لجريدة عمان:
2024-09-19@20:12:14 GMT

ارض غزة.. قصص الصبر والبحث عن شفاء في متاهة الحرب

تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT

ارض غزة.. قصص الصبر والبحث عن شفاء في متاهة الحرب

غزة - «عُمان» - بهاء طباسي: في أرض غزة، حيث السماء تحكي قصص الصبر، والأرض تشهد على الألم، تعيش أم مكلومة تدعى أحلام عوض، وتحمل في قلبها هموماً لا تنتهي، وتروي لنا قصتها بنبرة تختلط فيها الأسى بالأمل، تقول: «في زاوية من زوايا الحياة، حيث الظروف قاسية والمعاناة يومية، يرقد طفلي الصغير، معاناته تفوق سنين عمره القليلة».

وتضيف الخمسينية خلال حديثها لـ«عُمان»: «ابني يصارع ضموراً في المخ، مرضاً لا يرحم، وجسده النحيل يحمل حرارة تفوق حرارة الشمس التي تحرق أرضنا، أقف عاجزة، لا أستطيع حتى أن ألبسه، فملابسه تزيد من ألمه».

وتتابع: «أتنقل بين النقاط الطبية والمستشفيات، أبحث عن شفاء لم أجده، والأطباء يتناوبون على إرسالي من واحد إلى آخر، وكأني أدور في حلقة مفرغة من اليأس».

وتكمل: «بعد أسبوع وأنا أسير على قدميّ إلى المجمع الطبي، ولكن لا شيء يتغير، العلاجات غائبة، والأمل يتلاشى». موضحة «عين إبني تحكي قصة أخرى من الألم، فالحساسية تجعله يخشى نسيم الهواء ودفء الشمس، وفي هذا الوضع الذي نحن فيه، حيث الرمال تغطي كل شيء والجراثيم تحاصرنا، حتى أدوات التنظيف أصبحت من الماضي، ماذا يمكن للمرء أن يفعل؟».

وتشير الأم بحسرة: «أتذكر يوم استيقظت ابنتي وقد امتلأ قلبها بالماء كالحروق، وكيف تقلصت وتمددت تلك الآثار على جسدها، تنتشر في كل مكان، لا يوجد جزء من جسمها لم يمسه الألم».

وتقول: «نعيش في خيم، وسط حرب ورمال وأمراض جلدية ومياه مالحة، من الطبيعي أن تحدث مثل هذه الأمور في ظروفنا، وقد وصلنا إلى درجة أن ابنتي أصبحت تقضي لياليها في المستشفى، والأوبئة تنتشر بيننا بسبب نقص المنظفات والتكدس»، مؤكدة أن الوضع صعب للغاية، والعيش في الخيام يحمل في طياته وباءً وهو وباء العلاج الغائب.

وتطالب أحلام علاج ابنتها في الخارج، إضافة إلى: «علاج لأطفالنا الأبرياء الذين يعانون من أوبئة منتشرة. نحن الكبار قد نتحمل، ولكن الأطفال لا يتحملون، ابنتي تعاني، لا تتحمل، لا تنام، تبكي طوال الليل والدم ينزل منها».

ويشارك مطلب أحلام، محمد عابد والد طفل مريض يعاني من مرض السرطان، مناشدا: «يا عالم نحن نحتاج إلى علاج لأبنائنا، نريد تحسين الوضع الصحي لهم، على الأقل نحتاج إلى علاج، إذا لم نحصل على علاج، ماذا يمكن أن نفعل؟ لم نرَ مثل هذا الوضع في حياتنا إلا في الحرب».

وعن سؤالنا حول أسباب تفشي امراض السكان في أطفال غزة، يجيب الأب المكلوم: «بالتأكيد العامل الرئيسي لهذه المعاناة هي الصواريخ والقنابل ومخلفات الحرب وكذلك ومن مكان إلى مكان وقلة وغياب النظافة».

وقال خلال حديثه لـ«عُمان»: «لا توجد بلديات تعمل كما ينبغي، ولا توجد معدات تعمل لإزالة مخلفات الحرب من الشوارع، وهذا هو العامل الرئيسي في انتشار الذباب والبعوض والأمراض والأوبئة».

