تسند أم جاد العلمي «34» عاما ظهرها بيدها وهي تقف قرب النقطة الميدانية التابعة لأحد مخيمات النزوح العشوائية بمدينة خان يونس وسط قطاع غزة..العلمي نازحة من حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، وهي أم لأربعة أطفال تنتظرخامسهم بعد أقل من شهرين. تقول: «نصبتُ خيمتي في منطقة قريبة كي يتسنى لي الوصول السريع للنقطة في حال الطوارئ، لأنني أعاني من مغص كلوي منذ بداية الحرب».

تشتكي بسبب تلوث المياه الذي أدى إلى تدهورحالتها الصحية في ظل الأوضاع الصحية المتردية في مستشفيات المنطقة، قائلةً: «لولا الأطباء هنا لكان حالنا صعبًا للغاية، ورغم نقص الإمدادات الطبية، والعلاجات، إلا أنهم لا يتوانون لحظة في تقديم النصائح والإرشادات، وتوفير العلاج المناسب، لكن المشكلة الكبيرة التي تواجهني هي عدم توفر الأدوية داخل المستشفى، وعندما أذهب لشراء الأدوية من الصيدلية تكون غير متوفرة وان توفرت يكون سعرها غاليا».

وفي منطقة النصيرات بوسط قطاع غزة، يقول سائد صلاح، الذي حضر للمراجعة جراء إصابته بحساسية الجلد التي أصابته بسبب حرارة الخيمة التي نصبها على أنقاض بيته المدمر قبل شهر: «لم يقصر الأطباء والممرضون هنا لحظة. استقبلني الطبيب، وقدم لي الإرشادات اللازمة، والمراهم المطلوبة، رغم أنها لم تكن متوفرة، كتب لي بديلًا عنها، وأخرى مكملة لها، وطلب مني المراجعة بتاريخ اليوم».

يخبرني صلاح عن تحسن كبير في جلده، بفضل إرشادات الطبيب الذي تابع حالته، ويستدرك: «لكن الشفاء التام سيكون صعبًا طالما أنا مستمر في العيش بخيمة، أُدرك ذلك تمامًا».

أما عن معاناة الحصول على العلاج فقال «قضيت يومين كاملين في البحث عن الأدوية ولكن دون جدوي فالصيدليات أصبحت شبه خاليه من الأدوية بسبب منع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية في ظل إغلاق معبر رفح البري، بعد معاناة تمكنت من الحصول على العلاج في إحدى الصيدليات ولكن بأسعار مضاعفة».

أما الحاجة لطيفة حسن التي تعاني من الأمراض المزمنة وتتابع الضغط والسكر في النقطة الطبية التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بمنطقة الصبرة، بمدينة غزة، فقالت: «منذ أيام وأنا أنتظر وصول علاج السكر والضغط، لا أعلم كيف سيكون حالي إذا لم أحصل على العلاج، لم يحدث أن انقطعت عن تناوله منذ أكثر من عشر سنوات، لكنني اليوم ومنذ ثلاثة أشهر وأنا أعاني من صعوبة الحصول عليه بسبب شح توفر الأدوية في قطاع غزة وتحديدًا في غزة وشمالها».

بدوره تحدث الدكتور مجدي أبو رحمة عن المعيقات التي تعرقل تقديم الخدمات الصحية، فأشار إلى «عدم توفر الأمان في مناطق العمل بسبب القصف العشوائي، وفقدان الكثير من الأدوية في السوق المحلي بسبب قصف المصانع والشركات المصنعة للأدوية، وصعوبة إدخالها من الخارج بسبب إغلاق المعابر، بالإضافة لعدم توفر الكهرباء والمياه الصالحة للاستخدام الآدمي».

كما تطرق لصعوبات تتعلق بالتنقل بين مكان الإقامة ومكان العمل للموظفين والمراجعين، كأحد التحديات المهمة، وذلك بسبب تدمير معظم الشوارع والمرافق العامة، بسبب القصف والاجتياحات البرية والتجريف، مشددًا على أن الطواقم ستستمر في تقديم الخدمة رغم كل تلك المعوقات.

في هذا السياق، وجهت لجنة الطوارئ المركزية نداء عاجلا تطالب فيه بالسماح بدخول مواد النظافة الشخصية للقطاع في ظل الضغوط الدولية الشديدة التي أجبرت الحكومة الإسرائيلية على السماح للقطاع الخاص بإدخال بعض المواد الغذائية إلى قطاع غزة في بيان قالت فيه: «ما زالت الحكومة الإسرائيلية تمارس إجراءات تجعل القطاع منطقة غير قابلة للحياة من خلال منع دخول سلع أساسية أخرى مثل الأدوية ومواد النظافة الشخصية. في ظل هذه الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها سكان غزة، تطلق لجنة الطوارئ المركزية للغرف التجارية الصناعية الزراعية في قطاع غزة نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي للتدخل الفوري والسماح بدخول هذه المواد الضرورية لإنقاذ حياة السكان والحفاظ على صحتهم وكرامتهم».

