لماذا يراهن الفيدرالي الأمريكي على خفض أسعار الفائدة؟
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
في خطوة غير متوقعة، أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي عن خفض كبير في أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، وهو أول خفض من نوعه منذ بداية معركته ضد التضخم، القرار الذي يعكس تحولًا في السياسة النقدية الأمريكية وسط مخاوف متزايدة بشأن تباطؤ سوق العمل.
نشرت صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية تقريرًا سلطت فيه الضوء على قرار بنك الاحتياطي الفدرالي خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، الذي تم الإعلان عنه في 18 أيلول/ سبتمبر.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا القرار يكتسي أهمية بالغة لسببين رئيسيين، أولهما أن هذا الخفض يعتبر الأول من نوعه من قِبَل البنك المركزي الأمريكي منذ أن بدأ رفع أسعار الفائدة بهدف مكافحة التضخم، مما يعني أنه يمثل بداية مرحلة جديدة من التيسير النقدي، التخفيض الذي يمثل رهانًا من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي على أن التضخم قد يصبح قريبًا من الماضي، مما يستدعي اتخاذ إجراءات لدعم سوق العمل. ولأول مرة منذ سنة 2005، عارض أحد المحافظين في بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة هذا القرار. وقد كانت ميشيل بومان، إحدى المحافظات، تُفضّل خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية فقط.
عندما رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ما بين أوائل سنة 2022 ومنتصف سنة 2023، كان يعلن عن حجم كل زيادةٍ مسبقًا. لكن هذه المرة، ساد عدم اليقين بشأن حجم التخفيض. فقبل أسبوع من القرار، كانت أسعار السوق تشير إلى احتمالات بنسبة حوالي 65 بالمائة حول إمكانية تخفيض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة، في حين كانت احتمالات الخفض بمقدار نصف نقطة تقدر بنحو 35 بالمائة. ومع اقتراب اليوم السابق للقرار، شهدت الأسعار تغيرًا حيث أصبحت الاحتمالات تشير إلى 65 بالمائة لخفض بمقدار نصف نقطة. وتساعد حقيقة أن بعض المستثمرين، رغم كونهم أقلية، كانوا لا يزالون يفضلون خفضًا أقل، في تفسير سبب ارتفاع الأسهم بشكل مبدئي بعد اختيار بنك الاحتياطي الفيدرالي الخفض الأكبر.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحجج المؤيدة لخفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة استندت إلى عدة ركائز. والأمر الحاسم أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يشعر بالثقة بأنه يسير على المسار الصحيح للسيطرة على التضخم، حيث تباطأت ارتفاعات الأسعار لتصل إلى وتيرة سنوية تبلغ 2.5 بالمائة، وهي قريبة من الهدف المحدد البالغ 2 بالمائة. ومع تراجع أسعار النفط وارتفاع الإيجارات بشكل أبطأ، هناك فرصة جيدة لأن يتراجع التضخم بشكل أكبر في قريبًا.
في الأثناء، تحوّلت مخاوف بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو سوق العمل. فمعدل البطالة الحالي البالغ 4.2 بالمائة، يعتبر منخفضًا ولكنه أعلى بنحو نقطة مئوية كاملة مقارنة بمستواه في أوائل السنة الماضية. كما قامت الشركات بتقليص وتيرة توظيف العمالة. وقد صوّر جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، خفض أسعار الفائدة على أنه إعادة معايرة للسياسة النقدية بما يتماشى مع انخفاض مخاطر التضخم وزيادة مخاطر البطالة.
يعتبر خفض أسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي نوعًا من أشكال التأمين، حيث يستغرق الأمر شهورًا حتى تؤثّر تخفيضات أسعار الفائدة على الاقتصاد. وبالنظر إلى هذا التأخير، إلى جانب التوقعات بأن الاقتصاد سيواصل التباطؤ، من المنطقي أن يقوم البنك بخطوة أكبر الآن من أجل استباق أي ضعف محتمل في المستقبل. فقد تأخر البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة خلال سنة 2022، بينما يأمل الآن أن يساهم البدء بخفض أكبر في توجيه الاقتصاد نحو هبوط ناعم، وتفادي الركود الذي اعتقد العديد من المحللين ذات يوم أنه لا مفر منه. وقال باول: "لا نعتقد أننا متأخرون، بل نعتقد أن هذا تم في الوقت المناسب. لكنني أعتقد أنه يمكنك اعتباره بمثابة علامة على التزامنا بعدم التخلف عن الركب".
مع ذلك، يفرض الخفض الكبير الذي قام به بنك الاحتياطي الفيدرالي بعض المخاطر. فرغم وجود بعض التصدعات في سوق العمل، يبدو أن الاقتصاد بشكل عام ما زال صامدًا على نحو جيد. في الواقع، تشير التوقعات إلى أن الاستهلاك المرن وضع الاقتصاد على المسار الصحيح لتحقيق نمو سنوي بنسبة 3 بالمائة في الربع الحالي، وهو ما يتجاوز بكثير معظم التوقعات التي كانت قائمة قبل شهر واحد فقط. وبالتالي، فإن خفض أسعار الفائدة بشكل كبير في ظل وجود خلفية اقتصادية قوية قد يُرسل إشارة خاطئة إلى الأسواق. مع ذلك، قرر البنك المركزي أن هذا الخطر يمكن إدارته.
