هل افتعلت تركيا ثورات الربيع العربي؟ داود أوغلو يجيب..
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
أنقرة (زمان التركي) – علق رئيس وزراء تركيا الأسبق، أحمد داود أوغلو، على الأحداث التي شهدها العالم العربي، خلال فترة توليه المنصب، مشيرا إلى أن تركيا لم تفتعل موجة “الربيع العربي”.
وذكر داود أوغلو أن تركيا لم تستغل انتفاضة 2011 للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، ولو أرادت الإطاحة بالرئيس السوري لفعلت ذلك في عام 2005، نظرًا لأنه آنذاك كان المتهم باغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان.
وأوضح داود أوغلو أنه زار سوريا نحو 10 -15 مرة على الأقل خلال الفترة بين عامي 2005 و2006 لدعم بشار الأسد وحماية سوريا والأسد.
وأضاف رئيس وزراء تركيا الأسبق، قائلا: “لماذا يبدأ التاريخ من أغسطس عام 2011؟ من كتب التاريخ قبل هذا الموعد؟ من مهندس العملية السابقة لهذا التاريخ؟ أنا! حتى لو لم أكن مهندس تلك الفترة وكنت شخص غير مؤثر وأدار تلك الفترة أشخاص آخرون فليتم إلقاء اللوم عليهم، هل يعود الفضل لي في نجاح كل تلك الفترات؟ لا بالتأكيد، بل هناك رئيس الجمهورية في المقدمة”.
وأجاب دواد أوغلو عن سؤال حول ما إن كان تواصل مع الأسد أم لا، قائلًا: “كيف يمكن فعل هذا حاليًا؟ لماذا تدهورت العلاقات؟ تركيا تشهد حاليا وضعا لا علاقة له بالوطنية أو القومية، أنا مثلا عارضت السياسة المتبعة خلال فترة الثامن والعشرين من فبراير/ شباط. كنت أكاديميا آنذاك، وعارضت السياسة الموالية لإسرائيل حينها والكل يعلم هذا، لكنني لم أقدم على أشياء تقلل من شأن بلدي أبدا، أنا أوجه انتقادات وأقول لبعض أنصار الأسد لماذا يتم إلقاء اللوم على تركيا ولا يتم لوم الأسد، ويتم اتهام تركيا بأنها أشعلت الحرب الأهلية في سوريا بينما لم يخطئ الأسد في شيء؟ هل الأمر بهذه البساطة؟”
وانتقد داود أوغلو اتهام البعض تركيا بإثارة الفوضى في العالم العربي، وأن ثورات الربيع العربي افتعلتها تركيا.
وأوضح قائلا: “ هناك من يقول إنه لم يكن هناك شيء يُدعى الربيع العربي، وأن الشعب السوري والشعب المصري والشعب التونسي لم يثوروا بل أن تركيا هي من أثارت الفوضى هناك. أيعقل هذا؟ أن يفكر الإنسان بهذه الطريقة يعني أنه أعمى أيدولوجيا أو أنه لا يعي أي شيء، لقد اندلع ربيع عربي بالفعل وانتفضت جميع الشوارع العربية. ساندنا سوريا على مدار ثمانية أشهر من ديسمبر/ كانون الأول وحتى أغسطس لأجل حمايتها. وقدمنا نصائح ونتساءل ما إن كانت سوريا ستعود رويدا رويدا إلى ديمقراطية مستقرة؟ لقد حمينا سوريا عندما عزلتها الولايات”.
Tags: أحمد داود أوغلوالثورة السوريةالربيع العربيبشار الاسدتطبيع العلاقات بين تركيا وسورياحزب المستقبل التركيالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: أحمد داود أوغلو الثورة السورية الربيع العربي بشار الاسد تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا حزب المستقبل التركي الربیع العربی داود أوغلو
إقرأ أيضاً:
غرب السودان حاضن ثورات التحرر الوطني
حينما تلقي بالنظر من خارج صندوق المشكل السوداني، وتضع كومة غرب السودان بانعزال عن أكوام وأقوام أقاليم السودان، تلاحظ الأثر الأكبر للغرب الكبير على مجريات الأحداث السياسية منذ ما قبل التركية وحتى هذا الوقت، وأهم ما يميز الغرب، المحافظة على خصوصية هويته الثقافية والاجتماعية، وصموده أمام عواصف وأعاصير الاستعمارين الداخلي والخارجي، فلم يستسلم أبداً، وأكد على دوره الرائد في معادلة بقاء السودان موحداً، ووقف ضد مشاريع تقسيمه لدويلات متناثرة لا حول لها ولا قوة، ولولا دور السودان الغربي المشهود، والثقل الاجتماعي الوازن لخليفة المهدي والملك آدم أم دبالو، لما تمكنت الثورة المهدية من تحقيق الانتصارات الماسحة للوجود التركي، هذا مع الاحتفاظ بأفضال ركني الثورة الآخرين – أمير الشرق والإمام الملهم، لكن وكما هو متعارف عليه في ثورات التحرر الوطني، أن الزخم المجتمعي الداعم، والخصائص الذاتية للفرد المصادم، هي الفيصل في انتصارات ثورات الشعوب، وعلى ذكر ثورة التأسيس الأولى التي انطلقت من جبل قدير بكردفان، نذكر هبّة قوات الدعم السريع ووقفتها الصريحة مع رغبة أحرار السودان، العملية التي اعادت للأذهان `ذلك التاريخ الناصع مرة أخرى، فكما كانت قوة الدفع الثوري القادمة من الغرب حاسمة، في وضع نهايات ناجحة ومنتصرة لثورة الدرويش، كذلك اليوم ترسم قوات التحرير الجديدة ملامح استقلال الوطن، من براثن الاستعمارين المحلي والأجنبي المدعوم من عملاء الداخل، فلمّا حزم الإمام أمتعته وهاجر غرباً، كان يعلم مصدر الثروة التي غزا من أجلها محمد علي باشا حاكم مصر السودان، ألا وهي المال والرجال، فسلك الطريق المؤدية لاستنهاض همم وعزيمة الأبطال بكردفان ودارفور، فجاءت الملحمة الثورية الوطنية الطاردة لفلول الحكم التركي من أرض السودان.
