تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لا أقلل من امتلاك السلاح البري والجوي والبحري لكن حروب الجيل الخامس تحمل في طياتها تحديات كبيرة وخطرًا مستقبليًا على الدول العربية، تفجير أجهزة النداء (البيجر) عن بُعد والتي كان يحملها عناصر حزب الله في لبنان والذي لم يعطل فقط عنصرًا رئيسيًا من اتصالات المجموعة المسلحة، بل كشف عن هوية الأعضاء، وقتل وجرح العديد منهم، يعتبر خرقًا أمنيا غير مسبوق.
مع توسع انتشار هذه التقنيات، يصبح من الضروري أن نفهم التهديدات المرتبطة بها، خاصة فيما يتعلق بالأمن السيبراني والاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في كافة مجالات الحياة.
تقنية الجيل الخامس ليست مجرد قفزة نوعية في عالم الاتصالات، بل هي بوابة نحو مستقبل تصبح فيه السيادة لمن يمتلك التكنولوجيا. والإجابة ليست فقط حول سرعة الإنترنت، بل حول من يتحكم في تدفق المعلومات وامتلاك أدوات القوة الرقمية.
الخطر الحقيقي يكمن في أن تكون الدول العربية مجرد مستهلكة لهذه التقنية دون أن تساهم في صناعتها أو تحصن نفسها ضد الهجمات الإلكترونية، فالاعتماد الكامل على التكنولوجيا المستوردة قد يجعل البنية التحتية المدنية والعسكرية عرضة للاستغلال أو الاختراق.
ففي عصرٍ تتحول فيه الحروب من ميادين القتال إلى الفضاءات الرقمية، يبرز الأمن السيبراني العسكري كخط الدفاع الأول في مواجهة تهديدات غير مرئية ولكنها قاتلة، فلم تعد المعارك تقتصر على الدبابات والطائرات، بل أصبحت الشيفرات والأكواد أدوات حرب جديدة تقودها العقول قبل الآلات، في هذا العالم الافتراضي، يمكن لضغط زر واحد أن يشل نظام دفاعي، أو أن يفتح بوابات التجسس على أسرار عسكرية بالغة الحساسية.
الأمن السيبراني العسكري هو درع الأمان الذي يحمي الدول من هذا النوع الجديد من الحروب. فهو لا يقتصر على حماية البيانات والمعلومات، بل يمتد إلى الدفاع عن الأنظمة الحيوية التي تتحكم في القوات والأسلحة والتكنولوجيا المتقدمة، مثل أنظمة القيادة والتحكم، الأقمار الصناعية، وحتى الطائرات بدون طيار، كل هذه الأنظمة أصبحت هدفًا محتملًا للهجمات السيبرانية التي قد تكون قادرة على تغيير مجرى المعارك قبل أن تبدأ على الأرض.
الهجوم السيبراني العسكري لا يشبه الضربات التقليدية، فهو صامت، خفي، ويضرب في العمق دون أن يُحدث دمارًا مرئيًا، لكنه قادر على إحداث فوضى شاملة، يمكنه تعطيل أنظمة الاتصالات أو إيقاف تشغيل الأسلحة أو حتى قلب الطاولة لصالح العدو من خلال تحكمه عن بعد في أنظمة القيادة.
لذا، أصبح بناء قدرات سيبرانية عسكرية قوية ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية للبقاء في هذه اللعبة الجديدة، والدول التي تستثمر في عقولها قبل أجهزتها هي من ستمتلك التفوق في معارك المستقبل، حيث تكون القدرة على حماية المعلومة والتحكم في البيانات هي المفتاح إلى النصر.
وفي ظل هذه التحولات، يصبح الاستثمار في العقول والابتكار التكنولوجي ضرورة، وليس رفاهية. فإذا أرادت الدول العربية البقاء في قلب
هذه الثورة الرقمية، فعليها أن تُعد نفسها لاستخدام الجيل الخامس كأداة للنهضة، لا أن تكون ضحية له.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأمن السيبرانى تقنية الجيل الخامس الفضاءات الرقمية الهجوم السيبراني قدرات سيبرانية
إقرأ أيضاً:
الإمارات والسعودية تعززان الأمن السيبراني خلال 2024
حققت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية خلال 2024، تصنيفًا متقدمًا في مؤشر الأمن السيبراني العالمي الصادر عن “الاتحاد الدولي للاتصالات”، ما يعكس التزام البلدين بتعزيز حماية البنية التحتية التقنية ودعم التحول الرقمي المستدام وترسيخ توجهات الاقتصاد المعرفي، وفقاً لورقة بحثية جديدة أعدها مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” ومقره أبوظبي.
