من دراما المحاكم إلى رامبو
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
المخرج تاكيشي كيتانو لـ«الشرق الأوسط»: عليّ أن أكون قادراً على التعبير عن نفسي بالطريقة وبالأسلوب الذي أراه
ذات مرّة لبّى المخرج الأميركي سام بكنباه نداءات النقاد وقام بتحقيق فيلم يخلو من العنف (باستثناء مشهد واحد لا يندرج تحت الوصف تماماً). الفيلم كان «حكاية كابل هوغ الشعرية» (The Ballad of Cable Hogue)… وفشل الفيلم تجارياً.
تعليق بكنباه على ذلك كان ساخراً: «يطلبون مني التخلي عن مشاهد العنف، وعندما أفعل، يفشل الفيلم».
المخرج الياباني تاكيشي كيتانو لديه المشكلة ذاتها: إذا ما أنجز فيلماً لا يقوم على العنف كعادة أعماله فإن القلّة تحتفي به. حدث هذا عندما قام في عام 1999 بتحقيق Kikujiro، دراما خفيفة حول رجل (كيتانو نفسه) ينطلق مع صبي صغير يبحث عن أمّه. الإقبال كان أقل على نحو ملحوظ من أفلام كيتانو الأخرى.
«السيّاف الأعمى زاتويشي (أشاي ناشنال كومباني).
سؤال في العنف
أذكر له ذلك في لقائي معه خلال حضوره مهرجان ڤينيسيا (أحد رواد هذا المهرجان منذ سنوات بعيدة) فيبتسم ويجيب: «ربما لم يكن فيلماً جيداً. لا أدري. لكن الدرس الذي تعلّمته في مهنتي أن المخرج عليه أن يلبي حاجته الشخصية وإذا ما اضطر إلى القيام بشيء مختلف فإن عليه أن يتوقع عدم استجابة الآخرين له. هذا يحدث كل يوم مع كتّاب روايات ورسّامين وموسيقيين وممثلين ومخرجين».
مهنته كمخرج بدأت سنة 1989 عندما حقق «شرطي عنيف» (Violent Cop). أحداثه، مثل عنوانه. كيتانو يلعب فيه دور الشرطي الذي لا يؤمن بأن يمضي الجناة من دون عقاب ويكتشف أن زميلاً له يتاجر بالمخدرات. سوف لن يرحمه ولن يرحم شركاءه. يعلّق على هذا الفيلم الأول بقوله: «أردت أن أمنح المشاهدين عملاً يقتص من المجرمين الخارجين عن القانون والذين يعتقدون أنهم فوقه. لا يهمني أن أكتب وأخرج فيلماً يتناول مثل هذه القصص درامياً أو كنوع إرشادي. أنا مثل بطل الفيلم أريد للقانون أن يحكم ويكون قوياً في الحكم».
كيتانو في «غضب محطّم» (مهرجان ڤنيسيا).
* هذا المنوال يتكرر في كل أفلامك اللاحقة تقريباً. هل هو الحل أو أنك تصنع هذه الأفلام تلبية لرغبة الجمهور؟
– في البداية لا يعرف المخرج ما يريده الجمهور بالتحديد، لكن ذلك يتغيّر سريعاً. حين تسأل إذا ما كان العنف هو الحل، فإن الجواب البديهي أنه ليس كذلك لكني أتمنى لو كان هناك من يرى غير ذلك. لا أمارس العنف في حياتي على الإطلاق لكن أفلامي تعبّر عن نظرتي ومعرفتي. أيضاً أنا لا أصنع أفلامي لكي تطرح حلاً، بل لتقديم وضع يتضمن بالطبع رغبة الفيلم بالوصول إلى جمهور يقدّر ما أقوله.
عبر أفلامه، يعمد كيتانو لتداول صورة عن يابان لم تعد موجودة. صورة مستمدة من زمن الفروسية في قرون ماضية. يابان الساموراي والياكوزا والإمبراطورية التي تتنازع فيما بينها. حين أسأله إذا ما كان هذا صحيح، يقول:
«ليس كله صحيحاً. العصابات موجودة في أفلامي وموجودة في تاريخ اليابان وحاضره. لا أدّعى أنني أنقل صورة واقعية، لكن أوافق على أني أقدم أفلاماً تعبّر عن فروسية وبطولة مضت، وعليّ أن أكون قادراً على التعبير عن نفسي بالطريقة وبالأسلوب الذي أراه».