وتابع: «نحن نعيش بين الخيام والأنقاض، وهذا الأمر لا يطاق بالنسبة للبشر، نطالب جميع الدول وجميع الأشخاص الذين ينظرون إلينا أن ينظروا إلينا بعين الرأفة وأن يوقفوا هذه الحرب والدمار الذي نحن فيه».

وبين أن قطاع غزة وصل إلى حالة لا يستطيع الغزاويون تحمل أي شيء، فهم متعبون من الوضع والحرب المستمرة لـ الشهر الحادي عشر على التوالي، وعددا الشهداء والاصابات يرتفع، النازحون من الصغار والكبار يصابون بالأوبئة القاتلة. والسبب الرئيسي في ذلك، هو إغلاق المعابر حيث يمنع دخول المواد الأساسية والأدوية.

ويستكمل الثلاثيني حديثه: «قالوا لنا اذهبوا إلى مناطق إنسانية، ولكن عندما جئنا إلى هذه المناطق، وجدنا أنه لا شيء متوفر، لا أمن، ولا علاج، ولا نظافة، هذا هو الواقع الذي نعيشه، منذ بداية الحرب على غزة».

وتروي علا كساب من غزة كيف استيقظت ابنتها ذات صباح لتجد جسدها مغطى ببثور مائية تشبه الحروق، والتي سرعان ما تفاقمت وانتشرت على نطاق واسع في جسدها.

وتعيش عائلة كساب النازحة في خيمة، حيث الحروب والرمال والأمراض الجلدية والمياه المالحة هي جزء من واقعهم اليومي، مما يجعلهم عرضة لمثل هذه الحالات الصحية.

تشير علا إلى أن الأوبئة تنتشر في خيام النازحين بسبب الاكتظاظ ونقص المنظفات، وهي مشكلة متفاقمة في ظل الظروف الحالية، إذ تعاني العائلات من صعوبة الحصول على الماء النظيف للشرب والاستحمام، ناهيك عن المواد النظافة.

وتصف السيدة الحياة في الخيام بأنها صعبة، وتزداد صعوبة عندما يتعلق الأمر بالعلاج، معبرة عن يأسها من شفاء أولادها المرضى، بسبب نقص الأدوية، وتناشد العالم ومنظمة الصحة العالمية بتوفير العلاج لأطفال غزة الذين يعانون من انتشار الأوبئة.

من جانبها، تقول شيرين عبدالعال، إحدى الغزاويات النازحات، إنها لم تشهد مثل هذه الظروف الصعبة إلا في أوقات الحرب. وتلقي باللوم على القصف والنزوح المستمر ونقص النظافة كعوامل رئيسية في انتشار الأمراض.

وناشدت شيرين المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بالنظر إلى معاناة سكان غزة بعين الرأفة والعمل على إنهاء الحرب والدمار، وضرورة ادخال الأدوية والمستلزمات الطبية إلى مستشفيات القطاع التي تأن تحت وطأة الحصار والحرب.

ويرتفع القلق الصحي بقطاع غزة إلى مستويات جديدة مع تزايد حالات الأمراض الجلدية، ويصف خالد أبو قورة طبيب الأمراض الجلدية في مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس جنوبي القطاع، الوضع بأنه «مقلق للغاية»، مشيرًا إلى انتشار الالتهابات البكتيرية والقوباء المعدية، والتي تغذيها بكتيريا عنيدة.

ويقول: «لقد لاحظنا مؤخرًا تزايد ملحوظ في حالات الأمراض الجلدية بقطاع غزة»، مضيفًا أن «هذه الالتهابات قد تتطور في بعض الحالات إلى مراحل خطيرة تستدعي الدخول إلى المستشفى، وقد تصل إلى تقيحات شديدة في الجلد».

ويعبر خلال حديثه لـ«عُمان» عن مخاوفه من أن بعض الحالات قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب الكبيبات الكلوية، الذي يمكن أن ينتهي إلا بالفشل الكلوي.

ويعزو الطبيب الأسباب الرئيسية لهذه الالتهابات إلى الازدحام السكاني، واستخدام المراحيض المشتركة، إضافة إلى الارتفاع الشديد في درجات الحرارة داخل الخيام.