وأكدت اللجنة على استعدادها التام للتعاون مع جميع الجهات المحلية والدولية لتنسيق الجهود وتوفير الدعم اللازم للسكان. كما جددت دعوتها إلى وضع خطة عاجلة لتخفيف الأزمة الإنسانية وتحسين الظروف المعيشية في قطاع غزة، من خلال تسهيل دخول المواد الأساسية من خلال القطاع الخاص وكذلك ضمان استمرارية تدفق المساعدات الإنساني، لاسيما لمناطق محافظتي غزة وشمال غزة.

إن دخول مواد النظافة الشخصية ليس فقط مسألة إنسانية عاجلة، بل هو ضرورة ملحة للحفاظ على صحة وكرامة سكان قطاع غزة.

إن هذه الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني تتطلب من كافة أطياف العالم التدخل العاجل لوقفها والضغط السريع والفوري لتزويد الدفاع المدني والمشافي العاملة في قطاع غزة بالمعدات الطبية والأدوية الضرورية من أجل إسعاف الجرحى المستهدفين من قبل العدو الإسرائيلي.

كاتبة فلسطينية من غزة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

طلاب غزة يتغيبون عن مقاعدهم الدراسية للعام الثاني على التوالي

يخشى الطالب الفلسطيني محمد الشريف من مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة من مستقبله المجهول بسبب تغيبه عن مقعده الدراسي في جامعته وضياع عامه الدراسي للعام الثاني على التوالي.

وكان الشريف يدرس في السنة السادسة بكلية الطب في الجامعة الإسلامية بغزة قبل أن تندلع الحرب بين حماس والجيش الإسرائيلي في القطاع.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تجربة تعليمية مميزة في موطن الجامعات العريقة.. كل ما تريد معرفته عن الدراسة في بريطانيا list 2 of 2مدرسة مقدسية تغلق أبوابها بسبب مضايقات الاحتلالend of list

ويقول الشريف -الذي بدا وجهه شاحبا بسبب فقدانه أكثر من 20 كيلوغراما من وزنه- "كنت أعد الأيام والسنوات كي أتخرج في كلية الطب وأبدأ رحلتي المهنية في أحد المستشفيات بقطاع غزة، للأسف كل شيء توقف بسبب الحرب، ولا أعرف ما هو مصير مستقبلي".

ويضيف "الجيش الإسرائيلي قصف الجامعة ودمر أغلبية مبانيها فأصبحت غير قابلة لاستئناف الدراسة فيها لسنوات طويلة فيما قتل أغلبية الأساتذة الجامعيين فيها، والذين فقدنا معهم كشوف الدرجات العلمية الخاصة بنا، فلا نعرف ما هو مصيرنا وكيف سيتم التعامل معنا عقب انتهاء الحرب، هل سنكمل مسيرتنا أم أننا سنبدأ من الصفر؟".

إطلاق مدارس افتراضية لطلاب غزة لنشر المحتوى التعليمي لجميع المواد عبر منصات إلكترونية (وكالة الأنباء الألمانية)

وفي محاولة منه لتطبيق خبراته العلمية، تطوع الشريف في مركز طبي متنقل أقيم مؤخرا في مواصي خان يونس جنوب القطاع، لتقديم خدماته الطبية للنازحين المتكدسين في تلك المنطقة، والذين يعانون من تفشي الأمراض والأوبئة بسبب تراكم جبال القمامة والمياه العادمة في "كل مكان"، على حد قوله.

ويضيف "أنا أقدم خدماتي المتواضعة لأبناء شعبي، ولكنني لا أعرف ما هو مصيري، ولا أعرف إن كنت سأصبح طبيبا يوما ما في ظل استمرار هذه الحرب وعدم وجود أي أفق لانتهائها قريبا ولا حتى توفر أي آمال لإعادة بناء الجامعات والمدارس".

المخاوف ذاتها يتشاركها الطالب كمال أبو شر في المرحلة الإعدادية بعدما أجبر على الابتعاد عن مقعده الدراسي للعام الثاني على التوالي بسبب استمرار الحرب واسعة النطاق ما بين حماس وإسرائيل.

ويقول أبو شر (14 عاما) إنه كان من المفترض أن يكون في الصف التاسع (الثالث الإعدادي)، والذي بعد اجتيازه يتمكن من الالتحاق بالمرحلة الثانوية التي تؤهله للالتحاق بالتعليم الجامعي.

ويضيف "لقد درست بجد ونشاط، وكنت أحافظ على أن أحصد المراتب الأولى في الشهادة المدرسية كي أحقق حلمي بأن أصبح مهندسا معماريا، ولكنني حاليا مجرد طفل مشرد لا منزل لي ولا مدرسة ولا حياة ولا حتى أمان".

وبدلا من أن يواظب أبو شر على دروسه يضطر للاصطفاف في طوابير يومية لتوفير المياه والطعام لعائلته المكونة من 9 أفراد.

