«الأزهر للفتوى الإلأكترونية»: كلمة شيخ الأزهر عن تفضيل الأنبياء ليست مجالا للجدل الشعبي
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن كلمة شيخ الأزهر عن تفضيل الأنبياء ليست مجالا للجدل الشعبي، مشيرا إلى أنه جرى اجتزاء أجزاء من سياق تصريحات الإمام الدكتور أحمد الطيب، وتحريفها عن معناها الأصلي، ما يعد افتراءً وتدليسًا ينافي قواعد العلم.
توضيحات الأزهر بشأن كلمة الإمام الطيبوأشار المركز في بيان له، إلى أهمية فهم كلمة الإمام الطيب في سياقها الكامل، مشيرًا إلى أن الإمام تحدث عن مكانة النبي محمد والتفضيل بين الأنبياء بما يتماشى مع النصوص الشرعية كما لفت ولفت البيان إلى أن التفضيل بين الأنبياء، كما أشار الإمام الطيب، يجب أن يستند إلى الأدلة الشرعية، وأن تحويل هذا الموضوع إلى جدل عام يخالف تعاليم الدين ويهدد استقرار المجتمع.
وتابع:« الإمام الطيب أوضح أن تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض ليس مجالًا للجدل الشعبي بل موضوعًا محددًا بالنصوص الدينية، مؤكدا أن مناقشة هذا التفضيل يجب أن تكون مبنية على فهم عميق للنصوص الشرعية دون اجتزاء أو تحريف، محذرًا من خطورة تحويل كلمات العلماء عن مقصدها الأصلي بهدف إثارة الخلافات بين الناس»
الأزهر يدعو إلى عدم اجتزاء تصريحات الإمام الطيبوفي ظل الجدل المستمر، دعا الأزهر إلى احترام وتقدير ما جاء في كلمة الإمام الطيب حول تفضيل الأنبياء، مشددًا على ضرورة الابتعاد عن التأويلات الخاطئة التي تخرج الكلمات عن سياقها وتسيء إلى المعاني المرادة، مؤكدا أن التفضيل بين الأنبياء قضية دقيقة تتطلب الالتزام بالنصوص الشرعية والفهم الصحيح لكلمات العلماء.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأزهر الإمام الطيب تفضيل الأنبياء الإمام الطیب
إقرأ أيضاً:
135 عاما على ميلاد طه حسين.. «المستنير» الذى حــــــــــاربه الأزهر ونصفه الإمام الأكبر
سيرة من نور تحدت دربًا طويلًا معتمًا، «قاهر الظلام» كما يلقبه الوسط الثقافى فى العالم العربى، حلت منذ أيام قليلة ذكرى ميلاد عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين الذى توفى عام ١٩٧٣، عن عمر ناهز ٨٣ عامًا، فهو يُعد علمًا من أعلام التنوير والحركة الأدبية الحديثة، واشتهر بعلمه الواسع فى عالم الأدب والفكر كما برز إلمامه بالفكر الغربى بشكل واضح سواء فى الفلسفة أو الأدب، ونسلط الضوء على بعض من أهم المعارك الفكرية التى خاضها، والتى لا تزال أصداؤها حاضرة فى اهتماماتنا الثقافية، ومحافلنا الفكرية حتى يومنا هذا.
يذخر تاريخ الدكتور طه حسين بالإنجازات العلمية الكبيرة، حيث التحَقَ بالتعليم الأزهرى، ثم كان أول المنتسِبين إلى الجامعة المصرية عامَ ١٩٠٨م، وحصل على درجة الدكتوراه عامَ ١٩١٤م. ثم أوفدَتْه الجامعة المصرية إلى فرنسا، وهناك أَعَدَّ أُطروحةَ الدكتوراه الثانية: «الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون»، واجتاز دبلوم الدراسات العليا فى القانون الرُّومانى.
وبعد عودته من فرنسا، عمل أستاذًا للتاريخ اليونانى والرومانى بالجامعة المصرية، ثم أستاذًا لتاريخ الأدب العربى بكلية الآداب، ثم عميدًا للكلية، وفى ١٩٤٢م عُيِّن مستشارًا لوزير المعارف، ثم مديرًا لجامعة الإسكندرية، وفى ١٩٥٠م أصبح وزيرًا للمعارف، وقاد الدعوة لمجانية التعليم وإلزاميته، وكان له الفضل فى تأسيس عددٍ من الجامعات المصرية، وفى ١٩٥٩م عاد إلى الجامعة بصفة أستاذ غير متفرِّغ، وتسلَّمَ رئاسة تحرير جريدة «الجمهورية».
سبب كره الإخوان لهووفقًا لكتاب الناقد الأدبى المصرى إيهاب الملاح، «طه حسين.. تجديد ذكرى عميد الأدب العربي» الذى وصف به علاقة عميد الأدب برجال الإسلام السياسى، حيث ذكر أن العميد كان يعرف بامتياز حدود وأبعاد هذا التراث، ودرسه وعيًا وفهمًا، وأنتج معرفة معاصرة، فتحت الباب لمزيد من القراءات والإضاءات والكشوفات ما أعاد النظر والبحث فى هذا التراث كله، وفتح الباب من بعده لباحثين ومفكرين مصريين وعرب لإنتاج قراءاتهم العميقة لهذا التراث وإشكالياته.
