ترامب يهاجم المهاجرين.. وهاريس تسعى للاستحواذ على أصوات الأقليات
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
قبل 7 أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، هاجم المرشّح الجمهوري دونالد ترامب المهاجرين في الولايات المتحدة، فيما استمرت منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، في سعيها لجذب أصوات الأقليات، لا سيما المتحدرين من أمريكا اللاتينية.
وفيما أظهر استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك، تقدم هاريس على ترامب في ولايتين حاسمتين في الانتخابات المقررة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أعلن الرئيس السابق خلال تجمع في نيويورك، أنه سيتوجّه "في الأسبوعين المقبلين" إلى مدينة سبرينغفيلد، التي هزّتها شائعات عنصرية ضد هايتيين اتُهموا بأنهم يأكلون حيوانات أليفة.
وقال ترامب خلال التجمع: "سبرينغفيلد، في أوهايو، هذه المدينة الصغيرة اللطيفة التي كانت خالية من الجريمة والمشكلات. 32 ألف مهاجر غير شرعي وصلوا إلى المدينة في غضون أسابيع، سأذهب إلى سبرينغفيلد". وأضاف "قد لا ترونني مجدداً، لكن لا بأس. يجب أن أفعل ما يتوجّب علي فعله. ماذا حدث لترامب؟ لم يخرج أبداً من سبرينغفيلد".
Trump to visit town at center of false 'pet-eating' allegations.
Trump made the announcement in a speech on Long Island that was filled with attacks on illegal immigrants, describing them as "animals," terrorists and criminals who are destroying Americans' way of life… pic.twitter.com/WPBUduV2Qa
واستقر في سبرينغفيلد التي يسكنها 60 ألف نسمة، معظمهم من البيض، في السنوات الأخيرة، نحو 15 ألف مواطن هايتي لجأوا إليها هرباً من الأزمة المستشرية في بلادهم. لكن المدينة أصبحت منذ حوالي 10 أيام، محور معلومات كاذبة تبث عبر منصات التواصل الاجتماعي يضخّمها دونالد ترامب، وتتّهم هايتيين بأنهم "لصوص" و"أكلة" قطط وكلاب وحتى إوز.
وتسببت تلك الاتهامات في 33 إنذاراً بوجود قنابل، وإغلاق مؤقت لعدد من المدارس، وهو ما استنكره الحاكم الجمهوري مايك ديواين، الذي نأى بنفسه عن دونالد ترامب ونائبه جاي دي فانس.
حيواناتوحظيت الهجرة، وهي قضية رئيسية في الحملة الرئاسية، مساحة كبيرة في خطاب دونالد ترامب القاسي وغير المتماسك. فقد وصف المرشح الجمهوري ملايين المهاجرين والمهاجرين الذين يقيمون في البلاد بصورة غير شرعية، بأنهم "حيوانات" و"إرهابيون" و"مجرمون".
وقال الرئيس السابق، البالغ 78 عاماً: "يأتون من أفريقيا والشرق الأوسط ومن كل أنحاء العالم وآسيا. إنهم ببساطة يدمرون نسيجنا الاجتماعي"، متعهّداً "التخلص من هؤلاء الأشخاص" في حال إعادة انتخابه. وكذلك، اتّهم هاريس بفتح الحدود أمام الهجرة غير النظامية، قائلاً إنها "ستكون رئيسة الغزو، إذا هزمته في الانتخابات".
وخلافاً له، خصصت المرشّحة الديموقراطية البالغة 59 عاماً، أمس الأربعاء، للسعي إلى جذب أصوات ملايين الأمريكيين من أصول أمريكية لاتينية. وبعد تلبيتها دعوة من منظمة مؤيدة للشعوب المتحدرين من أصول أمريكية لاتينية لزيارة واشنطن، حذّرت هاريس من "عمليات طرد جماعي" للمهاجرين و"معسكرات اعتقال"، كان وعد بها منافسها في حال عودته إلى البيت الأبيض.
تقدم هاريسوعلى الصعيد الاقتصادي، أعلن البنك المركزي (الاحتياطي الفدرالي)، خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 0.5 نقطة، وهي المرة الأولى منذ ربيع 2020، فيما يتباطأ التضخم تدريجاً في أكبر اقتصاد في العالم.