ويقول "جميع الأطفال في العالم حاليا يستمتعون بعامهم الدراسي الجديد، ولكن نحن لا نستطيع حتى ضمان حياتنا لدقيقة واحدة بسبب هذه الحرب التي لم ترحم أحدا أبدا".

وأبو شر والشريف هما من بين 710 آلاف طالب فلسطيني في قطاع غزة، والذين كانوا يدرسون في المدارس والجامعات الفلسطينية قبيل اندلاع الحرب، بحسب ما أعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في رام الله.

استهداف ممنهج لقطاع التعليم

قبل الحرب كان توجد في قطاع غزة 796 مدرسة، منها 442 مدرسة حكومية و284 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) و70 مدرسة خاصة، في حين يبلغ عدد مؤسسات التعليم العالي في غزة 17 مؤسسة، إضافة إلى جامعة للتعليم المفتوح، وفقا للوزارة.

وبحسب آخر إحصائية أصدرتها وزارة الصحة في غزة، فقد استشهد أكثر من 41 ألف فلسطيني وأصيب ما يزيد على 95 ألفا آخرين -أغلبيتهم من النساء والأطفال- منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ومن بين الضحايا نحو 9 آلاف طالب و500 معلم و110 محاضرين وأستاذة جامعيين، بحسب وزارة التربية والتعليم.

 710 آلاف طالب فلسطيني في قطاع غزة كانوا يدرسون بالمدارس والجامعات الفلسطينية قبيل اندلاع الحرب (وكالة الأنباء الألمانية)

ولم يترك الجيش الإسرائيلي خلال حربه المستمرة على قطاع غزة مدرسة أو جامعة إلا واستهدفها بالقذائف أو نسف مبانيها بالمتفجرات أو قصفها جوا عبر الطائرات الحربية، حسب المتحدث باسم الوزارة صادق الخضور.

وأضاف الخضور "يتضح من خلال التدمير الكبير للجامعات والمدارس الفلسطينية في قطاع غزة أن الجيش الإسرائيلي لديه سياسة ممنهجة في استهداف مراكز التعليم في القطاع، بهدف التجهيل وإنهاء وجود أي مكان للدراسة حتى بعد انتهاء الحرب".

وتابع "للأسف، عمل الجيش الإسرائيلي أيضا على تحويل جامعات كثيرة في قطاع غزة إلى ثكنات عسكرية وأماكن للتحقيق، ثم تدميرها بعد الخروج منها، معظم المدارس أصبحت الآن تؤوي النازحين، في حين تم قصف 70% منها وتدمير بعضها بالكامل".

واستطرد "حتى إن توقفت الحرب الاسرائيلية فإن قطاع غزة سيحتاج لسنوات من أجل استعادة الحياة التعليمية فيه بسبب الدمار الذي طال أغلبية المدارس والجامعات، وكذلك عمليات القتل التي نكاد نؤكد أنها ممنهجة ضد المعلمين وأساتذة الجامعات".

طلاب غزة حُرموا من الالتحاق بمدارسهم للعام الثاني على التوالي (وكالة الأنباء الألمانية)

يذكر أن العام الدراسي انطلق في مدن وقرى الضفة الغربية والقدس في 9 سبتمبر/أيلول الجاري، في حين حُرم طلاب غزة من الالتحاق بمدارسهم.

لكن الوزارة أعلنت عن إطلاق مدارس افتراضية لطلاب غزة، إذ يتم نشر المحتوى التعليمي لجميع المواد عبر منصات إلكترونية.

لكن أولياء أمور الطلبة يشتكون من عدم توفر الإنترنت اللازم والهواتف الذكية اللازمة لأطفالهم لاستئناف تعليمهم حتى لو كان إلكترونيا.

مقالات مشابهة

  • طلاب غزة يتغيبون عن مقاعدهم الدراسية للعام الثاني على التوالي
  • أوضاع الليببين في تركيا تتصدر مباحثات البلدين
  • الرئاسة الفلسطينية تدين وتستنكر العمليات الإرهابية التي يتعرض لها لبنان
  • وسائل إعلام فلسطينية : 4 شهداء وعدد من الجرحى جراء قصف العدو الإسرائيلي منزلًا في منطقة قيزان النجار بخان يونس جنوب قطاع غزة
  • الحكم الرابع يمنع دخول البليهي بسبب إسواره .. فيديو 
  • وزير الاقتصاد والصناعة يناقش أوضاع الشركة اليمنية لصناعة وتجارة الأدوية (يدكو)
  • احتمالية وجود ''شبهة جنائية'' .. تفاصيل الحادثة المأساوية التي تعرض لها اللاعب السعودي فهد المولد وحالته الصحية
  • المنظمات الأهلية تحذر من تداعيات الشتاء على قطاع غزة
  • إعلان أردني رسمي بشأن ‘‘ماهر الجازي’’ منفذ عملية معبر اللنبي التي أودت بحياة 3 إسرائيليين