فتحت الجماعات الإسلامية النار عليه خاصة «الإخوان المسلمين» الذين كانوا يدّعون احتكار المعرفة الدينية ويقولون نحن أهل التفسير والحديث والفقه والسيرة، فجاء من برع فى كتابة السيرة والتراجم والإسلاميات والتاريخ الإسلامى بنظر منهجى ورؤى نقدية وكتابة معاصرة تجمع بين الدقة والإبانة والجمال، يحقق ويدرس ويخرج نصوصًا لا يعرفونها ولم يسمعوا بها ولم يقرأونها، وأثبت لهم أن القراءة الجادة الرصينة لا تكون إلا مقرونة بالفهم والتحليل والربط والمقارنة بغيرها من النصوص، فأصبح عدوًا لهم لا يتركون له ذكرى إلا وقاموا بتشويه مسيرته العلمية المشرفة وإنجازاته الثقافية التى تحتاج لآلاف الصفحات لذكرها.
«معاركه مع الأزهر»سادت حالة من التوتر فى العلاقة بين طه حسين ومؤسسة الأزهر، و-حسب تصريحات الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي-، أن طه حسين بدأ حياته بالتمرد على شيوخ الأزهر وعلى مناهج التعليم فيه، مما جعل تمرده يحول بينه وبين النجاح فى امتحان شهادة العالمية، فغادر الأزهر مطرودا مغضوبًا عليه إلى الجامعة المصرية الأهلية عام ١٩٠٨م حيث درس فيها، وحصل منها على أول دكتوراه تمنحها هذه الجامعة عن «تجديد ذكرى أبى العلاء»، ثم سافر إلى فرنسا عام ١٩١٤م.
وفى طريقه إلى فرنسا ١٩١٤ وفقًا لحكايات الإسلاميين، قام بالإمساك بالعمامة الأزهرية وإلقائها فى البحر وهو على متن السفينة والذى كان رغم حصوله على الدكتوراه من جامعة القاهرة كان لا يزال يرتديها، ومن هنا انطلقت معاركه الفكرية مع الأزهر الشريف.
«سعد زغلول أنقذه»أعد طه حسين رسالته للدكتوراه وناقشها فى ١٩١٤م وكانت عن ذكرى أبى العلاء وأحدث نشر هذه الرسالة فى كتاب ضجة هائلة ومواقف متعارضة وصلت إلى حد طلب أحد نواب البرلمان حرمانه من حقوق الجامعيين «لأنه ألف كتابا فيه إلحاد وكفر» لكن سعد زغلول أقنع النائب بالعدول عن مطالبه، ويعتبر أول كتاب قدم إلى الجامعة وأول رسالة دكتوراه منحتها الجامعة المصرية.
وبعد عودة طه حسين من فرنسا عام ١٩١٩م، اشتد العداء بينه والأزهر بسبب معركة كتاب «الإسلام وأصول الحكم» عام ١٩٢٥م للشيخ على عبد الرازق، لأن الأزهريين اعتقدوا أن طه حسين كان المحامى عن هذا الكتاب، وكان شريكا فى تأليفه.
مظاهرات ضده وتحقيقات النيابة العامةوفى سنة ١٩٢٦م هاجت الدنيا بقيادة الأزهر، واندلعت مظاهرات طلاب الأزهر ضد الدكتور طه حسين بعد إصدار كتاب «فى الشعر الجاهلى»، وتقدم طلاب الأزهر وشيوخه بالبلاغات التى حققت فيها النيابة العامة مع طه حسين، وفى النهاية حفظت التحقيق، وتكررت نفس الأزمة مع الكتاب عام ولكن نجح ضغط الأزهر على الحكومة وعلى البرلمان، وصدر قرار مجلس الوزراء بفصله من الجامعة، وفى هذه المعركة أطلق طه حسين العنان لقلمه ضد الأزهر. أعلن العميد فى هذا الكتاب عن استخدامه لمنهجية نقدية، لم يعتد العقل الإسلامى تقبلها، فقد جاء فى أول كتابه أنه سيسلك فى هذا البحث منهج «ديكارت»، الذى يطالب الباحث بأن يتجرد من كل شيء كان يعلمه من قبل، وأن ينسى عواطفه القومية والدينية.
نصفه الطيبوصف الدكتور أحمد الطيب كتابات طه حسين بأنها حافلة باحترام النبى والصحابة والتراث الإسلامى وقال: «كنت وأبناء جيلى نقرأ أمثال هذه الكتب لنتعرف على هويتنا فى هذا المعترك الثقافى الدولى، فمثلا طه حسين بالرغم من أنه كتب كتابا معينا وكان للأزهر موقف منه، إلا أننى مع ذلك أعتبره شديد الأدب مع التراث ومع رسول الله.