ويُعد ذلك نقطة إيجابية لهاريس، يمكن أن تساعدها في الدفاع عن سجل الرئيس جو بايدن، الذي وصفه دونالد ترامب بأنه الأسوأ منذ عقود.
ومن جهته، توعّد ترامب ببرنامج يقوم على المعاملة بالمثل، من حيث التعريفات الجمركية ضد الدول التي تفرض ضرائب كبيرة على المنتجات الأمريكية، وصرّح "أنتم تجعلوننا ندفع، ونحن سنجعلكم تدفعون".
تقدّم طفيفوأظهر استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك، تقدّم كامالا هاريس بفارق طفيف يبلغ 5 نقاط على الأقل على دونالد ترامب في ولايتي بنسلفانيا وميشيغن. وبعد أسبوع من المناظرة التلفزيونية التي تواجه فيها المرشحان، أظهر الاستطلاع حصول نائبة الرئيس الديمقراطي على 51% من نوايا التصويت في ولاية بنسلفانيا، في مقابل 45% لمنافسها الجمهوري.
وتُعد هذه الولاية المحورية حاسمة في السباق إلى البيت الأبيض، لأنها توفر للفائز عدداً من الناخبين الكبار في المجمع الانتخابي، يفوق ذلك المرتبط بأيّ من الولايات الـ 6 الأخرى التي تشهد المنافسة الأقوى.
.@IChotiner speaks with an expert about what makes Donald Trump’s attacks on Haitian migrants so disturbing, how America has dealt with previous panics about immigrants, and how much the white-nationalist movement is dependent on Trump’s political success.https://t.co/QY3fAJKzFD
— The New Yorker (@NewYorker) September 18, 2024وفي هذه الولاية التي يسعى المرشحان إلى استقطاب ناخبيها، تعرّض ترامب لمحاولة اغتيال أولى في 13 يوليو (تموز) الماضي، عندما أطلق مسلح النار عليه وأصابه في أذنه. ومع ذلك، وفقاً لاستطلاع جامعة كوينيبياك، تتقدم هاريس على ترامب في ميشيغن (50% في مقابل 45%)، وبفارق ضئيل في ويسكنسن (48% في مقابل 47%).
والمرشح الذي يُهزم في هذه الولايات الثلاث، يفقد عملياً أي فرصة لانتخابه على المستوى الوطني. وقد فاز دونالد ترامب بهذه الولايات في 2016، وجو بايدن في 2020.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية هاريس ترامب الانتخابات ترامب كامالا هاريس الانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
مدن الملاذ الآمن تقاوم خطة ترامب لترحيل المهاجرين
بات المهاجرون غير النظاميين في الولايات المتحدة الأميركية الذين يواجهون خطر الترحيل يحسبون تحركاتهم بدقة في المدن التي يقيمون فيها، خاصة تلك التي تحد من تعاونها مع السلطات الفدرالية في تنفيذ القوانين المتعلقة بالهجرة.
وقرر بعضهم البقاء في المنزل وغلق الأبواب بإحكام، ومنع بعضهم أطفاله من الذهاب إلى المدارس خوفا من مداهمة غير متوقعة من عملاء وكالة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) قد تؤدى إلى اعتقالهم.
وقد اتخذ هؤلاء من سجنهم الاختياري ملاذا لا يستطيعون مغادرته خوفا من أن يجدوا أنفسهم داخل طائرة متجهة إلى خليج غوانتانامو كما وعد الرئيس دونالد ترامب.
يعلم المستهدفون بالترحيل أن إدارة ترامب هذه المرة أكثر جدية وصرامة في مواقفها تجاههم مقارنة بإدارته الأولى، فالرئيس الأميركي منذ يوم التنصيب لم يتوقف عن إصدار القرارات التنفيذية والقوانين التي تعزز من قدرة سلطات الهجرة على ترحيل أكبر عدد ممكن من المهاجرين غير النظاميين في البلاد.
وكان آخرها، توقيع ترامب على مذكرة توجه وزارة الدفاع ووزارة الأمن الداخلي لبناء منشأة تستوعب 30 ألف مهاجر غير نظامي في قاعدة خليج غوانتانامو البحرية في كوبا، المكان الذي "يصعب الخروج منه"، بحسب وصف ترامب.
