ماذا يعني فوز «إخوان» الأردن في الانتخابات؟
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأردنية الأسبوع الماضي والجدل لا يتوقف، بعد حصول جبهة العمل الإسلامي «الذراع السياسية لجماعة الإخوان» على 41 مقعدًا من أصل 138مقعدًا، أي بنسبة 22% من مجموع المقاعد، وهو أمر طرح العديد من التساؤلات عن الأسباب وعن المستقبل وتأثيرات هذا الفوز على مستقبل الإسلام السياسي فى العديد من البلدان الأخرى.
لقد جرت الانتخابات البرلمانية 2024، وفق قانون جديد هدفه تمكين الأحزاب السياسية من أن يكون لها دورها البرلماني في صناعة القرار، حيث جرت الانتخابات التي تنافس فيها 1623مرشحًا ضمن 197 قائمة محلية وعامة والقائمة العامة تشمل الأردن كله، أما القوائم المحلية فهي على مستوى 18 دائرة.
وقد فاز حزب جبهة العمل الإسلامي بـ17مقعدًا من أصل 41 مقعدًا مخصصة للقوائم العامة، و14مقعدًا عن الدوائر المحلية.
أسباب الفوز.لا شك أن فوز الإسلاميين في الأردن بهذه النسبة وراءه عدة أسباب:
أولًا: موقفهم من القضية الفلسطينية، وتوظيفهم بالشكل الجيد للأحداث في غزة وتحديدًا منذ بدء عملية طوفان الأقصى وما تلاها من حرب إبادة حتى الآن، وأيضًا عملية معبر الكرامة التي أدت إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين.
ثانيًا: قدرتهم على توظيف الغضب الشعبي في الشارع الأردني تجاه الأحداث التي تجري في غزه.
ثالثًا: تماسك الحزب ومشاركة أعضائه وقدرته على الحشد الشعبي للأدلاء بالأصوات الانتخابية، وعزوف آخرين يُفترض أنهم داعمون لأحزاب ومرشحين عشائريين آخرين.
رابعًا: استغلال الإسلاميين للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن، وتوجيه انتقادات حادة للحكومة وممارساتها.
خامسًا: اختيار الحزب لمرشحيه ممن لهم نفوذ عشائري كبير، ولهم أيضًا قبول اجتماعي في هذه المناطق، وهي من الأمور التي كان لها عامل كبير في إنجاح مرشحي حزب جبهة العمل الإسلامي، حيث صوتت لهم فئات اجتماعية عديدة على أساس الانتماء العشائري وبعيدًا عن توجهات حزب العمل الإسلامي.
سادسًا: توافر الأجواء الإقليمية التي تساعد على تواجد هذا التيار في البرلمان منها المصالحات التي حدثت بين إيران وبعض الدول العربية، والمصالحات التي تمت بين «تركيا» التي احتضنت ودعمت جماعة الإخوان لفترة من الوقت وبين بعض البلدان العربية التي كانت في قطيعة معها.
سابعًا: عدم معاداة السلطة الأردنية لهذا التيار بالشكل الذى يحظر وجوده، والسعي إلى إيجاد صيغة توافقية تسمح بتمثيل التيار في البرلمان واحتوائه.
على كل الأحوال لا شك أن هذا الفوز للإسلاميين يمثل تحولًا سياسيًا مهمًا يجعلنا نتساءل أولًا عن مستقبل النظام السياسي في الأردن وأيضًا دور الإسلاميين في الحكم؟
دعونا نَقُل أولًا إن السلطات الأردنية لم تكن متفاجأة بهذه النتيجة، فالتقارير التي رفعت للملك الأردني أكدت ذلك، إلا أن الملك قرر الالتزام بإجراء الانتخابات بنزاهة وشفافية، خاصة أن التيار الإسلامي في الأردن يوصف بأنه تيار معتدل إلى حد ما، ومعارضته للحكم تنحصر في ملاحظاته على أداء الحكومة، كما أن نتيجته المعلنة لا تمثل الأغلبية التي ممكن أن تهدد الحكومة وتعطل القوانين.
السؤال الآخر، هل يستطيع الإسلاميون تمرير بعض القوانين غير المرضي عنها من الحكومة أو حتى إلغاء بعض الاتفاقيات؟.. هنا تبدو الإجابة واضحة، ذلك أن الحياة البرلمانية في الأردن، تشمل مجلس الأعيان الذي يعينه الملك كاملًا ومجلس النواب المنتخب، ولا يستطيع مجلس النواب أن يمرر قانونًا إلا بموافقة مجلس الأعيان عليه أولًا، كما أن للملك سلطة رفض القانون أو قبوله أو تعديله كما ينص الدستور.
وإذا كان من حق مجلس النواب سحب الثقة من الحكومة، فإن من حق الملك أيضًا حل مجلس النواب.
إذن يمكن القول، أن هذا الفوز المتميز لحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن لن يكون له تأثيره الفاعل على الساحة الأردنية بالشكل المبالغ الذى يتحدث عنه البعض، فهو لن يؤدي إلى تغيير كبير في قواعد اللعبة السياسية الأردنية، كما أن قانون الهيئة المستقلة للانتخاب يمنع الاحتكار السياسي لجبهة سياسية واحدة، علاوة على أن الحزب لا يستطيع تشكيل حكومة أو حجب الثقة عنها، بل ولا يستطيع حتى تعطيل مشاريع القوانين المقدمة من الحكومة للمجلس، كما أن هناك أحزابا أخرى فائزة لها مواقفها من جبهة العمل الإسلامي وهي ليست مستعدة للتنسيق أو التحالف معها تحت قبة البرلمان.