ياكوزا من جديد
فيلمه الجديد «غضب محطّم» (Broken Rage) هو ثالث ثلاثية عن عصابات الياكوزا التي يعود تاريخها حسب بعض المراجع إلى القرن السابع عشر. فيلم كيتانو لا يتحدث عن عصابات الأمس، بل تقع أحداثه في الزمن الحاضر. الموضوع، بحد ذاته، يتيح لكيتانو الاشتغال على النوعية التي يحبّها أكثر من سواها وهي مزيج من الحركة (الأكشن) والجريمة والمشاهد العنيفة.
كان مقدّم «توك شو» كوميدي على الشاشة الصغيرة قبل أن يؤدي دور القائد الياباني القاسي سنة 1983 في فيلم ناغيزا أوشيما «ميلاد سعيد، مستر لورنس» (Merry Christmas Mr. Lawrence).
* ذكرت في أحاديث مختلفة لك أن هذا الفيلم جعلك تفكّر بالتحوّل إلى الإخراج. كيف ذلك؟
– قبل ذلك لم أكن فكّرت في السينما كمخرج. حين راقبت أوشيما وهو يدير كل شيء ويصنع من كل مشهد الصورة التي يريد وينتج عن ذلك الفيلم الذي يتحدّث فيه عن كل ما في باله وغايته، أدركت أن هذا ما أود القيام به. كنت أجلس وأراقبه من دون تطفّل.
* لكن أسلوبك غير أسلوبه.
– هذا طبيعي ولو لم يكن أوشيما بل مخرج آخر لكان هذا أيضاً أمر طبيعي. عندما أدركت ما أريد القيام به فعلاً وأن إخراج الأفلام هو الخطوة الصحيحة لي وجدت أن عليّ أن أنجز ما ينتمي إليّ فقط.
أفلام كيتانو لا تعرف المهادنة. أسلوبه يتبع نهجاً فنياً واضحاً. المهم لديه هو أن تكون الصورة نقية. الكاميرا تعيش الحدث والفكرة سهلة الوصول.
هذا مؤكد في أفلامه البوليسية مثل «سوناتين» (Sonatine) و«ما بعد الغضب» (Beyound Outrage) و«أخ» (Brother) من بين أخرى. حتى عندما يختار الانتقال إلى حكاية ليست معاصرة فإنه يبقى في أفضل حالاته. مثال ذلك «السيّاف الأعمى زاتويشي» (The Blind Swordsman: Zatoichi) الفيلم الذي حققه سنة 2003 والذي يأتي بعد سلسلة من تلك الأسطورة حول محارب أعمى ينتصر للحق. كالعادة لعب كيتانو بطولة هذا الفيلم أيضاً.
في «غضب محطّم» يؤدي دور قاتل محترف نراه ينفّذ عمليّتين بنجاح كبير. بعد ذلك هو في قبضة رجلي بوليس يريدان منه تنفيذ عملية خطرة وصعبة لحسابهما مقابل إطلاق سراحه ومنحه هوية جديدة. المهمّة هي الانضمام إلى المافيا اليابانية (الياكوزا) كجاسوس. الفيلم ممتع بصرياً كمعظم أفلامه بالإضافة إلى ذلك هناك اشتغال على أسلوب السرد وتقسيم الحبكة لمنهجين من تفعيل الحكاية:
«لا أدري إذا كنت لاحظت أنه وراء قناع الدراما ومشاهد العنف هناك دائماً خيط ساخر. ما يقع في الفيلم لا يقع في الحياة. السينما ليست لنقل الحياة كما هي وإلا لما كانت هناك حاجة لها».