حينما رفعت حكومة الإخوان شعارها المنافق (الجهاد)، انخرط أول من انخرط في مشروع رفع راية (تحكيم شرع الله)، الغرّابة، حتى اصبح الناس يتهكمون في أهل الإقليم (المجاهد) فوصفوه (بدار كوز)، فالأمر الذي لا يستوعبه الآخرون أن بالغرب رجال مدفوعون فطرياً للنهوض والذود عن حياض الأوطان وتقديس الأديان، لذلك كانت أكبر عملية نصب مارسها نظام الاخوان المسلمين البائد قد تمت بحق الغرب، ومن سجيّة هذه الشعوب الشهمة الكريمة، أنّها لا تنجر وراء الباطل متى ما اكتشفت بطلانه، ونذكر على سبيل المثال أحمد إبراهيم دريج حاكم دارفور الأسبق، الذي أدار ظهره للطاغية وقتما عرف المؤامرة، المحبوكة تجاه مشاريعه الطموحة الهادفة لرفعة وطنه الصغير، وأتى بعده ابن جبال النوبة المعلم والمربي يوسف كوة مكي، ثم المهندس بولاد الذي فارق جماعة الدين من المنافقين، لاكتشافه عظم رابطة الدم التي جمعت بين رفاقه، ففضح هشاشة وشيجة الدين الاخواني الأجوف الزائف، ثم تبعهم خروج ابن الحركة الاخوانية الآخر، الذي خاض معارك (الجهاد) بجنوب السودان، معصوب الرأس بقطعة قماش حمراء – الدكتور خليل، وأخيراً وختاماً لمهزلة العقل المركزي، جاء الفتى البدوي من رحم الضيم والجور، ففجّر غضبة الأشوس الحليم، التي وضعت السودان على مفترق الطرق، وبشّرت الضعفاء بمقدم مستصغر شرر نار ثورة التحرر التي أمسك مشعلها دريج ويوسف وبولاد، والتي اكتملت أركانها بعد العدوان الآثم الذي شنته بقايا كتائب الإخوان على جيش التحرير الوطني، ما عجّل ببداية نهاية الإمبراطورية التي أحرقت شمسها الوطن الحبيب، فالأثر المطلبي والحقّاني للسودان الغربي، باق منذ ثورة السلطان إبراهيم قرض ضد العميل سمسار الرقيق، وصمود المقدوم مسلّم بالأبيض، ثم غضبة الفتى البدوي، فما هو تفسير طغيان هذا الأثر على مجريات أحداث السودان؟.
المشكلة السودانية تفاقمت بإهمال هذا الأثر العظيم للسودان الغربي، على ماضي وحاضر السودان، والاستخفاف بحضوره الممتد لأكثر من قرنين، احتضاناً لثورات التحرر الوطني، فهو الضامن الأساس لاستقرار البلاد، والمرتكز الرئيس لإعادة تموضع السودان، حتى يقدر على ممارسة دوره الطليعي في الإقليم والعالم، وأي محاولة من ضعيفي الرؤى لاستمرار الدولة القديمة بشكلها القديم، بلا شك سوف يؤسس لدويلات مستقلة جديدة، لذلك نؤكد على أن حزام أمن وامان السودان هو غرب السودان، ومفتاح الفوضى غير الخلّاقة هو عدم التكيف مع هذا الكيان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي العريض، فالحالمين بصناعة دويلات (الشتات) لا يعتبرون بالتاريخ، ولا يدرسون حصرية نزعة الخلاص الفطرية المتجذرة في وجدان الفرد القادم من تلك الأصقاع، النزعة المحرّكة لثوار التحرير اليوم والمصممة على انجاز المشروع الكبير الأشمل، وطالما أن الوقت المتاح للمنظومة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، الخالفة لدولة ما بعد العام السادس والخمسين للقرن العشرين، قد نفد، لا يجب أن يطول حلم (الاستغلاليين) باستمرار المهزلة التي جاءت محصلتها النهائية بإشعال الحرب، فكما كانت جبال قدير سداّ منيعاً وحصناً حصيناً لانطلاق الثورة الأولى، كذلك فإنّ ذات الجبال ستشهد الانطلاقة الخاتمة لمنجز ثورة التحرر الوطني الشاملة.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com