ويكمل: «إضافة إلى ما سبق فإن نقص المياه الصالحة للاستخدام، ونقص المواد المنظفة كالصابون، وعدم توفير مساحات الغسيل، والمواد المعقمة، والكحول، واليود، ومعقمات الأيدي، والحصار الطويل الأمد ومنع دخول هذه الموارد الأساسية قد أدى إلى تفاقم الوضع الصحي».

ويؤكد الطبيب أنه «منذ بداية انتشار الأمراض والاوبئة، كانت المشكلة تكمن في نقص المواد الخاصة بالتنظيف، ولذلك نقول لو توافرت هذه المواد، لكانت الحالات أقل بكثير مما وصلت إليه».

ويضيف: «في ظل الأعداد الكبيرة من الحالات، للأسف الشديد، فإن أغلب المضادات الحيوية الفموية غير موجودة، وأغلب المراهم المضادة للبكتيريا التي يتم وضعها على الجلد أيضًا غير متوفره».

ويختتم حديثه طبيب الأمراض الجلدية بالتأكيد على أن الكثير من الحالات تضطر إلى الدخول للمستشفيات بسبب غياب العلاجات اللازمة.

وفي ظل هذه الأزمة الصحية، يناشد الطبيب المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بالتدخل إلى تقديم الدعم اللازم لتحسين الأوضاع الصحية وتوفير الأدوية والمواد الضرورية للنظافة، في محاولة للحد من تفشي الأمراض وحماية الأرواح.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأمراض الجلدیة

إقرأ أيضاً:

تطوير دواء جديد يساعد في تسريع عمليات شفاء مرضى الانزلاق الغضروفي

أعلنت جامعة أوبسالا السويدية عن تطوير دواء جديد يساعد في تسريع عمليات شفاء الأقراص الفقرية بعض التعرض للانزلاق الغضروفي.

وجاء في بيان صادر عن الخدمة الصحفية للجامعة:"وجد الأطباء أن عملية شفاء الأقراص الفقرية التالفة يمكن تسريعها بشكل كبير من خلال حقن هذه الأقراص بمواد تحوي على نظائر اصطناعية لبروتين الميوسين، والتي تحمي الأقراص الفقرية من هجمات الخلايا المناعية".

وحول الموضوع قال العالم في الجامعة، يان هونغجي:"العلاج الذي طورناه يوفر أملا جديدا للمرضى الذين يعانون من آلام الظهر نتيجة لتطور الانزلاق الغضروفي، فهو لديه القدرة على منع تطور المزيد من الضرر بعد إزالة الأجزاء التالفة من القرص الفقري. هذا العلاج سيحسن بشكل كبير نوعية الحياة لهذه الفئة من المرضى".

وأشار العالم إلى أن الدواء الجديد هو عبارة عن مادة هلامية تحوي نظائر لبروتين الميوسين، وبينت الاختبارات أن الدواء يتفوق بعدة مرات على المواد الهلامية المستخدمة في جراحات العمود الفقري والتي يتم تركيبها من السكريات والمواد المستخرجة من الطحالب.

ويأمل الباحثون في الجامعة أن يساعد الدواء الجديد الذي طوروه في زيادة نجاح عمليات علاج فتق الفقرات بشكل كبير وتقليل حدوث المضاعفات بعد إزالة الجزء التالف من الأقراص الفقرية.

مقالات مشابهة

  • السودان.. «البرهان» يرد على خطاب «بايدن» بشأن الوضع في البلاد
  • "الأحرار": تعمد الاحتلال تفشي الأمراض بين الأسرى إمعان بجرائم الإبادة
  • م. إسلام خليف يكتب: تطهير مزارع الإنتاج درع حماية للثروة الحيوانية
  • السودان تزايد الضغوط الدولية والبحث عن منابر جديدة للتسويف
  • "طِلبات من القداس الغريغوري" (١).. "شفاءً للمرضى" سلسلة جديدة من عظات البابا تواضروس
  • تطوير دواء جديد يساعد في تسريع عمليات شفاء مرضى الانزلاق الغضروفي
  • السفارة الإيرانية في بيروت تنفي الشائعات حول الوضع الصحي للسفير مجتبى أماني
  • «القومي لحقوق الإنسان»: فتح ملف «الحبس الاحتياطي» يعكس تقدم الوضع الحقوقي بمصر
  • بدأ التنفيذ الفعلي لمخططه .. الاحتلال يعلن الحرب على المسجد الأقصى