التأثيرات الإقليميةلا شك أن فوز حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن بنحو 22% من مقاعد البرلمان قد فاجأ البعض، حتى وإن لم يفاجئ السلطة الأردنية، ولكن هذا الفوز في تقديري لن تكون له انعكاسات إيجابية على الموقف الراهن من رفض تيار الإسلام السياسي «الإخوان» تحديدًا في العديد من البلدان الأخرى، ذلك أن هذا التيار الذى أثبت فشله في تجربة الحكم في كل من مصر «حزب الحرية والعدالة» وتونس «حزب النهضة» والمغرب «حزب العدالة والتنمية» والسودان «حزب المؤتمر الوطني» ترك آثارًا سلبية لدى جمهور الناخبين، جعل سقوط التجربتين التونسية والمغربية من خلال صندوق الانتخاب أمرًا طبيعيًا، وتسبب أيضًا في ثورة شعبية في كل من مصر والسودان دفع الجيش إلى الانحياز لها.
وبعيدًا عن الفشل في إدارة الحكم، فإن تراث جماعة الإخوان في مصر تحديدًا والذي تمثل في العنف والإرهاب والإقصاء والتخريب المتعمد وطمس الهوية والسعي إلى أخونة مؤسسات الدولة، كل ذلك كان من العوامل التي تركت أثرًا رافضًا لدى المصريين، كما أن الدستور المصري نص في المادة 200 على دور القوات المسلحة في حماية المبادئ الدستورية والقانونية والديمقراطية بما يمنع هذا التيار من الاستيلاء على الحكم مرة أخرى.
من هنا يمكن القول إن فوز الإسلاميين في الأردن بـ22% من المقاعد لن يكون له تأثيراته على بقية البلدان العربية الأخرى التي عانت ولا تزال من خيانة هذا التيار للدولة وللمجتمع، ومن ثم فإن إعادة ادماجه في الحياة السياسية والبرلمانية أصبح أمرًا بعيد المنال، رغم المبادرات التي قدمها التيار خلال الآونة الأخيرة وتحديدًا مبادرة حلمي الجزار نائب المرشد العام لجماعة الإخوان في لندن وما ينطبق على مصر ينطبق على تونس والمغرب والسودان وليبيا والعديد من البلدان الأخرى.
الحالة الأردنية لها خصوصيتها، وهو فوز في كل الأحوال لا يشكل خطرا على أسس الحياة السياسية في الأردن، ومن ثم تظل مخاوف البعض في غير محلها، ذلك أنه وبغض النظر عن العوامل الإقليمية والأزمات المحلية، فقد بات لدى الشارع العربي قناعة وثقة بأن عودة هذا التيار إلى العمل السياسي والبرلماني مرة أخرى بات من المستحيلات.
رئيس تحرير صحيفة الأسبوع- عضو مجلس النواب
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مصطفى بكري الإخوان المسلمون الانتخابات الأردنية حزب جبهة العمل الإسلامی مجلس النواب هذا التیار فی الأردن هذا الفوز کما أن
إقرأ أيضاً:
قبل الخروج للأضواء .. ماذا نعرف عن وزير خارجية سوريا الجديد؟
سرايا - قررت القيادة العامة في سوريا، السبت، تكليف أسعد حسن الشيباني بتولي حقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة.
فمن هو أسعد حسن الشيباني؟
والشيباني من محافظة الحسكة شمال شرق سوريا من مواليد 1987 ويحمل إجازة في الادب الانجليزي من جامعة دمشق وشارك في تأسيس حكومة الإنقاذ السورية، وأسس إدارة الشؤون السياسية.
وقال مصدر في إدارة العمليات السياسية لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن الشيباني عمل في الجانب الإنساني وأقام علاقات متميزة مع الأمم المتحدة ووكالاتها وساهم في تسهيل العمل الإنساني في شمال غرب سوريا.
وجاء تعيين الشيباني بعد يوم من زيارة وفد أميركي إلى العاصمة دمشق واجرى لقاء موسعا مع القائد العام أحمد الشرع وإدارة العمليات السياسية.
ألقاب عديدة
يلقب أسعد حسن الشيباني بـ"أبو عائشة" أو "زيد العطار" أو حسام الشافعي وقد تولى إدارة التواصل السياسي داخل "هيئة تحرير الشام" لسنوات طويلة، بحسب مصادر إعلامية معارضة.
ويعرف الشيباني حسب "شبكة شام" المعارضة، بـ"هدوئه وذكائه في إدارة التواصلات السياسية".
وقالت الشبكة إنه لعب "دور بارزا في التواصل مع الفعاليات الشعبية إبان الحراك الشعبي المناهض للهيئة في إدلب مؤخرا".
وأوضحت أن المعلومات الأولية عنه تفيد بأنه من محافظة الحسكة.
لكن مصادر أخرى قالت إنه من مؤسسي جبهة النصرة وكان حلقة الوصل مع تنظيم القاعدة خلال الفترات الأولى للجبهة.
وقد جرى تكليف محمد البشير برئاسة حكومة انتقالية في سوريا حتى أول مارس 2025 بقرار من هيئة تحرير الشام برئاسة أبو محمد الجولاني، بعد الهجوم الخاطف الذي استمر 12 يوما وأدى إلى الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وتتوجه الأنظار نحو آفاق المرحلة الانتقالية ومدى قدرة الأطراف الفاعلة على تحقيق استقرار دائم يعيد بناء الدولة ويضمن وحدة الأراضي.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1805
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 21-12-2024 06:29 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...