Source link مرتبط
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: إذا ما
إقرأ أيضاً:
ما بين الضغوط النفسية والشُبهة الجنائية.. رحل محمد رحيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عاش الوسط الفني في الساعات الأولى من صباح أمس، حاله من الحزن بعد الإعلان عن رحيل الملحن محمد رحيم، عن عمر ناهز الـ ٤٥، بعد رحلة عطاء فني ومسيرة موسيقية هامه، ورغم كم النجاحات التي حققها كموسيقار وملحن موسيقي، إلا أنه لم يلقى المكانة التي يستحقها على مستوى التكريمات والتواجد الفني.
الضغوط النفسيةبعد وفاة الفنان محمد رحيم، نعي الراحل عدد كبير من نجوم الوسط الفني والغنائي، ومن بينهم الشاعر بهاء الدين محمد والذي كتب منشور على صفحته الشخصية يلمح فيه بمرور الملحن محمد رحيم بضغوط نفسية.
وجاء منشور الشاعر بهاء الدين محمد "تمن الضغط على الإحساس يساوي الموت".
محمد العدل "محمد رحيم مات من عدم التقدير"
نشر المخرج محمد العدل منشور وصدم فيه الجميع أنه مات بالضغوط النفسية.
ونشر المخرج محمد العدل رسالة على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، كشف من خلالها الضغوط التى مر بها الملحن محمد رحيم، والتى أدت إلى وفاته على حد قوله.
وجاء منشور المخرج محمد العدل "خبر صادم وحزين، الملحن الكبير محمد رحيم في ذمة الله، محمد كان اخ وصديق من اكتر من 20 سنة، كم ذكريات وضحك ولحظات فن كبيرة بيننا عمري ما حنساها".
وتابع المخرج محمد العدل رسالته "محمد مات من عدم التقدير، كان دائما يشتكيلي انه مش واخد حقه اعلاميا رغم انه من اهم ملحنين العالم بجوائز عالمية رسمية ومعتمدة الا انه اعلاميا مكانش حد بيهتم بالجوايز دي ولا كأنه عمل حاجة، محمد مات من المجاملات والمحسوبية وال trend الزائف، امتي الفنان الحقيقي في الزمن ده هياخد حقة ؟ امتي اللي اضاف ومتع الناس هو اللي يتصدر المشهد ؟ خلاص يا حبيبي مش هعرف اقولك متزعلش تاني واجيلك الاستوديو اضحكك ونغني سوا، بقلبك الابيض واخلاقك وفنك وحساسيتك المفرطة، اكيد انت عند ربنا في مكان احسن بكتير من دنيا ظالمة وجائرة، هتوحشني قوي، ادعوله لإنه والله يستاهل".
الشبهة الجنائية
وبعد لغط كبير حول ميعاد جنازة الملحن محمد رحيم، وتأجيلها لأكثر من مرة، تبين أن سبب ذلك هو عرض الجثمان على الطب الشرعي للتأكد من عدم وجود شبهة جنائية، وتمت الجنازة في اليوم التالي بعد عدد من التأجيلات.
شقيق الراحل محمد رحيم "أخويا مات من القهر"
وفي عدد من المداخلات التلفزيونية أكد طاهر رحيم شقيق الملحن محمد رحيم، أن شقيقه كان يشعر بالتهميش وعدم تقديره من الإعلام، خاصةً بعد عدد من الجوائز العالمية لتي حصل عليها.
وتابع طاهر حديثه "أخويا محمد جاله جلطة من ٣ شهور ودخل المستشفى وكان قبلها أعلن أنه اعتزل الفن وهيسافر لعدم وجود تقدير، أخويا مات من القهره، وهو طبعًا عمره انتهي وكله مكتوب لكن هو فنان وملحن كبير وقالوا عليه خليفة بليغ حمدي، ورغم كده لم يتم تكريمه".
يشار أن الملحن محمد رحيم قدم مسيرة فنية حافلة بأهم الأعمال الغنائية لكبار نجوم ونجمات العالم العربي، مثل الهضبة عمرو دياب، محمد منير، تامر حسني، إيهاب توفيق، هشام عباس، إليسا، محمد فؤاد، نوال الزغبي.