إعلانوسبقت المذكرة التوقيع على قانون "ليكن رايلي"، الذي يعد أول تشريع يحصل على توقيع ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض، ويمنح السلطات الفدرالية سلطة أوسع لترحيل المهاجرين غير النظاميين المتهمين بارتكاب جرائم في جميع الولايات، وبالأخص "مدن الملاذ الآمن" التي تحمي المهاجرين من الترحيل والإجراءات القسرية.
ترامب محاطًا بأعضاء الكونغرس وعائلة ليكن رايلي مع قانون ليكن رايلي الموقع (الفرنسية) وكالة الهجرة.. حماية للأمن أم انتهاك للحقوق؟صار من الملاحظ انتشار أفراد وكالة الهجرة والجمارك في شوارع المدن الأميركية، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية من المهاجرين، يرتدون ملابس مدنية أو سترات تحمل شعار الوكالة، ويعملون في مجموعات صغيرة أو ضمن فرق متخصصة لتنفيذ عمليات الاعتقال والمداهمات دون سابق إنذار في أماكن تواجد المهاجرين غير النظاميين أو مواقع عملهم، مما يؤدي إلى اعتقالات جماعية أحيانا.
وتختص وكالة الهجرة والجمارك الأميركية، وهي وكالة فدرالية تابعة لوزارة الأمن الداخلي، بتطبيق قوانين الهجرة ومكافحة الجرائم العابرة للحدود مثل تهريب البشر، وتهريب المخدرات، والجرائم الإلكترونية.
وتعمل الوكالة من خلال قسمين رئيسيين، قسم عمليات التنفيذ والترحيل (ERO)، المسؤول عن الاحتجاز والترحيل، وقسم تحقيقات الأمن الداخلي (HSI)، الذي يركز على التحقيقات الجنائية.
عملاء ICE في تحقيقات الأمن الداخلي في مركز تحكم أثناء عملية تستهدف مهاجرين في نيويورك (الفرنسية)وفي ولاية ترامب الأولى، أصبحت عمليات الوكالة أكثر صرامة، وارتفعت نسبة الاعتقالات في أوائل عام 2017 مقارنة بعام 2016، كما تم تعزيز التعاون مع وكالات إنفاذ القانون المحلية، مع التركيز على المدن التي تُعرف بـ"الملاذات الآمنة".
وخططت الإدارة لترحيل أكبر عدد من المهاجرين، لكن عقبات لوجستية وقانونية حالت وقتها دون تنفيذ عمليات الترحيل بشكل موسع.
إعلانولتذليل تلك العقبات، أصدر ترامب بعد تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني 2025، أوامرا تنفيذية لتعزيز إجراءات إنفاذ قوانين الهجرة، وألغى سياسات سابقة كانت تحد من الأماكن التي يمكن أن تحدث فيها هذه الاعتقالات منحت بموجبها أفراد الوكالة صلاحية تنفيذ العمليات في أماكن مثل المستشفيات، وأماكن العبادة، والمدارس، وغيرها من المواقع.
كما سعت الإدارة الأميركية لتعزيز التعاون بين ضباط الهجرة الفدراليين والسلطات المحلية، لرصد الأفراد غير المسجلين في دوائر الهجرة واعتقالهم.
وضعت هذه التسهيلات مدن "الملاذ الآمن" التي رفضت سابقا التعاون مع السلطات الفدرالية، في خط المواجهة مع وكالة الهجرة والجمارك من ضمنها شيكاغو، ونيويورك، وميامي، ودنفر، ولوس أنجلوس.
وكالة الهجرة والجمارك الأميركية تختص بتطبيق قوانين الهجرة ومكافحة الجرائم العابرة للحدود (الفرنسية) "ملاذات آمنة" لم تعد محميةهذه التسهيلات لم تمنع المواجهة بين إدارة ترامب والمسؤولين في المدن التي تتبع سياسات الملاذ الآمن فيما يتعلق بتنفيذ قوانين الهجرة، بل عمقت الانقسام السياسي في الولايات المتحدة، وترى وكالة الهجرة والجمارك الأميركية أن سياستها أمر ضروري لضمان تنفيذ قوانين الهجرة والحفاظ على سيادة القانون، واتهمت الولايات ذات الأغلبية الديمقراطية بعرقلة عمليات المداهمة.
