تونس- لا أثر للحملة الانتخابية الرئاسية في الشارع التونسي، فالمتجول في الأحياء والمدن لن يلاحظ فيها أي زخم يوحي بوجود تنافس حقيقي على منصب رئيس الدولة، في وقت تخيم فيه أجواء كئيبة على الانتخابات لوجود أحد المرشحين في السجن واستبعاد آخرين.

ولا يوجد أمام الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد -العازم على العبور لولاية ثانية- سوى مرشحين اثنين، أحدهما في السجن بتهمة "تزوير تزكيات الناخبين" وهو رئيس "حركة عازمون" العياشي زمال، وهو غير قادر على القيام بحملته الانتخابية على قدم المساواة، وفق مراقبين.

أما المرشح الوحيد الذي بدأ حملته بالتجول في بعض المحافظات ومقابلة المواطنين فهو أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي الذي كان أحد المدافعين عن مسار 25 يوليو/تموز 2021 للرئيس سعيد، قبل أن يغير بوصلته مؤخرا وينتقد حصيلته وأداء حكمه.

حملة باهتة

بالنسبة لسعيد فبقطع النظر عن إصداره بيانا انتخابيا "يتيما" هاجم فيه معارضيه، لا أثر على الميدان لحملته الانتخابية، ورغم توقفه منذ فترة عن إجراء زيارات ميدانية فإنه يواصل مهامه كرئيس معلنا عن مراسيم ومحفزا حكومته على إنجاز المشاريع.

وعلى عكس المحطات السابقة، لم تشهد الحملة الانتخابية الحالية -بعد 5 أيام من انطلاقتها- أي نشاط دعائي، وحتى صور المرشحين الثلاثة وبياناتهم لم تعلق بأغلب الأماكن العامة. وتميزت الأيام الأولى -في الغالب- بظهور بيانات وإعلانات فقط على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولاحظت الجزيرة نت بعض الإخلالات في تعليق صور المرشحين حيث لم تظهر صورة زمال في بعض المعلقات الجدارية في الساحات العامة، وأحيانا لا تظهر صورة أي واحد من المترشحين الثلاثة أو تظهر صورة واحد فقط، وسط لامبالاة من التونسيين.

وتعليقا على هذه الحملة "الباهتة"، يقول بسام معطر رئيس جمعية "عتيد"، الناشطة في مراقبة الانتخابات، إنها حملة ضعيفة جدا أو منعدمة كليا، مرجعا هذه الانطلاقة البطيئة إلى "الأجواء الانتخابية المتشنجة والكئيبة وتحديد سقف ضعيف جدا لتمويل حملات المرشحين".

وبرأيه، من أسباب ضعف الحملة الانتخابية الحالية قرارات هيئة الانتخابات التي حددت السقف الأعلى لتمويل الحملة بـ150 ألف دينار (أقل من 50 ألف دولار) وهو سقف ضعيف جدا مقارنة بما كان في انتخابات 2019 (نحو 1.7 مليون دينار).

وطالبت "عتيد" سابقا برفع سقف التمويل لفائدة المرشحين لتمكينهم من القيام بحملاتهم باستعمال جميع الوسائل الدعائية القانونية وإيصال صوتهم لنحو 9 ملايين ناخب، لكن دون جدوى ودون أي توضيح من قبل هيئة الانتخابات، يقول معطر للجزيرة نت.

من جانب آخر، زادت قرارات المحكمة الإدارية بإرجاع 3 مرشحين للسباق الانتخابي وتغيير رزنامة الانتخابات دون إذعان هيئة الانتخابات لأحكامها، في توتر الوضع وهو ما ألقى بضلاله على الحملة، وفق معطر.

ورغم قبول طعونهم من قبل المحكمة، رفضت الهيئة إدراجهم في السباق الانتخابي، ليعلن كل من المرشحين عبد اللطيف المكي ومنذر الزنايدي وعماد الدائمي عن مواصلة معركتهم القضائية، متهمين هيئة الانتخابات بـ"إفساد العرس الانتخابي وتحويله لكابوس".

تنغيص المناخ

وتبدو الحملة الانتخابية "عرجاء" بعد الحكم ابتدائيا بالسجن لمدة سنة و8 أشهر ضد المرشح العياشي زمال بتهمة "تزوير تزكيات الناخبين" في انتظار طور الاستئناف. ويخشى مراقبون من تسريع نسق محاكمته لإصدار قرار بات ضده بالسجن مع عقوبة تكميلية تحرمه من الترشح.

