثبّت عملتها أمام الدولار عند قيم معينة ولا تغيرها (السعودية، الأردن، الإمارات، قطر، البحرين، سلطنة عمان)، وهذه الدول لن تتأثر سواء بخفض أو رفع الفائدة الأميركية.

ومن بين دول المنطقة من تستقطب الأموال الساخنة (المستثمرون الساعون إلى الاستفادة من ارتفاع معدلات الفائدة مقارنة بالمعدلات في بلدانهم)، ومن بينها تركيا ومصر على سبيل المثال، وهذه الدول تستفيد من خفض الفائدة الأميركية من خلال استقطاب المزيد من الأموال.

4- كيف يستفيد المدخرون والمقترضون من خفض الفائدة الأميركية؟

ينصح الخبراء دوما بتنويع المحافظ الاستثمارية بين الأسهم والعقارات والذهب وغيرها من الأدوات، وذلك للتحوط من التقلبات المفاجئة والاستفادة من العوامل الاقتصادية المختلفة.

لكن ثمة حالات يفضل فيها الخبراء زيادة الحيازة من أصل بعينه، وفي حالة خفض معدلات الفائدة الأميركية من المتوقع على نطاق واسع ارتفاع أسعار الذهب والمعادن النفسية والأسهم، إذ تخرج المزيد من الأموال من الاستثمار وتتجه إلى هذه الأدوات الاستثمارية، فيزيد الطلب عليها وترتفع أسعارها.

أما في حالة رفع الفائدة الأميركية فينصح بتقليل الحيازة من المعادن الثمينة والأسهم والتركيز على الاستثمار في الدولار، وفي كافة الأحوال ينصح باللجوء إلى مستشار مالي للاستثمار للحصول على توجيهات مهنية في هذا الصدد.

وبالنسبة للمقترضين من البنوك التجارية فإنهم ينتفعون من خفض الفائدة إذا اتخذت نفس خطوة الاحتياطي الفدرالي، فيكون بمقدورهم إعادة تمويل قروضهم بفائدة أقل.

وتوفر بنوك تجارية هذه الميزة في دول العالم والمنطقة العربية، أما الذين يحصلون على قروض جديدة من البنوك التجارية فإنهم سيدفعون فائدة أقل من ذي قبل بطبيعة الحال.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المرکزی الأمیرکی البنک المرکزی

إقرأ أيضاً:

الدولار يتأرجح قبل قرار «الفائدة الأميركية»

سنغافورة (رويترز) 
تأرجح الدولار اليوم الأربعاء، بينما عوّض الين بعض خسائره مع تعديل المستثمرين لمراكزهم في الساعات الأخيرة، قبل ختام اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي الذي من المتوقع أن يطلق دورة التيسير النقدي.ومن المتوقع أن يخفض مجلس الاحتياطي أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات الساعة 1800 بتوقيت جرينتش، وترجح الأسواق خفض سعر الفائدة 50 نقطة أساس.
ويتراجع الدولار وعوائد السندات الأميركية منذ يوليو. 
وسجل الدولار 1.1119 لليورو، إذ بقي بالقرب من أدنى مستوى هذا العام عند 1.1201 لليورو مع ترقب التيسير النقدي في الولايات المتحدة وسط توقعات بخفض أسعار الفائدة، بما يزيد على 100 نقطة أساس بحلول نهاية العام.وصعد الين بأكثر من 12 بالمئة منذ يوليو تموز، ويواصل الصعود وسط اتجاه بنك اليابان إلى التشديد النقدي على عكس القرار المتوقع للمركزي الأميركي. ويتخذ بنك اليابان قراره بشأن السياسة النقدية يوم الجمعة.
وارتفع الين 0.7 بالمئة إلى 141.41 للدولار اليوم الأربعاء، معوضاً بعض الخسائر التي سجلها الليلة الماضية. كما ارتفعت العملة اليابانية أمام اليورو 0.6 بالمئة إلى 157.24 ين.
ولامس الدولار الأسترالي لفترة وجيزة أعلى مستوى في أسبوعين عند 0.6773 دولار أميركي.
واستقر الجنيه الإسترليني عند 1.3158 دولار، بعد أن ارتفع مدعوماً بدلالات على متانة الاقتصاد وثبات التضخم. 
ومن المقرر صدور بيانات التضخم البريطانية في وقت لاحق من اليوم الأربعاء، بينما من المتوقع أن يبقي بنك إنجلترا على أسعار الفائدة دون تغيير عند خمسة بالمئة غداً الخميس، مع توقعات بنسبة 35 بالمئة فقط بخفضها.

أخبار ذات صلة تباطؤ حاد في صادرات اليابان في أغسطس شركات أميركية تطلق مبادرة بقيمة 100 مليار دولار للاستثمار في مراكز البيانات

مقالات مشابهة

  • 10 تأثيرات لانخفاض سعر الفائدة في البنوك
  • الدولار ينخفض بعد قرار الفيدرالي الأمريكي بتخفيض الفائدة: تأثيرات ملحوظة على السوق المصري
  • هبوط أسعار الدولار عقب قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة: تأثيرات وأرقام جديدة
  • خبير اقتصادى: تأثيرات إيجابية كبيرة على الاقتصاد العالمي بعد خفض الفيدرالى الأمريكى للفائدة
  • المركزي الأميركي يخفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس
  • تراجع مخزونات النفط الخام الأميركي الأسبوع الماضي
  • أنظار العالم تترقب خفض الفائدة الأميركية.. الرابحون والخاسرون
  • الدولار يتأرجح قبل قرار «الفائدة الأميركية»
  • الدولار يتأرجح قبل قرار المركزي الأميركي حول الفائدة