على الجانب الآخر، اشتكى سياسيون ديمقراطيون من ممارسات ضباط الوكالة في تنفيذ القانون، وقالوا إن الوكالة تمثل رمزا للسياسات القاسية في تنفيذ عمليات الترحيل التي تؤدي إلى تفكيك العائلات المهاجرة، وأن مراكز الاحتجاز تفتقر إلى الظروف الإنسانية المناسبة، ودعوا إلى إصلاح الوكالة بشكل جذري.
وأصدرت وزارة العدل مذكرة حديثة تؤكد ضرورة أن يلتزم أعضاء فرق مكافحة الإرهاب المشتركة، بما في ذلك الشرطة المحلية والولائية، بتوجيهات إدارة ترامب فيما يتعلق بسياسات الهجرة.
إعلانكما تطرقت المذكرة إلى إمكانية توجيه تهم ضد المسؤولين المحليين بتهمة إيواء مهاجرين غير شرعيين، بالإضافة إلى إمكانية مقاضاة المدن والمقاطعات التي تقف عائقا أمام التعاون مع سلطات الهجرة الفدرالية.
وكانت لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي في مجلس النواب الأميركي أعلنت عن فتح تحقيق في تأثير المدن التي تتبنى سياسات الملاذ الآمن على السلامة العامة وإنفاذ قوانين الهجرة الفدرالية.
إريك آدامز عمدة مدينة نيويورك (الفرنسية)
وفي وقت سابق، انتقد رئيس اللجنة النائب الجمهوري جيمس كومر، سياسات الملاذ الآمن، معتبرا أنها "تعيق قدرة سلطات إنفاذ القانون الفدرالية على اعتقال وترحيل المجرمين الخطرين، مما يعرض السلامة العامة للخطر"، وأضاف أن هذه المدن ترفض التعاون الكامل مع سلطات الهجرة الفدرالية، مما يزيد من تعقيد الوضع.
واستدعت اللجنة عمدة نيويورك، إريك آدامز، للإدلاء بشهادته في 11 فبراير/شباط الجاري بشأن سياسات المدينة تجاه المهاجرين.
وشمل الاستدعاء أيضا عُمد المدن التي تتبع سياسات مماثلة من ضمنها عمدة شيكاغو التي تقع في ولاية إيلينوي. ويعتبر حاكم الولاية، جي بي بريتزكر، من المعارضين لسياسات الترحيل، وتعهد "بالوقوف في وجه" القوانين التي تستهدف المهاجرين.
ووسط هذا الجدل، شاركت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، في عمليات اعتقال في مدينة نيويورك، ونشرت صورا لها على موقع إكس وهي ترتدي سترة مكتوبا عليها (ICE)، وقالت إن إدارة ترامب "تجعل شوارعنا آمنة".
من جهتها، نقلت وكالة رويترز أن كبار المسؤولين في إدارة ترامب حضروا عمليات اعتقال قام بها منفذو قوانين الهجرة في مدينة نيويورك وفي مدن أخرى.
كريستي نويم ترتدي سترة "ICE" خلال إحاطة إعلامية مع عملاء إنفاذ القانون قبل مداهمات الهجرة في مدينة نيويورك (رويترز) كيف يتم الترحيل؟
رحلة الترحيل للمهاجرين تسير وفق خطوات تبدأ بالاعتقال والذي يكون بعمليات مداهمة عشوائية تشمل جميع المرافق التي يتوقع أن يتواجد فيها المخالفون لقوانين الهجرة من ضمنها أماكن العمل، أو توقيف يستهدف من لديهم سوابق جنائية. حتى الطرق السريعة أصبحت من ضمن الأماكن التي تخضع للتفتيش.
إعلانيلي ذلك، الاحتجاز حيث يُنقل المهاجرون إلى منشأة تابعة لهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، تضم أكثر من 100 منشأة في الولايات المتحدة تسع لما يقارب 41 ألف شخص.