ويقول رئيس جمعية عتيد، "لم نر نفس موقف رئيس هيئة الانتخابات عندما كان عضوا بالهيئة في انتخابات 2019 وطالب بإطلاق سراح أحد المرشحين"، في إشارة لمنافس الرئيس قيس سعيد في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية آنذاك نبيل القروي الذي أطلق سراحه فيما بعد.

ويرى بسام معطر أن استبعاد الهيئة لبعض المنظمات المعروفة في مراقبة العملية الانتخابية يمس من ثقة الناخبين ورؤيتهم لهذا السباق، معتبرا أن إشراك المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات ضمانة أساسية لنزاهتها والإقبال عليها بكثافة.

ومن وجهة نظر القيادي في حركة النهضة رياض الشعيبي، فإن التضييق الحاصل على المرشح العياشي زمال أو إقصاء البقية المقبولين من المحكمة الإدارية "نغص أجواء الحملة الانتخابية وألقى بظلال قاتمة على الانتخابات وأفرغها من كل رهان".

ويؤكد للجزيرة نت أن الحملة الانتخابية شهدت الكثير من التضييق عبر تقليص حجم النفقات المسموح بها خلال الحملة لمنافسي الرئيس سعيد، "فيما يقوم هو بحملة تسويقية مستمرة باستعمال أدوات الدولة وعبر خطابه الشعبوي وإصدار المراسيم واتخاذ بعض الإجراءات".

والانتخابات الرئاسية المفترض إجراؤها في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تحولت وفق الشعيبي إلى "مناسبة جديدة لقمع المعارضين وإقصائهم ومنعهم من ممارسة حقهم في الترشح في الاستحقاق الانتخابي بغية فتح الطريق أمام الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد".

وبرأيه، أصبحت شرعية سعيد "على المحك"، مشيرا إلى أنه لن يقبل إجراء مناظرة تلفزيونية نظرا لانحسار شعبيته وغياب حجته وحصيلته الفارغة طيلة السنوات الخمس الماضية من بينها 3 سنوات يحكم بسلطات مطلقة، حسب تعبيره.

مسيرة احتجاجية سابقة ضد الرئيس التونسي قيس سعيد (الجزيرة) تجديد البيعة

بدوره، يقول الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي نبيل حجي إن تونس لم تشهد حملة انتخابية ضعيفة بهذا المستوى بسبب تقلص عدد المرشحين نتيجة إقصاء الجديين منهم وملاحقتهم ومقاضاتهم، منتقدا عدم تمتيع المرشح زمال "بسراح مؤقت على الأقل".

ويضيف للجزيرة نت "بدلا من أن يجوب زمال المدن وسط المواطنين لإطلاعهم على برنامجه الانتخابي أصبح يجوب السجون والمحاكم ومراكز الأمن للتحقيق معه بتهمة التزوير".

أما على مستوى الإعلام -يقول حجي- فإنه لا أثر لأي حملة انتخابية ما عدا أنشطة الرئيس مع تغييب منافسيه، بينما هناك حذر شديد في وسائل الإعلام الخاصة من التعاطي مع بقية المرشحين المنافسين لسعيد، وفق تصريحه.

ويقول "لا المناخ العام ولا اهتمام المواطن التونسي ولا اهتمام الإعلام التونسي يجعلنا نشعر بوجود حملة انتخابية جدية يتنافس فيها المتنافسون على أعلى منصب في الدولة"، عادّا هذه الانتخابات عملية يراد بها "تجديد البيعة للرئيس سعيد لولاية ثانية من 5 سنوات".

ومؤخرا، شهدت العاصمة تونس مسيرة احتجاجية ضد سعيد وسياساته، حيث رفع المحتجون شعارات تطالب بإسقاطه رفضا لما يعتبرونه ضربا للديمقراطية ونزاهة الانتخابات وتكريسا للحكم الفردي الواحد وملاحقة المعارضين وقمع الحريات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحملة الانتخابیة هیئة الانتخابات قیس سعید

إقرأ أيضاً:

مجموعة الفردان تسهم بـ5 ملايين درهم في حملة وقف الأب

أعلنت مجموعة الفردان عن مساهمتها بمبلغ خمسة ملايين درهم دعماً لحملة «وقف الأب» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بالتزامن مع شهر رمضان المبارك، لإنشاء صندوق وقفي بقيمة مليار درهم لتوفير الرعاية الصحية المستدامة للفقراء والمحتاجين وغير القادرين في المجتمعات الأقل حظاً.