ووفقاً لـ “الاتحاد الدولي للاتصالات” صُنفت دولة الإمارات في الفئة الأعلى عالميًا (النموذج الرائد) بمؤشر الأمن السيبراني العالمي 2024، ما يؤكد على توفير الدولة بنية تحتية رقمية آمنة ومتطورة، تواكب طموحاتها في التحول الرقمي وتعزيز موقعها كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا، فيما حصلت السعودية على تصنيف “نموذج رائد” في الفئة الأعلى لمؤشر الأمن السيبراني العالمي 2024.
جهود مستمرة
وحققت السعودية نسبة 100% في جميع معايير المؤشر، الذي يقيس التزام الدول عبر 83 مؤشرًا فرعيًا موزعة على 4 محاور، بفضل الجهود المستمرة التي تبذلها لتعزيز أمنها السيبراني وحماية بنيتها التحتية الرقمية.
ووفقًا لتقرير الهيئة الوطنية للأمن السيبراني لعام 2024، بلغ حجم سوق الأمن السيبراني في المملكة العربية السعودية نحو 13.3 مليار ريال 2023، حيث شكّل إنفاق منشآت القطاع الخاص 69% من هذا المبلغ (حوالي 9.2 مليارات ريال)، بينما شكّل إنفاق الجهات الحكومية 31% (حوالي 4.1 مليارات ريال ) كما تشير التوقعات إلى استمرار نمو سوق الأمن السيبراني في المملكة بمعدل نمو سنوي مركب بنحو 13% حتى 2029.
أولوية قصوى
وحسب ” إنترريجونال”، يعتبر الأمن السيبراني أولوية قصوى في دولة الإمارات لأسباب استراتيجية وحيوية تتعلق بالتطور التكنولوجي والأمن الوطني والاقتصاد الرقمي، حيث تعتمد الدولة وبشكل كبير على البنية التحتية الرقمية في قطاعات حيوية مثل: الطاقة، النقل، الاتصالات، والخدمات المالية”.
وتسعى الإمارات لأن تكون مركزًا عالميًا للاقتصاد الرقمي ومع زيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، تتضاعف الحاجة إلى حماية البيانات والمعاملات الرقمية من الهجمات السيبرانية.
وتعمل دولة الإمارات على تعزيز الثقة في البيئة الرقمية عبر حماية البيانات والأنظمة، ما يعزز ثقة المستثمرين والشركاء التجاريين، والمواطنين في البيئة الرقمية للدولة، ويسهم في جذب الاستثمار الأجنبي.
مبادرات
وذكر ” إنترريجونال” أن دولة الإمارات أطلقت العديد من المبادرات لتعزيز الأمن السيبراني من أهمها: إنشاء الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني واستراتيجية الإمارات للأمن السيبراني لتعزيز الحماية الرقمية كما تستثمر الدولة في البحوث والتطوير وبناء الكفاءات الوطنية في مجال الأمن السيبراني ما جعلها نموذجًا في التصدي للتهديدات السيبرانية وحماية اقتصادها الرقمي المتنامي.
ويُقدَّر حجم سوق الأمن السيبراني في دولة الإمارات بنحو 2.1 مليار درهم 2024، مع توقعات بنموه إلى 3.9 مليار درهم 2029، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 12.72%، مما يعكس التزام المؤسسات الحكومية والشركات بحماية أصولها الرقمية.
وقال إنترريجونال: شهدت التهديدات الرقمية تحولات عميقة مدفوعة بالتقدم التكنولوجي، ما جعل صناعة الأمن السيبراني قطاعاً سريع النمو، وقد أدى مشهد التهديدات المتطور، بما في ذلك ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلى تزايد اهتمام الحكومات بتعزيز وجودها في صناعة الأمن السيبراني.
سوق كبير
ووفق تقرير صادر عن شركة فروست آند سوليفان (Frost & Sullivan)، يتوقع أن تصل قيمة صناعة الأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط إلى 13.4 مليار دولار العام 2030 فيما تشير (Statista) للأبحاث السوقية من المُرجَّح أن تصل عوائد سوق الأمن السيبراني عالمياً إلى نحو 538.30 مليار دولار العام 2030.
وأوضح “إنترريجونال” أن التوسع في إنترنت الأشياء وضعف نقاط الحوسبة السحابية وبرامج الفدية والرسائل الاحتيالية تعد أبرز أشكال التهديدات السيبرانية لاستهداف البنية التحتية الرقمية، فيما كانت المنشآت المالية والخدمية الأكثر عرضةً للهجمات ما يفرض على الجهات الحكومية المعنية تعزيز المراقبة وإجراء التحديثات المستمرة لبرامج وجدران الحماية بشكل استباقي كأفضل طرق مواجهة التهديدات المتصاعدة