وبحسب وكالة أسوشيتد برس، تحتجز إدارة الهجرة والجمارك الأميركية حاليا المهاجرين في مراكز تابعة لها وفي مرافق احتجاز التي تديرها شركات خاصة، إلى جانب السجون والمعتقلات المحلية، ولا توجد للإدارة أي مرافق مخصصة لاحتجاز أسر المهاجرين، الذين يشكلون ما يقرب من ثلث الوافدين إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
بعد ذلك تبدأ الإجراءات القانونية والمثول أمام قاض يقيم الوضع ويحدد بعدها مصير كل مهاجر، وإذا أمر القاضي بالترحيل، يُصدر "أمر الإبعاد النهائي". هؤلاء الذين دخلوا خلال العامين الماضيين في بعض الأحيان يكونون عرضة للترحيل السريع دون المثول أمام قاض.
وسريعا تأتي الخطوة الأخيرة، وهي الترحيل الذي يتم في الغالب جوا عبر طائرات تجارية في مواقع التجمع على الحدود الجنوبية الغربية في ولايات أريزونا، لويزيانا وتكساس. بالطبع، تسبق الرحلات تفاصيل لوجستية مع الدول التي ستستقبل مواطنيها، تشمل تصاريح الهبوط ومعلومات المرحلين وغيرها من التفاصيل.
كل هذه الخطوات تبدو سهلة التنفيذ، لكنها تصطدم بعقبات تتعلق بالتكلفة المالية لتنفيذها، على سبيل المثال للتغلب على التكلفة العالية لتأجير الطائرات الخاصة، ولتسريع عمليات الترحيل الجماعي، سمحت الإدارة الأميركية باستخدام الطائرات العسكرية لنقل المُرحَّلين.
ويقدر عدد الأشخاص الذين يعيشون في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني بنحو 11.7 مليون شخص، ولدى إدارة الهجرة والجمارك حاليا الميزانية الكافية لاحتجاز نحو 41 ألف شخص فقط.
مخاوف حقوقيةوتشير التقارير الحقوقية إلى أن هذه التوجيهات المتعلقة بترحيل المهاجرين ليست قرارات عابرة، بل تأتي في إطار نهج أشمل يهدف إلى إعادة تشكيل سياسات الهجرة في الولايات المتحدة، وهو ما جعل المواجهة بين إدارة ترامب والمنظمات الحقوقية تمتد إلى قاعات المحاكم للدفاع عن حقوق المهاجرين.
إعلانيُعد الاتحاد الأميركي للحريات المدنية (ACLU) من أبرز الأصوات المعارضة لهذه السياسات، إذ عبر عن قلقه العميق من إمكانية تنفيذ عمليات ترحيل جماعية قد تنتهك الإجراءات القانونية.
كما حذر الاتحاد من خطورة إشراك قوات إنفاذ القانون المحلية في تنفيذ قوانين الهجرة الفدرالية، وهو ما قد يسهم في تفاقم التمييز العنصري وتقويض الثقة بين المجتمعات المهاجرة والجهات الأمنية.
وكمنظمة حقوقية ذات تاريخ طويل في الدفاع عن الحريات المدنية، أكد الاتحاد الأميركي للحريات المدنية التزامه بالتصدي لهذه القرارات. وأصدر بيانا حذر فيه من أن هذه السياسات "تحظى بدعم بعض الأطراف في الكونغرس، مما قد يحول التهديدات إلى واقع"، لكنه شدد على أنه مستعد لمواجهتها قضائيا وميدانيا.
وأطلقت مجموعة من المنظمات المدافعة عن حقوق المهاجرين، مبادرة تضامن تدعو إلى معارضة خطط الترحيل الجماعي وشددت على أهمية العمل الجماعي لحماية المجتمعات المهاجرة والحفاظ على وحدة العائلات في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وتتفق المنظمات الحقوقية المناهضة لممارسات الترحيل الخاصة بالإدارة الجديدة في أن القرار ينتهك حقوق الإجراءات القانونية حيث يؤدي تسريع إجراءات الترحيل غالبا إلى تقويض حقوق الأفراد في المحاكمات العادلة والحصول على تمثيل قانوني، كما أن الترحيلات تتسبب في فصل العائلات، مما يسبب معاناة نفسية واقتصادية كبيرة. بالإضافة إلى ظروف الاحتجاز غير الإنسانية فالمنظمات رصدت قلة الرعاية الطبية، والاكتظاظ، وسوء الصرف الصحي في مراكز الاحتجاز.