ووفقًا للتوقعات التي صدرت في 18 أيلول/ سبتمبر، يُظهر متوسط توقعات مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي أنهم قد يخفّضون أسعار الفائدة بحوالي 1.5 نقطة مئوية أخرى بحلول نهاية السنة المقبلة. ويمكنهم بسهولة إجراء تخفيضات أقل إذا ثبت أن التضخم أكثر عنادًا.
ونبّهت الصحيفة إلى أن هناك خطرًا آخر يتمثل في السياسة. فقد يجتذب خفض أسعار الفائدة الكبير، الذي جاء قبل الانتخابات الرئاسية مباشرة، انتقادات من دونالد ترامب باعتباره علامة على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي كان هدفًا متكررًا لغضبه، يسعى لمساعدة كامالا هاريس. ومن ناحية أخرى، قد يدعو خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة إلى اتهامات من الديمقراطيين بأن باول كان يتصرف تحت ضغط من ترامب. ولطالما أكد باول أنه يتجاهل الضغوط السياسية، ولكنه قد يحتاج إلى استخدام سماعات رأس قوية تعمل على إلغاء الضوضاء خلال الأسابيع المقبلة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة أسعار الفائدة البنك المركزي الأمريكي السياسة النقدية الامريكية بنك الاحتياطي الفيدرالي المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة خفض أسعار الفائدة بمقدار بنک الاحتیاطی الفیدرالی نقطة مئویة سوق العمل
إقرأ أيضاً:
توقعات الذهب في 2025 بعد قرار الفيدرالي الأمريكي بشأن خفض الفائدة
تعافى سعر الذهب العالمي خلال تداولات اليوم الخميس، وذلك بعد انخفاضه إلى أدنى مستوى منذ شهر خلال جلسة الأمس بفعل نتائج اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي الذي أظهر تباطؤ محتمل في خفض أسعار الفائدة خلال العام القادم.
وسجل سعر أونصة الذهب العالمي، ارتفاعا اليوم بنسبة 1.4% ليسجل أعلى مستوى عند 2622 دولارًا للأونصة؛ بعد أن افتتح تداولات اليوم عند 2587 دولارًا للأونصة ليتداول حالياً عند 2620 دولارًا للأونصة.
يأتي هذا بعد أن انخفض الذهب يوم أمس بنسبة 2.3% ليسجل أدنى مستوى من شهر عند 2583 دولارًا للأونصة؛ ليكسر بذلك خط الاتجاه الصاعد قصير الأجل إلى جانب المتوسط المتحرك 50 يومًا؛ مما يزيد من زخم هبوط السعر يوم أمس، وفق جولد بيليون.
ارتفاع أسعار الذهب اليوم يعد ناتج عن تغطية المستثمرين لمراكز البيع وتحقيق جني للأرباح بعد انخفاض الأمس، خاصة أن الضغوط السلبية تظل متواجدة بالنسبة لأسعار الذهب.
وقرر البنك الفيدرالي الأمريكي يوم أمس خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليوافق توقعات الأسواق، ولكنه أشار إلى أنه سيكون هناك تخفيضات أقل بحلول نهاية عام 2025، مما ساعد الدولار وعوائد السندات إلى الارتفاع بشكل كبير تسبب معه في دفع أسعار الذهب إلى الهبوط في ظل العلاقة العكسية التي تربط بينهما.
وارتفع الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الرئيسية يوم أمس ليسجل أعلى مستوى منذ أكثر من عامين، مما تسبب في تخلي المستثمرين عن الذهب واللجوء إلى السندات الحكومية التي تقدم عائد مرتفع.
وصرح رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي، "جيروم باول"، بأن المزيد من التخفيضات في تكاليف الاقتراض تعتمد الآن على المزيد من التقدم في خفض التضخم الذي يظل مرتفع بعناد.
وأشار البنك الفيدرالي، إلى أن سياسته النقدية تعتمد على البيانات الاقتصادية، وحاليا البيانات تظهر تماسك في معدلات التضخم وقد نرى المزيد من الضغوط التضخمية مع تولي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأمور في يناير القادم، وبالتالي سيدفع هذا البنك الفيدرالي إلى التوقف عن خفض الفائدة لفترة من الوقت.
التوقعات في الأسواق الآن تقلصت إلى خفضين فقط في أسعار الفائدة في عام 2025 بعد أن كانت تشير إلى 4 عمليات خفض، بينما التوقعات بخفض أسعار الفائدة في اجتماع البنك في يناير القادم قد اختفت بعد أن كانت بنسبة 16% قبل اجتماع الفيدرالي يوم أمس.