وأكد محمد الفردان، عضو مجلس الإدارة لمجموعة الفردان دبي، أن حملة «وقف الأب» تجسد رسالة الخير الإماراتية إلى المجتمعات الأقل حظاً، وحرصها على تقديم العون للفقراء والمحتاجين، وتمكينهم من شروط العيش الكريم، وتحسين واقعهم إلى الأفضل من خلال مساعدتهم للحصول على الرعاية الصحية المستدامة.


وقال: «مساهمة (مجموعة الفردان) في هذه الحملة الرمضانية الوقفية تأتي في سياق حرصنا على دعم المبادرات الخيرية والإنسانية التي تطلقها دولة الإمارات، والتزامنا الدائم بمسؤوليتنا المجتمعية، وسيبقى مجتمعنا بإذن الله عنواناً للبذل والعطاء والترابط».


وتهدف حملة «وقف الأب» التي تنضوي تحت مظلة مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، إلى تكريم الآباء من خلال إتاحة الفرصة لكل شخص للتبرع باسم والده في الحملة، وترسيخ قيم بر الوالدين والمودة والتراحم والتكافل بين أفراد المجتمع، وتعزيز موقع الإمارات في مجال العمل الخيري والإنساني، وترسيخ القيم النبيلة في مجتمع الإمارات وفي مقدمتها البذل والعطاء، والتضامن الإنساني العميق مع جميع شعوب العالم، وتطوير مفهوم الوقف الخيري.

أخبار ذات صلة «كيوب للتطوير» تساهم بمليوني درهم دعماً لحملة «وقف الأب» قصي الغصين يساهم بمليون درهم دعماً لحملة «وقف الأب»


وتواصل حملة «وقف الأب» استقبال المساهمات في الصندوق الوقفي من المؤسسات والأفراد عبر 6 قنوات رئيسية هي الموقع الإلكتروني المخصص للحملة FathersFund.ae، ومركز الاتصال الخاص بالحملة على الرقم المجاني 8004999، كما يمكن المساهمة من خلال التحويل المصرفي لحساب الحملة (IBAN Number: AE020340003518492868201) في مصرف الإمارات الإسلامي بالدرهم الإماراتي.


وتتيح حملة «وقف الأب» إمكانية المساهمة بواسطة الرسائل النصية القصيرة SMS من خلال إرسال كلمة «أبي» أو «Father» عبر شبكتي «دو» و«اتصالات من e&» في الإمارات على الأرقام: 1034 للتبرع بـ10 دراهم، و1035 للتبرع بـ50 درهماً، و1036 للتبرع بـ100 درهم، و1038 للتبرع بـ500 درهم.

كما يمكن المساهمة في الحملة عبر تطبيق «دبي الآن» DubaiNow تحت فئة «التبرعات»، أو من خلال إنشاء محفظة خاصة للمؤسسات أو الأفراد على منصة دبي للمساهمات المجتمعية «جود» Jood.ae.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • مساهمات حملة وقف الأب تصل إلى 3.3 مليار درهم
  • ضبط 40 ألف قطعة ألعاب نارية في حملة موسعة بالعاشر من رمضان
  • خبير: اتصال السيسي وقيس سعيد أكد الدعم التونسي الكامل لخطة مصر لإعمار غزة
  • غرينلاند أمام انتخابات مصيرية قد تؤدي للاستقلال عن الدانمارك
  • الكرملين: أي انتخابات في رومانيا دون جورجيسكو ستكون غير شرعية
  • إطلاق حملة وطنية للحد من التبذير خلال رمضان
  • مفوضية الانتخابات: أكثر من (28) مليون ناخباً لهم الحق في التصويت الانتخابي
  • مجموعة الفردان تسهم بـ5 ملايين درهم في حملة وقف الأب
  • انتخابات غرينلاند بين مطالب الاستقلال عن الدانمارك ومطامع ترامب
  • حمى التزكيات الحزبية تستعر مع اقتراب الإنتخابات و”لقاءات رمضان” تناقش بروفايلات المرشحين