وفي السياق ذاته، أشار أكاديميون إلى تأثير هذه السياسات على المهاجرين وإلى تداعياتها على المستوى الدولي، وعلق فيليز غاريب، أستاذ علم الاجتماع والشؤون العامة في جامعة برينستون، عبر الموقع الإلكتروني للجامعة، قائلا إن هذه الإجراءات أدت إلى حالة من عدم اليقين والخوف بين المهاجرين.
إعلانوأضاف متسائلا: "إذا أغلقت الولايات المتحدة حدودها، وطردت المهاجرين المقيمين بشكل قانوني ورفضت استقبال اللاجئين، مخالفة بذلك التزاماتها القانونية الدولية، فما الذي سيمنع دولًا أخرى من اتخاذ خطوات مماثلة؟".
من جانبه، يرى جوليان زيليزر، أستاذ التاريخ والشؤون العامة في الجامعة، أن قرارات ترامب تمثل "اعتداء على السلطة التنفيذية" وتتماشى مع وعوده الانتخابية المتشددة بشأن الهجرة. وأوضح أن العديد من هذه الإجراءات قد تواجه تحديات قانونية، إلا إنه في حال تمريرها، فستكون بداية لإعادة توجيه السياسة العامة الأميركية في عدة مجالات، بما في ذلك قوانين الهجرة والتعامل مع اللاجئين.
مسيرة للاحتجاج على زيادة حركة عملاء (ICE) من أكبر المسيرات التي شهدها المجتمع لدعم حقوق المهاجرين (الفرنسية) هل تتحول الكنائس إلى ساحة مواجهة؟على مر السنوات الماضية، اتخذ العديد من المهاجرين الكنائس ملجأ للهروب من قبضة وكالات الهجرة والجمارك الأميركية، فأتاح هذا الخيار لهم البقاء في مأوى مؤقت، في بعض الأحيان لأيام أو أسابيع، من دون الخوف من القبض عليهم، خاصة عندما كانت القوانين في إدارة الرئيس السابق جو بايدن تمنع تنفيذ عمليات الهجرة فيما يعرف بـ"المناطق المحمية"، والكنائس من ضمنها.
ولكن مع إلغاء هذه القوانين في الآونة الأخيرة، بدأت بعض هذه الكنائس مترددة في توفير المأوى، خشية من اقتحام عملاء الهجرة الفدراليين للكنائس أثناء الصلوات أو الأنشطة الدينية ومن أن تتحول دور العبادة إلى ساحة مواجهة مع سلطات إنفاذ الهجرة.
وكانت وزارة الأمن الداخلي الأميركية أوضحت في بيان أن مداهمات الهجرة تستهدف أولئك المهاجرين غير النظاميين الذين لديهم سجلات إجرامية خطيرة، موضحة أن الإجراءات الجديدة تتيح لوكالة الجمارك وحماية الحدود تنفيذ قوانين الهجرة بشكل أكثر صرامة.
وفي بيانها، أكدت الوزارة أن الهدف هو اعتقال "الأجانب المجرمين" الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وأكد البيان على أن المجرمين لن يتمكنوا من الاختباء في المدارس والكنائس الأميركية لتجنب الاعتقال.
إعلانفي مواجهة هذه الإجراءات، تقدمت جمعية الأصدقاء الدينية "الكويكرز" في 27 يناير/كانون الثاني، بدعوى قضائية ضد السلطات الأميركية، مطالبة بمنع وكالات الهجرة من تنفيذ عمليات اعتقال أو تفتيش في الكنائس.
وبحسب ما أوردته وكالة رويترز، فإن الدعوى أشارت إلى أن السياسة الجديدة تنتهك الحقوق الدينية لأتباعها، موضحة أن الخوف الذي تسببه هذه الإجراءات أدى إلى تقليص أو إلغاء بعض الخدمات الدينية.
جي دي فانس انتقد تصريحات الكنيسة حيث اعتبر أن قلق الأساقفة نابع من دوافع مالية (الفرنسية)من جهته، أعرب مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الأميركيين عن قلقه، مشيرا إلى أن هذه السياسة قد تحوّل أماكن الرعاية والعبادة إلى "مناطق خوف". وقال تيموثي بروجليو رئيس الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة، إن القرارات المتعلقة بالمهاجرين واللاجئين تثير قلقا بالغا لتأثيرها السلبي المحتمل على الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع.