تنتظر الأسواق الآن بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي الذي يعد المقياس الرئيسي للنمو، بالإضافة إلى بيانات طلبات اعانات البطالة في وقت لاحق من اليوم إلى جانب بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي وهو مقياس التضخم المفضل لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الجمعة.
إذا شاهدنا بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة متوافقة مع التوقعات، فلن يكون لذلك تأثير كبير على الأسواق. ولكن في حالة ارتفاعها إلى 3% أو أكثر فقد نشهد بعض الضغوط السلبية من جديد على الذهب، حيث يبحث المضاربين ذوي التوجهات القصيرة الأجل عن فرص لشراء الانخفاضات.
أسعار الذهب في مصر
ارتفع سعر الذهب المحلي مع بداية تداولات اليوم وذلك بعد انخفاض حاد خلال تداولات الأمس، يأتي هذا التعافي في سعر الذهب المحلي بعد ارتداد السعر العالمي نحو الأعلى مجدداً بالإضافة إلى سعر صرف الدولار مقابل الجنيه الذي يتداول بشكل رسمي بالقرب من أعلى مستوياته.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم عند المستوى 3760 جنيها للجرام ليتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 3762 جنيها للجرام، وكان قد انخفض يوم أمس بمقدار 50 جنيها ليغلق عند المستوى 3740 جنيها للجرام بعد أن افتتح تداولات الأمس عند 3790 جنيها للجرام.
الانخفاض الكبير في سعر الذهب المحلي يوم أمس كان ناتجا عن التراجع السريع في سعر الذهب العالمي يوم أمس بسبب اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي، واليوم عاد سعر الذهب العالمي إلى الارتداد لأعلى وتعويض جزء كبير من خسائر الأمس، مما دعم ارتفاع سعر الذهب المحلي اليوم، وفق تقرير جولد بيليون.
من جهة أخرى نجد أن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه يتداول بالقرب من أعلى مستوياته في البنوك الرسمية، مما ساعد على ارتفاع سعر الذهب الذي يتم تسعيره باستخدام سعر صرف الدولار.
الجدير بالذكر أن مؤسسة فيتش سوليوشنز قد أشارت في تقرير لها أنها تستبعد ارتفاع الدولار مقابل الجنيه المصري بأكثر من 50 جنيه لكل دولار على المدى القريب، وذلك بسبب تحسن معنويات المستثمرين وعودة الثقة إلى الاقتصاد.
كما أظهر التقرير توقعات بأن الفائدة في طريقها إلى الانخفاض بنسبة 9% خلال عام 2025 بينما كانت التوقعات السابقة للمؤسسة تشير إلى انخفاض الفائدة بنسبة 12% في العام القادم، ولكن استمرار التوترات الجيوسياسية المحيطة بمصر دفعها إلى تغيير توقعاتها.
كما خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني توقعاتها للنمو في مصر للسنة المالية الحالية 2024 – 2025 ليصبح بنسبة 3.7% بعد أن كان عند 4.2% بسبب ضعف أداء الاقتصاد في الربع الأخير من السنة المالية السابقة خاصة في ظل استمرار تراجع عوائد قناة السويس.
عاد سعر الذهب العالمي إلى الارتفاع من جديد خلال تداولات اليوم وذلك في ظل عمليات جني الأرباح بعد الانخفاض الكبير الذي سجله يوم أمس وتسجيله أدنى مستوى منذ شهر بعد إشارة البنك الفيدرالي إلى تقليل عمليات خفض أسعار الفائدة خلال العام القادم.
وعاد سعر الذهب المحلي إلى الارتفاع من جديد خلال تداولات اليوم وذلك بعد الانخفاض الكبير الذي سجله يوم أمس بسبب انهيار سعر الذهب العالمي، ويجد سعر الذهب المحلي اليوم المزيد من الدعم من استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بالقرب من أعلى مستوياته.
قوة زخم الهبوط على سعر الذهب العالمي يوم أمس دفعته إلى كسر خط الاتجاه الصاعد قصير الأجل بالإضافة إلى كسر المتوسط المتحرك 50 يوم ليبدأ الذهب رحلة الهبوط مروراً بالمستوى 2600 دولار للأونصة الذي يعد المستوى التصحيحي 38.2%. والآن يحاول السعر التعافي من جديد ومحو جميع الخسائر السابقة، ولكنه سيواجه مقاومة قوية عند منطقة 2640 – 2650 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحليوسع الذهب المحلي عيار 21 من خسائره خلال تداولات الأمس بعد اغلاق يومي سابق تحت المستوى 3800 جنيه للجرام ليستمر في الهبوط ويغلق جلسة الأمس عند المستوى 3740 جنيه للجرام، واليوم ارتد السعر لأعلى مع الافتتاح ليواكب تعافي السعر العالمي ويستهدف المستوى 3800 جنيه للجرام من جديد.