وفي المقابل، انتقد نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، تصريحات الكنيسة حيث اعتبر أن قلق الأساقفة نابع من دوافع مالية، متهما الكنيسة بأنها تعتمد بشكل كبير على التمويل الذي تتلقاه لدعم المهاجرين. وأضاف فانس في مقابلة له مع "شبكة سي بي إس نيوز" أن موقف الكنيسة يتأثر بالمساعدات التي تقدمها، والتي قد تكون لها تداعيات على المواقف السياسية.
وسبقت تعليقات رجال الدين مواجهة مباشرة مع الرئيس الأميركي يوم تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني، وأثناء حضوره صلاة في كاتدرائية واشنطن الوطنية، حيث فوجئ ترامب بطلب من الأسقف ماريان إدغار، بمساعدة الأطفال الذين يخشون أن يتم فصلهم عن آبائهم المهاجرين، وأيضا الأشخاص الفارين من مناطق النزاع.
وقالت الأسقف في كلمتها "يعلمنا الرب أن نكون رحماء مع الغرباء". وقد أثارت هذه الكلمة ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت تصريحات إدغار بشكل سريع. لكن الرئيس ترامب لم يتوانَ في الرد، منتقدا "الأسلوب الحاد الذي اتخذته الأسقف" بحسب تعبيره.
ترامب يقف بالقرب من القس ماريان بود في كاتدرائية واشنطن الوطنية في 21 يناير/كانون الثاني 2025 (الفرنسية) ماذا تقول الأرقام؟
كشف استطلاع حديث أجرته وكالة الأسوشيتد برس مع مركز "نورك" (NORC) للأبحاث، أن العديد من الأميركيين يدعمون تعزيز الأمن على الحدود الجنوبية وترحيل المهاجرين المدانين بجرائم عنيفة.
إعلانوتشير نتائج الاستطلاع، الذي جرى في الفترة بين 9 و13 يناير/كانون الثاني وشارك فيه 1,147 شخصا، إلى أن التوافق على سياسات الهجرة بصورة عامة لا يزال محدودا، ولكن السياسات الأكثر صرامة قد تواجه مقاومة من الغالبية.
ومن أهم نتائج الاستطلاع:
عمليات الترحيل الجماعي:يؤيد نحو 70% من الأميركيين ترحيل المهاجرين المقيمين بشكل قانوني في الولايات المتحدة إن تمت إدانتهم بجرائم عنيفة، 52% منهم أظهروا دعمهم القوي لهذا الإجراء، في حين يوافق عليه 17% بشكل جزئي. ويظهر الاستطلاع فجوة واضحة بين التوجهات الحزبية، إذ يؤيد 69% من الجمهوريين هذه السياسة بشدة، مقارنة بـ 40% من الديمقراطيين.
الاعتقال في "المناطق المحمية":يعارض أكثر من نصف الأميركيين اعتقال الأطفال في المدارس أو الأفراد في دور العبادة. ويعارض نحو النصف الاعتقالات في المستشفيات. ويمكن الملاحظة في نتيجة الاستطلاع أن الجمهوريين لا يؤيدون تطبيق هذه السياسة في المناطق المحمية.
تعزيز الأمن الحدودي:يعتقد نحو 50% من الأميركيين أن تعزيز الأمن الحدودي ينبغي أن يكون من أولويات الحكومة القصوى، في حين يرى 17% فقط أنه أولوية منخفضة.
وتباينت الآراء بشأن أولوية الحكومة في ترحيل المهاجرين غير النظاميين، إذ يعتبر 33% أن ترحيلهم يجب أن يكون من أولويات الحكومة، بينما يرى 36% أنه ينبغي أن يكون ضمن الاهتمامات المتوسطة، في حين اعتبر 29% أنها مسألة ذات أولوية منخفضة.
وبالنسبة لبرامج توسيع العمالة المؤقتة واستقبال اللاجئين، فلا يبدو أنها تشكل أولوية قصوى لدى معظم الأميركيين، إذ يرى نحو ربعهم فقط أن هذه القضايا تستحق اهتماما حكوميا كبيرا.